أجرى عدد من العلماء عملية تعديل اصطناعية باستخدام الهندسة الوراثية للتركيب الجيني لدى مجموعة من "الديدان المستديرة" roundworms كي تكتسب القدرة على تحويل الضوء إلى طاقة خلوية وتعيش عمراً أطول، وذلك في تقدم علمي يسلط الضوء على الآليات الكامنة وراء حدوث الشيخوخة.
الدراسة التي نشرت أخيراً في مجلة "نيتشر آجينغ" Nature Aging، أظهرت قيام العلماء بإدخال تعديل جيني على أجزاء مهمة من الخلايا تسمى الـ "ميتوكوندريا"، وتوصف بأنها مصانع توليد الطاقة داخل دودة مستديرة تسمى "الربداء الرشيقة"C elegans ، مما سمح لتلك العضيات الخلوية [ميتوكوندريا] بتحويل الضوء إلى طاقة كيماوية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ووجد الباحثون، بمن فيهم باحثون من "جامعة روتشستر" في الولايات المتحدة، أنه من طريق تعزيز عملية التمثيل الغذائي أو الأيض باستخدام "ميتوكوندريا" عاملة بالطاقة الضوئية، تتمتع ديدان المختبر "بحياة أطول وأكثر صحة".
الباحث المشارك في الدراسة أندرو فويتوفيتش قال "ستمكننا هذه النتائج وأدوات البحث الجديدة من دراسة الـ ’ميتوكوندريا‘ بشكل أكبر، وتحديد أساليب جديدة لعلاج أمراض مرتبطة بالتقدم في العمر والعيش حياة أكثر صحة في سنوات الشيخوخة".
ومعلوم أن الـ "ميتوكوندريا" تشكل مراكز الطاقة الموجودة في معظم الخلايا التي تستخدم الغلوكوز لإنتاج مركب "الأدينوسين الثلاثي الفوسفات" (ATP)، الجزيء الذي يعتبر عملة الطاقة المستخدمة لأداء الوظائف الرئيسة في الخلايا.
إنتاج "الأدينوسين الثلاثي الفوسفات" في الـ "ميتوكوندريا" يأتي بعد سلسلة تفاعلات كيماوية سمح بها تبادل للبروتونات عبر غشاء يفصل الأجزاء في مصانع الطاقة الخلوية هذه.
الكفاءة التي تحدث بها هذه العملية داخل الـ "ميتوكوندريا" تسمى "الجهد الغشائي" (فرق في الجهد الكهربائي عبر جدار الخلية)، علماً أن هذا العامل معروف بأنه يؤدي دوراً محتملاً في الأمراض المرتبطة بالشيخوخة مثل الاضطرابات التنكسية في الجهاز العصبي.
وفي الدراسة الجديدة أجرى العلماء تعديلاً جينياً على الـ "ميتوكوندريا" في دودة "الربداء الرشيقة" لتضمينها مضخة بروتون [نوع من البروتينات الغشائية التي تنقل البروتونات عبر الميتوكندريونا وغشاء الخلية أو عضيات أخرى] تتجاوب مع الضوء حصلوا عليها من أحد أنواع الفطريات، وعند تعريضها للضوء عملت مضخات البروتون في الدودة المستديرة على نقل الأيونات المشحونة عبر الغشاء مستخدمة الطاقة المستمدة من الضوء لشحن الـ "ميتوكوندريا".
هذه العملية التي تسمى الـ "ميتوكوندريا أون" (mtON) عززت إنتاج مركب "الأدينوسين ثلاثي الفوسفات" والجهد الغشائي مما أسفر عن زيادة تراوحت بين 30 و40 في المئة في عمر الديدان.
وعن هذا ذكر الباحث المشارك في الدراسة براندون بيري أن "ما قمنا به في الأساس هو توصيل لوح شمسي بالهياكل الأساس الموجودة لتوليد الطاقة [ميتوكوندريا]، وفي هذه الحال يمثل اللوح الشمسي أداة الجينات الضوئية الـ ’ميتوكوندريا أون‘ والآلية العادية للـ ’ميتوكوندريا‘ قادرة بعد ذلك على تسخير الطاقة الضوئية بغرض توفير مركب الأدينوسين الثلاثي الفوسفات، إضافة إلى مسار الاتقاد الطبيعي".
ويقول الباحثون إن الدراسة تلقي نظرة ثاقبة على الأدوار البيولوجية المعقدة المنوطة بالـ "ميتوكوندريا" في جسم الإنسان، وكذلك توفر طريقة جديدة محتملة للتلاعب بهذه العضية ودراستها.
وختاماً ذكر العلماء في الدراسة، "تقدم نتائجنا دليلاً سببياً مباشراً على أن إنقاذ التدهور المرتبط بالعمر في إمكانات غشاء الـ ’ميتوكوندريا‘ كاف لإبطاء معدل الشيخوخة وزيادة سنوات العمر الصحية وفترة الحياة لدى المرء".
© The Independent