Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

كيف يعمل الأوكرانيون من منازلهم تحت القصف الروسي؟

تكيف الموظفون الذين يعملون عن بعد مع روتين حياتهم اليومي لكن التعامل مع الخوف من الدمار وانقطاع الأخبار يبدو أصعب

فتالي دوفجينكو يستخدم مولداً كهربائياً لتشغيل حاسوبه المحمول (بورديو)

"أضطر أحياناً إلى أن أعمل في غرفة المؤن حيث لدي ملجأ صغير موقت. عندما أسمع أصوات انفجارات قريبة، أقصد هذا المكان. وجود جدارين يحميك من الشظايا. مددت بطانية على الأرض ولدي هنا حبال أضواء صغيرة تعمل بالبطارية، كي أنير المكان. يبدو المكان رومانسياً ولكنني أتمنى لو لم أكن مضطرة إلى أن أعيش هذه التجربة".

تبذل الأوكرانية أناستازيا كفيتكا كل ما بوسعها لمواصلة عملها كمسؤولة عن التسويق وكاتبة إعلانات في دنيبرو، لكن هذا الشهر فقط قتلت الصواريخ الروسية 46 شخصاً على الأقل، وجرحت عشرات آخرين في المدينة التي أنهكها النزاع.

فيما تقصف روسيا البلاد من الجو، وتستهدف البنية التحتية للطاقة بشكل خاص، تتعلم هي وزملاؤها مواصلة العمل في ظل أكثر ظروف استثنائية.

إنه تناقض عبثي: فيما يجلس هؤلاء المحترفون إلى مكاتبهم ويعملون بسلام على تصميم مواقع إلكترونية وتطبيقات متطورة جداً، ووضع تقارير تحليلية، يلاحقهم خطر خارجي مستمر بوقوع هجوم بربري وسقوط قذائف وصواريخ فوق رؤوسهم. 

عطلت الهجمات الروسية المنتظمة التي تستهدف شبكة الكهرباء الأوكرانية منذ أكتوبر (تشرين الأول) ما يقدر بحوالى 40 في المئة من الشبكة وأدت إلى قطع التيار الكهربائي وحرمت ملايين الأشخاص من إمدادات طاقة يمكن الاعتماد عليها - لمدة ساعات أو أيام متواصلة أحياناً. 

في بعض الحالات، يفرض تقنين الطاقة لتوزيع ما تبقى منها بشكل عادل. 

كما أسست السلطات الأوكرانية "مراكز آمنة"، تمد الناس بالدفء وفيها مشروبات ساخنة ومولدات كهربائية لكي يشحنوا هواتفهم وحواسيبهم المحمولة. 

وتفيد التقارير بأن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي طلب من حلفائه في الغرب تزويده بمولدات كبيرة وغيرها من المعدات التي يمكنها دعم شبكة الطاقة الكهربائية. 

تضم بورديو Bordio، وهي منصة إلكترونية مخصصة لتنظيم العمل، وتتخذ من لاتفيا مقراً لها، خمسة موظفين يعملون عن بعد من أوكرانيا، وهم يواصلون العمل تحت خطر الضربات الصاروخية وضربات المسيرات.

 

ويقول ألكسندر باشكوف، مطور مواقع التصفح الإلكتروني والموجود في خاركيف "قبل أن تستخدم روسيا أساليب جديدة وتبدأ بقصف منشآت البنى التحتية للطاقة في أوكرانيا، كان من الصعب علينا العمل لأننا مشتتون عاطفياً. لكن بعد ذلك، أصبح العمل صعباً من ناحية ملموسة وحسية كذلك".

ويضيف "بعد كل هجوم، تصبح فترات تقنين التيار الكهربائي أطول. تمتد 12 ساعة حيناً، ويوماً بأكمله أحياناً"، لافتاً "مع انقطاع التيار الكهربائي تنقطع أيضاً شبكة الإنترنت الجوال، لذلك لا يعود للحاسوب المحمول أي نفع للعمل، حتى لو كان مشحوناً بالكامل". 

يملك ألكسندر، الذي أرسل زوجته وطفليه إلى مكان آمن خارج البلاد، مولد كهرباء يعمل على البنزين وبطارية تزوده بخمس ساعات أو أكثر من الطاقة لكي يعمل على الحاسوب أو يشحن هاتفه أو يستخدم التدفئة.

لكن ليس الجميع محظوظاً مثله. غالباً ما يعرقل انقطاع الكهرباء إمدادات المياه والتدفئة.

تعود أناستازيا بالذاكرة إلى يوم 16 ديسمبر (كانون الأول)، حين اضطرت إلى الاختباء من التفجيرات القريبة بلا مياه أو نور.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتقول "كتب أصدقاء في كييف أنهم شهدوا قصفاً عنيفاً كذلك. واتصل بي والدي من زابوريجيا قائلاً إنه عد 12 ضربة صاروخية". وتضيف "ثم انقطع الإنترنت عن الجوال ولم أعد أعرف شيئاً عن حالهم. ظللنا من دون كهرباء أو مياه طوال نهار الجمعة والسبت والأحد".

وتكمل "كانت ثلاثة أيام طويلة جداً. أسوأ ما في الأمر كان انقطاع الأنباء بسبب انقطاع الإنترنت"، لافتة إلى أنه "بردت الشقة بعد أيام عدة من دون تدفئة وأصبحت باردة للغاية فقررنا التوجه إلى مدينة أخرى في وقت مبكر من صباح الإثنين".

لكن ما حصل أنها ألغت رحلتها حين عاد التيار الكهربائي فجأة واستأنفت العمل يوم الإثنين كما لو أن شيئاً لم يكن.

وهي تبقي أجهزتها موصولة بالشاحن كل الوقت تقريباً لاستغلال وجود الكهرباء إلى أقصى درجة. خلال فترات انقطاع التيار، يدوم شحن حاسوبها حتى خمس ساعات لكن إن طال التقنين أكثر، تفتش المنطقة المحيطة بها بحثاً عن مكان لتشحنه.

مديرة الموارد البشرية، نتالي زاليفسكايا، من كييف، أصبحت تعمل بعد منتصف الليل وهو الوقت المرجح بشكل أكبر أن تكون فيه الكهرباء متوفرة.

وتقول "أثناء الهجوم الأخير، استهدفت الصواريخ محطة لتوليد للطاقة الحرارية. كنت في مكان عام في ذلك الوقت، أستخدم شبكة انترنت واي-فاي المجاني. فجأة، أطلق إنذار بقدوم غارة جوية وطلب من الحاضرين مغادرة المكان فوراً نحو الملاجئ التي تم إرشادهم إليها".

وتضيف "لم يكن بالشيء العظيم إلى أن سمعنا فجأة دوي انفجارات عدة قريبة جداً. اهتز كل ما في الحي وأخذ الناس يركضون باتجاه مترو الأنفاق".

 

وتتابع بالقول "طبعاً، محطة قطار الأنفاق مكان صعب جداً للاختباء. يحتشد فيها عدد كبير من الناس ويشعر الجميع بالذعر ويذرعون المكان جيئة وذهاباً".

وتكمل قائلة "بعد فترة قصيرة، انقطعت شبكة اتصال الهاتف الجوال والانترنت. أصبح لديك كل هؤلاء الأشخاص الذين يجلسون في محطة قطار الأنفاق من دون أي وسائل اتصال ولا انترنت ولا علم بما يجري في الخارج. تعتيم كلي".

يراقب مدير الإعلان الرقمي ألكسندر غريغوريف هاتفه باستمرار، ويترقب إنذارات الغارات الجوية، ويقول "تقطع في منزلي الكهرباء طوال اليوم بأوقات متفرقة".

يقول هؤلاء الموظفون إنهم يعزلون أنفسهم عاطفياً عن الخطر المحدق بحياتهم. وتشرح أناستازيا ذلك بقولها "تعتاد الأمر. لو تأثرت كل مرة، وتعاملت بجدية مع الأحداث، ستفقد صوابك. تحاول أن تضع عواطفك جانباً وأن تتصرف بمنطقية".

وتضيف "ليس لدي كثير لأفعله في دنيبرو لأن معظم أصدقائي غادروا المنطقة. لذلك، عندما تقع هذه الهجمات، يصبح العمل مهرباً بالنسبة إلي. أدخل غرفة العمل التي لا نوافذ فيها وأحاول أن أفكر بالعمل، لأنني لو فكرت بما يحدث، يخطر لي بأنني قد أموت وهذا قد يصيبني بالجنون".

بفضل سعة الحيلة التي أظهرها الأوكرانيون مرة تلو الأخرى، وجد ألكسندر غريغوريف فائدة من قطع الكهرباء: إذ أخذ يطالع الكتب من جديد.

أما المصمم فيتالي دوفجينكو، فيقول إن التركيز على العمل صعب وسط التهديد المستمر.

ويضيف "أشعر بالضيق كل الوقت ولا يتبدد هذا الشعور. أعيش بحال من التوتر الدائم بسبب الأخبار السيئة المتواصلة - هجمات صاروخية على المدن، وإنذارات بغارات جوية، وأخي الموجود على الجبهة، ووالدي الذي يعيش في منطقة محتلة".

ويتابع قائلاً "تساعدني الرياضة والموسيقى بعض الشيء لكنني أعلم بأن السلام لن يحل قبل أن يغادر الروس أوكرانيا".

© The Independent

المزيد من دوليات