Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لافروف في إريتريا... من يكسر عزلة الآخر؟

مراقبون: "الزيارة دفعة دبلوماسية لمصلحة نظام الرئيس أفورقي ورسالة للغرب بأن لروسيا تمدداً في باب المندب"

اعتبر لافروف أن "الغرب يتصرف بالأساليب الاستعمارية نفسها التي استخدمها لاستغلال القارات النامية" (وزارة الإعلام الإريترية)

اختتم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الأسبوع الماضي جولة أفريقية قادته إلى كل من أنغولا وإسواتيني وجنوب أفريقيا قبل أن تكون محطته الأخيرة في العاصمة الإريترية أسمرة. 

واعتبر لافروف خلال زيارته إلى إريتريا أن "الغرب يتصرف بالأساليب الاستعمارية نفسها التي استخدمها لاستغلال القارات النامية".

وقال إن موسكو "تقدر المواقف الأفريقية"، مشيراً إلى موقف أسمرة الذي وصفه بالمشرف لجهة تصويتها في الجمعية العامة للأمم المتحدة ضد القرار الدولي الخاص بمعاقبة موسكو.

والتقى لافروف في أسمرة الرئيس أسياس أفورقي لمناقشة "تعزيز العلاقات الثنائية، إضافة إلى التنمية الإقليمية ذات الاهتمام المشترك بالنسبة إلى البلدين"، وفق وزارة الإعلام الإريترية.

وخلال اللقاء قال لافروف إن الحرب في أوكرانيا هي "حرب بين روسيا والدول الغربية بقيادة الولايات المتحدة"، مضيفاً أن "الاستعدادات للعدوان على روسيا بدأت عام 2014، وأعدت لها ألمانيا وفرنسا بتخطيط أميركي".

من جانبه حذر أفورقي من خطورة الوضع العالمي الحالي، معتبراً أنه يهدد السلم الدولي وقال إن "الحرب الأوكرانية بداية هذه الأزمات التي يتجه نحوها العالم"، مؤكداً أن "محاولات الهيمنة من القطب الواحد فشلت، والأزمة الراهنة هي نتيجة التدخلات والوصاية التي تقوض الأمن والسلم العالميين".

وتزامنت جولة لافروف مع جولة لوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين للقارة السمراء، كما أتت بعد شهر من استضافة الرئيس الأميركي جو بايدن قادة أفارقة في قمة بواشنطن.

فك العزلة 

يرى الباحث الإريتري عبدالرحمن أبو هاشم أن زيارة لافروف لأسمرة تمثل "دفعة دبلوماسية قوية لمصلحة نظام الرئيس الإريتري أسياس أفورقي الذي يعاني نظامه عزلة دبلوماسية مفروضة عليه من قبل الولايات المتحدة الأميركية والاتحاد الأوروبي منذ 2009 نتيجة اتهامه بالضلوع في أنشطة تقويض استقرار منطقة القرن الأفريقي".

وقال أبو هاشم لــ"اندندبنت عربية"، رداً على سؤال يتعلق بمن يفك عزلة الآخر، موسكو أم أسمرة؟، "صحيح أن روسيا هي الأخرى تعاني ضغطاً دبلوماسياً وسياسياً وعسكرياً بسبب اجتياحها لأوكرانيا وعدم استطاعتها حسم المعركة مع الجارة الصغيرة بعد عام كامل من الحرب المشتعلة هناك، لكن الزيارة تعد مكسباً لأسمرة أكثر من موسكو".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن "الزيارة تأتي لكسر الحصار الغربي وتعزيز مصالح وحضور روسيا في المناطق الاستراتيجية في أفريقيا، تحديداً في القرن الأفريقي"، حيث ظلت الأولى بعيدة من المنطقة وتقلص وجودها كثيراً خلال العقود الثلاثة الأخيرة، لا سيما "بعد انهيار الاتحاد السوفياتي وحلف وارسو". 

وتابع أبو هاشم "ربما لا تكون إريتريا بتلك الأهمية التي تمثلها إثيوبيا والسودان واليمن بالنسبة إلى أي دولة كبري تطمح للوجود في منطقة البحر الأحمر، لكن الزيارة تعبر عن رد الجميل للنظام الإريتري الذي صوت لمصلحة موسكو في الأمم المتحدة ضمن خمس دول من مجموع 194 دولة". 

أما السبب الآخر، بحسب أبو هاشم، "فربما يكون إرسال رسالة إلى الغرب وحلفائه بأن لروسيا تمدداً ووجوداً بالقرب من باب المندب الذي يقع في المدخل الجنوبي للبحر الأحمر"، المنطقة التي تمثل أهمية استراتيجية بالغة لمصالح الغرب، سواء تجارياً أو اقتصادياً أو عسكرياً. 

أسمرة فاعل مهم

بدوره يقرأ المحلل السياسي إبراهيم إدريس الزيارة بشكل مختلف، إذ يرى أن "أسمرة ليست معزولة على المستوى الإقليمي لأن لها دوراً فاعلاً في إثيوبيا حرباً وسلماً، كما تسهم بشكل أساس في الصومال، سواء في البنى التحتية للحكومة الصومالية، أو في إعادة تأهيل وتحديث الجيش الصومالي، كما أن لها دوراً مشهوداً في السودان وتتمتع بعلاقات جيدة مع جميع الأطراف السياسية هناك، فضلاً عما يفرضه موقعها الاستراتيجي في البحر الأحمر ومنطقة حوض النيل"، بما يمثله ذلك من أهمية لمصالح القوى العظمى، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية وروسيا، إضافة إلى القوى الصاعدة كالصين". 

ويؤكد إدريس لـ"اندبندنت عربية أن "الوعود الروسية المتعلقة بإعادة تأهيل وتطوير ميناء مصوع الإريتري على البحر الأحمر تمثل نقطة مهمة في الصراع الاستراتيجي القائم بالمنطقة". 

ويضيف أن "ما يرجح هذه الفرضية تاريخياً أن الولايات المتحدة الأميركية عززت وجودها في البحر الأحمر بعد الحرب العالمية الثانية، وبشكل أساس في السواحل الإريترية، مستفيدة من تحالفاتها مع النظام الإثيوبي الذي كان يحتل إريتريا حينها".

وانطلاقاً من هذا الإدراك يقول إدريس إن "إريتريا ليست تلك الدولة الصغيرة عديمة التأثير في استراتيجيات القوى الكبرى، بل هي فاكهة الاستقطابات المقبلة على المستوى الدولي، وبدا ذلك واضحاً في استراتيجية الحرب التي قادها التحالف العربي في اليمن، حيث عززت كل من السعودية والإمارات علاقاتها الاستراتيجية مع إريتريا في إطار خطة الحرب، بالتالي فإن محورية دورها في هذه المنطقة بدا مؤكداً وتنبغي قراءة الزيارة الروسية من خلال هذا المدخل". 

نهاية جولة وبداية تحالفات 

لعل السؤال الأبرز حول زيارة لافروف لأسمرة يتعلق بدواعي عدم إعلان موسكو جدولة العاصمة الإريترية في قائمة الجولة، بحيث ذكرت الخارجية الروسية أنها تضم ثلاث عواصم أفريقية ليس من بينها أسمرة. 

يقرأ إدريس تلك الجزئية في ضوء "العلاقات بين الدولتين، فهي في الأغلب لا تعتمد على الأسلوب الإعلامي المعلن، وهناك كثير من التبادلات في مجالات متعددة قد لا ينتبه إليها كثير من المراقبين، وتتم بشكل هادئ ومكثف بينهما، وربما تبدو دهشة بعض المحللين مبررة عند ملاحظة تصويت إريتريا ضد القرار الأممي الخاص بإدانة روسيا في الأمم المتحدة، وذلك لعدم مواكبة حقيقة التحالف القوي بين أسمرة وموسكو".

هذه الزيارة، بحسب إدريس، "تدشن من جديد لإعادة تموقع موسكو في هذه المنطقة ضمن إطار الصراع الجديد/ القديم بين القوى الدولية"، ويرجح أن "الجولات المتكررة من قبل ممثلي القوى العظمى والصين إلى القارة السمراء ومنطقة القرن الأفريقي والبحر الأحمر جزء من الاصطفاف الذي يتشكل لمجابهة الصراع الجديد الذي يعد بمثابة حرب عالمية باردة". 

ويشير إدريس إلى آخر حوار أجراه الرئيس الإريتري أسياس أفورقي مع وسائل الإعلام المحلية وأشار فيه "إلى انقسام العالم إلى معسكرين، معلناً دعمه بشكل واضح للمحور الذي تدعمه روسيا والصين". 

ويختم إدريس رؤيته بالقول "لا يمكن اختزال نتائج الزيارة في إطار الصراع الدولي فحسب، بل إن هناك ملفات التعاون الثنائي التي تم التوصل إلى تفاهمات مهمة فيها، ولعل أهمها يتمثل في أربع مجالات أساسية، هي الصحة والتعليم والتعدين والطاقة، لا سيما بعد إنهاء إريتريا مهمات جيشها في إقليم تيغراي الإثيوبي، وتوقع تفرغها الآن للتصدي لمشاريع التنمية الداخلية التي ظلت معطلة ومتعثرة نتيجة الحصار وحال التحري واللاسلم من جهة، ثم الحرب الأخيرة في تيغراي من جهة أخرى".

المزيد من تقارير