Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتهاء أزمة الغاز في أوروبا مع بقاء سعره مرتفعا

دفء الطقس وترشيد الاستهلاك وشحنات الغاز المسال عوامل استقرار الطاقة بالقارة العجوز

على رغم الانخفاض الحاد الأخير فإن أسعار الغاز في أوروبا لا تزال أعلى بأربع مرات مقارنة بالمتوسط على مدى العقد الماضي (رويترز)

تراجعت أسعار الغاز الطبيعي في أوروبا والولايات المتحدة إلى مستويات ما قبل أزمة الطاقة العالمية التي أثارتها روسيا بحربها ضد أوكرانيا.

وأشارت البيانات إلى أن أسعار الغاز انخفضت بالجملة في أوروبا، وفقاً لقياس العقود الآجلة الهولندية القياسية، بنسبة 48 في المئة تقريباً منذ منتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، لتتداول عند 71 يورو (74 دولاراً) لكل ميغاواط/ ساعة يوم الجمعة.

وكانت الأسعار تقريباً في 15 فبراير (شباط) من العام الماضي أكثر من ذلك بقليل قبل أسبوع من هجوم موسكو على جارتها أوكرانيا، لكنها الآن أقل بنسبة 80 في المئة تقريباً من أعلى مستوى لها في أغسطس (آب) الماضي، البالغ 346 يورو (364 دولاراً) لكل ميغاواط/ ساعة.

في الولايات المتحدة، انخفضت كلفة الغاز المتدفق عبر خط أنابيب "هنري هوب"، الذي يعمل كمعيار لسعر البلاد، بنسبة 50 في المئة إلى 3.68 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية منذ أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عائداً إلى المستويات التي شوهدت آخر مرة في ديسمبر 2021.

موجة الطقس الدافئ

في مذكرة بحثية حديثة، قال نائب رئيس أبحاث الغاز الطبيعي في "وود ماكنزي" ماسيمو دي أودواردو إنه بعد فترة من البرد القارس، التي اجتاحت الولايات المتحدة الشهر الماضي، ساعد دفء الطقس في يناير (كانون الثاني) الحالي على إعادة توازن مخازن الغاز، مما أدى إلى انخفاض الأسعار.

ويمكن لأوروبا أيضاً أن تشكر موجة الطقس الدافئ، التي حطمت الرقم القياسي، فضلاً عن جهودها الخاصة في الصيف الماضي لملء مخازن الغاز، على رغم تراجع الواردات من روسيا، أكبر مورد لها قبل الحرب.

يرى مدير الطاقة والمناخ والموارد في مجموعة "أوراسيا" هينينج جلويستين أنه "لا ذعر بعد الآن، ملايين الأسر والشركات في جميع أنحاء القارة الذين كافحوا لدفع فواتير الطاقة الباهظة لن يعودوا لنفس المعاناة"، لكن المحللين قالوا إنهم لا ينبغي أن يتوقعوا ارتياحاً فورياً.

خفض التضخم

ساعد هبوط أسعار الطاقة في خفض التضخم، عبر 20 دولة تشترك في عملة اليورو، وانخفض تضخم أسعار المستهلكين إلى 9.2 في المئة خلال شهر ديسمبر الماضي من 10.1 في المئة خلال الشهر السابق.

ومع ذلك، لا تزال أسعار الغاز الأوروبية مرتفعة تاريخياً، ويمكن أن ترتفع مرة أخرى هذا العام، إذا انتعش الطلب من الصين أو تعطلت الإمدادات.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وسيستغرق الأمر بعض الوقت حتى تصل أسعار الجملة المنخفضة إلى فواتير المستهلكين، بالنظر إلى أن بعض البلدان قد حددت أو حدت الأسعار الحالية للأشهر القليلة المقبلة.

وقال دي أودواردو إنه "مع ذلك، فإن المنطقة في وضع أفضل بكثير مقارنة بما كان يخشاه الناس قبل شهرين فقط".

ووفقاً لشركة "غاز إنفراستركشر أوروب"، فإن مرافق التخزين في القارة ممتلئة حالياً بنسبة 83 في المئة، وهذا أعلى بكثير من متوسط 69 في المئة الذي بلغه الاتحاد الأوروبي خلال هذه المرحلة من السنوات الخمس حتى عام 2021.

تراجع استهلاك الأسر

ساعدت الجهود، التي بذلتها الأسر والشركات الأوروبية لترشيد استهلاك الغاز، في العبور من الأزمة.

واستهداف الاتحاد الأوروبي تخفيضاً "طوعياً" بنسبة 15 في المئة، وقدر دي أودواردو أن الطلب السكني على الغاز انخفض بمقدار الخمس في نوفمبر.

وقال إن تحركات المستهلكين الصناعيين لتبديل الوقود والاستخدام الكفء للطاقة قد أتت ثمارها، مما أدى إلى خفض الطلب بنسبة 20 في المئة خلال النصف الأخير من عام 2022، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق.

وأشارت البيانات إلى أن أوروبا تعلمت بسرعة العيش من دون الغاز الروسي بعد أن خفضت موسكو صادراتها من خطوط الأنابيب العام الماضي.

وقد عزز الاتحاد الواردات من النرويج وإمدادات الغاز الطبيعي المسال، وهو شكل سائل مبرد من الغاز يمكن نقله عبر ناقلات بحرية، في الغالب من الولايات المتحدة وقطر.

فيما تسابقت القارة أيضاً لبناء المنشآت اللازمة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال عبر السفن وتحويله إلى غاز يمكن نقله عبر خطوط الأنابيب.

وقال جلويستين إن ألمانيا، وهي أكبر مستهلك للغاز في الكتلة، افتتحت أخيراً محطتين لإعادة تحويل الغاز، وتخطط لجلب محطتين أخريين عبر الإنترنت خلال الأيام المقبلة.

ومع ذلك، بينما تتطلع القارة إلى ملء مخازنها قبل الشتاء المقبل بكمية قليلة جداً من الغاز الروسي قد تنشأ مشكلات.

ووفقاً لجلويستين، فإن المهمة "ستكلف الكثير من المال" نظراً إلى ارتفاع الأسعار في سوق الغاز الطبيعي المسال المحدود، وأخطار توقف الإمدادات من خط الأنابيب بالنرويج، أو انخفاض الصادرات الأميركية بسبب الطقس القاسي.

ومن المرجح أن يؤدي تعافي الطلب في الصين، التي تخلت أخيراً عن سياستها الصارمة تجاه فيروس كورونا، إلى ارتفاع الأسعار مرة أخرى، وفقاً لتحليل "دويتشه بنك" الصادر خلال الشهر الماضي.

رفع قيمة الإعانات

على رغم الانخفاض الحاد الأخير فإن أسعار الغاز في أوروبا لا تزال أعلى بأربع مرات، مقارنة بالمتوسط على مدى العقد الماضي، وفق ما ذكره فيليب لاوسبرغ، محلل السياسات في مركز السياسة الأوروبية.

وقد كانت أسعار الجملة ترتفع بالفعل في الأشهر التي سبقت الحرب مع إعادة فتح الاقتصادات بعد عمليات الإغلاق الوبائي.

بعد ذلك أدى ارتفاع الأسعار في أعقاب حرب موسكو إلى ارتفاع فواتير المستهلكين بشكل أكبر وأجبر الحكومات على رفع الإعانات.

وفقاً لتحليل حديث أجرته "بروجيل"، وهي مؤسسة فكرية مقرها بروكسل، فقد التزمت الحكومات الأوروبية، بما في ذلك المملكة المتحدة، نحو 705 مليارات يورو (739 مليار دولار) بين سبتمبر (أيلول) 2021 ونوفمبر الماضي للمساعدة في حماية المستهلكين من الزيادات المؤلمة في فواتيرهم.

يرى محلل الأبحاث في "بروجيل" جيوفاني سغارافاتي أن الأمر قد يستغرق ما يصل إلى خمسة أشهر حتى يرى المستهلكون فواتيرهم تنخفض.

وأضاف سغارافاتي "سوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى ينعكس انخفاض أسعار البيع بالجملة للغاز الطبيعي على أسعار التجزئة، نحن لم نخرج بالكامل من المشكلة".

يعود ذلك جزئياً إلى الطريقة التي تنظم بها الدول سعر الطاقة. ويرى مراقبون أن بعض الدول، مثل المملكة المتحدة وألمانيا، إما تحدد الأسعار أو تحدد سقفها لفترة زمنية محددة، مما يعني أن المستهلكين سيدفعون فواتير أعلى لفترة أطول.

وقد انخفضت العقود الآجلة لبيع الغاز بالجملة في المملكة المتحدة للربع الثاني من هذا العام بنسبة 66 في المئة منذ سبتمبر، وفقاً لما ذكره "أتش أس بي سي غلوبال ريسيرش".

ويمكن أن تبدأ فواتير المنازل بالمملكة المتحدة في الانخفاض اعتباراً من يوليو (تموز)، إذا انخفضت أسعار السوق إلى ما دون الحد الأقصى السنوي للحكومة البالغ ثلاثة آلاف جنيه استرليني (3573 دولاراً).

 وقد تشعر الشركات بالبلاد بتأثير انخفاض أسعار الجملة في وقت أقرب، عندما تسحب الحكومة دعمها في أبريل (نيسان).

وأضاف لاوسبرغ "نظراً إلى أن موردي الطاقة يشترون الغاز والكهرباء مسبقاً لخفض بعض كلفهم، فإن انخفاض أسعار الجملة لا يتم تمريره على الفور إلى المستهلكين".

وأوضح "إذا ظل سعر الجملة منخفضاً يمكن للمستهلكين الاستفادة من فواتير الطاقة الأرخص في غضون بضعة أشهر"، علاوة على ذلك، ستحتاج بعض شركات الطاقة إلى تمرير كلف البنية التحتية الجديدة للغاز الطبيعي المسال، بحسب ما قال جلويستين. أضاف "كل شيء يتم تجميعه هو خليط مكلف للغاية".

وسيبقي ذلك أوروبا في وضع تنافسي ضعيف أمام الولايات المتحدة، حيث أسعار الغاز أقل بنحو خمس مرات. وأشار سغارافاتي إلى أنه "بالنسبة إلى الشركات التي لديها نموذج أعمال تمثل فيه الطاقة جزءاً كبيراً من كلفها، يمكن تحفيزها للانتقال إلى الولايات المتحدة، لذا فإن هذا يدعو إلى القلق بعض الشيء".

المزيد من البترول والغاز