Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الجدل حول بريكست وصل إلى خواتيمه

الحزب المسؤول عن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي اعترف فعلياً بأن التراجع عن العملية سيسهم في إصلاح الأزمة الاقتصادية في المملكة المتحدة

لا أحد يتكلم عن الانضمام مجدداً إلى الاتحاد الأوروبي لكن العودة إلى السوق الموحدة (أ ب)

قُضي الأمر. وصل الجدل حول بريكست أخيراً إلى خواتيمه. إذ اعترف حزب المحافظين- أي الحزب المسؤول عن بريكست - فعلياً بأن التراجع عنه سيسهم في إصلاح الأزمة الاقتصادية التي تعصف بالمملكة المتحدة. في الوقت الذي يُطبق الفقر على حيوات ملايين الأشخاص الذين يصارعون للبقاء، تفخر حكومتنا بأنها تسهم في المزيد من تدهور الأوضاع.  

يصادف شهر فبراير (شباط) المقبل مرور سبع سنوات على تفشّي كلمة بريكست في كل النقاشات السياسية في المملكة المتحدة. هناك سبب لكونها فرّقت عائلات وأنهت صداقات. فقد اعتبر الجانبان بأنهما سينقذان الشعب البريطاني من أذى كارثي. ما سبب ذلك؟

السبب هو أن كبار السياسيين والصحافيين طرحوا بريكست على أنها السبيل لإنقاذ المملكة المتحدة من براثن الفقر ومن طغيان الاتحاد الأوروبي. في عام 2016، قال لنا ريشي سوناك "لو انسحبنا من الاتحاد الأوروبي، سوف نوفّر فوراً 20 مليار جنيه (24.7 مليار دولار)". والآن، يقول خبراء الاقتصاد في حكومته إن هذا يكلّفنا 100 مليار جنيه سنوياً (124 مليار دولار أو ما يعادل 4 في المئة من إجمالي الناتج المحلي). ثم قال لنا سوناك أيضاً إن بريكست "ستعزز موقعنا كاقتصاد تجاري نشط يتطلع إلى الخارج". لكنه اعترف في مارس (آذار) الماضي، بأن بريكست "تشكل جزءاً كبيراً من السبب الذي يجعل" صادرات المملكة المتحدة التجارية متأخرة عن دول مشابهة لها.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذا الشهر، قال رئيس الوزراء إن النمو الاقتصادي هو أولويته القصوى بعد مواجهة التضخم. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، قال جيريمي هانت- الشخص الذي كلّفه بإدارة الاقتصاد- إن العودة إلى السوق الأوروبية الموحّدة من شأنها تعزيز النمو. ومن المهم أن نتذكر أيضاً بأن خسارة المئة مليار جنيه التي قدّرها مكتب مسؤولية الميزانية تعادل خسائر بقيمة نحو 40 مليار جنيه (50 مليار دولار) من عائدات الضرائب. هذا المبلغ الذي يمكن أن تنفقه الحكومة لمساعدة الأفراد على دفع فواتير الطاقة. كما يمكن استخدامه لدفع مبلغ الـ18 مليار (22.3 مليار دولار) الذي يحتاجه العاملون في القطاع العام تماشياً مع معدل التضخم، بشكل يضع حدّاً للإضرابات- فينشط اقتصادنا وتعود هيئة الخدمات الصحية الوطنية للعمل.

يعرف وزير المالية جيريمي هانت هذا الموضوع منذ وقت طويل. فقد غرّد في عام 2016 "تحصل هيئة الخدمات الصحية الوطنية على تمويلها من إيرادات الضرائب التي ستختفي بعد بريكست، وهو ثمن سيدفعه أفقر الناس وأكثرهم ضعفاً". والآن، نشر مركز البحوث الصحي "نافيلد" Nuffield Trust دراسة تظهر بأن بريكست تضرّ بهيئة الخدمات الصحية الوطنية فيما أكد بنك إنجلترا [مصرف بريطانيا المركزي] منذ فترة قصيرة أنها رفعت سعر الغذاء بنسبة 6 في المئة، في وقتٍ يلجأ فيه عدد قياسي من الناس إلى بنوك الطعام.

فلنكن واضحين، لا أحد يتكلم عن الانضمام مجدداً إلى الاتحاد الأوروبي الأسبوع المقبل. هذه قضية سياسية يمكن الخوض فيها خلال العقد المقبل. لكن العودة إلى السوق الموحدة لا تتعلق سوى بإزالة العوائق الاقتصادية التي تخنق اقتصاد المملكة المتحدة. والأهم أنها قابلة للتنفيذ خلال أشهر قليلة- لأنها أول اتفاق عرضه علينا الاتحاد الأوروبي في عام 2017. وهو يشترط علينا أن نعيد الالتزام بالمعايير [الأوروبية] بحيث لا يعود من الضروري تفحّص المنتجات مع عبورها الحدود. وهذا ما يعطي دفعة كبيرة لفرصنا الاقتصادية ويحارب التضخم لأنه يجعل سلاسل الإمداد أرخص ثمناً. وهو ما يمنح الحكومة الثقة التي تحتاجها لإنفاق المزيد من الأموال في العناية بأكثر أفراد المجتمع فقراً.

سيخبرونكم الوزراء أنهم لا يستطيعون تحقيق هذا الأمر لأن الناس صوتوا لمصلحة الانسحاب من السوق الموحدة. لكن متى فعلنا ذلك؟ لم يكن هذا الموضوع مطروحاً للتصويت في 2016. وفي العمليتين الانتخابيتين التاليتين، صوتت الأكثرية للأحزاب التي عبرت عن التزامها الصارم بالحفاظ بالحد الأدنى على مزايا السوق الموحدة. وهذا يعني تصويتنا على عدم خسارة دعم للتكاليف المعيشة يقدر بـ40 مليار جنيه.    

لم يختر الشعب البريطاني الإفقار الإضافي التي تكبّدناه بسبب الخروج من السوق الموحدة، بل الحزب الحاكم هو من اختار ذلك. وبينما يفتش الملايين عن المال أينما تيّسر لهم، آملين العثور على مبلغ قليل إضافي يمكنهم استخدامه لدفع فواتير التدفئة والغذاء، لا يزال الحزب نفسه في داونينغ ستريت، يجلس أمام مبلغ 40 مليار جنيه - ويضرم به النار. والأسوأ هو أنه باعترافه العلني بهذا الموضوع، فهو يكشف فعلياً هذا الحريق المالي المتعمد أمام ملايين العائلات التي تصارع الضائقة المالية.

المحافظون يعلمون بأن الجدل انتهى ويعرفون ما عليهم فعله بعد ذلك. لكن السؤال الحقيقي هو: هل سيقدمون عليه؟

© The Independent

المزيد من آراء