Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمات العالم تزيد الحاجة لضريبة الـ"5 في المئة" على الأثرياء

بينما تتزايد ثروات أصحاب المليارات 2.7 مليار دولار يومياً تتآكل أجور 1.7 مليار عامل بسبب التضخم

الأثرياء أصبحوا أكثر ثراء بشكل مبالغ فيه وأرباح الشركات بلغت مستويات قياسية  (رويترز)

خلال الحفل السنوي للأزياء "ميت غالا" لعام 2021 ارتدت عضوة الكونغرس الأميركي من الحزب الديمقراطي ألكساندرا أوكاسيو كورتيز فستاناً يحمل عبارة "افرضوا الضرائب على الأغنياء"، لتسليط الضوء على اللامساواة وعدم التوازن في شأن الضرائب التي يدفعها الأثرياء ومحدودو الدخل على حد سواء.

وبينما يعيش العالم أزمات عدة يواجه عشرات ملايين الناس الجوع ويقاوم مئات آخرون ارتفاعاً باهظاً في أسعار السلع الأساس والطاقة، نتيجة للحرب الروسية في أوكرانيا التي لا نهاية لها تلوح في الأفق، ناهيك عن تحدي تغير المناخ وعواقبه من ظواهر تتمثل في الجفاف والأعاصير والفيضانات التي تجبر الناس على النزوح، ولا يزال الملايين يعانون تأثير جائحة "كوفيد-19" التي قتلت بالفعل أكثر من 20 مليون شخص، وتلك العوامل دفعت بزيادة معدل الفقر للمرة الأولى منذ 25 عاماً، فيما يبدو أن ثمة مستفيدين من الكوارث. 

وتحت عنوان "البقاء للأغنى" نشرت منظمة "أوكسفام" البريطانية الدولية المعنية بمحاربة الفقر تقريراً حديثاً يفيد بأن "الأثرياء أصبحوا أكثر ثراء بشكل مبالغ فيه، وبلغت أرباح الشركات مستويات قياسية خلال العامين الماضيين مما أدى إلى انفجار اللامساواة".

ووفقاً للتقرير فإن "الأشخاص الأغنى في العالم الذين يمثلون واحداً في المئة من البشر استحوذوا على ما يقرب من ثلثي الثروات الجديدة المتراكمة، أي حوالى ضعف الأموال التي يمتلكها أفقر 99 في المئة من سكان العالم".

التضخم يقلص أجور 1.7 مليار عامل

وبحسب منظمة "أوكسفام البريطانية" فإنه "بينما تتزايد ثروات أصحاب المليارات بمقدار 2.7 مليار دولار يومياً تتآكل أجور ما لا يقل عن 1.7 مليار عامل بسبب التضخم، إذ زادت شركات الغذاء والطاقة أرباحها بأكثر من الضعف خلال عام 2022، ودفعت 257 مليار دولار للمساهمين الأثرياء، في حين يبيت أكثر من 800 مليون شخص جائعين".

ودعت المنظمة في تقريرها الذي تم الكشف عنه خلال "المنتدى الاقتصادي العالمي" في دافوس إلى "فرض ضريبة خمسة في المئة على أولئك الأثرياء، مما قد يدر نحو 1.7 تريليون دولار سنوياً، وهو ما يكفي لانتشال ملياري شخص من براثن الفقر وتمويل خطة عالمية للقضاء على الجوع".

وفي السياق أعلن البنك الدولي عام 2022 أن "المؤسسات الدولية ستفشل في تحقيق هدف القضاء على الفقر المدقع بحلول عام 2030، وأن التقدم العالمي في الحد من الفقر المدقع قد توقف"، في خضم ما يرجح أن يكون أشد تفاقم في اللامساواة العالمية وأكبر انتكاسة في معالجة الفقر العالمي منذ الحرب العالمية الثانية.

ويتوقع صندوق النقد الدولي أن "يكون ثلث الاقتصاد العالمي في حال ركود عام 2023، وللمرة الأولى وجد برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن التنمية البشرية تتراجع في تسعة من أصل 10 بلدان".

 

كيف استفاد الأثرياء من الجائحة؟

وخلال الآونة الأخيرة تزايدت الدعوات إلى فرض مزيد من الضرائب على أثرياء العالم وسط البيانات الدولية التي تظهر عدم المساواة، بل أيضاً ظلم أصحاب الدخول المتوسطة والمحدودة الذين يتكبدون نصيباً أكبر من الضرائب.

وطالبت العام الماضي مجموعة تضم أكثر من 100 مليونير من تسع دول مع منظمات دولية بفرض ضريبة ثروة على أثرياء العالم، وقال الموقّعون على الرسالة، "بصفتنا مليونيرات نعلم أن النظام الضريبي الحالي غير عادل، ويمكن لمعظمنا أن يقول إنه بينما مر العالم بقدر هائل من المعاناة خلال العامين الماضيين فقد رأينا بالفعل ثروتنا تزداد أثناء الوباء، ومع ذلك يمكن لقلة منا، إن وجدت، أن تقول بصدق إننا ندفع حصة عادلة من الضرائب".

وحقق أصحاب المليارات مكاسب ضخمة خلال الجائحة، فبحسب تقرير أوكسفام أدى طوفان الأموال العامة التي ضختها البلدان الغنية في الاقتصاد والتي كانت ضرورية لدعم مواطنيها، إلى ارتفاع أسعار الأصول والثروة في القمة، ويعني ذلك أنه في غياب الضرائب التصاعدية استحوذ أصحاب الثراء الفاحش على ثروات غير مسبوقة.

وتكشف البيانات التي رصدها تقرير "أوكسفام" أن "العديد من أغنى الرجال في العالم يفلتون من دفع أي ضرائب تقريباً، وعلى سبيل المثال ثبت أن إيلون ماسك، وهو أحد أغنى الرجال في التاريخ، يدفع معدلاً فعلياً للضريبة بنسبة 3.2 في المئة، فيما يدفع أحد أغنى المليارديرات وهو جيف بيزو مؤسس "أمازون" أقل من واحد في المئة.

وفي المقابل تدفع آبر كريستين وهي إحدى البائعات في السوق الذين تعمل معهن منظمة "أوكسفام" في أوغندا، 40 في المئة من أرباحها كضرائب، إذ يتجلى الفشل في فرض ضرائب على الثروة بشكل أكثر وضوحاً في البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل، وتبلغ اللامساواة أعلى مستوياتها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ودعت "أوكسفام" إلى "فرض ضرائب بقيمة خمسة في المئة على أصحاب المليارات"، فجنباً إلى جنب مع معهد الدراسات السياسي ومنظمة أصحاب الملايين الوطنيين وتحالف محاربة اللامساواة، استخدمت المنظمة بيانات من "ويلس إكس" و"فوربس" توضح أن فرض ضريبة على الثروة بنسبة اثنين في المئة على أصحاب الملايين في العالم، وثلاثة في المئة على أولئك الذين تزيد ثرواتهم على 50 مليون دولار، وخمسة في المئة على أصحاب المليارات، ستسمح بجمع 1.7 تريليون دولار سنوياً، وسيكون ذلك كافياً لانتشال ملياري شخص من براثن الفقر".

وإضافة إلى ذلك يمكن لهذه الضرائب أن تسد فجوة تمويل النداءات الإنسانية الطارئة للأمم المتحدة وأن تمول خطة عالمية للقضاء على الجوع، وعلاوة على ذلك يمكن أن تساعد في تمويل الخسائر والأضرار التي تلحق بالبلدان المنخفضة الدخل والشريحة الأدنى من البلدان المتوسطة الدخل بسبب انهيار المناخ، وأن توفر الرعاية الصحية الشاملة والحماية الاجتماعية لجميع مواطني البلدان المنخفضة الدخل والشريحة الأدنى من البلدان المتوسطة الدخل (قرابة 3.6 مليار شخص).

صعوبة التطبيق

فرض ضرائب أعلى على الأثرياء ليس الحل الوحيد لأزمة اللامساواة بل يشكل جزءاً أساساً من هذا الحل، لكن هل تطبيق هذا الحل سهل؟

يذهب مراقبون إلى أن الفكرة وراء الضرائب التصاعدية بسيطة وجميلة تتمثل في "دع محرك الرأسمالية يدور ثم اجعل الفائزين يعوضون الخاسرين"، فيما يؤيد الاقتصاديون الفكرة ويشيرون إلى أن "الأثرياء استفادوا بشكل غير متناسب من النمو الاقتصادي خلال العقود العديدة الماضية، وأن الأشياء التي تنفق عليها هذه الإيرادات الضريبية من رعاية الأطفال إلى الطاقة النظيفة يمكن أن تفيد الاقتصاد، ومع ذلك فإن تاريخ فرض الضرائب على الأغنياء يظهر صعوبة تطبيق الأمر حتى عندما تكون هناك حجة اقتصادية وأخلاقية مقنعة للقيام بذلك".

وتشير أستاذة علم الاجتماع وزميلة معهد أبحاث السياسات بجامعة نورث وسترن في الولايات المتحدة مونيكا براساد إلى "زيادة الضرائب على الأثرياء بشكل كبير خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، ومع ذلك فإن التنافس السياسي الداخلي يجعل قضية الضرائب موضوعاً انتخابياً أو أداة للتلاعب السياسي أحياناً، مما يحول دون توحيد الجهود في هذا العمل".

ويشير آخرون إلى أن "فرض أنواع مثل ضريبة الثروة قد يصعب تنفيذه، لأن أولئك الأثرياء لديهم طرقهم في الالتفاف على القوانين، كما أن الأمر ربما يكون غير دستوري".

وخلال السنوات الـ 10 الماضية ضاعف أصحاب المليارات ثرواتهم محققين ما يقرب من ستة أضعاف الزيادة في الثروة التي شهدها أفقر 50 في المئة من البشر، ففي مقابل كل 100 دولار من الثروة التي تراكمت خلال السنوات الـ 10 الماضية ذهب 54.40 دولار إلى أغنى واحد في المئة، و0.70 دولار إلى أفقر 50 في المئة من البشر، ومنذ عام 2020 ففي مقابل كل 100 دولار من الثروة الجديدة التي أنتجها الاقتصاد العالمي بين ديسمبر (كانون الأول) 2019 وديسمبر 2021 ذهب 63 دولاراً إلى أغنى واحد في المئة من البشر، فيما لم يكسب أفقر 90 في المئة سوى 10 دولارات.

ووفقاً للبنك الدولي فخلال أسوأ فترات الجائحة كانت خسائر الدخل لأفقر 40 في المئة من البشرية ضعف خسائر أغنى 20 في المئة من البشر، وارتفعت اللامساواة بالدخل العالمي للمرة الأولى منذ عقود.

اقرأ المزيد