Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الحرب الأوكرانية تضبط سلوك إيران وإسرائيل

طهران تهدد أوروبا بجنودها وتجارتها إذا عاقبت حرسها الثوري

مجلس نواب الاتحاد الأوروبي قرر بأكثرية ساحقة إدراج الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية (أ ف ب)

تدور حرب عالمية في أوكرانيا فيما تهدد إيران بحرب أخرى في الخليج ومناطق انتشار ميليشياتها. التهديد الأخير من نوعه جاء رداً على قرار مجلس نواب الاتحاد الأوروبي، بأكثرية ساحقة، إدراج الحرس الثوري على قائمة المنظمات الإرهابية.

وكذلك إعلان البرلمان الأوروبي، مطلع هذا الأسبوع، استعداده لفرض عقوبات جديدة على 37 مسؤولاً وكياناً إيرانياً على خلفية القمع الذي يمارسه النظام بحق الإيرانيين ومشاركته في الحرب الروسية ضد أوكرانيا.

الرد الإيراني على التدابير الأوروبية لم يتأخر، بدأ متدرجاً وتصاعد في وتيرة تهديدية، الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي اعتبر أن الإجراء الأوروبي "ينم عن انعدام الحيلة وهو مضاد للقوانين الدولية وميثاق الأمم المتحدة لأن الحرس الثوري قوة رسمية وجزء من المنظومة العسكرية للبلاد".

وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ذكر الاتحاد الأوروبي بدور الحرس في محاربة تنظيم "داعش" وحماية أوروبا من أخطاره.

ورأى الناطق باسم الخارجية الإيرانية ناصر كنعاني أن سبب غضب من سماه "النادي العالمي للإرهابيين" من الحرس الثوري أنه "أكبر منظمة لمكافحة الإرهاب في العالم".

اللهجة الإيرانية المزدوجة سرعان ما تتبدل على لسان جهات موازية في السلطة، الجيش الذي قال إنه "يداً بيد مع الحرس الثوري يحمي أمن وسلامة الشعب الإيراني ونظام الجمهورية الإسلامية واستقرار المنطقة"، هدد على لسان نائب قائده العام الأدميرال حبيب الله سياري أن "رد الجمهورية الإسلامية على أعداء الأمة سيكون صاعقاً ويجعلهم يشعرون بالندم على فعلتهم".

التهديد توالى على لسان ناطقين آخرين، ممثل المرشد علي خامنئي في صحيفة "كيهان" حسين شريعتمداري هدد بأن "طريق عبور تجارة أوروبا لن يكون آمناً، والهجوم على جنودها سيكون مشروعاً"، فهم "في متناول يدنا".

ويشرح مالك شريعتي الناطق باسم لجنة الطاقة في البرلمان الإيراني أن "قواتهم (الأوروبيون) ستكون إرهابية، ولن ينعم بعدها طريق العبور التجاري الأوروبي بأكمله بالأمان في المنطقة".

وصلت العلاقة بين إيران وأوروبا إلى مرحلة "تكسير العظام"، تقول صحيفة "روزكار"، وهذا سيستدعي "إغلاق مضيق هرمز"، بحسب زميلتها الأصولية "جوان".

"العواقب حال أخطأوا"، بحسب قائد الحرس الثوري حسين سلامي، ستشمل تهديد الملاحة في الخليج العربي عبر إغلاق مضيق هرمز وأمام السواحل اليمنية حيث تقيم ميليشيات الحوثي التي تدعمها إيران، وكذلك مناطق وجود قوات أوروبية في سوريا والعراق في إطار "التحالف الدولي" لمحاربة "داعش"، وأخيراً في لبنان حيث للأوروبيين مشاركة وازنة في قوات الطوارئ التابعة للأمم المتحدة العاملة في الجنوب اللبناني.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد يمكن اعتبار مقتل الجندي الإيرلندي في لبنان قبل أسابيع رسالة مبكرة في هذا الخصوص، لكن من الواضح أن القوات الأممية غالباً ما شكلت مادة للرسائل الإيرانية.

وإذا ما أرادت إيران الآن الانتقام من أوروبا، فالأرجح أن تلجأ إلى تحريك خلاياها في غرب آسيا لشن هجمات مماثلة، لكن هل يصل الأمر إلى فتحها حرباً شاملة؟

كان الحديث يتصاعد خلال الأشهر الأخيرة عن احتمال شن إسرائيل غارات في العمق الإيراني، وتحدث مسؤولون إسرائيليون بغزارة عن هذا الاحتمال، إلا أنهم ربطوه بموافقة ومشاركة أميركيتين.

وفي الأثناء، واصل الإسرائيليون غاراتهم ضد مواقع إيرانية بسوريا ولم يتطور الاشتباك بين الطرفين إلى مواجهة مباشرة في أي يوم من الأيام.

وتراجعت احتمالات الهجوم الإسرائيلي خلال الأيام الأخيرة بعد نشر "نيويورك تايمز" معلومات أكدها الجيش الإسرائيلي عن أن واشنطن فتحت مستودعاتها في إسرائيل لنقل ذخائر إلى الجيش الأوكراني، الأمر الذي اعتبره مراقبون إشارة إلى أولوية السياسة الأميركية في المرحلة الراهنة وهي تأمين مستلزمات المعركة ضد روسيا في أوكرانيا، وليس دعم هجوم إسرائيلي في إيران.

لا تلغي الإشارة الأميركية الرغبة الإسرائيلية في شن هجمات ضد المنشآت النووية الإيرانية، كما أن الخطاب الإيراني حول توجيه ضربات إلى الغرب يتصاعد تغذيه، خصوصاً حاجة النظام إلى تغطية مأزقه الداخلي من جهة وعزمه على حفظ مكاسبه في الإقليم من جهة ثانية.

لكن الوصول إلى "عمل عسكري يهز الأمن والاستقرار في منطقتنا"، كما حذر حمد بن جاسم رئيس وزراء قطر السابق، متوقعاً أن تقوم به إسرائيل، وكان يمكن نسبته إلى إيران أيضاً، لا يبدو احتمالاً واقعياً في ظروف الانقسام العالمي الراهن وأولوية الصراع الروسي الأوكراني.

كان الشرق الأوسط وأفريقيا منطقة مفتوحة أمام الصراعات وحروب النفوذ إبان هيمنة المعسكرين الغربي والسوفياتي، فيما كانت بقية أنحاء العالم مرسمة الحدود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية.

بعد انهيار الاتحاد السوفياتي برزت قوى إقليمية جديدة واستعرت حروب هادئة ودموية في المنطقة المستثناة (أفريقيا والشرق الأوسط)، لكن اجتياح أوكرانيا أعاد طرح الأسس التي قامت طوال الحرب الباردة، ولهذا السبب ينصب التركيز الغربي والروسي على هذه البقعة في محاولات حسم تكررها روسيا وإجراءات تطويل للنزاع ينفذها الغرب تتراوح بين حدي إجبار موسكو على التفاوض أو استنزافها في حرب لا تلوح لها نهاية.

قد لا تكون الضربة الإسرائيلية لإيران مرغوبً في مثل هذه الظروف وهي لا تتمتع بالتغطية الأوروبية والأميركية الضرورية، وفي المقابل فإن تفجيراً إيرانياً واسعاً كالذي يلوح به قادة إيران لا يبدو متاحاً، فالعقوبات على الحرس الثوري سببها دعمه روسيا بالمسيّرات، وليس تضامناً مع انتفاضة شعبها.

إيران، ولأسباب لا تحصى، تقف وحدها في مواجهة العالم، وروسيا التي تبدو راعيتها الوحيدة في هذا الوقت، لا تزال تتردد في تسليمها طائرات "سو-35"، فيما البحث يتواصل حول حصولها على منظومات صواريخ الدفاع الجوي "إس- 400".

ظروف كهذه لا تسمح بأكثر من تحريك إيران ميليشياتها لتحقيق أهداف موضعية، والظروف نفسها تتيح لإسرائيل مواصلة "حروبها بين حربين" ضد عدوها الإقليمي، في عمليات سرية داخل إيران وهجمات لم تتوقف في سوريا.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء