Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عندما تنكشف جرائم مثل جريمة كاريك نفهم لماذا لا تثق نساء بريطانيا بالشرطة

يحتاج سلك الشرطة إلى التدريب والدعم بشكل عاجل لتطوير خبرته في تحديد السلوكيات المشبوهة ومعالجة عنف الذكور ضد النساء والفتيات

"يجب أن تتعلم الشرطة تحديد وتحليل أنماط السلوك التي تُظهر الخطر الحقيقي على الضحايا" (رويترز)

حل يوم مظلم آخر سيعلم فيه الضحايا وعامة الناس أن ضابطاً آخر في شرطة العاصمةMetropolitan Police  يتمتع بحرية استخدام سلطته من أجل ارتكاب أعمال عنف خطيرة ضد النساء. إنني مرعوبة جداً من حجم وفظاظة الجرائم التي ارتكبها ديفيد كاريك.

على مدى عقدين من الزمن، فشل رجال شرطة العاصمة، الذين نتوقع منهم أن يحافظوا على سلامتنا، فشلاً ذريعاً في تحديد هوية هذا الجاني المحترف وكشف جرائم كثيرة بين صفوفهم، وذلك سيؤثر بلا شك على ثقة الضحايا، وبخاصة النساء منهم، في إبلاغ الشرطة عما يواجهونه.

 

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 

وعقب إقرار كارير بالذنب، شعرت بالامتنان لأن كثيراً من الضحايا قد نجوا على الأقل من محنة المحاكمة، وأود أن أشكرهم على تحليهم بجرأة وشجاعة كبيرتين للتقدم بشكوى. في الواقع، ينبغي ألا نستخف على الإطلاق بمدى صعوبة مبادرة ضحية الاغتصاب بالتبليغ عن تعرضها لاعتداء. والجدير بالذكر أن الأمر يزداد صعوبة عندما يكون الجاني في موقع قوة يمكنه إساءة استخدام منصبه لإسكات الضحايا، ويكون محمياً بنظام لا يفي بالغرض المنشود.

وما زاد الطين بلة هو خرافات الاغتصاب التي لا تزال سائدة في مجتمعنا وفي نظام العدالة الجنائية لدينا، وأكثرها شيوعاً هو أن "النساء يكذبن" وأن الاتهامات الباطلة منتشرة. وهذا ببساطة ليس صحيحاً، وقد أثبتت أجهزة العدالة ذلك مراراً وتكراراً، وأظهرت بيانات "النيابة العامة البريطانية" CPS أنه على مدار 17 شهراً، لم يحدث سوى 35 محاكمة بسبب الإدلاء بتصريحات كاذبة، مقابل أكثر من 5600 حالة اغتصاب.

هناك توجه كبير داخل الشرطة والنيابة العامة لتحسين الاستجابة لضحايا الاغتصاب، من خلال التركيز على المشتبه به وليس الضحية. من الواضح أن هذا العمل لا يزال أمامه طريق طويل قبل أن نرى تحسناً إيجابياً. إذا فهم الناس حقاً المحنة المؤلمة التي يعانيها الضحايا والتدقيق المكثف الذي يخضعون له خلال سنوات انتظارهم الطويلة للعدالة، فإنهم سيدركون الشجاعة الهائلة التي يتطلبها الإبلاغ. وتجدر الإشارة إلى أن توقف سير إجراءات الدعوى لا يعني أن الادعاء كاذب.

لقد أصابني الهلع أيضاً عندما علمت أن أكثر من 1000 ضابط وموظف يخدمون حالياً في شرطة العاصمة قد وُجهت إليهم سابقاً اتهامات خطيرة، وبينما أرحب بقرار شرطة العاصمة الذي يقتضي مراجعة كل هذه الادعاءات، ليس هناك مجال للاستخفاف بتجارب الضحايا أو التغاضي عنها.

في الحقيقة، يجب أن تتعلم الشرطة تحديد وتحليل أنماط السلوك التي تُظهر الخطر الحقيقي على الضحايا، واتخاذ إجراءات سريعة لحمايتهم. هذا هو المكان الذي تحتاج فيه شرطة العاصمة بشكل عاجل إلى التدريب والدعم من الخبراء في القطاع التطوعي وذلك من أجل تطوير خبراتهم في تحديد السلوكيات الخطيرة والمشبوهة والتصدي للعنف الذكوري ضد النساء والفتيات.

لقد سبق أن سلطت مراجعة البارونة كيسي Baroness Casey الضوء على المشكلات المتعلقة بقضايا سوء السلوك الجنسي، إذ إن 70 في المئة منها قد جرى إسقاطه أو كان يفتقر إلى الأساس القانوني. واستطراداً، استمعت مباشرة إلى أقوال الضحايا الذين قدموا شكوى للشرطة بشأن سوء السلوك والجرائم الجنائية الخطيرة، ولكن تم إلقاء اللوم عليهم، أو الاستخفاف بمزاعمهم أو رفضها.

وهذا يُظهر الحاجة الملحة إلى الإصلاح واعتماد قوانين أكثر صرامة، إذ من الواضح أن شرطة العاصمة غير قادرة على إجراء تقييم غير منحاز للضباط الذين يخذلون الضحايا وعامة الشعب والتحقيق معهم وعزلهم.

يجب أن توضح لنا هذه القضية أيضاً لماذا ينبغي ألا نسمح مطلقاً بعدم الكشف عن هوية المشتبه بهم في جرائم الاغتصاب، ولماذا يُعد الإبلاغ العادل والشفاف عن القضايا الجنائية أمراً مهماً. في هذه الحالة وكثير من الحالات الأخرى، يبدأ الأمر مع ضحية واحدة تتخذ هذه الخطوة الشجاعة للإبلاغ عما حدث، ما يمنح الآخرين القوة للتبليغ أيضاً عن الأمور المريبة. معاً، حققت هؤلاء النساء العدالة لأنفسهن وبعضهن البعض.

إن جريمة كاريك، إلى جانب الانتشار الواضح لمرتكبي الجرائم الجنسية داخل صفوف شرطة العاصمة، تذكرنا بالمسائل الثقافية المهمة داخل سلك الشرطة؛ الثقافة التي اجتذبت هؤلاء الأشخاص، وسمحت لهم بالتقدم مهنياً، وزودتهم بسلطة على الأفراد الضعفاء من عامة الشعب.

وفي حين بُذلت جهود إيجابية كثيرة من أجل التصدي للعنف ضد النساء والفتيات، فمن الصعب علينا أن نطلب من النساء أن يثقن بالشرطة عندما يكون هذا العدد الكبير من الضباط العاملين يواجه اتهامات خطيرة.

أنا أعلم أن المفوض الجديد ملتزم بإجراء إصلاحات في سلك الشرطة لتحديد مثل هؤلاء الضباط وعزلهم، بيد أن الناس بحاجة إلى طمأنة عاجلة بأنه من الآمن بالنسبة إلى النساء أن يبلغن عن تلك الاعتداءات. وأعتقد أن حجم جريمة مماثلة، إلى جانب الكشف المستمر عن سوء السلوك، يستدعي إجراء تحقيق مستقل، ومن الضروري أن يقوم وزير الداخلية الآن بتوسيع تحقيق أنجيوليني [إيليش أنجيوليني هي كبيرة ممثلي الادعاء العام في اسكتلندا] لتغطية جريمة كاريك.

سأستمر في الضغط من أجل إنشاء مركز مستقل لرعاية الضحايا، الأمر الذي سيساعد شرطة العاصمة على تحسين خدماتها للضحايا بشكل كبير. ولا يمكن تحقيق ذلك واسترجاع ثقة الناس إلا من خلال التغيير الجذري والرقابة المستقلة.

كلير واكسمان مفوضة الضحايا في لندن الحائزة على رتبة الإمبراطورية البريطانية OBE.

© The Independent

المزيد من آراء