Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لا يزال "بريكست" يحكم "وستمنستر" بعد خروج بريطانيا من أوروبا

العلاقات بين الطرفين لم تستقم تماماً على رغم الاتفاق وبروتوكولاته الملحقة

أصبحت المملكة المتحدة خارج الاتحاد الأوروبي رسمياً بنهاية شهر ديسمبر (رويترز)

اتهم رئيس الوزراء البريطاني السابق بوريس جونسون حزب العمال المعارض بأنه سيعيد "بريطانيا لفلك الاتحاد الأوروبي ثانية إذا فاز بالانتخابات وشكّل الحكومة المقبلة".

وبحسب ما ذكرت صحيفة "الصن" فقد قال جونسون في حوار مع وزيرة الثقافة والإعلام السابقة نادين دوريس، "أعتقد أنه سيكون لدينا وضع مثير، فسيدخلون حكومة العمال بالجاذبية في مدار الاتحاد الأوروبي، وأعتقد أن ذلك سيكون توجهاً خاطئاً لبلادنا، إذ سيؤدي إلى خسارة كثير من الفرص التي أتيحت لنا"، وذلك على رغم كل المقالات والتعليقات والتحليلات، وبعضها من أعضاء في حزب المحافظين الحاكم الذي ينتمي إليه جونسون والتي بدأت تشكك في تلك الفرص التي أتاحها خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (بريكست) قبل عامين، بخاصة أن بريطانيا طوال العامين الأخيرين وحتى من قبل الحرب في أوكرانيا تعاني أزمات اقتصادية يشعر بها المواطن العادي.

وفضلاً عن المؤشرات الاقتصادية التي تظهر بين الحين والآخر كيف أن اقتصاد بريطانيا أسوأ من اقتصادات دول أوروبا، يقارن المواطنون بين كلفة المعيشة في بلادهم ومثيلتها الأفضل في دول الاتحاد الأوروبي، وليس هذا وحسب، بل إن زعيم حزب العمال السير كير ستارمر أصبح يزايد على فريق "بريكست" في حزب المحافظين بإعلانه الالتزام التام بعدم عودة بريطانيا للسوق الأوروبية المشتركة أو الاتحاد الجمركي، وهو موقف يعني تراجعاً بـ 180 درجة عن مواقفه السابقة، إذ كان بين فريق الرافضين لـ "بريكست" خلال استفتاء عام 2016، كما أنه كان من المطالبين باستفتاء ثان على الخروج بعد ذلك.

اتفاق "بريكست"

وبنهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 2020 أصبحت المملكة المتحدة خارج الاتحاد الأوروبي رسمياً، وبدأت على الفور مفاوضات الاتفاق الشامل الذي سيحكم العلاقة بين بروكسل ولندن بعد نحو نصف قرن من عضوية بريطانيا في الاتحاد.

ومرت المفاوضات بمراحل صعبة حتى كادت تنهار وتخرج بريطانيا من دون اتفاق، لكن في اللحظات الأخيرة من ذلك العام تم التوصل إلى الاتفاق مع عدد من البروتوكولات الملحقة به.

وفي منتصف ليل الـ 31 من يناير (كانون الثاني) عام 2021 أنجز الخروج رسمياً ونهائياً، ليبدأ العمل باتفاق "بريكست" بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي أشهراً عدة قبل أن يصبح سارياً تماماً وبالكامل نهاية مايو (أيار) 2021.

لكن الخلافات حول الاتفاق وملحقاته لم تنته، وكلما واجهت بريطانيا صعوبات اقتصادية نتيجة الخروج كانت حكومة حزب المحافظين بقيادة بوريس جونسون تلقي باللائمة على الأوروبيين، بينما معارضو جونسون يتهمونه بأنه كان يريد "بريكست" بأي شكل، ووقّع على اتفاق ليس جيداً لبريطانيا فقط كي يعزز شرعيته باعتباره أنجز "بريكست".

وفي ظل ما تتحدث عنه الصحافة من محاولات جونسون العودة للصفوف الأولى في حزبه قبل الانتخابات العامة العام المقبل، ربما يسعى إلى استعادة قدر من شرعيته وشعبيته التي فقدها بعد سلسلة فضائح وانتهاكات هزت أركان حكمه واضطرته إلى الاستقالة الصيف الماضي، بخاصة أن حكومتين بعده أولاهما برئاسة ليز تراس لم تعمر أكثر من بضع أسابيع، وحالياً تواجه حكومة ريشي سوناك مشكلات عدة أيضاً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا تقتصر محاولات إعادة "بريكست" لواجهة السياسة البريطانية وهيمنتها على مقار الحكومة والبرلمان في حي وستمنستر بقلب العاصمة لندن على فريق "بريكست" في حزب المحافظين وعلى رأسه جونسون، بل إن حزب المعارضة الرئيس يكاد يشهد انشقاقاً بسبب الموقف ذاته بعد عامين على إنجازه، فعمدة لندن العمالي صادق خان الذي يطالب بعودة بريطانيا للسوق الأوروبية المشتركة ينتقد رئيس حزبه السير كير ستارمر لتغيير موقفه من "بريكست" وإعلانه قبل أيام ألا حديث عن العودة لأوروبا وإنما العمل على تحسين الاتفاق.

وهناك تيار في حزب العمال من أنصار البقاء ضمن أوروبا لا يقبل بتوجه زعيم الحزب الذي يتهمه بعضهم بالانتهازية لأنه غيّر موقفه كي يكسب أصوات أنصار "بريكست" الذين يصوتون لحزب المحافظين، وأن ذلك التكتيك الانتخابي يتعارض مع مبادئ حزب العمال.

إعادة التفاوض

وفي مقابلة مع إذاعة "إل بي سي" دافع ستارمر عن موقفه نافياً الانتهازية السياسية، وقال لمحاوره "لقد غادرنا الاتحاد الأوروبي ولا مجال للعودة إليه، لكن ذلك لا يعني أن الصفقة التي خرجنا بموجبها هي صفقة جيدة بل هي سيئة وتمت على عجل من دون أن تكون جاهزة، إنه اتفاق سيئ تماماً ونحتاج إلى تحسينه وأن تكون لنا علاقات تجارية جيدة مع الاتحاد الأوروبي".

وبرأي زعيم حزب العمال فإن الأوروبيين سيكونون أكثر استعداداً لإعادة التفاوض على بنود اتفاق مع حكومة عمالية في بريطانيا أكثر من استعدادهم للتعامل مع حكومة محافظين، لكن المذيع جيمس أوبراين واجه ستارمر بالانتقادات لتغييره موقفه وأشار إلى انتقادات رئيسة وزراء إقليم سكوتلندا نيكولا ستارجون لستارمر لأنه لا يريد الدفع باتجاه عودة الانضمام لأوروبا. ومعروف أن الاسكوتلنديين صوتوا بأغلبية خلال استفتاء عام 2016 ضد "بريكست"، وكانت ستارجون وصفت السير ستارمر بأنه "بلا مبادئ" ووصفت حزب العمال بأنه مجرد "تقليد باهت لحزب المحافظين".

ورد زعيم المعارضة بأن إعادة التفاوض على بنود اتفاق "بريكست" هي الأفضل لمصلحة بريطانيا، لكن إعادة التفاوض ليست مقترحاً عمالياً فقط بل سبق وسربت مصادر في حكومة ريشي سوناك نهاية العام الماضي لوسائل الإعلام احتمال درس إعادة التفاوض مع الاتحاد الأوروبي على شكل من أشكال عودة بريطانيا للسوق المشتركة والاتحاد الجمركي.

وذُكر في ذلك الوقت ما يعرف بـ "النموذج السويسري" كشكل مقترح للعلاقات بين لندن وبروكسل، ورجح كثيرون أن وزير الخزانة جيريمي هنت، وهو من قيادات المحافظين الذين صوتوا ضد "بريكست"، هو صاحب الاقتراح الذي سارعت الحكومة إلى نفيه.

ومع ذلك فهناك حاجة يدركها الأوروبيون والبريطانيون تماماً إلى ضرورة إعادة التفاوض في شأن بعض بنود اتفاق "بريكست"، بخاصة ما يتعلق منها بالقيود التجارية وبعض قواعد تدفق رأس المال والاستثمار، إنما الأكثر إلحاحاً طبعاً هو ضرورة التفاوض في شأن بروتوكول إيرلندا الشمالية الذي طرح حلاً موقتاً لعلاقة بقية بريطانيا بالإقليم، تفادياً لخلق حاجز جمركي فعلي بين إيرلندا الشمالية وجمهورية إيرلندا العضو في الاتحاد الأوروبي.

اقرأ المزيد