Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بودرة سيراميك وأسمنت... "حوار النسكافيه" يعكر مزاج المصريين

ضبط مصنعين يقلدان علامات تجارية ويصنعان منتجات "مجهولة المصدر" ونواب يطالبون بتشديد الرقابة

السلطات المصرية ضبطت عبوات مقلدة من نسكافيه (مواقع التواصل)

فجر مقطع فيديو تداوله رواد مواقع التواصل الاجتماعي في مصر، كشف ضبط مصنعين غير مرخصين يقلدان العلامة التجارية لمنتجات الشاي والنسكافيه والبيكنغ بودر، فضلاً عن استخدام مواد مجهولة المصدر في عملية التصنيع، الجدل بشأن "غش المنتجات" في وقت تعاني فيه البلاد من أزمة اقتصادية طاحنة، وغلاء غير مسبوق في المعيشة وسط انخفاض كبير في سعر صرف العملة المحلية وتزايد نسب التضخم.

وأظهر مقطع الفيديو، الذي انتشر بشكل واسع بين المغردين على مواقع التواصل الاجتماعي خلال اليومين الماضيين، واستدعى لاحقاً تدخلاً من البرلمان، وصاحبته انتقادات واسعة بشأن رقابة الحكومة على الأسواق، وجود الملايين من عبوات الشاي ومشروب قهوة شهير في مصنع غير مرخص في محافظة الغربية (بدلتا مصر) يتم إنتاجها من "بودرة بلاط السيراميك" و"الأسمنت الأبيض" المستخدم في عمليات البناء"، وفق ما رجحه البعض.

انتقادات وتحقيقات

على وقع الانتقادات والسخرية وارتفاع نبرة الفزع بين المصريين بشأن انتشار المنتجات "المغشوشة" في الأسواق، وتفاعل رواد منصات التواصل عبر هاشتاغ "حوار النسكافيه" مع الفيديو الذي حقق ملايين المشاهدات، كشف عبد المنعم خليل رئيس قطاع التجارة الداخلية بوزارة التموين المصرية، تفاصيل ضبط المصنعين المخالفين، مشيراً إلى إحالة القائمين عليهما للنيابة العامة، والتحفظ على كميات ضخمة من المنتجات المقلدة التي كانت ستطرح في الأسواق.

وأوضح خليل، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، أنه ضبطت ثلاثة أطنان مستلزمات إنتاج، و1900 عبوة شاي منتهية الصلاحية، إضافة إلى عبوات سلع مقلدة من نسكافيه وشاي، و12 ماكينة تعبئة وماكينتا تغليف ومصادرتها، وقبض على صاحب المصنع.

وأضاف أن العقوبة التي ستوقع على المسؤولين عن المصنع قد تصل إلى غرامة مليوني جنيه (نحو 66.5 ألف دولار أميركي) لتقليد العلامات التجارية، والحبس من ثلاث إلى سبع سنوات ومصادرة البضائع المغشوشة.

وبشأن تفاصيل القضية، قال خليل إن شكوى وردت من شركة كبرى متخصصة في إنتاج الشاي بوجود مصنع في إحدى محافظات الدلتا يقلد علامتها التجارية، وتبين من خلال حملة ضمت مفتشي ومباحث التموين صحة الشكوى وضبط مصنع في محافظة الغربية يقوم بتقليد وغش العلامة التجارية لمنتجات الشاي والنسكافيه والبيكنغ بودر.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأشار المسؤول إلى أن المواد الخام التي ضبطت في المصنعين يجري حالياً تحليلها، وبعد الانتهاء من ذلك ستتضح صلاحيتها ومدى قابليتها للاستخدام الآدمي ومطابقتها للمواصفات القياسية، لافتاً إلى أنه لا أحد يستطيع الجزم بصحة ما إذا كانت تلك المواد الخام من بودرة البلاط أو غيرها إلا من خلال التحاليل التي تجرى حالياً.

وذكر خليل أن صاحب مصنع "النسكافيه المغشوش" نال عقابه بتشميع المكان وإغلاقه ومصادرة ماكينات تصنيع المنتج غالية الثمن، لافتاً إلى أنه سيحاكم على أربع مخالفات ارتكبها، منها مخالفة تستوجب الحبس، مشدداً على أن "إجراءات ترخيص المنشآت أصبحت سهلة للغاية حالياً، عبر شباك واحد، سواء في المحليات أو الاستثمار، وخلال 60 يوماً يحصل صاحب المنشأة على الترخيص، وهناك حوافز في هذا الصدد"، على حد وصفه.

وهذه ليست المرة الأولى التي تضبط فيها كميات كبيرة من المنتجات المغشوشة في الأسواق المصرية، لكن الظاهرة انتشرت خلال الآونة الأخيرة مع الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد، حيث فقد الجنيه المصري نحو نصف قيمته منذ مارس (آذار) الماضي.

ووفق الأرقام الرسمية الصادرة عن البنك المركزي المصري، ارتفعت نسب التضخم لتصل إلى أكثر من 24 في المئة، وزادت أسعار السلع الغذائية بنسبة 37.9 في المئة، في دولة تستورد أغلب احتياجاتها من الخارج.

البرلمان يتدخل

في الأثناء، كان لافتاً تدخل أكثر من نائب برلماني على خط الأزمة، مقدمين طلبات إحاطة برلمانية للحكومة، بشأن مواجهة ظاهرة الغش بالسلع والمواد الغذائية وحملات الرقابة على الأسواق.

فمن جانبه، طالب النائب محمود قاسم الحكومة بتكثيف الحملات الرقابية على مختلف الشركات والمصانع التي تقوم بإنتاج وتصنيع مختلف السلع الغذائية، خصوصاً بعد حالة الهلع التي أصابت عديداً من المواطنين بعد انتشار "النسكافيه المغشوش"، الذي ظهر في فيديوهات لحملات تموينية ضبطت أحد مصانع "بير السلم" تنتج "نسكافيه مغشوشاً، وتساءل عن كيفية وجود مصنع كبير ينتج القهوة من الجبس وفي مدينة كبيرة بمحافظة الغربية من دون رقابة.

ووفق قاسم، فإن مقاطع الفيديو المنتشرة حول منتج القهوة المغشوشة يظهر قيام تلك المصانع بتصنيعها "بصورة غير آدمية" ووضعها في أكياس تابعة لإحدى الشركات المتخصصة، الأمر الذي أصاب المواطنين بالذهول، داعياً إلى تشديد العقوبات على أصحاب تلك المصانع التي تستهدف جني أرباح مالية كبيرة على حساب صحة المواطنين، وإدراج تلك المنتجات المغشوشة ضمن جرائم الغش والتدليس في البضائع والسلع التجارية، التي يعاقب عليها القانون بالحبس والغرامة وتطبيق العقوبات التي جاءت في قانون حماية المستهلك لمواجهة مثل هذه الجرائم.

 

النائب شحاتة أبو زيد عضو لجنة الصناعة بمجلس النواب تقدم بطلب إحاطة آخر، داعياً الحكومة إلى اتخاذ إجراءات عقابية تمنع انتشار الأغذية المغشوشة والمضروبة، وإغلاق المصانع التي تعمل من دون ترخيص وتستخدم مواد غير مطابقة للمواصفات، مما يعرض صحة المواطنين للخطر، كما يؤثر سلباً في الصناعة.

وتساءل أبو زيد عن أسباب انتشار الأغذية المغشوشة والمضروبة "كيف تترك الحكومة هذه المصانع التي تعمل من دون ترخيص وتستخدم مواد غير مطابقة للمواصفات تعرض صحة المواطنين للخطر؟"، وفق ما نقلته وسائل إعلام محلية.

كذلك طالب النائب طه الناظر بضرورة مواجهة مصانع "بير السلم"، بعد تزايدها بشكل لافت خلال الفترة الأخيرة، وقال إن واقعة ضبط مصنع يقوم بإنتاج نسكافيه وشاي مغشوش جعلت الأمر يزداد خطورة، لما تشكله من تهديد صريح لحياة المواطن، وقال إن "تلك الواقعة لم تكن الأولى، ولن تكون الأخيرة في ظل عدم وجود خطة ممنهجة لمواجهة مصانع بير السلم القائمة على أساس غير قانوني".

عقوبة تقليد العلامات التجارية

يجرم القانون المصري منذ أربعينيات القرن الماضي التدليس والغش في جميع السلع، بما في ذلك أغذية الإنسان والحيوان والعقاقير والنباتات الطبية والأدوية والحاصلات الزراعية والمنتجات الطبيعية والصناعية.

وينص القانون رقم 48 لسنة 1941 المعدل بالقانون رقم 281 لسنة 1994 على القواعد الخاصة بجريمة الغش التجاري والعقوبات المترتبة على ذلك بالقانون "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وبغرامة لا تقل عن خمسة آلاف جنيه (نحو 166 دولاراً) ولا تتجاوز عشرين ألف جنيه (نحو 665 دولاراً) أو ما يعادل قيمة السلعة موضوع الجريمة أيهما أكبر أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خدع أو شرع في أن يخدع المتعاقد معه بأية طريقة من الطرق".

كذلك أقر قانون حماية حقوق الملكية الفكرية في البلاد غرامات مالية على كل من قلد بهدف التداول التجاري موضوع اختراع أو نموذج منفعة منحت براءة عنه، وكل من باع أو عرض للبيع أو للتداول أو استورد أو حاز بقصد الاتجار منتجات مقلدة مع علمه بذلك، وكل من وضع بغير حق على المنتجات أو الإعلانات أو العلامات التجارية أو أدوات التعبئة أو غير ذلك، بيانات تؤدي إلى الاعتقاد بحصوله على براءة اختراع أو براءة نموذج منفعة.

كما نص على أنه في حال العودة تكون العقوبة الحبس مدة لا تزيد على سنتين والغرامة لا تقل عن 40 ألف جنيه (نحو 1330 دولاراً أميركياً) ولا تتجاوز مائتي ألف جنيه (نحو 6660 دولاراً أميركياً).

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير