Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

الاحتكام إلى الشارع في تونس بين تقييم الحشود وإرباك السلطة

ملاذ المعارضة التي ترفض مسار رئيس الجمهورية قيس سعيد وتعول على تعبئة الجماهير

تحتكم المعارضة في تونس إلى الشارع كلما احتدت الأزمة وانسدت أبواب الحلول، وفي استدعائها للشارع اختبار لقواعدها وتقييم لوزنها السياسي، علاوة على محاولة الضغط من أجل إرباك السلطة القائمة لتليين موقفها وتحسين شروط التفاوض حول مخرجات الأزمة.

وتعود التونسيون على الحراك السياسي في الشارع الذي لم يهدأ منذ 12 عاماً في ظل استمرار الأزمة وانسداد آفاق الحل الذي ينهي الخصومات السياسية المستمرة.

وككل عام تؤم الشارع التونسي في 14 يناير (كانون الثاني)، مسيرات وتظاهرات احتجاجية تختلف شعاراتها ومطالبها باختلاف السياق السياسي. وتجمع في الذكرى الـ12 لسقوط نظام الرئيس الراحل زين العابدين بن علي في شوارع العاصمة التونسية آلاف المعارضين لرئيس الجمهورية قيس سعيد، رافعين شعارات راوحت بين السياسي والاجتماعي ودعت إلى وضع حد لمسار 25 يوليو (تموز) 2021. ونجحت قوات الأمن في تأمين المسيرات وتجنب الاحتكاك بينها، إلا أن السؤال الذي يطرحه التونسيون اليوم في ظل استمرار الأزمة المتعددة الأبعاد، هو ماذا بعد النزول إلى الشارع؟ وما هي المخارج المتاحة من هذه الأزمة؟

يعتقد معارضون لمسار سعيد بأن الشارع يمكن أن يشكل آلية ضغط على السلطة القائمة ويراهن هؤلاء على حشد الجماهير لإنهاك المؤسسة الأمنية من أجل لفت نظر السلطة إلى ضرورة الحوار وإيقاف المسار الذي يعتبرونه "انقلابياً وانفرادياً".

في المقابل، يعتبر مؤيدو المسار الجديد الذي بدأه رئيس الجمهورية في 25 يوليو 2021 أن الاحتكام إلى الشارع لن يثني قيس سعيد عن المضي قدماً في مساره الذي دخل مراحله الأخيرة بإجراء الدور الثاني من الانتخابات التشريعية في 29 يناير 2023.

الحل في مرحلة انتقالية

ويرى الصحافي ورئيس منتدى الدراسات العربية والأفريقية كمال بن يونس أن "الوضع السياسي القائم حالياً لن تغيره التظاهرات الاحتجاجية"، معتبراً أن "الحل يكمن في الاتفاق على مسار انتقالي، يصل المرحلة الحالية بالانتخابات الرئاسية المرتقبة في 2024، أو بالاتفاق على موعد انتخابات رئاسية سابقة لأوانها، مع ضرورة توصل الأحزاب السياسية واتحاد الشغل إلى تشكيل حكومة جديدة يوافق عليها رئيس الجمهورية، لتنكب على معالجة الملفين الاقتصادي والاجتماعي قبل انفجار الوضع".

ويضيف بن يونس أن "هذه المسيرات وجهت رسائل إلى السلطة، وما على الأخيرة إلا التقاطها ومعالجة مضامينها"، مشدداً على أن "المسار السياسي التفاوضي وحده الذي يحل أزمة تونس ويفك شفراتها"، رافضاً دفع البلاد إلى "الفراغ الدستوري".

وتحدث عن "وجود مبادرة في الخفاء بمشاركة دستوريين معتدلين وأيضاً قيادات من حركة النهضة وشخصيات وطنية من أجل حل الأزمة الراهنة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

استكمال مسار سعيد

في المقابل، يعتبر الجامعي صلاح الداودي أن التظاهرات التي جرت في مناسبة ذكرى 14 يناير هي "مشهدية متكررة، تستعيد تفاصيل الصورة العامة للعشرية الماضية من خلال شعاراتها ومكوناتها، وهي تعكس فشل تلك الفترة".

ويستغرب أن "ترفع أحزاب كانت في السلطة وفشلت في تحقيق أي منجز اقتصادي أو اجتماعي، شعارات تدعو إلى إنصاف التونسيين اجتماعياً"، واصفاً تلك الشعارات بـ"الجوفاء".

ويعتبر الداودي أن "حل الأزمة اليوم لن يكون إلا من داخل مؤسسات الجمهورية الجديدة وبالتشاور مع بعض المكونات المدنية، بخاصة في الملفات الاقتصادية والاجتماعية"، مضيفاً أن "المسار الجديد بلغ مراحله الأخيرة وستنتهي حال الاستثناء بتشكيل البرلمان الجديد، ثم إنشاء المحكمة الدستورية، وقد يتم تشكيل حكومة جديدة تمسك بزمام المبادرة لتجنيب البلاد الأسوأ، خصوصاً في الجانبين الاجتماعي والاقتصادي" وداعياً السلطة إلى "التقاط الرسائل التي وجهها الشعب التونسي من أجل تحسين ظروفه الاجتماعية".

ويرى الداودي أن هناك "شعوراً عاماً مشتركاً يرفض العودة إلى المشاحنات والعنف في الشارع الذي راهنت عليه جهات سياسية عدة"، معتبراً أن "الاتحاد العام التونسي للشغل لم يكن بعيداً من خيارات الحكومات الموجودة في السنوات الماضية" وداعياً إياه إلى لعب دوره في "كبح جماح الإصلاحات الاقتصادية حتى لا تكون أكثر إضراراً بالمواطن".

معركة وطنية للإنقاذ

في الأثناء، تتجه الأنظار إلى "الاتحاد العام التونسي للشغل" (المنظمة النقابية الأكبر في البلاد) لقدرته على التعبئة في الشارع والضغط على السلطة القائمة من أجل إنقاذ البلاد من الأزمة.

وأعلن الأمين العام للاتحاد نور الدين الطبوبي خلال كلمة لدى إشرافه على اجتماع الاتحاد الجهوي للشغل بتونس، أنهم "سيشنون معركة وطنية من أجل إنقاذ البلاد"، لافتاً إلى أن "تونس اليوم مريضة".

وأكد أنهم "لا يبحثون عن مناصب في الرئاسة أو في مجلس النواب"، مذكراً بأن الاتحاد "قوة اقتراح وأن ليس هناك أحد يحدد المربع الذي يتحرك فيه".

وكان رئيس "جبهة الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي دعا "اتحاد الشغل" إلى الخروج من سقف 25 يوليو والالتحاق بمن أسماهم "أحرار تونس".

ما يعيبه التونسيون على طرفي الأزمة السياسية في البلاد إنكار كل جهة مسؤوليتها عن تدهور الوضع الاقتصادي والاجتماعي. فالمعارضة تحاول إلهاء التونسيين عن تبعات سنوات حكمها وتحميل مسؤولية تردي الوضع للسلطة القائمة حالياً، والأخيرة لا تتردد في تحميل جهات من دون أن تسميها تأزيم الوضع.

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات