Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

السودانيون يتمسكون بالتقشف وسط أزمة اقتصادية حادة

تراجع حركة الشراء مع تداعيات الكساد ونحو 65 في المئة من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر

يعيش نحو 65 في المئة من السودانيين تحت خط الفقر (أ ف ب)

في بقالة صغيرة بالخرطوم ينشغل حسن عمر في نفض الغبار عن البضائع التي تتكدس منذ أشهر على الرفوف بسبب تراجع حركة الشراء في السودان وسط أزمة اقتصادية عميقة. ويقول عمر البالغ من العمر 43 سنة متحدثاً لوكالة الأنباء الفرنسية في بقالته "لم يعد لدى المواطن المال ليشتري، مما يجعلنا نعاني حالة كساد".

ضعف المبيعات

وتابع "القوة الشرائية تراجعت بشكل كبير خلال الأشهر الستة الماضية"، مشيراً إلى أن مبيعاته في السابق كانت تبلغ في اليوم الواحد نحو 500 ألف جنيه سوداني (877 دولاراً تقريباً)، لكنها انخفضت الآن إلى 200 ألف جنيه (نحو 350 دولاراً).

التدهور الاقتصادي

وتعكس محنة عمر تدهور الوضع الاقتصادي في السودان، مما أرغم عديداً من الأسر على التقشف في ظل أزمة غذاء وشيكة في البلد الذي يعاني نحو ثلث سكانه الـ45 مليوناً الجوع الحاد.

وبحسب الوكالة فإنه يعيش نحو 65 في المئة من السودانيين تحت خط الفقر، بحسب ما أفاد تقرير للأمم المتحدة صدر عام 2020.

وعانى السودان على مدار ثلاثة عقود من حكم الرئيس السابق عمر البشير أزمات اقتصادية متلاحقة ناتجة من سوء الإدارة من جهة وما شهدته البلاد من صراعات قبلية وتمرد مسلح من جهة أخرى، فضلاً عن العقوبات الدولية المفروضة عليه.

الظروف القاسية

ودفعت هذه الظروف القاسية السودانيين إلى الخروج في احتجاجات حاشدة ضد حكم البشير إلى أن أطاحه الجيش من السلطة في أبريل (نيسان) 2019، وتم الاتفاق على حكم انتقالي مشترك بين المدنيين والعسكريين وبدأت انفراجة اقتصادية تلوح في الأفق مع ورود تعهدات بتقديم مساعدات دولية ورفع بعض العقوبات عن البلد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي أكتوبر (تشرين الأول) 2021 تبددت الآمال وتفاقمت الأزمة الاقتصادية بعد انقلاب عسكري نفذه قائد الجيش عبدالفتاح البرهان أطاح فيه المدنيين من الحكم، مما أدى إلى تراجع المساعدات الدولية للبلاد فيما خرجت تظاهرات شبه يومية احتجاجاً على الحكم العسكري.

وقالت سعاد بشير الموظفة الأربعينية، وهي أم لأربعة أطفال، لوكالة الأنباء الفرنسية "مقارنة الدخل مع المصروف غير ممكن لذلك نحاول إيجاد بدائل (رخيصة) في الطعام".

وفي أحد شوارع شمال الخرطوم يشكو نور آدم بجانب عربته لبيع الخضراوات من الوضع موضحاً أنه تكبد خسائر فادحة خلال الأشهر التسعة الماضية.

وقال للوكالة "فسد كثير من المنتجات بسبب عدم الشراء. لا يمكن أن يستمر الأمر على هذا النحو، أو سأضطر إلى البحث عن وظيفة أخرى".

وعلى رغم ذلك تراجع معدل التضخم في السودان العام الماضي مسجلاً 87 في المئة في ديسمبر (كانون الأول) مقارنة مع 318 في المئة في الشهر نفسه من عام 2021.

وبرر أستاذ الاقتصاد بجامعة النيلين عبدالله الرمادي ذلك فأوضح أن "الاقتصاد في حالة ركود كامل"، مضيفاً أنه ليس هناك طلب، بالتالي فإن الأسعار لا ترتفع. ولم يعلن السودان بعد عن موازنة الدولة لعام 2023.

وأخيراً، نظم مئات من طلاب الجامعات احتجاجات ضد الزيادات الأخيرة في الرسوم التعليمية.

ويتساءل محمد حسين طالب السنة الأولى بكلية الهندسة كيف سيتمكن من دفع الرسوم المطلوبة منه، ويقول "طلب مني دفع 550 ألف جنيه (نحو ألف دولار)، ووالدي يعمل موظفاً براتب شهري"، مشيراً إلى أن الرسوم كانت مرتفعة.

ولم تقتصر الاحتجاجات على الطلاب، بل باشر مئات من أساتذة الجامعات إضراباً مفتوحاً منذ العاشر من الشهر الحالي اعتراضاً على تدني رواتبهم.

ويواجه الملايين في السودان صعوبات متزايدة في الحصول على خدمات التعليم التي تعطلت على مر العامين الماضيين نتيجة الاحتجاجات المناهضة للانقلاب العسكري.

وعلى غرار التعليم، ارتفعت رسوم عديد من الخدمات الحكومية الأخرى من إصدار جوازات السفر، وحتى رسوم الطرق.

أسعار المنتجات

وقال سائق الشاحنة تيجاني عمر "رسوم الطرق تضاعفت خمس مرات على الأقل مقارنة بالعام الماضي". وأضاف أن ذلك "سوف يرفع من كلفة النقل وينعكس في النهاية على أسعار المنتجات".

ويعلق البعض آمالاً على اتفاق وقع الشهر الماضي بين العسكريين والمدنيين شكل الشق الأول من عملية سياسية على مرحلتين، لإنهاء الاضطرابات التي تعم البلاد، بينما يشكك به كثيرون باعتباره يفتقر إلى تفاصيل وجداول زمنية.

ويأمل عبدالحليم حامد (53 سنة) الموظف بالقطاع الخاص والأب لأسرة من ستة أفراد في أن يساعد الاتفاق على استئناف برنامج دعم الأسرة.

وقال حامد أثناء تفاوضه مع بائع فاكهة في الخرطوم على الأسعار، "فقدت المساعدة القليلة التي كان يقدمها لي هذا البرنامج"، متابعاً، "إذا نجح الاتفاق الأخير في جلب الاستقرار السياسي يمكن للاقتصاد أن يبدأ في التحسن، لكن التحسن الكامل يحتاج إلى وقت".

وتؤكد سعاد بشير ذلك قائلة إن "اقتصاد البلاد لن يتحسن سريعاً. سيحتاج إلى سنوات".

اقرأ المزيد