Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ميشيل يو الفائزة بـ"الغولدن غلوب" آسيوية في زمن التغيير 

تدافع عن العنف الموجه في أفلامها وتخوض الرهانات ولو أدت إلى الفشل

ميشيل يو مع جيمس بوند في فيلم "الغد لا يموت أبداً" (ملف الفيلم)

بعد 40 عاماً من العمل الدؤوب في السينما، نالت الماليزية ميشيل يو التكريس والاعتراف اللذين تستحقهما، من خلال فوزها بجائزة "الكرة الذهبية" لأفضل ممثلة (الغولدن غلوب) التي توزعها جمعية الصحافيين الأجانب في هوليوود، عن دورها في فيلم "كل شيء كل الأماكن معاً في الوقت نفسه" للمخرجين دانيال كوان ودانيال شاينرت، الملقبين بـ"الدنايلة"، هذا الفيلم الذي نال إعجاب الصحافة الأميركية منذ عرضه الأول، بطلته سيدة أميركية من أصول صينية تدير محلاً لغسل الملابس. إنها سيدة أتعبتها الحياة وما عادت قادرة على دفع الضرائب المتوجبة عليها. زوجها يلح عليها بالطلاق والعلاقة مع ابنتها صعبة، في حين والدها الذي يزورها آتياً من الصين لا يتوانى عن معاتبة ابنته المهاجرة، لكن ذات يوم، تجد نفسها في ظروف غير واقعية تدفعها إلى التواصل مع حيوات كان من الممكن أن تعيشها ضمن عوالم موازية، وهذا كله بهدف إنقاذ ما تود إنقاذه. بكلام آخر، تتصل بنسخ أخرى عن نفسها. ميشيل يو تضطلع بدور هذه السيدة التي تدعى إيفلين يانغ التي فقدت القدرة على التفاهم مع أفراد عائلتها. وعلى رغم أن الفيلم ينتمي إلى السينما المستقلة وموازنته محدودة، فقد تجاوزت إيراداته المئة مليون دولار، كما أن كثراً اعتبروه "ظاهرة ثقافية" أحسنت في تناول نظرية تعدد الأكوان العلمية، لكنه في المقابل يزدحم بالأفكار وبمونتاج سريع لا يترك المجال للمشاهد كي يلتقط أنفاسه.

رحلة مضيئة

رحلة ميشيل يو مع السينما كانت مضنية، فأن تفرض نفسها كامرأة تنتمي إلى إحدى الأقليات العرقية الآسيوية في الغرب، ليس عملاً سهلاً. وهذا ما أكده خطابها بعد تسلمها الجائزة خلال لقاء مع الصحافة "إذا آمنت بنفسك وكنت شغوفاً، لن تستسلم. الزمن اليوم يتغير. هناك مزيد من التنوع. أنا سعيدة بأنني هنا لأرى هذا التغيير". واعتبرت يو أن نجاح الفيلم سببه أن المشاهدين وجدوا أنفسهم في هذه الحكاية وتماهوا مع بطلتها "في كل كون زارته، أدركت الشخصية التي ألعبها بأنها تحارب من أجل الحب ومن أجل العائلة. وهذا الأمر وجد صدى كبيراً عند الجمهور حول العالم، هذا ما يفعل كل واحد منا. نحن أشخاص عاديون بقدرات خارقة متأصلة في داخلنا".  

التنوع الذي تحدثت عنه ميشيل يو هو الصفة التي يمكن إلصاقها أيضاً بمسيرتها. فأفلام مثل "المومياء 3" و"شمال أقصى" و"بابيلون أي دي" و"أولاد هوانغ شي" و"اللايدي" و"مذكرات غيشا" أعمال تتوجه إلى أكثر من فئة من المشاهدين، ولم تعكس هذه الخيارات المنتقاة بعناية إلا قناعة مترسخة عندها وهي أن على الممثل أن ينوع في أدواره، أن يجازف ولا يتوانى عن حمل أصعب الرهانات حتى لو كان مصيرها الفشل. 

مشوار يو مع الحياة والسينما شائك. حكايتها مع الوجود بدأت قبل نحو 60 عاماً في مدينة إيبوه الماليزية، لكن والديها صينيان يتكلمان الإنجليزية بطلاقة، وتشدد في المقابلات على انتمائها للصين، مع أنها أيضاً ماليزية قلباً وقالباً. أما الفن السابع فما إن فازت في مسابقة ملكة جمال ماليزيا في أواسط الثمانينيات حتى انطلقت مسيرتها، وكان ظهورها الأول قبالة كاميرا في إعلان ساعات إلى جانب جاكي شان. درست الرقص والتمثيل في بريطانيا، ولكن كان يجدر انتظار حلول عام 1992، لتتشارك تشان بطولة "سوبر كاب"، حيث نافست البهلوان التايواني الشهير في اللياقة البدنية وتؤدي أخطر المشاهد من دون الاستعانة ببديل! وراح صيتها يكبر في الأوساط السينمائية إلى أن أصبح على كل لسان، وبدأت تتقاضى أعلى أجر بين ممثلات هونغ كونغ. هكذا ولدت ميشيل يو. 

مخرجون آسيويون

لعبت ميشيل يو تحت إدارة أهم المخرجين الآسيويين، شينغ سيو تونغ ويوان وو بينغ وجوني تاو وستانلي تونغ وغيرهم من السينمائيين الذين تمرست في أفلامهم على الفنون القتالية، حد تحولها رمزاً للمقاومة النسائية في وجه التسلط الذكوري. وقد يكون هذا تبسيطاً لشغل ممثلة لها إنجازات جسدية كبيرة في السينما المعاصرة وإسهامات مهمة في تصحيح صورة المرأة الآسيوية في ذهن الغرب.

ابتسم الحظ لميشيل يو في مطلع الألفية عندما أسند إليها المخرج التايواني آنغ لي دوراً مهماً في "نمر وتنين"، وكانت مضت ثلاث سنوات على انطلاقتها العالمية من خلال اضطلاعها بدور فتاة جيمس بوند في "الغد لا يموت أبداً" لروجر سبوتيتسوود مع برس بروسنن في دور العميل السري. على امتداد فيلموغرافيتها المتنوعة عرفت كيف تخرج من الأدوار المستهلكة إلى شخصيات مثقلة بالسيكولوجيا، وهذا سمح لها بتجسيد شخصيات من وحي واقع أكثر قسوة تحت إدارة كل من مابيل تشونغ وأليكس لو وآن هيو وداني بويل وآصف كاباديا وغيرهم.

تملك يو، إضافة إلى إلمامها في الإنتاج، مزيجاً من الخصائص، ولا يمكن تحديد أي نوع من الأشخاص هي. وهي بنفسها تدهش بذلك أحياناً، إذ تقول "بدأت مسيرتي في الشرق، ولطالما كان قلبي هناك، ولكن لا أجيد الصينية. عندما أكون في الشرق يعتبرونني من الغرب. أما في الغرب فيعتبرونني من الشرق". لها مقاربة غير معقدة لمهنتها التي تتعامل معها بغريزتها.

أفلام حركة

عندما دخلت مجال السينما كانت هونغ كونغ تعيش ذروة سينمائية. آنذاك أدت أدواراً في أعمال آسيوية جيدة. صورت كثيراً من أفلام الحركة وكان معظمها تجارياً. تعلق "الظهور في أفلام تجارية ليس عيباً. يا ليت الجميع يحظى بفرصة التمثيل في أفلام تحمل مضامين جادة. تنجز أفلام الحركة من أجل أن يراها جمهور واسع. للأسف، لا يبدي الجميع اهتماماً بقضايا العالم الحقيقية. معظم الناس يذهبون إلى السينما هرباً من الواقع. وعلى المخرج أن ينجز أفلاماً يريد الجمهور رؤيتها. أفلام صغيرة تحدث أحياناً مفاجأة. على سبيل المثال، إمكانات (نمر وتنين) كانت محدودة. 12 مليون دولار لا غير، ولم يكن ذا مواصفات إنتاجية هوليوودية، ولكن آنغ لي كان مدهشاً في فنه، وعمل الممثلون بشغف لمساعدته وإحداث تغيير ما في مقابل المعايير السائدة. تستمد السينما سحرها من واقع أن ليس هناك وصفة أكيدة. كنت أود لو كان هناك واحدة في الأقل. يسعى الكل في هذا العالم إلى وضع اليد على السيناريو المثالي. من البديهي أن تتمنى النجاح لفيلم استثمرت فيه 170 مليون دولار، غير أن الضمانات غير موجودة". 

تؤكد ميشيل يو أنها لولا ظهورها في "الغد لا يموت أبداً" لما كنت حققت الشهرة الواسعة والنجومية في أجزاء من العالم، حيث لا يشاهد الجمهور الأفلام الآتية من هونغ كونغ والصين. هوليوود جعلتها معروفة، وبعد الشهرة بات في وسعها التورط في أفلام "أصغر" من حيث الإنتاج لا من حيث القيمة. تقول "هذه الأفلام (الصغيرة) تحمل مضامين لا تقبل الاستوديوهات الكبيرة تمويلها لأنها لا تتماشى مع أهدافها. من هنا أهمية تنظيم المهرجانات السينمائية، لأنها تعرض أفلاماً مستقلة لديها ما تقوله. لا يريد المرء أحياناً مشاهدة هذا النوع من الأفلام لأنها صعبة، فيطفئ جهاز التلفزيون ما إن يشعر بالاكتفاء، ولكن لبعض السينمائيين أشياء يريدون قولها ويحتاجون تالياً إلى مكان يطرحون فيه قصصهم".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تقول ميشيل يو إن الأدوار التي اضطلعت بها لا تعكس شخصيتها الحقيقية. لا بل إن كثيراً منها معاكس لشخصيتها، لكن السبب الأساسي في أنها وافقت عليها هو لتكوين فكرة عن نمط حياة وثقافات كانت تجهلها. تعتبر نفسها محظوظة جداً لأنها جسدت دور امرأة يابانية في "مذكرات غيشا"، ولكن كان عليها أن تفهم الثقافة اليابانية كي تحترم الدور. أما الدور الذي اضطلعت به في "شمال أقصى" فهو من أكثر أدوارها سلبية، وتروي ممازحة أنها لا ترغب في لقاء هذه الشخصية في الشوارع المظلمة. 

في لقاء جمعني بها في مهرجان مراكش قبل سنوات، خطر لي أن أحاججها في موضوع العنف في المشاهد القتالية، فسألتها كيف تدافع عن نفسها وكيف تفرق بين الأفلام العنيفة المبتذلة وتلك التي تقدم رقي الفنون القتالية، فكان ردها "هذا شأن الأهل والرقابة. عندما تنجز فيلماً، عليك أن تكون واضحاً. إلى أي فئة تتوجه؟ لا أحد يحب أن يتعامل مع العنف، ولكن في بعض الأفلام يؤدي العنف دوراً. هذه الأفلام لا تظهر الدماء عبثاً، هذا هو الفرق الكبير الذي يحدد ما إذا كان المخرج بارعاً أو سيئاً يستغل الحركة والفنون القتالية والعنف".

اقرأ المزيد

المزيد من سينما