Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ما هي دلالة أحدث تعديل على قانون "سلامة الإنترنت" البريطاني؟

مديرو مواقع التواصل الاجتماعي سيخضعون للمساءلة الجنائية يوم يسمح بملاحقتهم

مطالبة بفرض عقوباتٍ على المديرين التنفيذيين للمنصات الإلكترونية الذين يتقاعسون عن أداء واجبهم القانوني بحماية الأطفال (رويترز)

في مواجهة هزيمةٍ شبه مؤكدة لمشروع قانون "سلامة الإنترنت" في مجلس العموم، أَذعنت حكومة سوناك صاغرةً لمطالب متمردي حزب المحافظين بتعديل مسودة التشريع. وهذا التعديل هو الأحدث في سلسلة التعديلات التي أُدخلت على جوانب رئيسية من السياسة المقترحة. والآن وقد وصل الأمر إلى مرحلة القراءة النهائية وإقرارها في مجلس العموم، لم يبقَ أمام الحكومة سوى التفاوض مع المتمردين بشأن تعديلٍ متفق عليه. ومن المرجح لمشروع القانون، بصيغته المعدلة، أن يُصبح قانوناً نافذاً في غضون الأسابيع المقبلة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ما الذي حصل عليه المتمردون في حزب المحافظين؟

بقيادة النواب المحافظين أندريا ليدزوم وبيل كاش وبريتي باتيل وإيان دنكن سميث، وبدعمٍ قوي من حزب العمال، طالب 50 معارضاً تقريباً بفرض عقوباتٍ أكثر صرامةً على المديرين التنفيذيين للمنصات الإلكترونية الذين يتقاعسون عن أداء واجبهم القانوني بحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت والحؤول دون تعرضهم لمواد تتعلق بالتنمر أو إيذاء النفس أو الإرهاب أو الخلاعة وغيرها؛ بمعنى آخر، معاقبة عدم الوفاء بالالتزام القانوني بأنواعه المختلفة بالسجن لمدة عامين تطبيقاً لمبدأ المسؤولية الجنائية الفردية الذي يدخل في صلب التعديل الجديد.

ماذا يعني ذلك عملياً؟

من الصعب تحديد ما هو المقصود بالضبط. لكن الأكيد أن مشروع قانون "سلامة الإنترنت" يُوصي مديري المواقع ومنصات التواصل الاجتماعي التي تُتيح للمستخدمين نشر أي نوع من المحتوى، اتخاذ "إجراءات متناسبة"، من قبيل التحقق من العمر وحجب المحتوى غير اللائق وتفعيل أدوات الرقابة الأبوية، لمنع وصول الأطفال إلى مواد وبيانات مسيئة.

وقد حرص المتمردون كل الحرص على أن يتضمن التشريع المقترح ضرورة إخضاع كل مدير تقني يفشل في الحفاظ على سلامة الأطفال عبر الإنترنت لعقوبة تصل إلى السجن لمدة عامين، ويبدو أن الحكومة قد أقرت بذلك الآن.

وبالنسبة إلى بعض المنصات، على غرار "واتساب"، فإن بيت القصيد من الطبيعة المغلقة لإحدى الشبكات هو عدم تيسر وصول الآخرين إلى ما يُقال ويُفعل على هذه الشبكة. بالتالي، قد يكون من المستحيل عملياً رصد الأضرار في الوقت الفعلي، مع إمكانية أن تبقى المواد التي يُشاهدها الأطفال مطموسةً وألا تظهر للعلن إلا بعدما يتعرض أحدهم للأذى جراءها أو، في أقصى الحالات، يفقد حياته متأثراً بها.

ما هي الفوائد؟

لا ينفك الرأي العام عن الوجس والقلق إزاء حجم وطبيعة الرسائل والفيديوهات والصور المؤذية والسامة التي يتم تداولها عبر الإنترنت في ظل غيابٍ شبه تام للوائح ترعى هذه المحتويات، وهذا أمر مفهوم ومنه انبثقت فكرة مشروع القانون الذي يهدف، كما يُوحي اسمه، إلى تقليل مظاهر التنمر والإساءة عبر الإنترنت، لا سيما تجاه الأطفال، من دون التعدي بصورةٍ مؤثرة على الحقوق والحريات.

ما سلبيات التعديل الجديد على مشروع القانون؟

التطبيق العملي؛ فالمنصات الإلكترونية كبيرة لدرجة يتعذر مراقبتها بشكلٍ فعال، كما أن العديد منها – مثال "تويتر" – يُعول على المستخدمين للإبلاغ عن أي انتهاكات للقانون أو مدونة السلوك. وفي البرامج النصية، قد يكون صعباً بأضعاف المرات تحقيق الاعتدال بوجود مستخدمين لا يُمكن الكشف عن هويتهم ويستعملون لغة مشفرة. والحال كذلك، قد يُجادل بعض مديري الشركات الرقمية بأنهم يُعاقَبون بصفة غير متناسبة على جرائم خارجة عن إرادتهم، فيما قد يعتبر بعضهم الآخر أن القانون الذي تفرضه الدولة عبر "منظم قطاع الاتصالات" (Ofcom)، ينتهك حقوق حرية التعبير بأوسع معانيها.

ونتيجة ذلك، قد يرتدع كثيرون عن العمل في القطاع أو حتى رفض بيع منصاتهم أو تشغيلها في المملكة المتحدة، مع العلم أنه لا يزال أمام المسؤولية الجنائية الفردية سلسلة من التجارب القضائية لاختبار حدودها في ظل مجموعة معينة من الظروف، مثل الحداثة النسبية للتشريع في هذا المجال.

هل سيُؤثر التعديل في خدمة الإنترنت؟

محتمل. إلى جانب فرض عقوبة السجن على المديرين التنفيذيين لشركات من طراز "فيسبوك" أو "تيك توك" – مع إمكانية تحديد هوية هؤلاء ضمن الولاية القضائية للمملكة المتحدة – سيرفع القانون تكلفة تشغيل خدمة الإنترنت. فالتحقق من أعمار المستخدمين يتطلب من الشركات الرقمية بذل جهدٍ كبير للتأكد من تاريخ ميلاد كل مستخدم وعدم السماح لمن هم دون الثالثة عشر عاماً بالاطلاع على محتوى حساس أياً كان. وكلما زادت الرقابة والضوابط صرامةً ونفوراً، زادت فرصة تأجيل المستخدمين المحتملين للتسجيل على المنصات؛ ومن شأن هذا أن ينعكس سلباً على ربحية هذه الأخيرة وإعلاناتها وإيرادات اشتراكاتها وحركة المرور لديها، والنتيجة: تهرب المنصات الأقل تشدداً والمستخدمين الأقل دقةً من براثن الرقابة.

ومن الناحية النظرية، سيمنح القانون "منظم قطاع الاتصالات"، صلاحية تغريم الشركات بمبلغ يصل إلى 18 مليون جنيه استرليني أو بنسبة 10 في المئة من عائداتها العالمية (أي حوالى 10 مليارات جنيه استرليني لشركة "ميتا" (Meta) التي تمتلك كل من "فيسبوك" و"واتساب" و"إنستغرام"). كما سيُوليه حق توقيف المواقع غير المتعاونة عن العمل، مع أن خطوةً مماثلة ليست بالأمر السهل. وفي مرحلةٍ من المراحل، قد يُصبح من الواضح أن "ميتا" و"ألفابت" (Alphabet) و"سناب" (Snap Inc) و"تيك توك" المملوكة للصين بعيدات كل البعد من متناول "منظم قطاع الاتصالات" والحكومة.

ماذا سيحدث تالياً؟

بعدما "أقنع" المتمردون وزيرة الثقافة ميشيل دونيلان وريشي سوناك بعدالة قضيتهم خلال عطلة نهاية الأسبوع، أُضيفت المادة التي كانوا يُنادون بها بشأن المسؤولية الجنائية إلى مشروع القانون مع إحالته إلى مجلس اللوردات لإقراره. وبانتظار صدور الصياغة الدقيقة لنص التشريع، تقول السيدة دونيلان إن مشروع القانون سيُخضع رؤساء وسائل التواصل الاجتماعي "للمساءلة الجنائية عن أفعالهم... ومن اليوم فصاعداً، لن يقوى المديرون التنفيذيون مجهولو الهوية على تقاذف المسؤولية والاختباء خلف الثغرات الخاصة بالشركات".

ماذا يُخبرنا هذا كله عن الحكومة؟

يُخبرنا ببساطة أن الحصول على غالبية 70 صوتاً أو أكثر في مجلس العموم لا يضمن تمرير أو تبني أي تشريع. فمشروع قانون مزارع الرياح لم يسلم من التعديلات المتكررة، شأنه شأن أهداف قطاع الإسكان المحلي ومشروع قانون المدارس وخطة تراس للتصديع المائي وخفض الضرائب، وأخيراً وليس آخراً، مشروع قانون "سلامة الإنترنت" الذي قُدم منذ ما يقرب من عام وكان ذات يوم فخر نادين دوريس.

وكل هذا يُضاعف الإحساس "بالافتقار للهدف" مع محاولة حزب المحافظين استعادة أنفاسه بعد اضطرابات عام 2022. والأهم من ذلك أنه يُميط اللثام عن انقسام المحافظين أكثر من أي وقتٍ مضى – وتمزقهم إلى فصائل متنوعة، من بينها "مجموعة البحوث الأوروبية" (ERG) اليمينية إلى حد ما والمشككة في أوروبا - وتعرضهم بشكلٍ مرضي للتآمر تحت مظلة زعيمٍ خاسر هو بوريس جونسون. ولا أعتقد أن أياً مما سبق ذكره يُبشر بالخير للوحدة والاتساق مع اقتراب موعد الانتخابات العامة.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة