Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

أزمة الدولار تتعاظم في العراق وإجراءات إدارية لتدارك الانهيار

تظاهرات أمام مبنى البنك المركزي تطالب بمكافحة تهريب الأموال إلى دول أخرى

فيما تواصل الحكومة العراقية اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من أزمة الدولار التي تسببت بضغوط كبيرة على المواطنين، شهدت العاصمة العراقية بغداد، صباح اليوم الأربعاء، تظاهرات أمام مبنى البنك المركزي العراقي، تطالب بخفض سعر صرف الدولار أمام الدينار العراقي ومكافحة تهريب الأموال إلى دول أخرى.

ويشهد سعر صرف الدولار الأميركي مقابل الدينار العراقي منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2022 ارتفاعاً تدريجاً ليصل لأعلى مستوياته خلال الأيام الأخيرة متخطياً حاجز 165 ألف دينار لكل 100 دولار.

وعليه قرر رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الإثنين الماضي، إعفاء محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف من منصبه، فيما كلف علي محسن العلاق بإدارة البنك بالوكالة.

ولتدارك تردي الأوضاع المعيشية، أكد النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، أهمية سرعة إنهاء أزمة الدولار، وإعادة الأمور إلى نصابها الصحيح في الأسواق المحلية، مشدداً على ضرورة الإسراع بتجنيب المواطنين تداعيات زيادة سعر الصرف المفاجئة.

جاء هذا خلال مشاركته في اجتماع (ائتلاف قوى إدارة الدولة) الذي عقد، ليل أمس الثلاثاء، بحضور السوداني ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، ووزير الخارجية فؤاد حسين، وعدد من قيادات الكتل والتحالفات السياسية المنضوية في ائتلاف إدارة الدولة.

وأكد المجتمعون أهمية إلزام البنك المركزي بتطبيق السياسات المالية اللازمة لتحسين الأداء الاقتصادي، وكذلك التدقيق والإشراف الدائم على عمل المصارف الخاصة، سيما الالتزام بالتعليمات الجديدة للحوالات الخارجية لتجنب تداعيات ما حصل في السابق.

غسل الأموال

وكان القيادي البارز في تيار الحكمة فادي الشمري، كشف عن أن الحكومة السابقة برئاسة مصطفى الكاظمي كان لديها علم كامل بموعد تفعيل المنصة الإلكترونية لبيع الدولار في البنك المركزي العراقي، وإجراءات الفيدرالي الأميركي، إلا أنها لم تهيئ المستلزمات والاستعدادات الكافية لتطبيق المنصة.

وقال الشمري، في تصريح صحافي إن "هناك اتفاقاً مع الفيدرالي الأميركي حول تفعيل (المنصة الإلكترونية)، فهو مطلب عراقي– أميركي وتم الاتفاق عليه في الشهر التاسع من عام 2021 وتم تدريب الكوادر العراقية منذ سنتين على تفعيلها".

ونوه بأن "الاتفاق بين الطرفين هو تفعيل المنصة في يناير (كانون الثاني) 2023، لكن المشكلة هي أن الحكومة السابقة لم تهيئ الأجواء وتفعل الإجراءات على مدار سنتين تحضيراً لانطلاق العمل بالإجراءات الجديدة".

وأوضح أن "الهدف من تفعيل المنصة إيقاف عمليات استنزاف الدولار وغسل الأموال والالتحاق بالنظام المالي العالمي، ومن ثم ترصين الاقتصاد، إضافة إلى إيقاف مزاد العملة ودكاكين المصارف غير الفاعلة مصرفياً. كان هدفنا جميعاً ومطلب النخب وعموم الشعب إيقاف أكبر باب للفساد والتربح غير المشروع، الذي كان يعتمد على الفواتير المزورة لشراء الدولار".

ويلفت إلى أن "نتيجة إجراءات تفعيل عمل المنصة، التي ستنطلق بشكل كامل بعد أيام ومعاقبة المصارف التي تورطت بغسل الأموال، انخفضت معدلات شراء الدولار من البنك المركزي من 250 مليون دولار يومياً إلى مستويات تراوحت بين 50 و65 مليون دولار فقط، مما جعل الطلب أكثر من العرض فارتفع سعر (المطلوب) الدولار إلى مستويات قياسية، فضلاً عن أن المعروض على مستوى السوق يتم تهريبه براً إلى تركيا عن طريق إقليم كردستان، مما جعل سعر المعروض (المطلوب) يرتفع أكثر".

وكان رئيس الوزراء العراقي السابق مصطفى الكاظمي، دعا إلى ضبط السحوبات المالية الكبيرة ومنع أي تهريب للعملة الصعبة إلى خارج العراق من أجل الحفاظ على استقرار سعر صرف الدولار.

وقال الكاظمي، في بيان الأربعاء 28 ديسمبر (كانون الأول) 2022 "ندعو المعنيين إلى الحفاظ على استقرار سعر الصرف والحد من الفوضى النقدية وضبط السحوبات المالية الكبيرة وتقليص مستوى التضخم المالي، ومنع أي تهريب للعملة الصعبة إلى خارج العراق".

خيار وطني

وأعلن البنك المركزي، استنفاد جميع الخطوات المتعلقة بالسياسة النقدية، وفيما أشار إلى أن المنصة الإلكترونية خيار وطني لتنظيم عملية التجارة الخارجية، أكد أهمية قرار سماح الاستيراد بأسماء الشركات والأشخاص.

وقال مستشار البنك المركزي العراقي إحسان شمران الياسري لوكالة الأنباء الرسمية، إن "اجتماع رئيس الوزراء محمد شياع السوداني مع مجموعة من التجار وممثلين عن البنك المركزي في شأن قضية سعر صرف الدولار، كان لقاء مهماً"، مبيناً أن "قضية سعر صرف الدولار ليست لدى البنك المركزي".

وأضاف أن "البنك المركزي استنفد جميع الخطوات المتعلقة بالسياسة النقدية، والقضية الآن متعلقة بمؤسسات الدولة المعنية بالتعامل مع التجار حول عمليات الاستيراد والتصدير"، موضحاً أن "خطوة إصلاح النظام الضريبي مهمة، لا سيما حديث رئيس الوزراء في شأن عدم السماح بالفساد في المنافذ وإجراءات الضرائب".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبين أن "التجار المكلفين التعامل مع الهيئة العامة للضرائب بدأوا يقلقون من التواصل والانكشاف أمام المؤسسات الضريبية، لذلك كانوا دائماً يحجبون مشترياتهم"، مشيراً إلى أن "البنك المركزي بعث برسالة لرئيس الوزراء بضرورة تحرير المواطن من إشكاليات وتعقيدات البيروقراطية العالية بالعمل الضريبي".

وذكر أن "البنك المركزي ليس لديه مشكلة بالموارد الدولارية لكن مشكلة في عرض الدولار"، وأن "المنصة الإلكترونية هي خيار وطني لتنظيم عملية التجارة الخارجية وتنظيم المعلومات".

ولفت إلى أن "المنصة تفرض على أن يكون التاجر الذي يشتري الدولار هو ذاته من يأتي بالبضاعة"، موضحاً أن "العراق بلد يمتثل للضوابط الدولية، لكن المشكلة بتمويل التجارة الخارجية التي تضغط الآن على سعر الصرف".

وحول الاعتماد المستندي، أكد الياسري أن "الاعتماد المستندي أخذ ميزة بأنه بسعر أقل بهدف تشجيع المواطنين والتجار"، موضحاً أن "القضية المهمة التي اتخذها مجلس الوزراء، هي السماح بالاستيراد باسم الشركات والأشخاص أيضاً".

إضعاف حكومة السوداني

لكن النائب عن كتلة "الصادقون" رفيق الصالحي، اعتبر أن أميركا تحاول إضعاف حكومة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، ومنعها من الاستقلال الاقتصادي والسياسي عبر الضغط بورقة الدولار وسعر الصرف، فيما لفت إلى أن حكومة السوداني ماضية بإجراءات اقتصادية مختلفة لتجنيب المواطن تبعات ارتفاع سعر الصرف.

وذكر الصالحي في تصريح صحافي أن "الولايات المتحدة دأبت على الاحتلال الاقتصادي للدول المتعاملة بالدولار منذ أن جعلت الدولار مقياساً عالمياً لجميع العملات وعملة موحدة للتعاملات التجارية العالمية". ورأى أن "أميركا تجعل الدول المتعاملة بالدولار شبه محتلة ومسلوبة القرار اقتصادياً وسياسياً عبر الضغط بالعملة الخضراء".

وأعلن أن "حكومة السوداني تعمل جاهدة على اتباع سياسة وسطية لتجنيب البلاد الانزلاق في الفوضى نتيجة عدم استقرار سعر صرف الدولار".

ونوه بأن "الحكومة اتخذت إجراءات تخص المصارف والشركات لأجل أن يسير عملها وفق ضوابط محددة عبر المتابعة الحثيثة والمراقبة الشديدة لضمان استقرار الأسعار"، معتبراً أن "الضغط الذي تمارسه أميركا عبر الدولار جعل الأسواق مضطربة ورفع أسعار المواد".

إجراءات داخلية وخارجية

في المقابل، وصف رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، إعادة تكليف علي العلاق برئاسة البنك المركزي، واحدة من خطوات إعادة التقييم لعمل البنك، بخاصة أن جزءاً من إيقاف عملية انهيار الدينار ترتبط بإجراءات داخلية وخارجية.

وأضاف الشمري في تصريحات صحافية، بأن العراق ارتبط اسمه بنجاح وتفوق الدينار العراقي واستطاع أن يعيد الدينار لمستوى 115 -120 ألفاً للـ100 دولار إضافة إلى أنه يمتلك علاقات خارجية جيدة.

ورأى أن هذه الخطوات رسالة إلى الخارج بأن العراق ماض بإجراءات للمساهمة في التفاهمات مع الفيدرالي الأميركي، والهدف منها الحفاظ على أمن العراق المالي والاقتصادي.

إلى ذلك، وصف الباحث السياسي، علي البيدر قرار إعفاء محافظ البنك المركزي، بأنها خطوة تحسب لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني.

وشدد البيدر على أن "تلك الخطوة جاءت من أجل السيطرة على ارتفاع سعر صرف الدولار والقضاء على مافيات العملة التي عشعشت داخل أروقة المؤسسات المالية".

ارتفاع في الأسواق العراقية

في حين، كشف الباحث الاقتصادي صالح لفتة، أن أسعار معظم المواد الغذائية شهدت ارتفاعاً في الأسواق العراقية، لافتاً إلى أن طريقة توزيع الحكومة للطحين المجاني ستؤثر على أسعار الطحين في الأسواق لكن لن تؤثر على بقية المواد الغذائية، ولن تستطيع الحكومة العراقية الاستمرار بالتوزيع المجاني لفترة طويلة.

وتابع "ممكن بسهولة السيطرة على الأسعار من دون إجراءات وقتية إذا تم الاهتمام أكثر بالبطاقة التموينية من حيث أنواع المواد الموزعة وكمياتها وجودتها، ولن تكون مضطرة للتوزيع المجاني مرة ثانية لأي نوع من المواد الغذائية".