تعهد وزير الخارجية الإيرلندي مايكل مارتن بأن تبذل دبلن "كل ما بوسعها" للإفراج عن الفرنسي الإيرلندي الموقوف في إيران برنار فيلان الذي تثير حالته الصحية القلق.
وأوقفت السلطات الإيرانية برنار فيلان (64 عاماً) في الثالث من أكتوبر (تشرين الأول)، وكان مسافراً في إطار عمله "مع منظمي رحلات سياحية في إيران"، بحسب شقيقته. وكان يروج، في فرنسا وأوروبا، للسياحة في إيران، وكانت هذه الرحلة مقررة منذ وقت طويل، وفق قولها.
وقال وزير الخارجية الإيرلندي لدى سؤاله عن هذا الموضوع خلال مؤتمر بريطاني- إيرلندي في دبلن "سنفعل كل ما هو ممكن"، في وقت دعت عائلة فيلان إيرلندا إلى تكثيف إجراءاتها للإفراج عنه. وأضاف مارتن "أعتقد أننا كنا نشيطين جداً في ما يتعلق بوضع برنار. لقد سعينا لدى الحكومة الإيرانية إلى تأمين إطلاقه لأسباب إنسانية"، وتابع "ما زلنا نرد على الأسرة. نحن متعاطفون معها".
إضراب عن الطعام
وفي مواجهة عدم إبداء طهران مرونة حيال مطالب السلطات الفرنسية والإيرلندية بالإفراج عنه، أضرب برنار عن الطعام في يوم رأس السنة قبل أن يرفض شرب أي سوائل هذا الأسبوع، ما أدى إلى تدهور سريع في حالته الصحية.
وقال مصدر دبلوماسي فرنسي، إن برنار يُظهر "علامات خطيرة على الإرهاق الجسدي والنفسي".
تقليص الاتصالات
وأدى تقليص الاتصالات بين إيران والغرب بسبب قمع حركة الاحتجاج إلى تفاقم قلق ومخاوف عائلات محتجزين أجانب في البلاد. ويتهم نشطاء، طهران باحتجاز أكثر من 20 أجنبياً، بعضهم منذ أعوام، في إطار استراتيجية "دبلوماسية الرهائن" الهادفة إلى انتزاع تنازلات من الغرب.
واستعاد في الماضي كثيرون من حاملي جوازات السفر الأجنبية حريتهم من السجون الإيرانية بعد مفاوضات سرية غالباً ما شهدت إطلاق سراح إيرانيين محتجزين في الخارج أو رفع تجميد أصول إيرانية.
ولكن مع تعثر المفاوضات بشأن إحياء اتفاق 2015 الخاص بالبرنامج النووي الإيراني واستدعاء السفراء الإيرانيين بانتظام في أوروبا على خلفية قمع الاحتجاجات، لا مجال كبيراً لإبرام مثل تلك الصفقات.
وتحمل عائلات المحتجزين والكثير منها من أصل إيراني، مشاعر متناقضة بين الإعجاب باحتجاجات "المرأة والحياة والحرية" والخوف على مصير أقاربهم.
ومن بين المحتجزين المواطنة الألمانية الإيرانية ناهد تقوي (68 عاماً) التي أوقفت في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 وحكم عليها عام 2021 بالسجن 10 سنوات بتهم تتعلق بالأمن القومي تنفي عائلتها صحتها.
ونظراً لسوء حالتها الصحية، سمح لها بمغادرة السجن لمدة أربعة أشهر العام الماضي، لكنها أُعيدت إلى سجن إيفين في طهران في نوفمبر (تشرين الثاني).
في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية، تقول ابنتها مريم كلارين التي تقود حملة من أجل الإفراج عنها "بصفتي إيرانية تعيش في الخارج، فإنني أؤيد الاحتجاجات كلياً. لكن على المستوى الشخصي ليس لدي الآن أي فكرة عما سيحدث في الأشهر والسنوات المقبلة في قضية ناهد".
وتضيف "العلاقة بين إيران وألمانيا آخذة في التدهور. لم يحدث أي تطور في شأن قضية والدتي أو غيرها من مزدوجي الجنسية". وتتابع ابنة الناشطة "لكني لا أريد أن أحصر الأمر بقضيتنا الشخصية. هناك شيء أكبر يحدث مع الاحتجاجات".
ومن بين المحتجزين في ظروف مماثلة مواطنون من الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وألمانيا والنمسا والسويد، وعددهم في تزايد.
بدأ المواطن الأميركي سياماك نمازي، وهو من أصل إيراني وأوقف في أكتوبر 2015، إضراباً عن الطعام لمدة سبعة أيام في محاولة لدفع الرئيس جو بايدن لإعطاء أولوية أكبر لقضيته.
وقال نمازي في بيان أصدره محاموه الأميركيون "لا شيء يمكن أن أقوله يمكن أن ينقل ألم محاولتي الصمود إزاء القسوة وانعدام القانون المحطمين للروح". وأضاف "كيف يمكن للمرء أن يصف شعور التجريد من الإنسانية والتعامل معه على أنه سلعة باهظة الثمن؟".
عقوبة الإعدام
شبح عقوبة الإعدام التي استخدمت حتى الآن في أربع قضايا متعلقة بالاحتجاجات، لا يزال يهدد رعايا أجانب بعد إعدام المواطن الإيراني البريطاني والمسؤول السابق بوزارة الدفاع الإيرانية علي رضا أكبري في نهاية الأسبوع الماضي إثر إدانته بتهمة التجسس لحساب لندن.
أوقف أحمد رضا جلالي، وهو مواطن سويدي إيراني مزدوج الجنسية، عام 2016 وحُكم عليه بالإعدام في العام التالي بتهم تجسس تنفيها عائلته بشدة.
ويواجه الألماني جمشيد شارمهد الذي تقول عائلته إن قوات الأمن الإيرانية خطفته في الخليج عام 2020، عقوبة الإعدام بتهم تتعلق بالإرهاب. وقيل إن المحاكمة انتهت، الأسبوع الماضي، لكن الأسرة ما زالت تجهل الحكم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
يرى جايسن برودسكي، مدير السياسات في منظمة "متحدون ضد إيران النووية" ومقرها في الولايات المتحدة، أن الجهود لإطلاق سراح المحتجزين يجب أن تستمر رغم تعثر المحادثات النووية، مشيراً إلى أن العلاقات بين العواصم الأوروبية وطهران لم تنقطع.
ويضيف "لكن التعقيد يكمن في أن الإيرانيين سيفرضون على الأرجح سعراً أعلى للإفراج عن مزدوجي الجنسية مقارنة بمن لا يحملون جنسية إيرانية، مثل الإفراج عن أصول مجمدة أو إرهابيين مدانين أو مجرمين".
لكن في غياب أدنى مؤشر ملموس على حدوث انفراج في ملفات الموقوفين، تتفاقم معاناة عائلاتهم.
وتقول بلاندين بريير التي أوقف شقيقها الفرنسي بنيامين بريير في مايو (أيار) 2020 قبل أن يُحكم عليه بالسجن ثماني سنوات بتهمة التجسس، إن "أخي يفقد الأمل". وتضيف "لم يعد يختبئ وراء القول أنا بخير لأن ظروف الاحتجاز غير إنسانية وغير صحية"، وتردف "نحن خائفون على صحته".
إدراج الحرس الثوري على قائمة الإرهاب
إلى ذلك، حذرت إيران الاتحاد الأوروبي، الخميس، من إدراج الحرس الثوري على القائمة السوداء "للمنظمات الإرهابية" بناء على طلب البرلمان الأوروبي. ونبهت طهران من أن هذا القرار ستكون له "عواقب سلبية"، في حين يرتفع منسوب التوتر مع الاتحاد الأوروبي منذ أشهر على خلفية الاحتجاجات في إيران والحرب في أوكرانيا.
ومن المرجح أن يزداد التوتر في حال وافق الاتحاد الأوروبي على نص أقره البرلمان الأوروبي بغالبية واسعة، الأربعاء، يطلب من بروكسل إدراج الحرس الثوري الإيراني على القائمة السوداء "للمنظمات الإرهابية"، كما فعلت الولايات المتحدة في 2019.
وفي النهاية، يعود القرار المعقد تنفيذه قانونياً، إلى المجلس الأوروبي، المخول الوحيد بتطبيق العقوبات. وأيد عدد من الدول الأعضاء النص، بينما بدا آخرون أكثر حذراً. ويبحث الاجتماع المقبل لوزراء الخارجية في 23 يناير (كانون الثاني) فرض حزمة رابعة من العقوبات على إيران.
ودان الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي النص الذي تبناه النواب الأوروبيون، معتبراً أن "هذه الخطوة جاءت من منطلق اليأس والعجز وبعد جهودهم الفاشلة في الشارع لضرب الشعب الإيراني".
وانتقد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبداللهيان خلال اتصال هاتفي مع مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل "النهج المتوتر والانفعالي للبرلمان الأوروبي، واعتبره سلوكاً غير مدروس وخاطئاً"، وفق بيان صادر عن الخارجية الإيرانية.
ورأى أمير عبداللهيان أن "تصرف البرلمان الأوروبي في اتهام هذه المؤسسة الصانعة للأمن بالإرهاب هو نوع من إطلاق أوروبا النار على قدمها"، في إشارة إلى الحرس الثوري الإيراني.
وأضاف "الحرس الثوري الإسلامي مؤسسة رسمية وسيادية تلعب دوراً مهماً وحيوياً في توفير الأمن القومي لإيران وأمن المنطقة، خصوصاً في القتال ضد الإرهاب". وقالت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية، إن إدراج الحرس الثوري على القائمة السوداء "سيؤثر على الأمن والهدوء والسلام الإقليمي والعالمي".
سوليفان: لن نسمح لإيران بامتلاك النووي
من جانب آخر، التقى رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، مستشار الأمن القومي الأميركي جايك ساليفان وأجرى محادثات تركزت على البرنامج النووي الإيراني، وفق ما جاء في بيان صادر عن مكتبه.
وجاء في البيان أن نتنياهو وساليفان الذي يزور إسرائيل والأراضي الفلسطينية بحثا "الجهود المشتركة لوقف برنامج إيران النووي وتحركات إيران في المنطقة". وتابع البيان "رحب رئيس الوزراء بالتزام الرئيس الأميركي جو بايدن بضمان عدم امتلاك إيران أسلحة نووية".
من جانبه، أكد مستشار الأمن القومي الأميركي أن الولايات المتحدة لن تسمح لإيران أبداً بامتلاك النووي.