Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إضراب وعصيان مدني في وجه "حكومة حماس" بسبب ملكية أراض

تحاول الجهات الرسمية منذ فترة طويلة إعادة ترسيم حدود محافظات القطاع

عن طريق الإضراب الشامل والعصيان المدني والنزول إلى الشوارع، انتفض سكان غزة في وجه "حكومة حماس" احتجاجاً على قرار يقضي باقتطاع جزء من أراضي مدينة بيت لاهيا (شمال القطاع) وتحويله إلى جهات إدارية أخرى، إذ من شأن ذلك أن يحرم الأجيال المقبلة الاستفادة من الأرض.

ولليوم الرابع على التوالي شارك سكان غزة في تظاهرات شعبية، حرقوا خلالها إطارات المطاط وأعلنوا حال عصيان مدني وأغلقوا شوارع رئيسة ومدارس المدينة وجميع المحال والمؤسسات وهتفوا ضد حكومة غزة (التي تسيطر عليها حركة حماس)، فيما وصلت الشرطة وقوات الأمن إلى مكان الاحتجاجات للسيطرة على التظاهر ولم ترد أي معلومات عن استخدام القوة لتفريق المشاركين.

أسباب العصيان المدني

وتعود أسباب العصيان المدني والاحتجاجات إلى محاولة حكومة غزة إجراء تعديلات إدارية على حدود محافظات القطاع وإعادة ترسيم شكل المدن جغرافياً، بما يضمن تحديداً واضحاً للأراضي التي تعد "مشاع دولة".
ويضم قطاع غزة خمس مقاطعات إدارية أهمها محافظة الشمال التي تضم مدينتَي بيت لاهيا وبيت حانون، تليها محافظة غزة ومحافظة الوسطى ثم خان يونس ورفح جنوباً.
وفي إطار إعادة ترسيم الحدود اتخذت حكومة غزة قراراً ينص على اقتطاع ما يزيد على 2500 دونم من مدينة بيت لاهيا التي تقع شمال مدينة غزة وضمها إلى جهات إدارية أخرى.
لكن هذا القرار الحكومي أثار استياء السكان المحليين واعتبروه تعدياً واضحاً على أراضيهم وأن السكوت عنه يفتح الباب لمزيد من تغول الجهات الرسمية على حقوق الناس، لذلك قرروا إعلان حال العصيان المدني والنزول إلى الشوارع للاحتجاج.


ووفق متخصصين في مجال الديموغرافيا فإن "من شأن هذه الخطوة أن تقلص مساحة الأراضي الزراعية وتعدم فرص العمل لأن الأرض نقلت إلى جهات إدارية حكومية"، فيما رأى آخرون أن "السبب وراء ذلك هو وجود آثار مكتشفة في المنطقة وتحاول حماس استخراجها بعيداً من أعين الناس".
وكانت بيت لاهيا المتنازع عليها حالياً مسكناً مهماً للحضارات القديمة وعاش فيها الرومان وشيدوا على أرضها معابدهم وسموها هذا الاسم لأنها كانت بيتاً للآلهة في العصور القديمة، وأخيراً اكتشف فيها عدد من الآثار التي تعود لتلك الحقبة.

خطوات مشابهة

في الواقع تعد هذه المرة الثالثة التي ينشأ فيها احتدام بين حكومة "حماس" وسكان غزة على ملف الأراضي، إذ سبق وحدث تبادل اعتداء بين سكان القرية البدوية وقوات الأمن.
ومنذ عام 2017 تحاول حكومة غزة مسح أراضي القطاع من أجل إعادة فرز تلك المصنفة "مشاع دولة" بغية توزيعها على موظفين يعملون في السلك الحكومي الذي تديره "حماس"، عوضاً عن مستحقاتهم المالية المتراكمة، إذ إنهم يتقاضون ما نسبته 60 في المئة من رواتبهم الشهرية والبقية مستحقة على وزارة المالية التي عليها تعويضهم أو دفع المتراكم.

وبسبب ظروف غزة بسط السكان أيديهم على أراض مصنفة "مشاع الدولة"، فيما شرعت حكومة غزة في إزالة هذه التعديات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


لماذا غضب السكان؟

وبالعودة لأحداث الغضب الشعبي، فإن ما أثار السكان أن في القرار تعدياً على ملكية أراضيهم، بحسب عضو لجنة أعيان بيت لاهيا مجدي العيسوي الذي قال إن "خطورة القرار تتمثل في مثال بسيط هو أن يقوم جار لك بالسيطرة على غرفة من منزلك فهل تقبل ذلك؟"، وأضاف أن "القرار يحرم الأجيال من التمتع بالأراضي المتوارثة ويقلل فرص العمل النادرة، إذ من المعروف أن بيت لاهيا ذات طبيعة جغرافية مميزة وتزرع فيها عشرات أصناف الخضراوات والفاكهة وهذا يوفر فرص عمل جيدة للسكان، لكن سحب الأراضي وتحويل إدارتها إلى جهات إدارية أخرى من شأنهما أن يلغيا ذلك".

وأشار العيسوي إلى أن "القرار الحكومي تنكر لتلك الحاجات السكانية الملحة وتغول على الحقوق من دون وجه حق، لذلك أعلنا العصيان المدني"، لافتاً إلى أنه "يجب على الحكومة اتخاذ قرارات لتحسين أوضاع المواطنين والبحث عن حلول للبطالة والفقر والكف عن المشاريع التي تستفز السكان وتتعدى على حقوقهم".

رأي الحكومة

من جهتها ترى حكومة غزة أن قرارها يصب في مصلحة السكان وقال رئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف إن "قرار اقتطاع الأرض لا يعني نزع ملكية، إنه فقط تحديد جغرافي ينعكس على التقسيم الإداري ووفقاً للمصلحة العامة". وأضاف أن "المنطقة التي تسببت بموجة الغضب هذه بحاجة إلى من يقدم فيها الخدمات ويتابعها، ونتيجة عدم وضوح تبعية المناطق لمقاطعة إدارية ظهرت خلافات عدة منها أن السكان وضعوا أيديهم عليها وشيدوا فيها عشوائيات، بالتالي وجب على الحكومة الوقوف عند مسؤولياتها".

وعلى رغم تأكيد السكان أن الأرض ملكهم، إلا أن الحكومة تصر على أنها "مشاع دولة"، وقال معروف في هذا الشأن إن "أراضي الحكومة المتصرف بها تابعة لسلطة الأراضي، وليس للمواطنين الحق في الاعتراض على ذلك، أو على ما تقوم به من إعادة توزيع اختصاصها إدارياً".

البلدية و"فتح" تعترضان

لكن لرئيس بلدية بيت لاهيا علاء العطار رأياً آخر، إذ يقول إن "القرار الحكومي يمزق مدينة وتاريخ بيت لاهيا، لذلك رفعنا دعوى قضائية في المحكمة الإدارية"، لافتاً إلى أنهم تقدموا بكل ما لديهم من "مستندات ووثائق تاريخية وإدارية وقانونية تثبت أحقية بيت لاهيا في إدارة أراضيها".

ووسط الغضب الشعبي رأت حركة "فتح" أنه "ليس من اختصاص حكومة حماس إعادة تقسيم حدود مدن غزة وأن إجراءها هذا يهدد النسيج المجتمعي". وقال الناطق باسم "فتح" حسين حمايل إن "تلك القرارات تشبه ما تقوم به إسرائيل في القدس والضفة الغربية، وهذا يعد عملية تدمير عوامل صمود المواطنين في أرضهم تحت ذرائع واهية. إن إجراء حماس يأتي في سياق قديم ينتهج تقسيم أراضي الدولة على جهات تابعة لها. هذا الإجراء يعمق الأزمات الاجتماعية والإنسانية في غزة".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات