Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

متى تعود الأموال الساخنة إلى مصر بعد خسائر الجنيه؟

محللون يشددون على أهمية المرونة في سوق الصرف وتوقف السوق السوداء والمضاربات

زيادة مرونة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي بدأت تؤتي ثمارها وتساعد في جذب الدولار للسوق المصرية (رويترز)

"أكثر من 20 مليار دولار من الأموال الساخنة خرجت من مصر خلال الربع الأول من العام الماضي"، كانت هذه الجملة التي جاءت على لسان مسؤولين مصريين هي جرس الإنذار الذي استدعى الحكومة والبنك المركزي المصري إلى التدخل بشكل حاسم في سوق الصرف.

إذ ترتب على ذلك حدوث أزمة عنيفة في شح العملة الصعبة، وعدم قدرة المستوردين على توفير الدولار لإتمام الإفراج عن البضائع التي تكدست في الموانئ المصرية لتصل قيمتها الإجمالية إلى 14 مليار دولار في أول ديسمبر (كانون الأول) الماضي. ومن خلال التدخل عبر عديد من الإجراءات، نجح البنك المركزي المصري في تضييق الفجوة السعرية بين أسعار صرف الدولار في السوق الرسمية والسوق السوداء، وسط تشديدات بضرورة القضاء على عمليات الدولرة والمضاربات التي شهدتها سوق الصرف في مصر خلال الفترة الماضية.

وكان المحللون يحذرون من استمرار هرب الاستثمارات الأجنبية والأموال الساخنة من السوق المصرية بسبب عدم وجود سعر عادل لصرف الدولار في السوق المصرية، حيث كان يجري تداوله في السوق الرسمية عند مستوى 15.77 جنيه قبل بدء تداخل البنك المركزي المصري وتحريك الأسعار لتصل في الوقت الحالي إلى مستوى 29.60 جنيه.

خسائر الجنيه وجذب المستثمرين الأجانب

لكن يبدو أن تحرك البنك المركزي المصري نحو زيادة مرونة الجنيه المصري مقابل الدولار الأميركي بدأ يؤتي ثماره ويساعد في جذب الدولار للسوق المصرية، حيث تشتد الحاجة إليه. وجرى تداول مئات الملايين من الدولارات في سوق الإنتربنك منذ يوم الأربعاء الماضي، عندما سمح البنك المركزي للجنيه بالانخفاض أمام الدولار ليتجاوز مستوى 32.00 للمرة الأولى على الإطلاق.

في الوقت الحالي، فقد أغلق سعر صرف الدولار تعاملات الأسبوع الماضي عند مستوى 29.61 جنيه في نهاية الأسبوع، منخفضاً بأكثر من تسعة في المئة خلال تعاملات الأسبوع وبنحو 20 في المئة من قيمته قبل تخفيض 4 يناير (كانون الثاني) الحالي، وذلك في إطار التعويم الرابع الذي يحمل اسم "التعويم المدار" أو "التعويم التدريجي".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقد شهدت سوق الإنتربنك ارتفاعاً كبيراً في تعاملات الأربعاء الماضي لتسجل أكثر من 800 مليون دولار، وفقاً لما ذكره مصرفيون لوكالة "رويترز". وأشاروا إلى أن المؤسسات الأجنبية دخلت السوق قبيل مزاد أذون الخزانة يوم الخميس. من ناحية أخرى، أشارت بيانات رسمية حديثة إلى تلقي البنوك تدفقات تراوحت ما بين 650 و750 مليون دولار، منها 250 مليون دولار من مستثمرين دوليين.

في الوقت نفسه، تشير بيانات البنك المركزي المصري إلى أن مزاد أذون الخزانة يشهد ارتفاعاً في الطلب فقد باعت الحكومة المصرية أذون خزانة لأجل ستة أشهر بقيمة 51.9 مليار جنيه، بعائد يبلغ نحو 21 في المئة في مزاد عقدته الخميس الماضي. وشهد المزاد زيادة في عروض الشراء، إذ تقدم المستثمرون بعطاءات بقيمة 67.6 مليار جنيه. في غضون ذلك، في سوق السندات الثانوية ضخ المستثمرون العرب سبعة مليارات جنيه في سندات الخزانة يوم الأربعاء وحده.

أيضاً، فقد شهدت البورصة المصرية تداولات مكثفة خلال جلسة نهاية الأسبوع الماضي، مع اتجاه المستثمرين المحليين القوي للشراء. وبلغت قيمة التداولات نحو 2.6 مليار جنيه (87 مليون دولار)، أو أعلى بنحو 56 في المئة عن متوسط تداولات 90 يوماً. وسجل المستثمرون المحليون صافي شراء، فيما أنهى مؤشر البورصة الرئيس "إيجي إكس 30" تداولات يوم الخميس بارتفاع هامشي بلغ 0.2 في المئة بعد أن ظل من دون تغيير خلال الجلسة.

قرب انتهاء تخفيضات الجنيه مقابل الدولار

وفقاً لوكالة "بلومبيرغ" فإن "نهاية عملية تخفيض قيمة العملة باتت قريبة"، بحسب ما نقلت الوكالة عن خبراء استراتيجيين في مجموعة "سيتي غروب". وأوضحوا أنه "على رغم أننا لا نتوقع أن تتحول السلطات إلى نظام التعويم الحر، فإنه من المتوقع المزيد من المرونة، بما يتماشى مع متطلبات الصندوق".

لكن هناك توقعات بارتفاع التضخم في الربع الأول من 2023، إذ من المرجح أن يبلغ معدل التضخم العام السنوي مستوى 25 في المئة في المتوسط خلال الربع الأول من عام 2023 بسبب انخفاض الجنيه. وقد تسبب تراجع العملة المحلية مقابل الدولار الأميركي في تسارع التضخم بأسرع معدل له في خمس سنوات.

في ما يتعلق بمستقبل أسعار الفائدة، يتوقع عدد كبير من المحللين أن يقوم البنك المركزي المصري برفع أسعار الفائدة في اجتماعه المقبل في محاولة للحد من ارتفاع الأسعار. وتشير التوقعات إلى أن الزيادة المقبلة في أسعار الفائدة ستكون في حدود 100 إلى 150 نقطة أساس خلال الربع الأول من العام الحالي.

لكن من غير المرجح أن تسهل دول الخليج الاستثمار الإضافي في القطاع الخاص ما لم ترشد الحكومة المشاريع الضخمة. ومن المرجح أن يؤدي ذلك إلى تقليص نطاق المشاريع المرتبطة بالعاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة، ومن المحتمل أن يؤخر ذلك تقدم مسيرة التنمية على المدى القصير حول تطوير محطة الضبعة النووية على ساحل البحر المتوسط.

وفي إطار احتواء الأزمة، أعلنت الحكومة المصرية التزامها ترشيد الإنفاق في الموازنة لجميع الوزارات باستثناء "الحيوية" منها حتى نهاية العام المالي الحالي، والحد من الإنفاق على بعض المشاريع القومية التي لها مكون دولاري، على رغم استثناء بعض الوزارات من تلك القيود. ووفق وكالة "ستاندرد أند بورز غلوبال" فإن "استمرار الإصلاحات الهيكلية وزيادة الاستثمارات الخاصة في أصول الدولة سيكون حقاً أمراً أساسياً".

وفي ما يتعلق بآفاق الاقتصاد المصري على المدى الطويل، فإنها تعتمد في نهاية المطاف على مدى استعداد الحكومة للتخارج من الاقتصاد، بحسب ما قال كبير الاقتصاديين في الأسواق الناشئة في "كابيتال إيكونوميكس" جيسون توفي. وأوضح أن وضع الدين أكثر عرضة لضعف العملة مما كان عليه في 2016. وقصر أجل استحقاق الدين يعني أنها عرضة لارتفاع كلف الاقتراض، لافتاً إلى أنه طالما تحافظ مصر على سياسات مالية مشددة فإن الدين سيتراجع.

وكشفت "ستاندرد آند بورز غلوبال" عن أن "الأهم هو مدى التقدم في جذب تمويل جديد من الخليج إلى القطاعات ذات الأولوية، وزيادة التدفقات الوافدة من المصريين المقيمين بالخارج ومستثمري المحافظ، والتحسينات العامة في معنويات الأسواق الناشئة، كل ذلك من شأنه أن يحسن من إدراك الأخطار ويمنح البلاد إمكانية وصول أكبر إلى أسواق رأس المال الدولية".

اقرأ المزيد