Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

رزان جمّال: أداء الشخصيات يشفي الممثل من آلامه

جاءت إلى الدراما العربية من تجربة سينمائية عالمية وتعتبر أن الفن لا حدود جغرافية له

الممثلة رزان جمّال في أحد أدورها (صفحة الممثلة - فيسبوك)

فرضت رزان جمال نفسها كممثلة في العالمين العربي والغربي، وحققت نجاحاً لافتاً في كثير من الأعمال الفرنسية والأميركية والبريطانية، من بينها ثلاثة أفلام شاركت في مهرجان "كان" هي "صيف قاس" Cruel Summer في أول تجربة إخراجية لمغني الراب كانييه ويست، و"قصة مجنون" Une Histoire d un Fou للمخرج روبرت جيديجيون الذي ترشح مرتين لجائزة "الدب الذهبي" في مهرجان "برلين"، و"كارلوس" Carlos للمخرج الفرنسي أوليفييه أساياس الذي حصد جائزة غولدن غلوب عام 2011، إضافة إلى فيلم "نزهة بين شواهد القبور"A Walk Among the Tombstones  الذي تم ترشيحه لجائزة الأوسكار.

سافرت إلى بريطانيا لتحقيق حلمها بالعالمية وجاءتها الفرصة الكبيرة عندما تم اختيارها لدور لانا جرار في الفيلم الفرنسي "كارلوس" الذي حظي باهتمام النقاد عند عرضه. عام 2012 شاركت في الفيلم الإنجليزي "تحليق أعمى" Flying Blind وقدمت في العام التالي شخصية "سلامة" في الفيلم الإماراتي "الجن" مع المخرج الأميركي توبي هوبر. عام 2014 خاضت تجربتها الأولى في السينما الأميركية من خلال فيلم "نزهة بين شواهد القبور" كما شاركت في السنة نفسها في المسلسل المصري "إمبراطورية مين" للمخرجة مريم أبوعوف. عام 2015 جسدت شخصية "أنا هيت" في الفيلم الفرنسي "قصة مجنون" للمخرج روبرت جيديجيون ثم خاضت تجربتها الثانية في مصر من خلال مسلسل "سرايا عابدين" وبرعت في شخصية "أوجيني" زوجة نابليون بونابرت، إلى جانب مشاركتها في المسلسل اللبناني "الشك" للمخرج يعقوب المهنا.

عام 2020 برز اسمها في مسلسل "ما وراء الطبيعة" للمخرج عمرو سلامة والمستوحى من سلسلة روايات بالاسم نفسه للكاتب أحمد خالد توفيق، وهو أول مسلسل مصري ضمن أعمال "نتفليكس" الأصلية. وعرض لها في الفترة نفسها وعلى المنصة نفسها المسلسل الأميركي "رجل الرمل" The Sandman، وهي الممثلة العربية الوحيدة التي شاركت في هذا العمل في شخصية "لايتا هول". عام 2021 لعبت شخصية "جودي" في مسلسل "أنا"، وتألقت العام الماضي في الفيلم المصري "كيرة والجن" للمخرج مروان حامد، وتركت أثراً طيباً لدى الجمهور المصري بشخصية "إيمي" ابنة القاضي الإنجليزي التي تقع في حب المناضل المصري أحمد كيرة (كريم عبدالعزيز)، وحقق هذا الفيلم أعلى إيرادات في تاريخ السينما المصرية، ويعرض لها حالياً المسلسل العربي "الثمن" الذي تتقاسم بطولته مع الممثل باسل خياط.

العالمية والحظ وستيفن سبيلبرغ

ولأن قلائل هم الممثلون العرب الذين أصبحوا عالميين، فهل تعتبر جمال أنها من الممثلين الموهوبين أم من الممثلين المحظوظين؟ لأن الحظ يمكن في فرصة واحدة أن يحقق حلم أي ممثل بالعالمية. تقول "صحيح أن الوصول للعالمية يحتاج إلى حظ أو فرصة، ولكن هذه الفرصة وهذا الحظ تطلبا مني الكثير من التعب والجهد لكي أصل إلى ما أنا عليه اليوم. أنا لم أحصل على شيء بسهولة، ووالدي لم يكن اسمه ستيفن سبيلبرغ، بل أنا بدأت حياتي بمفردي وصنعتها وحدي. لا شك في أن كثيرين من الأشخاص دعموني خلال مسيرتي ووثقوا بي وبمواهبي وشجعوني، وأنا أشكر كل شخص قال لي نعم وكل شخص قال لي لا، لأن كليهما أعطاني القوة ودفعني إلى التقدم إلى الأمام ولكي أحقق أحلامي".

تتحدث جمال عن أول دور عالمي لها، مشيرة إلى أنها خضعت لاختبار تجربة أداء وحصلت على الدور "في فيلمي الأول (كارلوس) كانوا بحاجة إلى فتاة من أصل عربي لتقديم شخصية لانا جرار، وبعد الاختبار اختارني المخرج أوليفير أساياس للدور، وشارك الفيلم في مهرجان (كان) السينمائي وفاز بجائزة غولدن غلوب، ثم أكملت مساري في التمثيل. منذ البداية كنت أركز على العالمية لأن كان لدي طموح كبير بالوصول إليها منذ الطفولة، وهذا الأمر دفعني إلى السفر والعيش في لندن ومن ثم في أميركا والمشاركة في كثير من الأفلام والمسلسلات. وعام 2014 شاركت عن طريق الصدفة في مسلسل (إمبراطورية مين) للمخرجة مريم أبوعوف لأنني لم أكن أعرف أنني سوف أعود مجدداً إلى العالم العربي وإلى اللغة العربية والعمل فيها كممثلة، ولكن لأنني كنت سعيدة جداً في أول تجربة تمثيلية لي تمنيت أن أستمر في التمثيل في العالم العربي".

وعن كيفية حصولها على فرصتها العربية الأولى من خلال مسلسل "إمبراطورية مين"، أوضحت "في هذا المسلسل كانوا يبحثون عن ممثلة شكلها أجنبي ولكنها تجيد اللغة العربية، ومن يعملون في المجال كانوا يعرفونني ويعرفون الأعمال التي شاركت فيها ويحبون طريقتي في التمثيل. كان مطلوباً أن تجمع (كارلا) وهي الشخصية التي قدمتها في المسلسل (خلطة) تمزج بين الأصول اللبنانية والأوكرانية والأميركية، وأنا في الأساس (خلطة) وأهلي من أصول مختلفة. صحيح أنني لبنانية ولكني عشت في الخارج وأعتبر نفسي عالمية ولكنني أعرف أصلي جيداً. وبرأيي لم يعد هناك حدود بين الدول في العالم".

عالم موحد

هل كانت تحاول أن تقدم رسالة من خلال الفن الذي تقدمه في الأعمال الأجنبية وأن تؤكد أن هناك كثيرين من المواهب العربية؟ تقول جمال "أنا لا أفعل ذلك لأنني أحاول أن أقدم رسالة، ولكن خلال وجودي في الغرب أحاول أن أغير كثيراً من الأشياء على طريقتي. في أي مكان أوجد فيه في العالم أنا أفتخر بكوني عربية، ولا أخفي هذا الأمر على الإطلاق، حتى إنني لا أجد صعوبات في كوني عربية، بل على العكس تماماً، لأنني اكتشفت أننا نصل إلى عالم موحد. الناس يشعرون باختلافي وبأنني أتكلم لغة مختلفة ولدي ثقافة مختلفة، وكثيرون يحبون هذه الناحية ويحاولون التعرف إلى ثقافتنا العربية وهذا الأمر يفرحني كثيراً". وتضيف "في السينما، الغرب لا يقدم العرب بطريقة جيدة، ولذلك أنا أشعر بسعادة كبيرة عندما يصلني دور للعب شخصية امرأة عربية، لأن ذلك أفضل من أن تلعبها ممثلة هندية أو ممثلة تشبه النساء العربيات. وبرأيي أن من المهم جداً أن تلعب ممثلة من أصول عربية دور امرأة عربية في السينما العالمية".

وعن تجربتها التمثيلية التي تجمع بين السينما والتلفزيون وعن الاختلاف بينهما على رغم محاولتها التوفيق بين التجربتين. تقول جمال "الشخصية هي الناحية الأهم بالنسبة إليَّ ولا أكترث ما إذا كان العرض سينمائياً أو تلفزيونياً. لا شك أن لكل مجال نواحيه السلبية والإيجابية ولكنني أحاول التركيز على النقاط الإيجابية في كل تجربة أخوضها. مثلاً، عندما أشارك في مسلسل مؤلف من 90 حلقة فإن هذا الأمر يجعلني أتعرف أكثر وبعمق إلى الشخصية التي ألعبها، ولكنني لا أصل إلى هذا الأمر عندما أقدم شخصية في فيلم لا تتعدى مدة تصويره شهراً وأكثر. عندما يستغرق تصوير المسلسل سبعة أشهر فإنني أعطي الشخصية بطريقة مختلفة تماماً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 هل هذا يعني أن الممثل يصبح الشخصية التي يلعبها؟ تجيب "من المهم جداً أن يفصل الممثل بين الشخصية التي يلعبها وبين نفسه، وأنا أحصن نفسي دائماً في كل الشخصيات التي ألعبها، لكن في مسلسل (الثمن) عشت تجربة مماثلة لتجربة (سارة) على المستوى الشخصي، لأن والدتي توفيت بعد إصابتها بمرض السرطان، ولقد حاربت كثيراً من أجل تأمين الدواء لها بسبب انقطاع الأدوية في لبنان، كما أنني عجزت عن سحب المال من المصرف لعلاجها، كما حصل مع كل اللبنانيين. صحيح أنني لست أماً ولا يوجد لدي أطفال ولكنني أحببت أمي بالطريقة التي أحبت فيها (سارة) ابنها في المسلسل، وسمحت لها بأن تستعير الإحساس الصعب الذي عشته وأن تستعمل جرحي، هذا الأمر كان صعباً جداً عليَّ، لأننا كممثلين نستعمل الخيال عادة أثناء التمثيل، ولكنني في هذا العمل لم أعتمد على الخيال بل كل شيء كان حقيقياً ووجدت صعوبة في الانفصال عنه. إلا أن هذا الأمر ساعدني في الوقت نفسه على التداوي من جروحي كإنسانة، وفي إيصال الصوت للأشخاص الذين يمرون بتجربة مماثلة، خصوصاً أن كل الذين تعاطفوا معي أكدوا لي أنهم أحسوا بما أحسست به، وبأنهم بكوا معي وانقطع نفسهم معي. كل هذا لأنني سمحت لـ(سارة) بأن تستعير من الشعور الذي عشته عندما كنت أخسر والدتي". 

لكنها في المقابل لا تجد أن هذا السبب هو الذي يقف وراء تألقها في هذا الدور، حين تقول "عندما قدمت شخصية (لايتا هول) في مسلسل (رجل الرمل) لعبت دور الأرملة التي فقدت زوجها، وفي اليوم الذي كنت فيه في موقع التصوير فقدت والدتي. عدا عن أنه كان هناك شخصية في المسلسل تلعب دور مريضة سرطان وترفض العلاج، وأنا كنت أخسر والدتي المصابة بالمرض نفسه. أنا أضع من ذاتي في كل الأدوار التي ألعبها، ولا أعتقد أن شيئاً جديداً تغير في التكنيك. ولا أعرف السبب الذي جعل الناس يتفاعلون معي في مسلسل (الثمن)، ولكن قصة سارة جميلة جداً، حتى إنني عندما شاهدت الحلقات الأولى من النسخة التركية من المسلسل تعلقت بشخصية البطلة كما بالقصة".

الشخصية أولاً

وهل هذا النجاح يمكن أن يدفعها إلى تفضيل الدراما المشتركة على الدراما المحلية؟ ترد "عندما أختار دوراً أنظر إلى الشخصية لكي أعرف ما إذا كانت تناسبني أم لا، كما يهمني النص، والمخرج والممثلون الذين يشاركون في العمل، ولا أفكر ما إذا كان هذا العمل يتوجه إلى جمهور كبير أو صغير، أو أنه محلي أو مشترك، وهذا ما يجعلني أشارك في أعمال عالمية وفي أعمال عربية. كممثلة أكثر ما يهمني هو الشخصية، ولا ألتفت إلى التفاصيل الأخرى التي لا يمكنني التحكم فيها، كردود الأفعال مثلاً، لأنني لو فعلت ذلك سيتملكني الخوف قبل الموافقة على أي عمل. لذا أنا أركز على الأمور التي يمكنني التحكم فيها وبالقرار المتعلق بي، أي الذي له علاقة بالشخصية".

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة