تشير أحدث التوقعات القاتمة من صندوق النقد الدولي إلى أن بريطانيا ستكون أسوأ حالاً من أي اقتصاد رئيس آخر إذ يبدو أن أزمة تكاليف المعيشة تسبب لها ضربة أشد مقارنة بغيرها.
هنا نلقي نظرة على ما وراء تشاؤم صندوق النقد في شأن اقتصاد المملكة المتحدة ومدى القلق الذي يجب أن نشعر به.
– لماذا تعد المملكة المتحدة أسوأ أداء من البلدان الأخرى؟
يعتقد صندوق النقد بأن المملكة المتحدة ستعاني من انكماش بنسبة 0.6 في المئة عام 2023 ككل، ويتوقع أنها ستكون الوحيدة من بين الاقتصادات الرئيسة التي يتابعها في تقريره التي ستعاني من ركود.
وحاول شرح أسباب اعتقاده بأن المملكة المتحدة هي الحالة الشاذة، مشيراً إلى أن ذلك يرجع إلى ثلاثة عوامل رئيسة.
السبب الأول هو اعتماد المملكة المتحدة على الغاز الطبيعي، الذي شهدت أسعاره ارتفاعاً كبيراً منذ غزو روسيا أوكرانيا. لقد أدى ذلك إلى ارتفاع معدل التضخم، الذي بلغ 11.1 في المئة في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي ولا يزال أعلى من 10 في المئة.
كذلك يعتقد صندوق النقد بأن التوظيف في بريطانيا لم يتعاف أيضاً إلى المستويات المعروفة قبل تفشي الجائحة، ما ترك المملكة المتحدة تعاني من نقص في الموظفين ومستوى عال مما يسمى بعدم النشاط، وهذا أثر بدوره في الإنتاجية والناتج الإجماليين.
وأخيراً، يعتقد بأن المملكة المتحدة اضطرت إلى رفع معدلات الفائدة بوتيرة أسرع من البلدان الأخرى، بسبب معدل التضخم المرتفع، وبأن هذه الخطوة تفرض مزيداً من الضغط على الاقتصاد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
فمع وجود عدد من المقترضين في المملكة المتحدة لا يزال عليهم تسديد قروض عقارية ذات معدلات متغيرة، وإن كان عددهم أقل بكثير مما كان عليه في الماضي، تؤثر الخطوة بشدة في ميزانياتهم وستزيد تقييد الإنفاق الاستهلاكي.
– هل أدى بريكست دوراً في هذا كله؟
يعتقد حزب العمال بالتأكيد بأن خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي يؤثر في اقتصادنا.
وفي حين أن الأثر المباشر لبريكست في الناتج المحلي الإجمالي غير واضح، يشير عديد من التقارير والأدلة الشفهية الصادرة من الشركات إلى أن تقلص القوة العاملة يرجع إلى حد كبير إلى الانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
– ماذا عن الميزانية المصغرة الكارثية التي صدرت العام الماضي؟
من المسلم به على نطاق واسع أن الميزانية المصغرة المشؤومة الصادرة في سبتمبر (أيلول) الماضي في عهد رئيسة الوزراء السابقة ليز تراس واضطرابات السوق التي أعقبت ذلك تركت المملكة المتحدة تواجه رهوناً عقارية بمعدلات أعلى مما كانت لتسجله بخلاف ذلك – أسمى كثير الزيادة "علاوة تراس".
ولأن صندوق النقد يشير إلى الضغوط غير المفيدة المفروضة على الأسر بسبب ارتفاع معدلات الرهون العقارية باعتبارها أحد أسباب ضعف أداء المملكة المتحدة، يوحي ذلك بأن بعض التحديات الاقتصادية قد يرجع إلى مشكلات محلية.
– إلى أي مدى يجب أن نأخذ توقعات صندوق النقد على محمل الجد؟
من المهم أن نتذكر أن توقعات صندوق النقد هي مجرد اسم على مسمى – أي توقعات. ويمكن أن تكون التوقعات خاطئة، وهذا هو ما سارعت الحكومة إلى الإشارة إليه.
رفض وزير المالية جيريمي هانت التشاؤم الأخير الذي عبر عنه صندوق النقد، مؤكداً أن عديداً من التوقعات حول الاقتصاد البريطاني في العام الماضي أثبتت أنها خاطئة.
صحيح أن صندوق النقد حدث توقعاته للاقتصاد البريطاني عام 2022 مرتين منذ يوليو (تموز) الماضي.
لقد توقع في يوليو نمواً بنسبة 3.2 في المئة، ثم عدله في أكتوبر إلى 3.6 في المئة، وغيره الآن في تقريره الأخير إلى 4.1 في المئة – ما سيجعل المملكة المتحدة تتصدر قائمة بلدان مجموعة الدول السبع.
وقال السيد هانت الأسبوع الماضي في أول خطاب رئيس له إن "توقعات التراجع في بريطانيا كانت خاطئة في الماضي وهي خاطئة اليوم".
لكن توقعات صندوق النقد تضيف إلى المخاوف المتزايدة على اقتصاد المملكة المتحدة عام 2023، إذ أطلقت منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية أخيراً تحذيراً مفاده بأن أداء بريطانيا اقتصادياً سيكون، وفق اعتقادها، أسوأ من أي من البلدان السبعة الأكثر تقدماً في العالم عام 2023.
– هل هناك أي أسباب للتفاؤل؟
قال محافظ بنك إنجلترا أندرو بايلي في وقت سابق من هذا الشهر إن من المرجح أن يكون الركود أقل عمقاً مما كان يُخشى في البداية.
وسيقدم المصرف أحدث توقعاته الاقتصادية الخميس إذ من المتوقع أيضاً أن يقرر رفعاً آخر لمعدلات الفائدة، من 3.5 في المئة إلى أربعة في المئة.
ويعتقد اقتصاديون أيضاً بأن المصرف سيرفع توقعاته للاقتصاد بعد أداء أقوى من المتوقع في أواخر عام 2022، ما يعطي بصيص أمل لبريطانيا التي تعاني من التضخم.