كشف تقرير حديث عن أنه من المفترض أن يساعد تباطؤ النمو العالمي بسبب الركود الاقتصادي في الولايات المتحدة بشكل كبير في تهدئة التضخم، إلا أنه من المرجح أن يبقى التضخم فوق المستويات التي ترتاح إليها البنوك المركزية. وتوقع مكتب الاستثمار لإدارة الثروات في "ستاندرد تشارترد" انتعاش النمو الاقتصادي في الصين بسبب الإزالة التدريجية لقيود التنقل وزيادة تركيز سياسة الحكومة على استقرار عجلة النمو.
ونظراً إلى كون مستويات العائد في الوقت الحالي إحدى الفرص الكبيرة في عام 2023، فقد لمح التقرير إلى أهمية كبيرة للسندات مثل السندات الحكومية وسندات الشركات عالية الجودة، مقارنة بالأسهم والنقد، ونصح بموازنة الفرص الفورية في مستويات العائد من خلال التعرض للقيمة طويلة الأجل التي يراها في المقام الأول بأسواق الأسهم والسندات في آسيا باستثناء اليابان.
ففي أسواق آسيا باستثناء اليابان، يعطي التقرير أهمية كبرى للأسهم الصينية بالنظر إلى التقييمات الرخيصة والعوامل المحفزة الإيجابية. ولمح إلى أن هناك فئة أصول أخرى جذابة هي السندات الآسيوية بالدولار الأميركي.
وللتحصن ضد المفاجآت القادمة، فإن توقعات الركود في الولايات المتحدة تعني أن المستثمرين في حاجة إلى الاستعداد لمفاجآت الانحدار، ويمكن أن تكون السندات الحكومية عالية الجودة أحد العوامل المخففة للانحدار، كما يعد النقد والذهب أيضاً من عوامل الثقل الرئيسة للمحفظة.
توقعات بانخفاض الدولار الأميركي
ولمح التقرير إلى الاعتقاد أن الارتفاع غير العادي في ارتباطات الأسهم والسندات هذا العام قد لا يستمر للعام التالي، فمن المرجح أن يستمر الطلب على الأصول غير المترابطة نسبياً. وأشار إلى أنه يمكن أن تساعد الاستراتيجيات البديلة مثل الاستراتيجيات البديلة السائلة وفئات الأصول الخاصة في هذا الخصوص.
ويتوقع فريق مكتب رئيس الاستثمار أن تشكل أسواق العملات مصدراً آخر للفرص، إذ قد ينخفض الدولار الأميركي خلال الأشهر الستة إلى الـ12 شهراً المقبلة، مع تقديم بنك الاحتياطي الفيدرالي حافزاً على شكل توقف موقت في دورة رفع الأسعار. ويشعر الفريق بالتفاؤل تجاه اليورو والين الياباني، ويتوقع أن يكون أداؤهما قوياً على أساس عام كامل، وقد يستخدم أي ضعف في الربع الأول لإضافة الانكشاف.
وفي الصين، من المتوقع أن تستفيد خدمات الاتصالات والقطاعات الاختيارية للمستهلكين من السياسات الداعمة بشكل متزايد ومن تخفيف قيود التنقل، بينما في الهند، على القطاعات المالية والصناعية والسلع الاستهلاكية الاستفادة من الطلب المحلي. وتعد تفضيلات القطاع في الولايات المتحدة أكثر دفاعية، كقطاع الرعاية الصحية والمواد الأساسية والطاقة، بينما في أوروبا، يتم تفضيل قطاعي المال والطاقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار التقرير إلى أن عام 2022 شهد تراجعاً كبيراً أثر في عديد من المستثمرين وترك لهم أماكن قليلة للبحث عن منفذ أو ملاذ في الأسواق المالية.
خسائر بتريليونات الدولارات
البيانات تشير إلى أن العام الماضي شهد وتيرة غير مسبوقة في رفع أسعار الفائدة من قبل "الفيدرالي الأميركي" لمكافحة معدلات تضخم لم تتكرر منذ أربعة عقود، في حين كان سعر الفائدة في بداية عام 2022 عند النطاق المستهدف بين صفر و0.25 في المئة، فقد انتهى العام الماضي عند مستوى يتراوح بين 4.25 و4.5 في المئة، وذلك بعد سبع زيادات متتالية في أسعار الفائدة الفيدرالية.
إضافة إلى ذلك، قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بامتصاص السيولة من النظام المالي من خلال التخلص من محفظة السندات الخاصة به. وأدت هذه التحركات إلى هبوط أسواق الأسهم والسندات، وتسببت عمليات البيع العشوائية بالسوق في خسائر بتريليونات الدولارات، وجعلت المستثمرين يترقبون قرارات "الاحتياطي الفيدرالي".
واتسم عام 2022 بتراجع حاد في أسعار الأسهم، بخاصة الأميركية، وسط توقعات بمزيد من التراجع، على الأقل في بداية عام 2023، مع استعداد بنك الاحتياطي الفيدرالي لمواصلة رفع أسعار الفائدة.
وفي مذكرة بحثية حديثة يرى كبير المحللين الماليين في موقع "بنك ريت"، غريغ ماكبرايد، أنه إذا استمر الاقتصاد في التباطؤ وكشفت الأرباح الفصلية عن بدايات قاتمة لهذا العام، فسيتم تخفيض تقديرات أرباح الشركات، وقد تشهد السوق تعثراً جديداً.
فيما يؤكد الرئيس التنفيذي لشركة "ترايدير" للوساطة المالية دان راجو أن ثمة هوساً مستمراً بكلمة الركود التي تدور في أذهان المستثمرين، اليوم، ومن المرجح أن تؤدي مخاوف بنك الاحتياطي الفيدرالي من الركود إلى مزيد من الارتفاعات في أسعار الفائدة خلال الربع الأول من عام 2023، مما يعني أننا سنستمر في معاينة التقلبات في الأسواق المالية.
أداء ضعيف للأسهم في 2023
وفق بنك "غولدمان ساكس"، فعادة ما يتفوق أداء الأسهم في الأسبوع الأخير من العام الميلادي على المتوسط السائد طوال العام. وهذا الأداء يسمى "سباق سانتا"، وكثير من المتفائلين يعتبرونه مؤشراً إلى أداء أسواق المال خلال العام الجديد، بخاصة مع وجود قوى شرائية كبيرة، تجسدها مؤسسات ضخمة، أقدمت على إعادة شراء أسهمها بقيم بلغت تريليون دولار تقريباً في ختام عام 2022، لكن من غير المتوقع استمرار هذا النهج الشرائي خلال عام 2023.
ورجح "مورغان ستانلي" أداءً ضعيفاً للأسهم خلال العام الجديد، مع تضارب التوقعات في شأن أداء مؤشرات الاقتصاد الكلي، حيث يرى بعض خبراء المؤسسة أن الولايات المتحدة سوف تتجنب الركود الذي تنبأ به معظم المحللين، إذ يواصل المستهلكون الأكثر صلابة إنفاقهم الاستهلاكي، وتعمد الشركات إلى زيادة إنفاقها الاستثماري تدريجاً، للحفاظ على نمو الاقتصاد بما يكفي لتجنب التباطؤ. ومع ذلك، ينذر الأمر باستمرار الضغوط التضخمية على الداخل الأميركي لفترة أطول، ومن ثم استمرار الفيدرالي في رفع الفائدة، وهو ما يفسر توقعات تراجع أسعار الأسهم، وتراجع أرباح الشركات بنسب تتراوح بين 10 و15 في المئة خلال العام الحالي.
ووضع "مورغان ستانلي" قيمة مستهدفة لمؤشر "ستاندرد أند بورز" الأوسع نطاقاً لعام 2023 عند مستوى 3900 نقطة، علماً أن المؤشر المذكور قد أغلق عند مستوى 3839 نقطة في آخر جلسة تداول لعام 2022، بانخفاض سنوي بلغ 20 في المئة تقريباً، لكن وفقاً لوكالة "بلومبيرغ"، فإن متوسط التوقعات لمؤشر "ستاندارد أند بورز 500" هو 4009 نقاط، وهي التوقعات الأكثر انخفاضاً للمؤسسة منذ عام 1999.
وكانت التوقعات السائدة لعام 2022 لمؤشر "ستاندارد أند بورز 500" أن يغلق عند قيمة 4950 نقطة، لكن ذلك لم يتحقق، حيث لم يتوقع أحد ارتفاع معدلات التضخم إلى أعلى مستوى لها في 40 عاماً، وأن بنك الاحتياطي الفيدرالي بدوره، سوف يستجيب لذلك التضخم بسلسلة من الزيادات العنيفة في أسعار الفائدة إلى أعلى مستوى لها منذ عام 2007. وكانت تنبؤات محللي الأسواق الأميركية المتعلقة بأرباح الشركات أفضل، لكن هذه الأرباح تأثرت بإقدام الشركات على رفع أسعار منتجاتها، ومن ثم فإن القيمة الحقيقية لأرباحها تبدو أقل كثيراً من قيمتها الاسمية في ظل معدلات التضخم التاريخية.