Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل حان الوقت لسن قانون يحظر التمييز الطبقي؟

بمجرد أن ندرك أن الطبقية هي شكل من أشكال التمييز الشديد، علينا أن نتقبّل فكرة أنها تستحق اعتبارها بنفس أهمية أشكال التمييز الأخرى المعروفة

تعريف التمييز الطبقي أكثر تعقيداً من أشكال التمييز الأخرى (أي تي في)

التمييز على أساس الطبقية الاجتماعية مسموح به في المملكة المتحدة. ما أعنيه بذلك هو أن القانون لا يعتبر التمييز ضد شخص ما على أساس الطبقة التي ينتمي إليها جريمة جنائية أو تصرف فردي مخالف. ولا يُذكر ذلك حتى في قانون المساواة Equality Act لعام 2010، الذي يُعدّ حجر الزاوية في قانون محاربة التمييز في المملكة المتحدة. وفي مكان آخر، في التقرير الأخير عن قوانين جرائم الكراهية، لمّحت لجنة القوانين في إنجلترا وويلز بشكل مقتضب وسريع إلى مرجع واحد لا غير هو مقال كتبتُه حول جرائم الكراهية الطبقية، وكان هذا كل ما في الأمر.

إذن هل حان الوقت لسن قانون يحظر الطبقية الاجتماعية؟ البعض (بمن فيهم أنا) يجيب على هذا السؤال بـ"نعم" قاطعة.

وفي ذلك الإطار، فإنّ البروفيسورة جيرالدين فان بورين (الحائزة على رتبة مستشارة الملك)، والتي أجرت لفترة طويلة بحوثاً في مجال الحقوق الاجتماعية والاقتصادية، بدأت للتو في تحضير عريضة إلى الحكومة البريطانية. والهدف منها هو سن تشريعات تحظر الطبقية الاجتماعية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولكن في الحقيقة، جاءت خطوتها متأخرة. فالطبقية ليست أحدث من أشكال التمييز الأخرى، لا بل في الواقع، هي أقدم من بعض منها، مع أمثلة تعود إلى فترة تطبيق قوانين تحديد النفقات في العصور الوسطى التي كانت تملي على الأفراد نوع الطعام الذي يمكنهم تناوله وشكل الثياب التي يُسمح لهم بارتدائها وفق التسلسل الهرمي للنظام الإقطاعي. بيد أنّ الأكاديميين والسياسيين يتجاهلون باستمرار الطبقية عند تناولهم موضوع التمييز.

في الآونة الأخيرة، تمّ إحراز بعض التقدم في هذا الصدد. في تقرير صدر عام 2019، اقترح مؤتمر النقابات العمالية Trades Union Congress أن القانون يجب أن يحظر الطبقية في مكان العمل. وظهرت بعض مقالات الرأي في الصحافة الوطنية، وكذلك نُشر كتاب أكالا [مغني الراب]، بعنوان "السكان الأصليون" [نايتفز]Natives  (2019)، الذي كافح العنصرية والطبقية بشكل مباشر.

وفي المؤلفات الأكاديمية، اقترحتُ للمرة الأولى حظر الطبقية من خلال قانون التمييز في عام 2020. وبناءً على اقتراحي، عقد المركز القانوني لعدالة الأحداث Youth Justice Legal Centre ضمن مؤتمره السنوي أول جلسة تتناول مسألة الطبقية، إلى جانب قضايا العرق والعمر والجنس. وبعيداً من المجال الأكاديمي، هناك أيضاً بعض الأمثلة عن هذه النقلة النوعية التي حصلت. في العام الماضي، كانت أنجيلا راينر أبرز شخصية سياسية تصف الانتقادات الموجهة إليها بأنها "طبقية" و"متحيزة ضد المرأة". إذاً، يبدو أن الحديث عن "الطبقية" يصبح مألوفاً أكثر فأكثر.

وعلى رغم ذلك، فالطريق ما زال طويلاً أمامنا. لاحظ عدد المرات التي يضيع فيها موضوع الطبقية عندما نناقش مسألة التمييز، ولكن ليس لأن تعريف الطبقية يُعتبر نوعاً ما أصعب من تعريف أشكال التمييز الأخرى. في الواقع، إن رفض توظيف شخص ما لأنه نشأ في وحدات الإسكان الاجتماعي، أو لأنه يتحدث بلهجة محلية، هو معاملة على أساس السمات المرتبطة بانتمائه إلى الطبقة الدنيا.

ولكن حينما نسمع عن سوء سلوك في صفوف الشرطة، يتعلّق الموضوع عادة بالعنصرية وكره النساء، وليس الطبقية. وفي كثير من المهن، تعتبر مبادرات المساواة والتنوع متفاوتة. وغالباً ما تعمد البرامج التدريبية إلى تجاهل الطبقية. وقد يكون جزء من المشكلة أننا لا نعتمد نهجاً استباقياً بما يكفي في توفير البيانات التي نحتاج إليها.

فلنأخذ مجال المحاماة مثالاً على ذلك. في استطلاع حديث، رفض حوالى 40 في المئة من المحامين الإفصاح عما إذا كانوا قد التحقوا بمدرسة حكومية أو خاصة. إذاً، نحتاج إلى أن يبدأ الناس في خوض مناقشات حول موضوع الطبقية من خلال الإجابة على هذا النوع من الأسئلة. وإلا فلن نحصل على البيانات اللازمة للتعامل مع الطبقية.

الاعتراف ضروري؛ كما النقاش الهادئ. وهذا ما تهدف العريضة إلى البدء فيه جزئياً. على رغم أنني فكرت كثيراً في ما إذا كان ينبغي علينا أن نلجأ للقانون الجنائي وقانون التمييز لحظر الطبقية، إلا أنني ما زلت حذراً [في تبني هذا التوجه]. يعتمد الكثير على كيفية صياغة التشريع. قد يؤدي فرض حظر شامل على أي قرارات تتعلق بفئة شخص ما إلى إلحاق الضرر بالجهود المناهضة للطبقة.

على سبيل المثال، عندما يقدّم التلامذة طلباً للالتحاق بالجامعة عبر "خدمة القبول في الجامعات والكليات" البريطانية UCAS، تسهم الخدمة في جمع مقدار محدود من المعلومات السياقية التي يمكن للمؤسسات استخدامها بعد ذلك في عمليات قبول التسجيل.

وبعض هذه المعلومات، على غرار بيانات الرمز البريدي، ونوع المدرسة، والحصول على وجبات مدرسية مجانية، يمكن أن يكون مرتبطاً بالطبقة التي ينتمي الشخص إليها. والجدير بالذكر أنّ منع الجامعات من أخذ هذه المعلومات في الاعتبار قد يؤدي إلى إعاقة العمل الإيجابي الرامي إلى معالجة الطبقية في المرحلة الجامعية وما بعدها.

لا يتوقف النقاش عند هذا الحد. عندما يتعلق الأمر بتشجيع الطبقية، فهناك كثير من المآخذ على القانون بحد ذاته. فسواء في الأحكام التي تحظر المتسولين بموجب قانون التشرد لعام 1824 ولا تزال سارية المفعول، أو قانون العمل الخيري التي تستفيد منها المدارس الخاصة [تخوّلها الاستفادة من الامتيازات والإعفاءات الضريبية]، يمكن القول إن جزءاً كبيراً من القانون يحمي مصالح الطبقة العليا.

وتجدر الإشارة إلى أنّ تسليم القضاة وسائل جديدة للتعامل مع الطبقية من دون توجيه مناسب يمكن أن يسير بشكل خاطئ، إذ إنّ البعض ربما لم يفكر قط في التمييز على أساس طبقي. وعلى نحو مماثل، نظراً للتركيز على القضايا الأخرى المتعلقة بسلك الشرطة في الوقت الحالي، هل سيكون من الممكن التطرق لهذا الموضوع غير المألوف؟

حتى في هذه الفقرات الصغيرة، يمكنك أن تلاحظ الحاجة إلى إيلاء اهتمام أكبر للموضوع. يجب علينا تحليل قضايا كثيرة بعناية فائقة. وعلى رغم ذلك، إذا بقيت الأمور تسلك المنحى الذي هي عليه الآن، فقد تجد الطبقية نفسها محط نقاش سياسي.

النقطة الأهم هي أنه بمجرد أن ندرك أن الطبقية هي شكل من أشكال التمييز الشديد، علينا أن نتقبّل فكرة أنها تستحق اعتبارها بنفس أهمية أشكال التمييز الأخرى المعروفة. والسؤال الذي يُطرح دائماً هو كيف تبدأ ذلك النقاش، وكيف تقنع الناس أن الوقت قد حان، أخيراً، لحظر الطبقية. وفي الواقع، قد يكون التوقيع على هذه العريضة الجديدة نقطة انطلاق جيدة.

أليكس بن محاضر في كلية أكسفورد الجامعية، متخصص في القانون الجنائي وقوانين التمييز العنصري، ومحامٍ في شركة "ريد ليون"

© The Independent

المزيد من آراء