Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الكابيتال كونترول" ما زال عالقا في شباك الأزمة اللبنانية

بين من يرى أنه لا فائدة منه ومن يعتبره ممراً إلزامياً للترتيب مع صندوق النقد و"حزب الله" يلوح بالرفض

من المفترض أن يحمي قانون الكابيتال كونترول أموال المودعين (موقع مجلس النواب)

بعد أكثر من ثلاث سنوات على أزمة الودائع في المصارف اللبنانية، وبعد 13 جلسة امتدت لأكثر من عام، أقرت أخيراً اللجان النيابية المشتركة مشروع قانون "الكابيتال كونترول".

وأحالت اللجنة مشروع القانون إلى الهيئة العامة للمجلس النواب للتصويت عليه، في وقت غير محدد بسبب استحالة عقد جلسة تشريعية في ظل استمرار الفراغ الرئاسي، باعتبار أن عمل المجلس محصور حالياً فقط بانتخاب رئيس للجمهورية كهيئة ناخبة لا تشريعية.

مصادر نيابية ترى أن الصيغة الأخيرة، التي خرج بها مشروع القانون، هي أفضل الممكن في ظل التضارب الكبير بالمواقف بين النواب والتكتلات النيابية.

وكشفت المصادر عن أن الصيغة النهائية مختلفة تماماً عن صيغة مشروع القانون المقدم من قبل الحكومة، ويتعارض مع ما نسب إلى أنه من شروط صندوق النقد الدولي كعنوان للتمويل والضغط من أجل القبول بصيغته الأولى.

ومن الواضح أن هدف إقرار القانون هو معالجة ثلاث قضايا أساسية وإقرارها في قانون واحد، وهي تنظيم العلاقة بين المودع والمصرف، ووضع ضوابط على حركة رأس المال من الداخل اللبناني وإليه، ومعالجة قضية الدعاوى القضائية على المصارف من قبل المودعين.

وأبرز المواد، التي كانت محور الجدل بين القوى السياسية، هي 11 و12 و13 و14 التي تنص على الغرامات والعقوبات لأي أحد يخالف تطبيق هذا القانون، ولا سيما المادة 12 التي أقرت بصيغتين وأرجئ بتها لحين انعقاد الجلسة العامة للمجلس.

وتنص المادة على بند المودعين وحقوقهم بالنسبة إلى الدعاوى على المصارف، ومنها التي تقام خارج لبنان، إذ قالت الصيغة الأولى بشطب هذه المادة من القانون، وبينما تبقي الثانية على أن للمودعين حق الادعاء ورفع الشكاوى القضائية ضد المصارف خلال سريان تنفيذ هذا القانون الذي أقر لمدة سنة قابلة للتجديد بعد أن تم تعديله من سنتين.

الدعاوى القضائية

يبدو الانقسام واضحاً حول إقرار قانون "الكابيتال كونترول" في مجلس النواب بين فريق يعتبره لزوم ما لا يلزم، وأن تأخره أربع سنوات بعد الأزمة بات بلا فائدة، وفريق آخر يرى أن هذا القانون يجب أن يكون ضمن حزمة قوانين إصلاحية تراعي شروط صندوق النقد الدولي.

وبالنتيجة، وإن تم الانتهاء من إقرار صيغة الحد الأدنى من التوافق حول هذا القانون، فإن إقراره ليس محسوماً إذ إن الكتل النيابية لديها وجهات متباعدة حوله، الأمر نفسه بالنسبة إلى المصارف التي برأيها أن إقرار القانون سيقيد الحرية المصرفية ويصغر حجم الاقتصاد، لكن الفائدة الوحيدة بالنسبة إليهم هي قضية الدعاوى القضائية، التي إن استمرت قد تؤدي إلى إفلاس عديد منها.

شطب الودائع

رئيس لجنة الإدارة والعدل النائب جورج عدوان قال إن الأولوية بالنسبة إليه إجهاض الخطة "الجائرة" التي وضعتها الحكومة تحت عنوان "إعادة التوازن المالي"، التي تكتمت حول بنودها وتبين أنه حال إقرارها تؤدي إلى شطب 60 مليار دولار من أموال المودعين.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف عدوان أن "واجبنا الأول في كل ما نقوم به هو أن نجد طريقة يصل من خلالها المودعون إلى حقهم، واجبنا يقضي بالدفاع عن حقوق المودعين وتحديد المسؤوليات وتوزيع الخسائر"، مشدداً على أن استكمال معركة الدفاع عن حقوق المودعين عند التصويت على القانون في الجلسة العامة لمجلس النواب.

وأوضح أنه تم خفض مهلة سريان القانون من سنتين إلى سنة، "وأخذنا في الاعتبار حقوق المودعين، وكنا تبنينا الصيغة الثانية"، مضيفاً أن هناك توصية واضحة من اللجان المشتركة بأن تدرس القوانين مع بعضها بعضاً، والحفاظ على الودائع وغيرها، وإقرار القوانين الأخرى المتعلقة بالتنظيم المالي وإعادة هيكلة المصارف.

وأشار عدوان إلى أنه متفائل لناحية وجود حلول للأزمة الاقتصادية من خلال تشريع قوانين عقلانية تحافظ على المصارف، مشدداً على أنه في حال "إقفال المصارف نخسر كل شيء".

وأكد مسؤولية الدولة عن الفجوة المالية وطالب ضرورة تحمل مسؤولياتها، "الدولة لديها طرق لوضع استثمارات حقيقية ووضع خطة، وهناك أفكار خلاقة ممكن أن نعمل عليها من أجل عودة أموال المودعين".

يراعي تبييض الأموال

من ناحيته انتقد النائب ​مارك ضو تضمن مشروع قانون "الكابيتال كونترول" بنوداً لحماية المصارف من الملاحقة القضائية ومنع المحاكمات عنها.

وأشار إلى وجود من يحاول تمرير تعديلات تمكن حاكم مصرف لبنان رياض سلامة من السيطرة، مشدداً على أن "هذا ​القانون​ يجب ألا يقر من دون ربطه بإعادة هيكلة المصارف وقانون استعادة التعافي المالي".

بدوره رأى النائب إبراهيم منيمنة أن "مشروع الكابيتال كونترول كان مطلوباً عام 2019، أما بعد ثلاث سنوات من الأزمة فالمطلوب قانون بصيغة أخرى لتنظيم السحوبات، والقانون المطروح حالياً ليس واضح الهدف وعليه علامات استفهام كبيرة".

وأشار إلى أنه "لو طبقت خطة لازارد لكان كل مودع استحق 500 مليون دولار من وديعته بدل المفاوضة على 100 مليون دولار حالياً، مضيفاً أن "قانون السرية المصرفية له كثير من الأبعاد والمحاسبة واحدة منها، ويمكن أن يكون هذا القانون نقطة تحول في تاريخ لبنان".

وأكد منيمنة أن لبنان ظل محافظاً على قانون السرية المصرفية كما هو منذ 60 عاماً على رغم تطوره في أنحاء العالم بشكل يراعي الشفافية، والقانون الموجود حالياً يراعي "تبييض الأموال" ولا يراعي الاستثمار الجدي.

تصوب الخطة

كما انتقد رئيس لجنة المال والموازنة النائب إبراهيم كنعان الخطة الحكومية للإنقاذ الاقتصادي، ورأى أن القانون المقترح حول الكابيتال كونترول قد يصوب بعض الأخطاء التي ارتكبتها الحكومة.

ولفت إلى أن فريقه السياسي كان يحذر على مدى 13 سنة من ضرورة معالجة الفجوة المالية المتراكمة، مشدداً على أن قضية الودائع أهم خطوة يرتبط بها قانون الكابيتال كونترول والقوانين المالية الأخرى.

وأوضح كنعان أن الحكومة ومصرف لبنان والمصارف مسؤولون، فلا يجوز استمرار الحديث عن أرقام تقريبية بعد ثلاث سنوات من الانهيار، متسائلاً "على أي أساس يتم تصنيف الودائع بين مؤهلة وغير مؤهلة؟".

حزمة تشريعات

من ناحيته قال أمين سر كتلة اللقاء الديمقراطي النائب هادي أبو الحسن إن "مشروع القانون يلبي شروط صندوق النقد الدولي، الذي في الأساس لم نكن نحن كحزب تقدمي اشتراكي مغرومين بوصفاته"، معتبراً أن الأمر بات ممراً إجبارياً بعد الكبوة الحالية.

ولفت إلى أهمية إقرار القوانين والإجراءات الإصلاحية الضرورية، مؤكداً أنه لا يجوز أن نبحث في الكابيتال كونترول بمعزل عن خطة اقتصادية واضحة وخطة التعافي والإصلاحات، مطالباً المجلس النيابي بإقرار حزمة تشريعات تتضمن جميع القوانين المرتبطة بخطة التعافي وليس الكابيتال كونترول وحده.

إسقاط المصارف

وترى مصادر مقربة من نواب "حزب الله" أن المشروع المقترح لـ"الكابيتال كونترول" متساهل مع المصارف، ملمحة بالتوجه للتصويت ضده في الهيئة العامة للمجلس.

ويرى الحزب أن المصارف بالشراكة مع مصرف لبنان هم السبب الأساسي في الفجوة المالية نتيجة طمعهم بالفوائد الضخمة، وتحقيق أرباح طائلة نتيجة الهندسات المالية التي قام بها رياض سلامة لصالحهم.

وأشارت المصادر إلى أن ثقافة الفساد التي استشرت في البلاد انطلقت من السياسة المصرفية التي نشأت على شراكة بين السياسيين الذين قاموا بتقنين "الفساد"، معتبرة أن أصحاب المصارف هم وجه آخر للسياسيين الفاسدين، بالتالي محاسبة المصارف هي من محاسبة السياسيين.

المزيد من تقارير