آخر أشكال الأساليب المستخدمة في هذه الصراعات، التي أثارت جدلاً وحنقاً كبيرين بالشارع الليبي، هو ما بات يُعرف تندراً في ليبيا بحرب "الماء مقابل الكهرباء"، التي تسببت بها أفعال وردود أفعال مضادة بين سكان غرب ليبيا وجنوبها. فالغرب قطع الكهرباء عن الجنوب بقوة قاهرة تمثلت في بعض ميليشيات مدينة الزاوية، ما أثار رد فعل غاضباً لدى سكان الجنوب فقطعوا مياه النهر الصناعي التي تسقي مناطق وسط ليبيا وغربها، ولا بُد هنا من أن نشير إلى أن الزاوية هي واحدة من أهم المعاقل الأخيرة لـ"حكومة الوفاق" بينما الجنوب يدين بالسيطرة الكاملة لـ "الجيش الوطني" الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
وبدأت الأزمة حين أعلنت الشركة العامة للكهرباء في طرابلس "دخول مجموعة مسلحة إلى محطة تحويل الحرشة في مدينة الزاوية غرب طرابلس وإعادة تشغيل جميع خطوطها المفصولة عن المنطقة الغربية".
وأوضحت الشركة أن "تدخل المجموعة المسلحة بإعادة تشغيل المحطة من دون العودة إلى المختصين أدى إلى انخفاض في التردد وحدوث إرباك في وحدات الإنتاج"، مضيفةً أن "ذلك يأتي بعد دخول وحدات التوليد بمحطة الزاوية إلى الدورة المزدوجة واستقرار الشبكة الكهربائية".
وتبع ذلك حدوث فصل تام في الشبكة على المنطقة الجنوبية، حيث اعتبر أهالي المدن والقرى الجنوبية أن ذلك يأتي بسبب تدخل الميليشيات التي دخلت محطة "الحرشة" وقيامها بفصل التيار عن شبكة الجنوب التي تتغذى من هذه المحطة وإعادته إلى مناطق في غرب البلاد ما تسبب باحتقان شديد في ما بينهم.
رد فعل غاضب
انفراجة مؤقتة
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
بحث عن الحلول
وفي محاولة لإيجاد حل جذري لأزمة تذبذب التيار الكهربائي في ليبيا، قال رئيس مجلس إدارة الشركة العامة للكهرباء، عبد المجيد حمزة إن "جهوداً تُبذل لإعادة الشركات الأجنبية التي كانت تنفذ المشاريع التي تفوق قدرتها الـ 5000 ميغاوات لاستكمالها"، مؤكداً أن "المهندسين والفنيين الليبيين تمكنوا من تشغيل الوحدة الرابعة من محطة أوباري بالنفط الخام، وستدخل الخدمة بكامل قدرتها في سبتمبر (أيلول) المقبل، وستسهم في معالجة العجز في الشبكة العامة".
وشدد حمزة خلال مؤتمر صحافي عقده الأحد في المركز الإعلامي التابع لديوان رئاسة الوزراء بحكومة الوفاق، على أن "مشكلة انقطاع التيار الكهربائي ليست جديدة، إذ تتجدد خلال فترات الذروة في فصلَي الصيف والشتاء"، مشيراً إلى أن "ما هو متاح من الطاقة الكهربائية أو ما ينتَج من الطاقة لا يكفي حاجة المواطن في الفترات المشار إليها". ووسط هذا وذاك يبقى المواطن الليبي يمزقه التناقض المحيط به، فهو يعيش في بلد يسبح فوق بحار من النفط والغاز ويغرق في أزمات من النوع الذي لم يعد يشغل بال المواطنين في بلاد تعاني من الفاقة والفقر وقلة الموارد. ويردد الليبيون بتندر المتألم أن "أغنى شعوب شمال أفريقيا يعيش أتعس حياة" قادته إليها سلسلة صراعات وحالة من التخبط السياسي والإداري والخدماتي.