Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ورقة "تصاريح الدخول" تضاعف معاناة العامل الفلسطيني

دخلت لعبة الصراع بين إسرائيل و"حماس" و"الشاباك" يتذرع بصلات قرابة لمطلوبين و350 مليون دولار أرباح السماسرة من حساب العمال

ضباط فلسطينيون يتحققون من وثائق عمال ينتظرون الوصول إلى إسرائيل (أ ف ب)

جاء قرار السلطات الإسرائيلية بسحب تصاريح العمل من 230 عاملاً فلسطينياً غزاوياً، بذريعة مساعدتهم حركة "حماس"، ليضاعف معاناة العامل الفلسطيني الذي يدخل إلى إسرائيل، ليس فقط من غزة إنما من الضفة أيضاً، حيث سيتحول إلى هدف لأجهزة الاستخبارات التي ستلاحقه "للحفاظ على أمن إسرائيل"، كما عقب مسؤول سياسي على هذا القرار.

وتزامن القرار مع الكشف عن معطيات جديدة حول التجارة الفلسطينية – الإسرائيلية المزدهرة بتصاريح الدخول إلى إسرائيل للعمال الفلسطينيين من غزة والضفة، حيث يتعاون سماسرة فلسطينيون مع مقاولي عمل من إسرائيل على استغلال العمال المحتاجين لتصريح دخول، حتى تجاوزت قيمة الأموال التي دخلت جيوب السماسرة من طرفي الخط الأخضر والمقاولين الإسرائيليين 350 مليون دولار سنوياً.

ولا تتوقف معاناة الفلسطيني على دفع الأموال الباهظة مقابل تصريح العمل، إنما أيضاً معاملة أجهزة الأمن من اللحظة الأولى التي يصل فيها إلى الحاجز الإسرائيلي لعبوره وحتى عودته بعد أكثر من عشر ساعات عمل.

وبحسب ما تبين من معطيات التصاريح المسحوبة من العمال الغزيين فجميعهم لعائلات لا يقل عدد أفرادها عن ستة أفراد، معظمهم انتظروا أشهراً طويلة حتى حصلوا على التصريح، وبعد أن وقع الواحد منهم ضحية للسماسرة الفلسطينيين والمقاولين الإسرائيليين ودفع مبالغ مالية طائلة يجد نفسه اليوم فريسة سهلة للصراع بين تل أبيب و"حماس"، إذ أعاد هذا القرار ما لا يقل عن 1300 فلسطيني من غزة إلى دائرة الفقر والجوع.

القرابة سبب المعاناة

في تبريره لقرار سحب تصاريح الدخول إلى إسرائيل، يقول جهاز الأمن الداخلي (الشاباك) إن تشغيل هؤلاء الفلسطينيين من قبل "حماس" هدفه المساعدة في تنفيذ عمليات، من دون أن يعلم معظمهم بذلك، وأوضح بيان الجهاز أن القرابة العائلية لمن سماهم "متورطين" في القضية كان سبباً لسحب التصاريح.

وبحسب "الشاباك" جندت حركة "حماس" العمال "من أجل تعزيز التصعيد الأمني، وأخفت أنشطتها من خلال تجنيد الشباب كموظفين في شركات تجارية وهمية. وطلب مبعوثوها من المشتبه فيهم نقل أموال إلى جميع أنحاء الضفة الغربية، مخصصة لشراء أسلحة، إضافة إلى طرود مغلفة تحتوي على أسلحة أو ذخيرة، وكل هذا من دون أن يعلموا أن حماس تستغلهم".

وادعى "الشاباك" أن "مكتب الضفة الغربية التابع لقيادة حركة حماس في غزة، يقود النشاط بإشراف أسرى محررين في إطار صفقة شاليط، وتم إبعادهم إلى قطاع غزة، وهم في الأصل من سكان الضفة"، وأن الأسير المحرر فرح حامد (46 سنة) وهو من بلدة سلواد، ومبعد إلى قطاع غزة، هو من يقود هذه الشبكة.

هذا القرار أدخل العمال الفلسطينيين أيضاً من الضفة في حالة قلق إذا ما تحولت القرابة العائلية إلى ذريعة لوقف تصاريح الدخول إلى إسرائيل، بخاصة أن معظم الذين تتهمهم إسرائيل من غزة هم أصلاً من سكان الضفة وتم نفيهم إلى القطاع بعد تنفيذ "صفقة شاليط".

المتاجرة بالعمال الفلسطينيين

قرار سحب تصاريح العمل يندرج ضمن السياسة العامة التي تنفذ بحق هذه الشريحة الفلسطينية المستضعفة، ولعل أبرزها هي التجارة المزدهرة خلال الأشهر الأخيرة في تصاريح الدخول إلى إسرائيل.

فكل فلسطيني يحمل هوية من الضفة أو غزة لا يسمح له عبور الحواجز ودخول إسرائيل من دون تصاريح خاصة، وتم تخصيص نوعيات مختلفة لتصاريح العمل للفلسطينيين أبرزها العمل ضمن تصريح يتجدد كل شهر أو ثلاثة أو ستة أشهر، وهي النسبة الأكبر التي تصدر للعمال ويستغلها السماسرة لكسب المال.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويعمل السماسرة الفلسطينيون ونظراؤهم الإسرائيليون في العلن، حيث تملأ إعلاناتهم شبكات التواصل الاجتماعي ولا يأبهون بأي رادع من قبل المسؤولين، ولا ينشغلون بالقرار المشترك بين السلطة الفلسطينية والحكومة الإسرائيلية الذي اتخذ العام الماضي ويلزم أصحاب العمل بتحويل راتب العامل الفلسطيني إلى حسابه البنكي في الضفة، في محاولة لردع المقاولين ومنع استغلالهم.

وبحسب المعطيات الواردة ليس هناك أي تغيير في المبالغ المتوقع دخولها السوق السوداء ومنها إلى جيوب السماسرة من الطرفين، فالعامل الفلسطيني يتقدم إلى مكتب خاص في الضفة يشرف عليه فلسطينيون، وهؤلاء ينشرون إعلاناتهم حتى داخل البلدات الفلسطينية وليس فقط في شبكات التواصل الاجتماعي، ويدفع 2500 شيكل (700 دولار) هو مبلغ متفق عليه بين معظم مكاتب السماسرة، وهؤلاء بدورهم يحولون مبلغاً منه لجهات إسرائيلية غير معروفة تقوم بدورها بضمان تصريح الدخول والعمل.

بعد اتخاذ القرار يرتقي مستوى التلاعب وتجارة التصاريح ليتجاوز طلب دفع 2500 شيكل، فأضيف إليه 4500 شيكل (نحو 1300 دولار) يدفعه العامل من جيبه ليحول إلى حسابه البنكي، ليظهر المقاول أنه يعمل وفق القانون، بعد ذلك يسحب العامل الفلسطيني هذا المبلغ، فيما راتبه الحقيقي الذي لا يتجاوز قيمة 50 في المئة من الحد الأدنى للأجر الشهري في إسرائيل، يحصل عليه نقداً من المقاول ومن دون أية ضمانات اجتماعية وصحية.

المقاولون الإسرائيليون

الباحث في معهد أبحاث الأمن القومي، حاجي أتكس، الذي أجرى بحثاً خاصاً حول الموضوع وأشرف كخبير اقتصادي على بلورة الاتفاق بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل، يرى أن عدم المراقبة لتنفيذ القرار أبقى العامل الفلسطيني لقمة سهلة للسماسرة والمقاولين الإسرائيليين.

يقول أتكس إن "الإصلاح الإسرائيلي لنظام تصاريح العمل، الذي بدأ في ديسمبر (كانون الأول) 2021، بهدف القضاء على التجارة غير الشرعية في تصاريح العمل للفلسطينيين، لم يحقق أهدافه، إذ تبين أنه في الأشهر السبعة الأولى من تنفيذه، لم يؤد الإصلاح إلى انخفاض في حجم التجارة في التصاريح أو إلى انخفاض في أسعارها".

وليس هذا فحسب بل إن المقاولين الإسرائيليين يحصلون من الوزارات المسؤولة على عدد معين من تصاريح العمل لكنهم لا يستخدمونها بجلب عمال، بل يبيعونها للسماسرة، ومنهم إلى العمال الفلسطينيين بمبالغ طائلة، وفي ظل عدم وجود أية مراقبة يحمل نسبة عالية من العمال تصاريح عمل مسجل عليها اسم مقاول إسرائيلي وكأنهم يعملون عنده لكنهم في الحقيقة لا يعرفون هذا المقاول الذي باع التصريح بمبالغ مربحة له ولشركائه السماسرة الفلسطينيين.

وبينت الاستطلاعات أن 75 في المئة من العمال الذين اشتروا تصاريح عمل تم توظيفهم من قبل صاحب عمل آخر غير صاحب العمل الرسمي الذي يعملون عنده.

هذا الوضع، وفق أتكس، يستدعي اتخاذ إجراءات فورية، بينها تحسين وتوسيع استخدام التطبيق الجديد الذي يربط بين الموظفين وأصحاب العمل من دون وساطة تجار التصاريح، وفرض الحظر على تصاريح الاتجار في إسرائيل مع استخدام تدابير عقابية فعالة وتنسيق تنفيذ القرار تجاه السماسرة الفلسطينيين مع السلطة الفلسطينية.

المزيد من الشرق الأوسط