Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب السورية أعادت رسم الخريطة السياسية التركية

قضية اللاجئين صارت من أولويات الناخبين الأتراك في خضم الأزمة الاقتصادية الخانقة، ويتوقع أنها ستكون بيضة القبان في الانتخابات المقبلة

الحرب السورية تسببت في تغيير ديموغرافي بتركيا. ففي نهاية عام 2010 كانت البلاد تضم 10 آلاف لاجئ وطالب لجوء فقط، وبعد 12 سنة باتت تضم 3.6 مليون سوري (غيتي)

أوردت "إيكونيميست" تقريراً أكدت فيه أن التوترات بين اللاجئين السوريين في تركيا ومواطني هذه الدولة خفت كثيراً منذ صيف 2021 حين قتل لاجئ مراهقاً تركياً في إحدى ضواحي أنقرة مما أثار أعمال عنف شنها مواطنون في المنطقة ضد مؤسسات ومنازل يشغلها سوريون ودفع السلطات إلى تحديد نسبة الأجانب في بعض المناطق وإخلاء الفائض منهم إلى مناطق أخرى. لكن السوريين المقيمين في تركيا منذ تهجيرهم من بلادهم إثر اندلاع الحرب فيها عام 2011 يشعرون حالياً بالقلق، ليس من احتمال تجدد ما حصل عام 2021 بل من خطر ترحيلهم إلى سوريا حيث يقولون إنهم يواجهون خطر الاعتقال والاضطهاد.

ولفتت المجلة إلى أن تركيا التي يبلغ عدد سكانها 85 مليون شخص تضم 15 مليون كردي، ومليون عربي، وعشرات آلاف من الأرمن المتحدرين من الناجين من مجازر عام 1915، ومجموعات سكانية تتقلص باستمرار من اليونانيين واليهود. لكن الحرب السورية تسببت في تغيير ديموغرافي، فنهاية عام 2010 كانت البلاد تضم 10 آلاف لاجئ وطالب لجوء فقط، وبعد 12 سنة باتت تضم 3.6 مليون سوري، أي أكثر من اللاجئين السوريين إلى أوروبا ككل، إلى جانب مليون مهاجر من أفريقيا وآسيا الوسطى والشرق الأوسط وروسيا. "إن تركيا بلد تغير".

وأشارت إلى أن مخيمات المستوعبات البيضاء المكيفة المنتشرة على الحدود التركية - السورية حيث استقر اللاجئون السوريون في السنوات الأولى من الحرب باتت من الماضي، "لا تضم هذه المخيمات إلا أقل من 50 ألف لاجئ ويتوزع الباقون في المدن، ولاسيما في الجنوب والغرب، ويعمل أكثر من 98 في المئة من العاملين السوريين في شكل غير رسمي ومن دون ضمان اجتماعي أو أية مزايا أخرى، وفق سنية ديدي أوغلو، الأستاذة في جامعة عبدالله غل". وأضافت الأكاديمية أن معظم العاملين السوريين يتلقون أجوراً أقل مقارنة بنظرائهم الأتراك، وتكثر عمالة الأطفال السوريين، ولاسيما في الزراعة، لكن أوضاع السوريين في تركيا أفضل منها في بلدان شرق أوسطية أخرى، فهم يتلقون رعاية طبية وتعليماً من القطاع العام وليس الحصول على الجنسية التركية بعيد المنال، ذلك أن 65 في المئة من الأطفال السوريين ملتحقون بالمدارس، في حين حصل 220 ألف لاجئ على جنسية البلد المضيف.

ووفق "إيكونيميست"، ترحب أوروبا عموماً بما تقدمه تركيا إلى اللاجئين لكن أتراكاً كثراً يرون أن بلادهم أصبحت ملاذاً للاجئين لا تريد القارة الأوروبية أن تستقبلهم ويريدون أن يعود السوريون إلى بلادهم. "وإذ تظل أعمال العنف كما حصل [عام 2021] نادرة، تتصلب المواقف إزاء السوريين مع تعثر الاقتصاد واقتراب الانتخابات. فقد بينت استطلاعات رأي أن مشكلة اللاجئين هي ثالث أهم مسألة في نظر الناخبين وسلم أولوياتهم، بعد الاقتصاد والبطالة. ويثير الساسة المعارضون الامتعاض ويؤججونه، فقد تعهد رئيس حزب الشعب الجمهوري، كما كليتشدار أوغلو، بإعادة العلاقات مع نظام دمشق تمهيداً لعودة السوريين إلى بلادهم .

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وليست الحكومة ببعيدة من هذه الأجواء، وفق تقرير المجلة، فالرئيس رجب طيب أردوغان، الذي كان يوماً "مخلصاً" للاجئين السوريين في نظر كثير منهم يسترضي قاعدته الشعبية بالقول إنه يريد عودة معظم هؤلاء إلى بلادهم، بعدما وعد قبل سنوات قليلة بتوطينهم في الشمال السوري الواقع تحت احتلال الجيش التركي وسيطرة ميليشيات سورية متحالفة مع أنقرة. وكانت عمليات الطرفين في المنطقة هجرت مئات آلاف الأكراد السوريين منها بذريعة طرد مقاتلي "وحدات حماية الشعب"، وهي ميليشيا كردية مناوئة لتركيا. ورحلت تركيا في السابق إلى سوريا آلاف اللاجئين السوريين بسبب ارتكابهم جرائم مزعومة أو فشلهم في تسجيل أنفسهم لدى السلطات التركية. ويفيد كثر من المرحلين بأنهم أجبروا أو خدعوا حين وقعوا نماذج تنص على أنهم قبلوا بالعودة طوعاً.

وأضافت المجلة أن أردوغان، أحد أكثر القادة الدوليين مطالبة في السابق بسقوط النظام السوري، يعمد منذ أشهر إلى تلطيف العلاقات مع الرئيس السوري بشار الأسد، ويروج لدى قاعدته الشعبية بأن ذلك يمهد الطريق لعودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم. وتبين استطلاعات رأي أن خمس اللاجئين هؤلاء يقبلون بالعودة الطوعية إلى بلادهم، في حين سيخالف الإبعاد القسري القوانين التركية والدولية، مما يترك المجال واسعاً لتخمينات بأن معظم اللاجئين السوريين سيبقون في تركيا بغض النظر عن الطرف الذي سيفوز في الانتخابات العامة المقررة في 14 مايو (أيار). ويتخوف أتراك من احتمال تسليم أنقرة الشمال السوري إلى نظام دمشق من ضمن أية تسوية معه، فذلك قد يدفع المقيمين في المنطقة البالغ عددهم أربعة ملايين شخص إلى اللجوء إلى تركيا خوفاً من بطش النظام.

ولفتت "إيكونيميست" إلى أن موقف تركيا من الحرب السورية وتر علاقاتها مع الولايات المتحدة، ولاسيما حين وقفت أنقرة موقف المتفرج بنظر واشنطن إزاء تمدد تنظيم "داعش" في الشمال الشرقي لسوريا، وحين تردد الرئيس الأميركي باراك أوباما بنظر تركيا فامتنع عن توجيه ضربة كما وعد إلى النظام السوري إثر استخدام الأخير أسلحة كيماوية. وتوترت العلاقات أكثر حين دعمت واشنطن الأكراد السوريين في مواجهة "داعش" وتدخل الجيش التركي ضد أهداف كردية في سوريا. ويناوئ أردوغان معارضيه من الأكراد الأتراك، وسجن الزعيم الكردي التركي صلاح الدين ديمرطاش، وشن عمليات عسكرية ضد قواعد "حزب العمال الكردستاني" الانفصالي في سوريا، مما عزز شعبية أردوغان في صفوف القوميين الأتراك الذين أيد حزبهم الرئيس، الحركة القومية التركية، الرئيس التركي في استفتاء عزز صلاحياته.

المزيد من تقارير