Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"ريجيني وزكي" يعكران زيارة وزير خارجية إيطاليا إلى مصر

روما تضغط من أجل "الحقيقة" والقاهرة تصبو لتطوير العلاقات في مختلف أبعادها

وزيرا خارجية مصر وإيطاليا (أ ف ب)

عادت قضية طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني الذي قتل في القاهرة أوائل عام 2016، وكذلك محاكمة باتريك جورج زكي طالب الدراسات العليا في جامعة بولونيا الإيطالية، الذي حبس في مصر لنحو 22 شهرا منذ فبراير (شباط) 2020 إلى الواجهة مجدداً.

وتصدرت القضيتان محادثات نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاياني مع المسؤولين المصريين خلال زيارته الأولى إلى العاصمة القاهرة منذ تشكيل حكومة بلاده الجديدة بقيادة جورجيا ميلوني في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

وإلى جانب أهمية التعاون في ملفي ليبيا ومكافحة الهجرة غير الشرعية، فضلاً عن العلاقات الاقتصادية الثنائية، استبق الضيف الإيطالي زيارته الأولى لمصر التي استمرت على مدار يومي السبت والأحد، بتأكيد ضرورة "حل قضيتي ريجيني وباتريك زكي".

وقال تاياني في تصريحات نقلتها عنه وسائل الإعلام الإيطالية، "نحن بحاجة إلى تسليط الضوء وضمان معاقبة عادلة ضد أولئك الذين ارتكبوا تلك الجريمة الرهيبة"، في إشارة إلى مقتل ريجيني، مبيناً أن "العلاقات مع مصر ليست أداة لمحو ما حدث"، وفق ما نقلت وكالة "آكي" الإيطالية.

ولا تزال قضية ريجيني الذي عثر على جثته في إحدى ضواحي القاهرة عام 2016 وعليها آثار تعذيب، تمثل تهديداً مستمراً للعلاقات بين القاهرة وروما، في ظل مواصلة أسرته تحركاتها لدى الجهات المعنية في إيطاليا والاتحاد الأوروبي لمحاسبة المسؤولين عن مقتله، ويأتي ذلك في وقت تصر القاهرة على نفي ضلوع أي من مسؤوليها بمقتل الباحث الإيطالي.

في صدارة المحادثات

المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي قال إن اللقاء الذي جمع الرئيس عبد الفتاح السيسي بأنطونيو تاياني في حضور كل من وزير الخارجية سامح شكري والسفير الإيطالي لدى القاهرة ميكيلي كواروني في قصر الاتحادية، "جرى خلاله بحث قضية ريجيني وتأكيد ضرورة التعاون من أجل الوصول إلى الحقيقة وتحقيق العدالة".

وأوضح راضي أن الرئيس المصري أكد الأهمية التي توليها بلاده لتطوير العلاقات مع روما في مختلف أبعادها خلال المرحلة المقبلة، فضلاً عن تعزيز التنسيق والتشاور الثنائي القائم بين البلدين للتصدي لتحديات إقليمية عدة في منطقة المتوسط.

وأشار وزير الخارجية الإيطالي، بحسب المتحدث الرئاسي المصري، إلى "ما تمثله تلك الزيارة من رسالة واضحة لمتانة العلاقات التاريخية التي تربط البلدين وتأكيد رغبة الحكومة الإيطالية في ترسيخها ودفعها إلى الأمام خلال المرحلة المقبلة، إضافة إلى استمرار التنسيق إزاء القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، خصوصاً في ظل الدور الذي تضطلع به مصر كركيزة أساسية للأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشرق المتوسط".

 

 

وذكر البيان الرئاسي المصري أنه جرى التباحث حول عدد من القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، بمقدمتها قضية الهجرة غير الشرعية في ضوء الجهود المصرية بهذا الإطار، كما جرى التطرق كذلك إلى جهود مكافحة الإرهاب والفكر المتطرف.

وعقب اللقاء، غرد الوزير الإيطالي عبر صفحته على "تويتر"، قائلاً إن "لقاءه بالرئيس السيسي تضمن أمن الطاقة والتعاون الاقتصادي والاستقرار في البحر المتوسط، خصوصاً ليبيا، وكذلك مواجهة الهجرة غير الشرعية"، مضيفاً "طلبت وتلقيت تطمينات للتعاون القوي في قضيتي ريجيني وزكي".

 

 

وخلال لقائه بنظيره المصري سامح شكري، عاد الوزير الإيطالي ليؤكد على القضية ذاتها، قائلاً في مؤتمر صحافي عقب المباحثات "المغلقة" بين الطرفين، إن "المحادثات تناولت قضيتين مهمتين للغاية في إيطاليا، وهما ريجيني وباتريك زكي، وطلبت مزيداً من التعاون من الجانب المصري"، مشيراً إلى أن السيسي وشكري أكدا له أن مصر مستعدة لإزالة الحواجز التي قد تعرقل هاتين القضيتين.

وبحسب تاياني، فإن هاتين القضيتين كانتا على جدول أعمال مباحثاته في القاهرة، ولم تكن هناك مشكلة من الطرف المصري في أن يتناولهما معنا، موضحاً أن مصر تنوي إيجاد حل وإزالة كل الحواجز التي تعرقلهما.

وقبل يومين من زيارته القاهرة، كان تاياني أعلن أنه طرح بالفعل قضيتي ريجيني وباتريك زكي مع نظيره المصري سامح شكري.

وقال في تصريحات نقلتها عنه القناة الثالثة العامة الإيطالية "سأذهب إلى مصر على أن يكون مفهوماً أنه يتعين على القاهرة أن تحل قضية ريجيني"، الباحث الإيطالي الذي قتل في القاهرة أوائل عام 2016، "وقضية باتريك زكي" طالب الدراسات العليا في جامعة بولونيا المتهم بنشر "معلومات كاذبة".

ثم عاد الوزير ليؤكد مرة أخرى في تصريحات نقلتها عنه وكالة الأنباء الإيطالية "آكي"، "نحن بحاجة إلى تسليط الضوء وضمان معاقبة عادلة ضد أولئك الذين ارتكبوا تلك الجريمة الرهيبة"، في إشارة إلى مقتل ريجيني.

وأضاف أن "ما حدث يمثل حقيقة خطرة للغاية وغير مقبولة، لقد استنكرناه وذكرنا السلطات المصرية به دائماً، وأننا نريد أن تتم معاقبة المذنبين بارتكاب ذلك الاغتيال الرهيب لطالب إيطالي شاب"، وعاد واستدرك "لكن يجب أن تكون لنا علاقات مع دولة مهمة (كمصر) من أجل استقرار المنطقة بأسرها".

انتقادات إيطالية مستمرة

وعلى هامش زيارته الأولى للقاهرة، ركزت الصحف والوكالات الإخبارية الإيطالية على ضرورة ممارسة "أقصى درجات الضغط على مصر لإظهار الحقيقة في قضية ريجيني، والدفع إلى الإفراج عن زكي".

ووصفت الصحف الإيطالية القضية بـ"الحساسة للغاية بالنسبة إلى روما"، وقالت وكالة "نوفا" إن الوزير تاياني ناقش خلال زيارته مصر مع نظيره سامح شكري قضية ريجيني وباتريك جورج زكي، مشيرة إلى أنه شدد مرة أخرى على ضرورة "تعاون الجانب المصري".

من جانبها، نقلت صحيفة "كورييري ديلا سيرا" الإيطالية، الأحد، عن تاياني قوله إن "الرأي العام الإيطالي والحكومة الإيطالية يواصلان المطالبة بقوة بحقيقة مقتل ريجيني"، مشدداً على أنه "من أجل العدالة، فالحقيقة مطلوبة".

وحول قضية زكي، صرح تاياني "نحترم القضاء المصري ونأمل في أن تلغى الإجراءات التقييدية بحقه حتى يتمكن باتريك من العودة إلى بولونيا لمواصلة دراسته".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

من جهتها، ذكرت شبكة التلفزيون الإيطالي "راي" أن زيارة تاياني إلى القاهرة تكسر تجميد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين منذ فبراير 2016 حين تم العثور على جثة ريجيني في العاصمة المصرية.

وأوضح وزير الخارجية الإيطالي في مقابلة مطولة مع الشبكة في 20 يناير (كانون الثاني) الحالي أن تجديد الحوار مع مصر لا يعني إغلاق الستار على هذه القضية.

وأوردت الشبكة الإيطالية أن المحادثات مع مصر تأتي في إطار العمل الدبلوماسي الذي قررت روما إطلاقه في شمال أفريقيا بعد المؤشرات التي عبرت عنها رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي عقب المحادثات الثنائية مع الرئيس السيسي التي جرت على هامش مؤتمر المناخ (COP27) في شرم الشيخ.

كما أشار تاياني إلى الحاجة لفهم أفضل من جانب روما والقاهرة حول الملفات السياسية الرئيسة مثل ليبيا، لكن أيضاً مع الضرورة الملحة للتخفيف من تداعيات الحرب الروسية ضد أوكرانيا، لا سيما في ما يتعلق بالطاقة والأمن الغذائي، وأضاف أننا نريد العودة إلى التفكير في إمكانية إدارة مشتركة ومسؤولة لتدفقات الهجرة.

من جانبه قال ماورو إنديليكاتو الصحافي الإيطالي في جريدة "إل جورنال" إن "إيطاليا ستواصل ضغطها على القاهرة في ملفي ريجيني وزكي" بالتوازي مع أهمية استعادة زخم العلاقات السياسية والاقتصادية بين البلدين، موضحاً أن "الوصول إلى الحقيقة في ما حدث لريجيني يبقى أولوية لأي حكومة إيطالية". وأضاف إنديليكاتو "وعدت رئيسة الحكومة الجديدة جورجيا ميلوني بالوصول إلى الحقيقة في شأن ريجيني، وهو ما دفع إلى أن يتصدر الملف محادثات تاياني خلال زيارته لمصر". وأردف "تدرك الحكومة أهمية عدم قطع العلاقات مع القاهرة، لا سيما في ظل تعدد الملفات الإقليمية ذات الاهتمام المشترك بين البلدين، خصوصاً ليبيا واحتواء تدفقات الهجرة غير الشرعية عبر البحر المتوسط، فضلاً عن اكتشافات الغاز الضخمة في شرق المتوسط".

وفي أكتوبر الماضي، كان لافتاً استباق نحو 13 منظمة حقوقية مصرية وإيطالية، وصول الحكومة الجديدة إلى السلطة بتذكيرها "بضرورة ملاحقة قتلة ريجيني"، إذ طالبت المنظمات في بيان مشترك البرلمان الإيطالي الجديد باستئناف مسار قضية ملاحقة قتلة جوليو ريجيني باستخدام الأدوات الدبلوماسية ومواجهة عرقلة وزارة الداخلية المصرية لجهود القضاء الإيطالي لمحاسبة الجناة.

كذلك دعا البيان إلى "مراجعة اتفاقات توريد الغاز الطبيعي المسال مع مصر، مع احتمال إعادة تخصيص الموارد المستخدمة حالياً لاستيراد الوقود الأحفوري مثل الغاز الطبيعي المسال لتطوير مصادر الطاقة المتجددة".

وطلبت المنظمات "وقف أي تصدير للأسلحة والمواد العسكرية وشبه العسكرية لمصر، بالنظر إلى ملفها الحقوقي، فضلاً عن إيقاف برامج وأنشطة الدوريات ومراقبة الحدود بالتعاون مع مصر، وكذلك مبادرات التعاون الشرطي والأمني، خصوصاً في ما يتعلق ببرامج التدريب المهني".

من هو ريجيني؟

وأدى اختفاء طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني، ثم العثور على جثته وعليها آثار تعذيب وحروق في فبراير 2016 إلى تأزم العلاقات بين روما والقاهرة، لا سيما بعد أن توصلت تقارير الطب الشرعي إلى أنه قتل متأثراً بتعذيب شديد استمر لأيام.

وكان ريجيني الذي يبلغ من العمر (28 سنة)، قدم في سبتمبر (أيلول) 2015 إلى مصر لجمع معلومات تتعلق ببحثه لنيل شهادة الدكتوراه من جامعة "كامبريدج" البريطانية حول "دور النقابات العمالية المستقلة بعد ثورة يناير 2011"، لكن قضية تعذيبه وقتله أعادت الوضع الحقوقي في البلاد إلى الواجهة، وذلك في وقت أصرت السلطات المصرية على نفي أي مزاعم بضلوعها في مقتله متهمة عصابة إجرامية بتعذيبه وقتله، في المقابل أصرت منظمات حقوقية وناشطون مدنيون على "مسؤولية" الأمن المصري عن الحادثة.

 

 

وصعوداً وهبوطاً، راوح التعاون بين القاهرة وروما في شأن التحقيق في الحادثة و"جلاء الحقيقة"، ومرت القضية بعدد من المحطات بدأت في مارس (آذار) 2016 بإعلان سلطات الأمن المصرية مقتل خمسة أشخاص اتهمتهم باختطاف ريجيني وقتله، كما أعلنت العثور على جواز سفره ووثائق تخصه في منزل أحدهم، وفي سبتمبر من العام ذاته، أوفدت القاهرة مسؤولين إلى روما بينهم النائب العام لمتابعة التحقيقات في القضية، إضافة إلى إرسال نواب إلى البرلمان الأوروبي بهدف توضيح الحقائق حول أزمة ريجيني.

في المقابل، تمسكت روما بضرورة "إظهار الحقائق" ولم تقتنع بالرواية المصرية وقبل أن تتوصل السلطات الإيطالية إلى تورط ضباط أمن مصريين في الحادثة، مطالبة بمثولهم للتحقيق أمامها، انعكست الأزمة على مسار علاقات البلدين، ففي أبريل (نيسان) 2016 استدعت روما سفيرها لدى القاهرة للتشاور في شأن قضية ريجيني، ثم عادت وأرسلت سفيراً جديداً في أغسطس (آب) 2017 في "إطار النتائج الإيجابية التي أحرزتها هيئات التحقيق الإيطالية المصرية في القضية".

وفي مايو 2021 أمر قاض إيطالي بمثول أربعة ضباط كبار بالأجهزة الأمنية المصرية للمحاكمة للاشتباه في دورهم في اختفاء ريجيني ومقتله، وذلك قبل أن تعلق المحاكمة الغيابية إلى أجل غير مسمى فور افتتاحها في 14 أكتوبر لأن المدعين لم يتمكنوا من إثبات أنهم أبلغوا المتهمين بالإجراءات القضائية ضدهم.

من هو باتريك زكي؟

وزاد احتجاز طالب الدراسات العليا المصري - الإيطالي في جامعة "بولونيا" باتريك زكي من قبل السلطات المصرية في فبراير 2020 من تأزم العلاقة بين البلدين. وألقي القبض على زكي لدى وصوله إلى مطار القاهرة الدولي آتياً من مدينة بولونيا الإيطالية في زيارة عائلية قصيرة.

وبحسب وسائل إعلام دولية، اعتقل جهاز الأمن القومي المصري زكي واستجوبه في شأن الفترة التي قضاها في إيطاليا ونشاطه بمجال حقوق الإنسان، ووجهت إليه تهم من بينها "نشر أخبار كاذبة من شأنها تكدير الأمن والسلم الاجتماعي" و"التحريض على الاحتجاج" و"استخدام حساب على شبكة المعلومات الدولية بغرض الإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع وأمنه للخطر".

 

 

وكان زكي الذي أفرج عنه لاحقاً في ديسمبر 2021 مع استمرار محاكمته يدرس للحصول على درجة الماجستير في برنامج إيراسموس موندوس بدراسات المرأة والجندر من جامعة "بولونيا". كما يجري بحوثاً حول قضايا النوع الاجتماعي وحقوق الإنسان من خلال المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، وهي منظمة لحقوق الإنسان تتخذ من القاهرة مقراً لها.

ومنذ احتجازه أعلنت أكثر من 50 مدينة إيطالية مختلفة منح الجنسية الشرفية المحلية لباتريك لإظهار تقديرها له كمدافع عن حقوق الإنسان وللمطالبة بالإفراج الفوري عنه في حملة سميت "100 مدينة مع باتريك" أطلقتها مجموعة ناشطين للدفاع عن حقوق الإنسان في إيطاليا.

عقب ذلك، صوت مجلس الشيوخ الإيطالي بالموافقة على اقتراح مقدم من اثنين من أعضائه في خصوص منحه الجنسية الإيطالية بشكل استثنائي، وجاء القرار بعد توقيع أكثر من 200 ألف مواطن إيطالي على عريضة في شهر فبراير سنة 2021 لمناسبة مرور عام على احتجاز باتريك، تطالب بمنحه الجنسية الإيطالية ودعمه حتى يحصل على حريته.

المزيد من متابعات