Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

على "بي بي سي" تسليط الضوء على قضاياها الداخلية كيلا تخاطر بتشويه سمعتها

رغم صداماتي مع الشبكة التلفزيونية، كنت دائماً أدافع عنها - لكن الأمر بات الآن أكثر صعوبة

العاملون في "بي بي سي" سيسهلون الدفاع عنها إذا تصرفوا وفقاً للمبادئ الأولى والمعايير الصحافية العالية (رويترز)

تزامنت دعوة رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك، "مستشاره المستقل لأخلاقيات العمل الحكومي" إلى النظر في شؤون ضريبية مرتبطة بوزير الخزانة في عهد بوريس جونسون، ناظم زهاوي، مع إعلان الرئيس السابق لرئيس الوزراء الراهن وصديقه المقرب - رئيس هيئة "بي بي سي" ريتشارد شارب، وهو أيضاً صديق مقرب لجونسون - أن لجنةً داخلية في المؤسسة ستنظر في تضارب مصالح محتمل لتعيين شارب في المنصب الأعلى في المؤسسة الإعلامية، عندما كان جونسون رئيساً للوزراء.

هناك كثير من الأمور التي تدور في مضمون الجملة السابقة. لكن هناك كثيراً مما يحدث في عالم الفساد هذه الأيام. لذا، ما الذي يجب أن نستخلصه من شارب، هل هي المشكلات التي سببتها صداقاته لـ "بي بي سي" ودوره المزعوم في مساعدة بوريس جونسون في الحصول على قرض ضخم للغاية؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كانت لدينا خبرة كبيرة في تناقل الفضائح منذ دخول جونسون إلى مقر رئاسة الوزراء في "10 داونينغ ستريت"، مع طلب إجراء تحقيقيات لكسب الوقت، والأمل في أن يشعر الناس بالملل، حتى بات من الصعب أن نتهرب من استنتاج مفاده أن "تحقيقات" اللجنة الداخلية هذه في "بي بي سي"، يتم طلبها في السياق نفسه.

ولإنصاف "بي بي سي" فلقد قامت بتغطية موضوع ريتشارد شارب، تقريباً منذ اللحظة التي نشر في صحيفة "صاندي تايمز". لكن خلال تبادل للحديث أمس عبر "تويتر" مع نيك روبنسون مقدم برنامج "توداي" (الذي تبثه إذاعة بي بي سي راديو 4)، كشف عن ذهنية ضمن مؤسسة "بي بي سي" تنحو إلى أن تكون دفاعية للغاية، عندما تكون شؤونها في دائرة الضوء.

فلدى امتداحي لهم على تغطيتهم لمسألة شارب، في وقت شجعتهم فيه على عدم التقليل من شأن قضية زهاوي، أجاب روبنسون: "أرجوك ألستر توقف عن الكلام في الموضوع. فقد حظيت مسألة زهاوي منذ أن أدلى بتصريحه أمس، بتغطية كبيرة وكاملة. الحقيقة التي يبدو أنك متردد في الاعتراف بها هي أن "بي بي سي نيوز" تقوم بعملها على رغم ضغوط السياسيين - سواء أتت منك عندما كنت في مقر رئاسة الوزراء على مدى الأعوام الماضية، أو الآن".

سأعود بعد قليل للتعليق على وجهة نظره هذه المتمثلة في "الضغط منك عندما كنت في ’10 داونينغ ستريت‘". لكن ماذا عن القسم الآخر من حديثه؟ فقد شعرت أنه كان يوضح وجهة نظري أنا من خلال تقديم دفوعه في ما يتعلق بتغطية "بي بي سي" لكلام زهاوي.

فالصحافة لا تقتصر فقط على مجرد تغطية ما يقوله أصحاب الشأن والسلطة - بل عليها أن تحقق فيه وتتحداه. ما يقلقني الآن هو أن "بي بي سي نيوز" BBC News ستتلطى خلف خط "انتظار التحقيق" (الاستراتيجية التي كانت قد اتبعتها سو غراي كبيرة موظفي الخدمة العامة أثناء تحقيقها في فضيحة حفلات "بارتي غيت")، ولن تكلف الشبكة نفسها عناء التحقيق كما ينبغي.

أما في ما يتعلق بطريق تعاملي شخصياً مع "بي بي سي"، فهناك في الواقع نوع من الغطرسة ترتبط بالفكرة القائلة إنه بسبب تعرضهم لضغوط من جميع الأطراف، يتعين عليهم أن يقوموا بالأمور على النحو الصحيح.

إنهم في الواقع يقومون بأمور كثيرة بالشكل الصحيح، وتبقى مؤسستهم أحد الأصول الضخمة للمملكة المتحدة. لكن في الأعوام الأخيرة، برز نمط يشير إلى أن "بي بي سي" تنحو إلى أن تكون مضطرة - في وقت لا ترغب فيه - بأن تقدم بشكل صحيح تغطيةً لقصص تفوح منها رائحة فضيحة من شأنها أن تشوه سمعة "المحافظين": سواء كانت التدخل الروسي في ديمقراطيتنا، أو أكاذيب جونسون والفضائح التي لا تعد ولا تحصى خلال فترة رئاسته للوزراء، أو فضائح معدات الوقاية الشخصية التي شملت متبرعين من حزب "المحافظين"، والآن مسألة الزهاوي.

لا شك في أننا لو علمنا قيام رئيس الوزراء السابق غوردون براون أو وزير خزانته أليستر دارلينغ بإبرام صفقة أثناء توليهما المنصب (أو تم تغريمهما) من قبل "دائرة الواردات والضرائب الملكية" HMRC ، لكان الخبر قد تصدر نشرات "بي بي سي" منذ لحظة وصوله إلى الصفحة الأولى في إحدى الصحف. ليس لدي أدنى شك أيضاً في أن وجود شارب - والمروج الدعائي السابق لحزب "المحافظين" روبي غيب - في منصبين رفيعين في المؤسسة، سيكون له - إلى جانب الضغوط السياسية المقبلة من نواب حزب "المحافظين" - تأثير واضح.

ما زلت مدافعاً كبيراً عن "بي بي سي" في وجه التهديدات التي يتعرض لها نموذج تمويلها من جانب اليمين البريطاني. لكن العاملين فيها سيسهلون الدفاع عنها إذا تصرفوا وفقاً للمبادئ الأولى والمعايير الصحافية العالية، بدلاً من اعتماد موقف يقول بأن "المؤسسة هي على صواب أو على خطأ"، عندما تصبح هي موضوع القصة المتداولة.

لقد تسبب أحد أخطر خلافاتي معهم، في شأن ما يسمى "التلاعب" في ملف أسلحة الدمار الشامل في العراق قبل نحو عقدين من الزمن [اتهم حينها بالكذب والتلاعب بهدف دفع بلاده لغزو العراق]، في انتحار المصدر [تم لوم كامبل بأن كشفه اسم الدكتور ديفيد كيلي باعتباره مصدر الادعاءات حول تلاعب الحكومة بملف أسلحة الدمار الشامل العراقية هي التي أدت إلى انتحار الأخير]، ثم في فتح تحقيق أدى إلى استقالة كل من رئيس مجلس الإدارة والمدير العام. إنني على ثقة من أن أياً من هذه الأحداث المؤسفة ما كانت لتحدث، لو قام -عندما اشتكينا من التقارير التي تتهمنا بتزوير معلومات استخبارية - كبار المسؤولين في شبكة "بي بي سي" بالتحقيق في الشكوى، بدلاً من الخوض في جدلية أن "’بي بي سي‘ هي على صواب أو على خطأ ".

يتعين على ريتشارد شارب التنحي أثناء إجراء تحقيق شامل في المسألة، ويفترض بـ "بي بي سي نيوز" تكليف مراسلين التحقيق في هذه القصة من دون خوف أو محاباة. ومن المحتمل أن تتعرض سمعة المؤسسة لمزيد من الضرر، ما لم يكن واضحاً تماماً أن هيئة "بي بي سي" يمكنها أن تقدم تغطيةً إخبارية لقضاياها الخاصة، وأن تعمل وفق المعايير العالية والقيم الإخبارية المناسبة.

*أليستر كامبل هو كاتب ومحاور واستراتيجي عمل متحدثاً باسم رئيس الوزراء البريطاني السابق توني بلير وسكرتيراً صحافياً ومديراً للاتصالات.

© The Independent

المزيد من آراء