Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

إسرائيل تفتش في الدفاتر القديمة عن "مستوطنات الغد"

"أملاك يهودية" بالخليل في طريقها للمستوطنين وأصحابها: "نفضل تأجيرها للفلسطينيين ومحبي السلام"

وفقاً للراوية الإسرائيلية تقع أجزاء من "سوق الجملة" في الخليل على أنقاض ممتلكات سكان الحي اليهودي القديم (اندبندنت عربية)

في الوقت الذي يتظاهر عشرات آلاف من الإسرائيليين والفلسطينيين في تل أبيب تعبيراً عن رفضهم سياسة الائتلاف الحكومي الذي يضم أحزاباً يمينية ويمينية متطرفة وأخرى دينية متشددة يخشون أن تكون "معادية للديمقراطية"، تثبت الحكومة الجديدة يوماً بعد يوم أنها ماضية على قدم وساق في تطبيق خططها، لا سيما البنود المتعلقة بالضفة الغربية، حيث تعتزم الحكومة، بموجب الاتفاق الائتلافي بين حزبي "الليكود" و"الصهيونية الدينية"، الإيعاز لقائد المنطقة الوسطى في الجيش الإسرائيلي بأن يعدل "قوانين عسكرية" من شأنها نقل أملاك من أيدي "المسؤول عن الأملاك الحكومية في الإدارة المدنية إلى أيدي مالكيها الأصليين".

أمر عسكري

الاتفاق يقضي بتسليم مستوطنين أراضي من الضفة الغربية تقدر مساحتها بـ13 مليون متر مربع، قسم منها يقع، بحسب صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، في المناطق "ب" التي تخضع لسلطة إدارية فلسطينية وسيطرة أمنية إسرائيلية وتديرها "الإدارة المدنية" تحت مسمى "أراضي عدو"، بدعوى أن السلطات الأردنية أممتها قبل سيطرة إسرائيل على الضفة عام 1967، في حين أن نقل الملكية على هذه الأراضي، بحسب مراقبين، سيرتبط بخطة حكومية إسرائيلية لبناء 70 مسكناً للمستوطنين في المنطقة التي يطلق عليها "سوق الجملة" في مدينة الخليل جنوب الضفة، بزعم أن يهوداً كانوا يملكونها أو أنهم ورثة لمالكين لها قبل النكبة عام 1948.

وفقاً للراوية الإسرائيلية، تقع أجزاء من "سوق الجملة" وعدد من البيوت الإسرائيلية في الخليل على أنقاض ممتلكات سكان الحي اليهودي القديم، الذين سكنوا المدينة حتى مذبحة الخليل عام 1929، التي نفذها فلسطينيون في شهر أغسطس (آب) من العام نفسه وقتل فيها 67 يهودياً، حيث قامت المملكة الأردنية في أعقاب المذبحة، بمصادرة المنازل والمحلات التجارية التابعة ليهود الخليل وأجرتها لبلدية الخليل كمستأجر محمي في إطار قانون أملاك الغائبين الأردني، وتم الحفاظ على هذه المكانة بعد عام 1967 إلى حين إغلاق منطقة السوق في أعقاب مجزرة الحرم الإبراهيمي عام 1994، والإعلان عنها مناطق عسكرية مغلقة. وتمدد السلطات الإسرائيلية سريان الأمر العسكري باستمرار، الأمر الذي يمنع التجار الفلسطينيين من العودة إلى حوانيتهم في السوق.

مستأجر محمي

بلدية الخليل بدورها أكدت أن حقوق الملكية لهذه المباني (70 مبنى) مثبتة لمواطنين فلسطينيين، من خلال معاملات بيوع وتسجيلات لم تسجل في "الطابو" الإنجليزي عام 1920.

محامي بلدية الخليل سامي شحادة يقول "تكمن خطورة الالتزامات الجديدة بين اليمين المتطرف و(الليكود) بتغيير الوظيفة الجوهرية لحارس الأملاك المتروكة، الذي تنحصر مهمته في المحافظة عليها من أي اعتداء حتى إتمام تسويات سياسية للوضع السياسي القائم، وهو ما يطرح تساؤلات كثيرة حول الوضع القانوني لأملاك الغائبين، وإمكانية الاستيلاء عليها وطرد المستأجرين المحميين".

ويضيف شحادة "هناك نزاعات مستمرة على الممتلكات الموجودة في منطقة الحرم الإبراهيمي وشارع الشهداء وحتى تل الرميدة، إذ تدعي إسرائيل أنها ممتلكات للمستوطنين، وهناك نحو 2000 محل تجاري مغلق في المنطقة بأوامر عسكرية".

 

موقع صحيفة "هآرتس" الإلكتروني ذكر في وقت سابق أن "الإدارة المدنية" كانت بعثت رسالة إلى بلدية الخليل، مطالبة إياها بالموافقة على هدم "سوق الجملة" في قلب المدينة من أجل إعادة بنائها من جديد، مهددة بأن للحكومة الإسرائيلية الحق في إخلاء البلدية من السوق، وإلغاء مكانتها كمستأجر محمي بزعم أن للبلدية سوقاً بديلة، لم يذكر موقعها.

وقالت الحكومة الإسرائيلية، في بيان سابق، إنها مستعدة للحفاظ على حق البلدية في الطابق السفلي إذا لم تعارض المخطط الاستيطاني، الذي سيضاعف عدد السكان اليهود في المدينة، ومن شأنه أن يخلق تواصلاً بين حي "أفراهام أفينو" اليهودي القائم وموقع "كهف البطاركة" (الحرم الإبراهيمي بحسب التسمية اليهودية).

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

 بناء جديد

ادعى الاستئناف الذي قدمته منظمة "السلام الآن" المناهضة للاستيطان، أن "رخصة البناء للحي تخالف مخططات البناء في المدينة القديمة، التي تقصر البناء على مبان من طابقين بارتفاع يبلغ تسعة أمتار بحد أقصى، ومن المتوقع أن يبلغ ارتفاع المبنى المخطط له في الحي الجديد، المكون من ستة طوابق، 24 متراً".

وادعى الاستئناف أيضاً أن "مخططات البناء في المنطقة تتطلب فحص مشاريع جديدة لمعرفة تأثيرها في الممتلكات القائمة، وأن المخططات التي تمت المصادقة عليها للحي لم تقم بذلك".

وقالت المنظمة، في بيان، بعد أن رفضت المحكمة العليا الإسرائيلية الاستئناف، إن "المستوطنة الكهانية في الخليل هي أبشع أوجه السيطرة الإسرائيلية على الضفة الغربية، بناء مستوطنة جديدة في قلب الخليل يشكل ضرراً كبيراً لإسرائيل ويتعارض تماماً مع المبادئ التأسيسية للحكومة".

وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، فقد تمت الموافقة على بناء الوحدات الجديدة من قبل الحكومة منذ أكثر من أربع سنوات، مع تخصيص أكثر من ستة ملايين دولار لذلك.

رئيس بلدية الخليل تيسير أبو سنينة يقول إن "هذا المخطط هو محاولة قديمة جديدة لربط البؤر الاستيطانية مع مستوطنة (كريات أربع) لتصبح كلها كتلة واحدة متصلة جغرافياً، الأمر الذي سيؤدى إلى إغلاق منطقة وسط الخليل، والفصل كلياً بين شمال وجنوب المدينة، والضغط على الناس تمهيداً لترحيلهم وإخراجهم من المنطقة".

إرث يهودي

في خضم سنوات من الأخذ والرد بين بلدية الخليل والحكومة الإسرائيلية حول ملكية "سوق الجملة" في وسط المدينة التي تعد بؤرة توتر بين الجانبيين، ادعى أحفاد اليهودي حاييم فاليرو عام 2011 أن ملكية المباني المتنازع عليها في الخليل تعود لهم منذ عام 1920، لكن المحكمة الإسرائيلية رفضت التماسهم وقررت بقاء الأملاك بيد حارس أملاك الغائبين، وبحسب ادعاء الملتمسين الإسرائيليين فإنه "لم يتمكن ورثة اليهود في الخليل من الحصول على أملاكهم لأن الحكومة الإسرائيلية قامت بتقسيمها على مستوطنيين".

يونا روخلين التي تؤكد أن والدها موشيه حسون ولد وعاش في الخليل حتى عام 1929، تقول لصحيفة "تايمز أوف إسرائيل" إن "الحديث يدور عن مستوطنة تقع على جزء من أملاكنا الخاصة التي ورثناها في الخليل، وعلى جزء من السوق الذي يريدون إنشاء مستوطنة أخرى فيه، هذا الأمر يثير غضبي لأن الحكومة والمستوطنين يتحدثون باسمنا كورثة، ويقولون إنهم يحققون العدالة التاريخية، ويعيدون لأنفسهم العقارات الخاصة بنا، يا لها من كذبة صارخة".

 

وأضافت يونا "إذا كان هناك سلام ربما سنحول الأملاك إلى بيوت لقضاء عطلة العائلة، أو نقوم بتأجيرها للفلسطينيين أو ليهود محبين للسلام، وليس للمستوطنين".

في المقابل، رد الناطق باسم الحي اليهودي في الخليل نوعم أرنون، بالقول "من جهة هم يعارضون الوجود اليهودي في الخليل ويؤيدون أن تكون للعرب، ومن جهة أخرى يدعون الملكية لأملاك توجد هناك، لولانا ولولا النشاط الذي نقوم به ما كان هناك يهود في الخليل على الإطلاق".

وقسمت الخليل، بحسب البرتوكول أو ما يعرف بـ"اتفاق الخليل" عام 1997 بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، إلى منطقتي H1 وH2، وأعطيت إسرائيل بموجبه السيطرة الكاملة على البلدة القديمة من الخليل وأطرافها، التي يسكنها نحو 600 مستوطن و200 طالب في مدارس دينية يهودية.

 في المقابل يسكن البلدة القديمة نحو 10 آلاف فلسطيني، وبحسب المعطيات فإن نحو 43 في المئة من المنازل في البلدة القديمة فارغة، و77 في المئة من المحال التجارية مغلقة، بواقع 1829 محلاً تجارياً، منها 512 محلاً مغلقاً بقرار عسكري إسرائيل، في حين يمنع على المركبات الفلسطينية الدخول إلى البلدة القديمة، حيث تقيم السلطات الإسرائيلية هناك 22 حاجزاً عسكرياً و105 عوائق حركة.

الأكثر خطورة

في حين تنهمك الحكومة الإسرائيلية بمتابعة الاحتجاجات ضد خططها لإجراء تغييرات شاملة في نظام القضاء، باشر مستوطن منذ أيام قليلة أعمال التجريف والحفر في أراض تقع غرب مطار قلنديا شمال غربي القدس وتقدر مساحتها بـ225.000 متر مربع، بهدف إقامة بؤرة زراعية استيطانية ضمن المناطق المصنفة "ج"، حيث دأب مزارعون من قرية قلنديا على زراعتها منذ عقود بموجب عقود استئجار من الحكومة الأردنية قبل عام 1967.

ونقلت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية عن مصدر من المستوطنين قوله إنه ليس بالإمكان رسم خرائط هيكلية في "أراضي العدو"، وعلى رغم ذلك تمكن مستوطنون في أماكن عدة على مر السنين من إلغاء هذه المكانة للأراضي بادعاء "اكتشاف خلل بتسجيلها في الأردن".

وجاء في تقرير إسرائيلي قدمه طاقم من الخبراء القانونيين برئاسة القاضية في المحكمة المركزية في القدس حايا زاندبرغ عام 2018، أنه "في حالات عدة على مر السنين سلمت السلطات الإسرائيلية أراضي كهذه من أجل إقامة مستوطنات".

 

وصادقت السلطات الإسرائيلية العام الماضي على 114 مخططاً استيطانياً أقيمت من خلالها 2220 وحدة استيطانية، في ما تمكنت الحكومة الإسرائيلية من السيطرة على نحو 113 مليون متر مربع من أراضي الضفة الغربية لصالح المستوطنات.

منسق الحملة الوطنية لمقاومة الجدار والاستيطان جمال جمعة، يقول "نحن أمام حكومة يمينية متطرفة يقوم برنامجها الأساس بشكل ممنهج على ضم الضفة الغربية، حيث سنشهد ثورة كبيرة هذا العام في توسعة المستوطنات، وزيادة الوحدات الاستيطانية، وطرد الفلسطينيين، والاستيلاء على مساحات واسعة من الأراضي خصوصاً في مناطق "ج"، والأخطر من ذلك أن مشاريع البنى التحتية الهائلة التي يجري العمل عليها في الضفة من شأنها أن تعزل غور الأردن بمنحدرات شرقية تمهيداً لعملية الضم".

خطوات أحادية

قال وزراء خارجية دول أوروبية عدة خلال محادثات مع وزير الخارجية الإسرائيلي إيلي كوهين، الأسبوع الماضي، إنهم قلقون من أن تنفذ الحكومة الإسرائيلية خطوات أحادية الجانب تستهدف حل الدولتين، ومن هذه الخطوات توسيع البناء في المستوطنات وإلحاق أضرار بالبنية التحتية الفلسطينية.

ووفق ما ذكرت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، فقد طالب وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل، خلال محادثة مع كوهين، بأن تطرح حكومة بنيامين نتنياهو أفقاً سياسياً لحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، وأن تمتنع عن تنفيذ خطوات أحادية الجانب.

وأشارت الصحيفة إلى أن قسماً من وزراء الخارجية هاتفوا كوهين للإعراب عن تخوفهم من أن تلحق الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نتنياهو ضرراً في العلاقات مع الفلسطينيين من خلال خطوات يتوقع أن تقدم عليها.

يذكر أن مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان سيصل إلى إسرائيل، وفقاً لما هو معلن في 19 يناير (كانون الثاني) الحالي، للتأكيد بشكل واضح على "الخطوط الحمراء" للرئيس الأميريكي جو بايدن، وليعبر عن قلقه من تدهور العلاقات مع الفلسطينيين.

المزيد من تقارير