Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"آسيان" تحتمي بالغرب في ساحة الحروب السيبرانية

إنشاء لجان للتنسيق في "الأمن الرقمي" والولايات المتحدة تحذر الدول من التوغل الاستثماري الصيني في مجال الاتصالات

الاتحاد الأوروبي وآسيان ناقشا إمكانية تعزيز التعاون بينهما في مجال الأمن الرقمي (أ ف ب)

سلطت تقارير صادرة عن منظمات أمنية غربية وشرقية الضوء على ارتفاع نسبة الاختراقات الرقمية الممنهجة للمنظمات الحكومية في منطقة جنوب شرقي آسيا، التي بلغت حدتها في السنوات الأخيرة، فيما أشار بعضها بأصابع الاتهام إلى بكين محذرة الدول الآسيوية من التوغل الاستثماري الصيني في مجال الاتصالات والرقمنة، باعتباره يشكل خطراً على الأمن الرقمي لدول آسيان.

في المقابل التزمت دول جنوب شرقي آسيا الصمت حيال الاتهامات الغربية للهجمات الصينية السيبرانية، ساعية إلى تعزيز أمنها الرقمي بالتعاون مع عدد من الدول الغربية ووضع استراتيجيات لدعمه، وتبني سياسات وإطار عمل مشترك لتحسين الاستجابة للحوادث الرقمية الطارئة، وإنشاء لجان للتنسيق في مجال الأمن الرقمي.

وفي يناير (كانون الثاني) الماضي أعلنت آسيان تدشين استراتيجية التعاون في الأمن الرقمي حتى عام 2025. وينادي محللون آسيويون بضرورة الإسراع في تلك السياسات حتى لا تسقط هذه الدول في فخ الهجمات المتكررة التي تشهد ازدياداً بين عام وآخر.

وخلال القمة التي جمعت بين دول الاتحاد الأوروبي بآسيان، ناقش الجانبان إمكانية تعزيز التعاون بينهما في مجال الأمن الرقمي، فيما ترفع دول آسيان من قدراتها الأمنية في الفضاء الرقمي ورفع مستوى التعاون في المجال السيبراني مع دول الرابطة لمكافحة الهجمات التي تستهدفها بين حين وآخر. 

الحرب الرقمية

أضحى الفضاء الرقمي ساحة حرب بين الحكومات والدول، ويشير مصطلح "الحرب الرقمية" الذي راج في الفترة الأخيرة إلى الهجمات السيبرانية التي تنفذها دول أو جماعات إرهابية، ففي بعض الأحيان قد يشن هجوم من قبل منظمات أو أفراد بدعم ومساندة حكومية غير معلنة. وتستهدف تلك الهجمات الأنظمة التي تتحكم في الحواسيب المخترقة، فيمكن لعمليات الاختراق المخطط لها جيداً أن تتسبب في اضطراب أسواق الأسهم المحلية أو إغلاق بعض الخدمات الرقمية الضرورية وإضعاف الاستجابة العسكرية وتعطيل الاقتصاد، فعلى سبيل المثال وخلال العام الماضي ظهرت تقارير تتحدث عن هجمات روسية ممنهجة ضد دول غربية، حيث تعرضت المملكة المتحدة والولايات المتحدة والمؤسسات الحيوية بهما لهجمات روسية، من جانب آخر اتهم مسؤولون روسيون الولايات المتحدة وحلفاءها بالضلوع في إحدى الحملات للهجوم الرقمي على روسيا كرد على الحرب في أوكرانيا.

كما أن توتر العلاقات الصينية - الغربية المتصاعدة أخيراً في قضايا أمنية واقتصادية تضمنت تبادل الصين والغرب الاتهامات في تنظيم هجمات رقمية ضد بعضهم البعض، ففي سبتمبر (أيلول) الماضي اتهمت الصين وكالة الأمن القومي الأميركية بهجمات رقمية واسعة ضد إحدى المنشآت الصينية. وتعمل الدول على إيجاد طرق مختلفة ومتنوعة للحيلولة دون الهجمات الرقمية التي قد تضر بأمنها القومي، بدءاً من الدبلوماسية وحتى الاستعانة بالوكالات الاستخباراتية لاتخاذ إجراءات مضادة وفعالة.

اختراق معلوماتي

قبل أيام قليلة ذكر تقرير صادر عن أحد منظمات الأمن الرقمي أن حكومات عدد من دول جنوب شرقي آسيا تعرضت لهجمات اختراق يشتبه في ضلوع دولة آسيوية وراءها، على الأرجح يقصد بها الصين التي استهدفت هجماتها التي أجريت في الفترة بين سبتمبر وحتى ديسمبر (كانون الأول) الماضي حكومات ووكالات أمنية وعسكرية في دول آسيوية عدة ككمبوديا وإندونيسيا وماليزيا والفيليبين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وبحسب التقرير، فإن الهجوم الأخير عمل على رسائل التصيد الإلكتروني والبرمجيات الخبيثة لاستهداف الوكالات والمنظمات الحكومية والخاصة. وتهدف الهجمات الأخيرة إلى التجسس على أسرار الشركات وسرقة الوثائق الخاصة بها. ولم يشر التقرير إلى ماهية الوثائق التي تمت قرصنتها والأهداف الكامنة وراء الحصول عليها.

ولا تعد هذه الهجمات الأولى من نوعها، بل هي تكرار لنمط شائع في منطقة جنوب شرقي آسيا. ففي عام 2021 ادعت جهات أميركية أن مخترقين صينيين استهدفوا المؤسسات الحكومية والخاصة في جنوب شرقي آسيا، وذكرت في تقريرها أن الهجوم كان مدعوماً من الحكومة الصينية وكانت ماليزيا وفيتنام وإندونيسيا في مقدمة الدول المستهدفة من الاختراق. وفي أغسطس (آب) الماضي أعلنت شركة أميركية أمنية اعتزام مخترقين صينيين استهداف شركات تعمل في منطقة بحر الصين الجنوبي الذي يعد مسرح نزاع طويل في المنطقة فيما تنفي الصين باستمرار وقوفها وراء أي نوع من الهجمات الرقمية، وتوضح أنها ضحية للهجمات الأميركية وتصف واشنطن بـ"إمبراطورية الاختراق".

دعم غربي

تسابق التحالفات الحالية الزمن للحد من الهجمات الرقمية التي يمكنها أن تضر بثقة المؤسسات، وتهتم الدول الغربية بتعزيز علاقاتها مع دول منطقة جنوب شرقي آسيا من خلال التعاون في مجال الأمن الرقمي مع دول آسيان التي باتت تخشى من الهجمات السيبرانية المتكررة. فخلال القمة التاريخية بين الاتحاد الأوروبي وآسيان في ديسمبر الماضي خلص القادة إلى الالتزام بدعم التعاون بين الكتلتين في التحول الرقمي، كما دشنت على هامش تلك القمة الشراكة الرقمية بين سنغافورة والاتحاد الأوروبي. ويأتي ذلك ضمن أهداف الاتحاد الأوروبي في استراتيجية المحيطين الهادئ والهندي 2021 التي توسع شبكة الشراكات الرقمية مع دول المنطقة. 

كما عملت آسيان والولايات المتحدة على تطوير رؤية مشتركة لفضاء رقمي سلمي وموثوق وآمن.

وحذر مسؤولون أميركيون الدول الآسيوية من الاستثمارات الصينية في مجال الرقمنة والاتصالات باعتبارها تشكل خطراً على الأمن الرقمي لتلك البلدان، وركز التحالف الأميركي - الفيليبيني على الأمن الرقمي، حيث اتفقا على التعاون في هذا المجال في أعقاب تعرض مانيلا لاختراقات رقمية خلال العقد الماضي، وقدمت المؤسسات الأميركية المساعدة للفيليبين حين ضربت شبكاتها المحلية بسلسلة من الهجمات الرقمية في 2016.

وفي مارس (آذار) الماضي أعلنت الولايات المتحدة وسنغافورة إطلاق حوار بين البلدين في الأمن الرقمي وذلك في إطار تعميق التعاون بتطوير البنية التحتية، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2021 اتفقت فيتنام واليابان على التعاون في مجال الأمن الرقمي وحماية الفضاء.

آسيان والأمن الرقمي

أصبح الأمن الرقمي أكثر أهمية لدول آسيان في السنوات الأخيرة وبالتزامن مع جائحة "كوفيد-19" إذ ارتفعت أعداد مستخدمي الإنترنت في المنطقة بنسبة كبيرة. وبحسب تقديرات حكومية ارتفع العدد في جنوب شرقي آسيا إلى 400 مليون شخص مع توقعات بأن يصل حجم الاقتصاد الرقمي في آسيان إلى تريليون دولار في 2030. وهو أمر تعكسه الأرقام، حيث تشير الإحصائيات إلى أن المنظمات في المنطقة أنفقت ما يصل إلى 3.2 مليار دولار لتعزيز الأمن الرقمي. وإلى جانب ذلك شهدت آسيا العام الماضي هجمات عدة بأسلوب الفدية في قطاعات مختلفة، على رأسها الصحة العامة مما جعلها تشكل تهديداً للأمن القومي لدول المنطقة.

المزيد من تقارير