نظراً لحشود النساء اللواتي يغادرن وظائفهن في مرحلة انقطاع الطمث، يمكن للمرء أن يتوقع بأن يكون التقرير الصادر عن "لجنة المرأة والمساواة" Women and Equalities Committee [في مجلس العموم البريطاني] قد لقي استحساناً مشجعاً وواسع النطاق من أعضاء الحكومة، على خلفية قيام نائبات من أمثال كارولين نوكس وكارولاين هاريس بالعمل القانوني اللازم. ولكن عوض ذلك، تبدو استجابة الحكومة التي جاءت متأخرة ثلاثة أشهر مشوشة كمراهق يشرح أسباب تأخره في إنجاز فرضه المدرسي.
يوصي التقرير بانتهاج أساليب تتوخى حماية وحفظ مخزون الأمة الذي يفرغ سريعاً من النساء العاملات في مرحلة انقطاع الحيض. ولكن خمس توصيات رئيسة من بين 12 توصية كان الرفض مصيرها القاطع، من بينها الاقتراح المنطقي جداً الذي يدعو إلى عقد مشاورات حول جعل مرحلة انقطاع الطمث خاصية محمية بموجب "قانون المساواة" الصادر في المملكة المتحدة عام 2010.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بصفتي رئيسة مجموعة "مينوبوز ماندايت" Menopause Mandate، لقد فوجئت بموقف الحكومة البريطانية المضاد الذي يخطئ فهم مرحلة انقطاع الطمث وأوجه تأثيرها في النساء العاملات.
في الوقت الحاضر، الوضع مزر. نشهد هجرة حقيقية للعقول من نساء لامعات وموهوبات في منتصف العمر يكتنزن ثروة من الخبرة والتجربة.
في العام الماضي، كشف "تقرير انقطاع الطمث ومكان العمل" الصادر عن الجمعية الخيرية البريطانية "فوسيت" Fawcett Society Menopause and Workplace Report أن واحدة من كل 10 نساء عملن خلال فترة انقطاع الحيض قد غادرت وظيفتها بسبب الأعراض. لذا، يبدو جلياً أن النساء بحاجة إلى دعم أكبر، وأن أرباب العمل يرغبون في استبقاء الموظفات، وأن الحاجة إلى إصلاح القانون ماسة جداً.
في الحقيقة، سيطرح انقطاع الطمث تأثيره في 50 في المئة من السكان. تمثل هذه المرحلة نقطة عبور في رحلة الخصوبة لدى كل امرأة، إذ تعود الهرمونات التي ارتفعت في سن البلوغ إلى مستواها المنخفض مجدداً، ما يسفر عن ظهور أكثر من 50 (كما يقال) عارضاً تمتد من الهبات الساخنة إلى القلق والاكتئاب. ستعاني معظم النساء عارضاً واحداً أقله وتكابد امرأة واحدة من كل أربع نساء أعراضاً شديدة الوطأة تترك وقعها السيئ على نوعية حياتهن. للأسف، لاقت مرحلة انقطاع الطمث الرفض والتجاهل وطالما عوملت كما أنها فعل مخجل. في الحقيقة، من المهين عدم الاعتراف بها كخاصية قائمة بحد ذاتها. يبدو كما لو أن النساء في سن اليأس واحتياجاتهن يواجهن الاستبعاد مجدداً.
ومع ذلك، ما زلنا نسمع أنه من المنظار القانوني الخاص بالصفات التي يحميها، يمكن إدراج مرحلة انقطاع الطمث في خانات العمر أو الجنس أو الإعاقة. بحسب رد الحكومة الرسمي، فإن هذه الخانات التي ينص عليها القانون "توفر الحماية ضد المعاملة غير العادلة للموظفات اللاتي يمررن بانقطاع الطمث". فبالنسبة للحكومة لا يمكن طرح أي دعم خاص لحقوق نصف السكان خلال مرحلة مفصلية من حياتهن (هي أصلاً مرحلة تمييز كبيرة)، ولا بد من أن تكون مظللة بخصائص أخرى، بدلاً من منحها حماية خاصة بها، والأمر فعلاً مثير للسخرية. ليس انقطاع الطمث إعاقة جسدية أو اعتلالاً في الصحة طويل الأمد، إنه في الحقيقة مرحلة انتقالية وحقيقة لا يمكن تجاهلها.
توافق الخبيرة في مجموعة "مينوبوز ماندايت" وشريكة التوظيف في شركة "غانركوك" Gunnercooke LLP للمحاماة إيما هاموند على أننا إزاء حكم غير ملائم: "الخاصيات المحمية الحالية في "قانون المساواة" تطلب من النساء ببساطة تأطير ظروفهن ضمن مطالبات متصلة بالتمييز بناء على العمر أو الجنس أو الإعاقة، وأبعد من أن تكون مرضية. ولا تغطي هذه الخصائص عدداً كافياً من السيناريوهات أو تحمي عدداً كافياً من النساء". وتشير هاموند إلى أن إقرار خاصية محمية جديدة من شأنه أن يعود بإيجابيات عدة، من بينها أنها تجعل الحال أكثر سهولة بالنسبة إلى أصحاب العمل.
كما أوضحت النائبة في البرلمان البريطاني ورئيسة "لجنة المرأة والمساواة" كارولين نوكس في رسالتها إلى وزيرة الصحة البريطانية ماريا كولفيلد، فإن الاستجابة في مجملها تمثل فرصة ضائعة لحماية أعداد كبيرة من النساء الموهوبات وذوات الخبرة من ترك القوى العاملة.
وكما أشرت في برنامج "بي بي سي" الصباحي "بريكفاست" في وقت سابق من اليوم، قبل أسبوعين فقط كانت وزارة الخزانة تتحدث عن سياسات ترمي إلى إعادة الناس إلى وظائفهم. ألن يكون من الجيد إبقاؤهم هناك في المقام الأول؟ مؤكداً أن الخطوة الأكثر وضوحاً التي لا بد من اتخاذها الاعتراف بانقطاع الطمث وأهميته المحتملة بالنسبة إلى كل امرأة. ولكن إذ ترفض الاقتراح الذي يدعو إلى جعله خاصية محمية في القانون، تخفق الحكومة في ذلك تحديداً.
كتاب "تفكيك شيفرة سن اليأس: فيما تجمعين شتات نفسك" Cracking the Menopause: While Keeping Yourself Together بقلم مارييلا فروستروب وأليس سميلي، في المكتبات الآن في نسخة ورقية (عن دار "بلوبيرد"، سعره 9.99 جنيهاً استرلينياً).
© The Independent