Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل تستمر البنوك في تشديد السياسة النقدية وسط المؤشرات الجديدة؟

بعضها توقف عن رفع سعر الفائدة وآخر يوشك على إعادة النظر مع تفاؤل بتراجع التضخم

يرى كثير من الاقتصاديين أن توجه البنوك المركزية في شأن سياسة التشديد النقدي سيتضح بحلول شهر أبريل 2023 (ا ف ب)

تتطلع الأنظار حول العالم إلى اجتماعات ثلاثة من أكبر البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة هذا الأسبوع لمعرفة توجهها في شأن استمرار سياسة التشديد النقدي واحتمالات وصولها إلى ذروتها، بخاصة بعدما أظهرت المؤشرات الاقتصادية في معظم الاقتصادات الرئيسة حول العالم بدء انحسار موجة ارتفاع معدلات التضخم واحتمال أن تؤدي مواصلة رفع أسعار الفائدة إلى كبح فرص النمو الاقتصادي.

وتلقت الأسواق إشارة أولى من البنك المركزي الكندي الذي رفع سعر الفائدة للمرة الثامنة على التوالي بمقدار ربع نقطة مئوية فقط لتصل إلى 4.5 في المئة، لكنه أعلن أنه سيتوقف عن زيادة الفائدة مجدداً حتي يقيّم الوضع الاقتصادي في ضوء مؤشرات معدلات التضخم والنمو الاقتصادي. 

وكذلك فعلت البنوك المركزية في جنوب أفريقيا وكولومبيا بقرار رفع سعر الفائدة بنسبة بسيطة في ظل مخاوف من الإضرار بفرص النمو في الاقتصاد.

أما البنوك المركزية في المجر وتشيلي فتركت أسعار الفائدة من دون تغيير أو زيادة، وكذلك فعلت البنوك المركزية في سيريلانكا وباراغواي، بينما استمرت البنوك المركزية في باكستان ونيجيريا وتايلاند في سياسة التشديد النقدي ورفع سعر الفائدة.

ومع بيانات تدل على أن منحنى الارتفاع في معدلات التضخم وصل إلى ذروته وبدأ يتراجع في بعض الاقتصادات الرئيسة، بخاصة أكبر اقتصاد في العالم بالولايات المتحدة، فقد يشجع ذلك البنوك المركزية على بدء مراجعة سياسة التشديد النقدي تفادياً للضغط على فرص النمو الاقتصادي بما يدفع نحو احتمالات الركود.

 

نهاية الدورة


ومع البيانات الأميركية الأسبوع الماضي التي أظهرت تراجعاً طفيفاً في ارتفاع معدلات التضخم وحجم الإنفاق الاستهلاكي، يرى كثير من المحللين أن الاحتياط الفيدرالي (البنك المركزي الأميركي) ربما لا يرفع سعر الفائدة خلال اجتماعه هذه الأسبوع بأكثر من ربع نقطة مئوية (0.25 في المئة) بدلاً من نصف نقطة (0.5 في المئة) كانت متوقعة من قبل.

وبما أن معظم البنوك المركزية حول العالم تقتفي أثر تحركات الاحتياط الفيدرالي، فقد يشير ذلك إلى أن دورة التشديد النقدي الحالي تقترب من نهايتها، على رغم أن الأسواق تتوقع أن يرفع الاحتياط الفيدرالي سعر الفائدة ثلاث مرات هذا العام، لكن ذلك سيكون بنسب طفيفة وبزيادة اجمالية بنسبة 0.75 في المئة، لتصل الفائدة الأميركية إلى قمتها عند خمسة في المئة.

وصحيح أن مؤشر أسعار المستهلكين لم ينخفض بالقدر الكبير وأن الاحتياط الفيدرالي يراقب سوق العمل في الاقتصاد الأميركي عن كثب، إلا أن التحسن في العمالة لا يعكس نمواً في الأجور، بمعنى عدم توفر خطر الارتفاع المزدوج للأسعار والأجور الذي يغذي التضخم، ثم إن أرقام الناتج المحلي الإجمالي الأميركي التي صدرت الأسبوع الماضي وأظهرت نمواً أفضل من المتوقع خلال الربع الأخير من العام الماضي يمكن أن تسوء في حال استمرار ضغط رفع الفائدة على الإنفاق الاستهلاكي.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ومع نهاية الأسبوع يعقد البنك المركزي الأوروبي وبنك انجلترا (المركزي البريطاني) اجتماعهما لتقرير سعر الفائدة، ومن المتوقع أن يرفعاها وإن بنسبة أقل من السابق، وكذلك تتوقع الأسواق التصرف ذاته من البنك المركزي في أستراليا.

وبالنسبة إلى أوروبا فيبدو أنها يمكن أن تتفادى الركود الاقتصادي هذا العام في ضوء أحدث البيانات من دول منطقة اليورو، فقد عاد اقتصاد القطاع الخاص في دول منطقة اليورو للنمو بداية هذا العام وبدأت معدلات التضخم في التراجع، كما أن فصل الشتاء في أوروبا لم يكن قارس البرودة كما كان يخشى من قبل، مما جعل أسعار الطاقة لا ترتفع بقوة مغذية الضغوط التضخمية، فضلاً عن التحسن في مشكلات سلاسل التوريد،

وبالتالي فحتى إذا رفع البنك المركزي الأوروبي أسعار الفائدة خلال اجتماعه نهاية الأسبوع فلن يكون ذلك بنسبة كبيرة، كما أنها قد تكون بداية لتخفيف سياسة التشديد النقدي فيما تبقى من هذا العام.

لكن المعضلة الأكبر ستواجه بنك انجلترا الذي سيكون في موقف حرج بين الحاجة لكبح جماح التضخم الأعلى في بريطانيا عن نظيراتها من الاقتصادات المتقدمة، وبين الخوف من تعميق الركود الاقتصادي.

إلا أن بنك انجلترا مضطر إلى أن يأخذ في الاعتبار أيضاً غرق الحكومة البريطانية تحت عبء زيادة مدفوعات خدمة الدين العام، وهو ما جعل العجز في الموازنة البريطانية يرتفع خلال شهر ديسمبر (كانون الأول) إلى 27.4 مليار جنيه استرليني (34 مليار دولار)، وهو مستوى قياسي ويصل إلى ثلاثة أضعاف ما كان عليه العجز قبل عام عند 10.7 مليار جنيه استرليني (13.3 مليار دولار).

ويرى كثير من الاقتصاديين والمحللين في الأسواق أن توجه البنوك المركزية في شأن سياسة التشديد النقدي سيتضح تماماً بحلول شهر أبريل (نيسان) المقبل، إذ سيصبح واضحاً للجميع إن كانت دورة التشديد النقدي الحالية انتهت أم لا.

اقرأ المزيد