Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

بايدن مطالب بالاعتذار عن الوثائق السرية

قد لا يكلفه الشيء الكثير لكن الضرورة باتت تفرضه

الرئيس جو بايدن أثناء حديث عن الاقتصاد في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض بتاريخ 12 يناير  2023 (رويترز)

حري برئيس الولايات المتحدة جو بايدن أن يقدم اعتذاراً على الفور. عليه أن يدعو الجسم الصحافي في العاصمة الأميركية واشنطن إلى "الغرفة الشرقية" للبيت الأبيض [قاعة كبيرة للمناسبات والاحتفالات]، للتقدم من أفراده بالاعتذار.

في المقابل، يفترض به أن يوضح كيفية عدم معرفته بشأن العثور على وثائق سرية في مكتب استخدمه في السابق، بعد تركه منصبه نائباً للرئيس الأميركي الأسبق [باراك أوباما]، لكن الآن كرئيس، عليه أن يتحمل مسؤولياته. وبعد ذلك، يفترض به أن يلتزم الصمت حيال المسألة، أقله حتى اكتمال التحقيق الذي أمر به المدعي العام الأميركي ميريك غارلاند.

في المقابل، كان يفترض بجو بايدن ألا يفعل ما أقدم عليه في "مكسيكو سيتي" خلال هذا الأسبوع، حينما أعرب في مؤتمر صحافي مشترك مع زعيمي المكسيك وكندا، عن مدى دهشته من الموضوع لكنه يأخذ المسألة على محمل الجد.

وينبغي عليه بالتأكيد ألا يضيف، كفكرة لاحقة تقريباً، أنه لا يعرف ما مضمون تلك المستندات، لأن طاقم محاميه، وفق كلماته "لم يقترحوا علي أن أسأل ما الوثائق".

في ذلك الصدد، سيظن كثيرون أن التصرف على هذا النحو [الاعتذار]، هو ضرب من الجنون. فلماذا ننمي ونضخ مزيداً من الأوكسجين في سردية بدأ الحزب الجمهوري في الترويج لها بوصفها حال نفاق من جانب أنصار "الحزب الديمقراطي"، بدلاً من الأمل في تلاشيها وانتهائها.

لماذا يجب على الرئيس الأميركي أن يسمح حتى بالتحدث عن واقعة تتمثل في الكشف عن أن حوالى 10 وثائق سرية عثر عليها في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي في مكتب خاص في العاصمة الأميركية سبق لبايدن أن استخدمه كمركز أبحاث، وذلك في الوقت الذي يجري فيه الحديث عن أكثر من 300 وثيقة، بعضها مصنف كسري للغاية، استعيدت من المنزل الخاص بالرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب في فلوريدا العام الماضي.

بطريقة ما، إنهم محقون. إذ لا يمكن لأي مراقب محايد أن يعتقد أن الوثائق المعنية، أو الطريقة التي أعيدت بها إلى "إدارة الأرشيفات الوطنية"، عمد محامو بايدن إلى إرجاعها على الفور، في الوقت الذي دهم فيه "مكتب التحقيقات الفيدرالي" منزل ترمب بعد مطالبات متكررة له بالتعاون في هذا المجال، مع ملاحظة أن الوثائق هي بالحجم نفسه أو الظروف ذاتها.

وعلى رغم ذلك، فإن هذا الخطأ على وجه التحديد، المتمثل في الاعتقاد بأنه سينظر إليهم والحكم عليهم على نحو محايد، هو الذي يرتكبه جو بايدن ومؤيدو الحزب الديمقراطي.

فمنذ اللحظة التي أوردت فيها شبكة "سي بي أس نيوز" خبر العثور على "وثائق بايدن"، خرج أنصار الحزب الجمهوري إلى العلن صارخين ومطالبين بتقديم أجوبة. وفي المقابل، غصت وسائل الإعلام المحافظة بأمثال شون هانيتي الذي لم يقو إلا بالكاد على لجم فرحته، حتى أنه بات في وسعه الآن الادعاء بأن الديمقراطيين يمارسون النفاق ويطبقون ازدواجية المعايير.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

في السياق نفسه، ذكرت عضوة الحزب الجمهوري مارجوري تايلور غرين التي تمثل ولاية جورجيا، "أعتقد أننا بحاجة إلى التحقيق مع بايدن بلا توقف. وقد كنت صريحة للغاية في شأن عزل جو بايدن. ونأمل في أن نتمكن من تحقيق ذلك في هذا الكونغرس".

في الإطار عينه، سأل ترمب عبر وسائل التواصل الاجتماعي، "متى يداهم مكتب التحقيقات الفيدرالي مجموعة منازل جو بايدن، وحتى البيت الأبيض؟". أما في مجلس النواب الذي يترأسه الآن الجمهوري كيفن ماكارثي، فقد وعد الجمهوريون بفتح تحقيق من خلال استخدام إحدى لجانهم.

في سياق مواز، بحسب رئيس "لجنة الرقابة والمساءلة في مجلس النواب الأميركي"، جيمس كومر، "لقد انتقد الرئيس بايدن بشدة نقل الرئيس ترمب، عن طريق الخطأ، وثائق سرية إلى مقر إقامته أو إلى أي مكان آخر، ويبدو الآن أنه قام بالشيء نفسه. يا لسخرية القدر".

وبالضبط، يشكل ما ورد آنفاً كل ما جرى الحديث عنه في الأيام القليلة الأولى لتولي أعضاء مجلس النواب مقاعدهم، حين بدأ جزء كبير من المتشددين يظهرون القوة التي يتمتعون بها، والطريقة التي يريدون أن يتصرف من خلالها الرئيس الجديد لمجلس النواب كيفن ماكارثي، الذي يعد بشكل أساسي من غير المهادنين.

قد يرى بعض منهم أن الشعب الأميركي لديه من الذكاء ما يكفي لتمييز التفاحة عن البرتقالة. في المقابل، إنها ليست مسألة معادلة خاطئة أو مقارنات خاطئة. إذ يرتبط الأمر بالجانب العملي في مقاربة الموضوع.

إننا نعيش في أوقات عصيبة سياسياً، حيث يعمل طرفان متقابلان على تشويه القصص الإخبارية وتحريفها بسهولة. وقد أظهر ترمب الذي شرع في حملته الثالثة للفوز بالبيت الأبيض مرات عدة، مهارة في اللعب على وتر المظالم، والسيطرة على السرديات.

هل نعتقد حقاً أنه أثناء جولته في أرجاء البلاد مرة جديدة ومخاطبته مؤيديه، لن يستفيد من الكشف عن وثائق بايدن كمثل مزعوم آخر عن نظام عدالة متحيز للنيل منه. بالطبع، سيفعل ذلك.

من هنا يمكن لجو بايدن أن يساعد نفسه، ويحاول الخروج من هذا المأزق، من خلال عقد ذلك المؤتمر الصحافي الذي سيقول فيه إنه يأسف لما حدث، ويسعى إلى وضع حد لهذا الأمر. ستكون خطوته بلا شك تصرفاً ذكياً وتكتيكياً مملوءاً بالحكمة.

© The Independent

المزيد من آراء