Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انطلاق التسوية النهائية في السودان بغياب بعض شركاء السلام

تدشين مرحلة المشاورات الموسعة حول القضايا الخمس المحددة في الاتفاق السياسي الإطاري

البرهان في جلسة افتتاح المرحلة النهائية للتسوية السياسية في السودان (اندبندنت عربية - حسن حامد)

أطلق الموقعون على الاتفاق الإطاري، مساء الأحد، بتيسير من الآلية الثلاثية التي تضم الاتحاد الأفريقي والهيئة الحكومية الدولية للتنمية "إيقاد" والأمم المتحدة، المرحلة النهائية للعملية السياسية للوصول إلى اتفاق سياسي ينهي الأزمة السياسية السودانية ويعيد مسار الفترة الانتقالية والتحول الديمقراطي الذي ظل معطلاً منذ انقلاب 25 أكتوبر (تشرين الأول) 2021.

وتم، اليوم الإثنين، تدشين مرحلة المشاورات الموسعة حول القضايا الخمس المحددة في الاتفاق السياسي الإطاري، ولمدة أربعة أيام، ولا سيما فعاليات مؤتمر خريطة طريق وتجديد عملية تفكيك نظام الـ30 من يونيو (حزيران) 1989، وهما من ضمن قضايا الحوار الشامل التي تتطلع الثورة إلى إنجازها.

الخطوات النهائية

وبدأ أول مؤتمرات المرحلة النهائية بمؤتمر تجديد عملية تفكيك نظام الـ30 من يونيو "بهدف الوصول إلى خريطة طريق تشمل التشريع والسياسات والآليات والتكوين والمعايير والقواعد والإجراءات" بالاستناد إلى تقييم التجربة السابقة والالتزام بالمعايير الدولية وسيادة حكم القانون واحترام الحقوق الأساسية لتضمن الخريطة في الاتفاق السياسي النهائي وضمن الترتيبات الدستورية الناتجة عنه. وبحسب تنسيقية القوى الموقعة على الاتفاق الإطاري، ستكون النسبة الكبرى من ممثلي المشاركين من خارج قوى الاتفاق من مختلف الأطراف وأصحاب المصلحة بنسبة 60 في المئة، بينما يشكل ممثلو القوى الموقعة 40 في المئة فقط مع مشاركة عادلة للنساء.

وتحرك قطار المرحلة النهائية للعملية السياسية التي تشمل محاور العدالة والعدالة الانتقالية والإصلاح الأمني والعسكري ومراجعة وتقييم اتفاق جوبا للسلام وتفكيك نظام الـ30 من يونيو 1989، إضافة إلى قضية شرق السودان، وذلك في ظل غياب حركتي العدل والمساواة وتحرير السودان من الحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية)، على رغم سلسلة حوارات الوساطة التي قادها الفريق عبدالفتاح البرهان بين شقي الحرية والتغيير (المجلس المركزي) و(الكتلة الديمقراطية).

ترحيب ومناشدات

ولقي تدشين الانطلاق ترحيباً دولياً واسعاً وسط مناشدات الموقعين والمسهلين لكل من رئيس حركة العدل والمساوة جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي رئيس حركة تحرير السودان الموقعين على اتفاق سلام جوبا للسلام، بالانضمام إلى ركب التسوية السياسية، وأعرب بابكر فيصل القيادي بالحرية والتغيير (المجلس المركزي)، عن أمله في التحاق الحركتين لمشاورات المرحلة النهائية والمشاركة في الخطوات التالية المفضية إلى الاتفاق النهائي للأزمة، مشيراً إلى ألا تراجع عن خطوات إكمال العملية السياسية في ضوء ما جاء بالاتفاق الإطاري.

وأعلنت بعثة الأمم المتحدة لدعم المرحلة الانتقالية "يونيتامس" افتتاح فعالية المرحلة النهائية للاتفاق السياسي بقاعة الصداقة بالخرطوم بحضور المدنيين والعسكريين الموقعين على الاتفاق السياسي الإطاري وممثلين عن المجتمع المدني والأكاديميين والقطاع الخاص والزعماء التقليديين والدينيين وصناع الرأي العام ومجموعات حقوق الشباب والمرأة. وتوقعت البعثة أن ينتج عن هذه المؤتمرات خرائط طريق حول القضايا التي سيتم النظر فيها في الاتفاق الختامي بهدف الوصول إلى اتفاق سياسي نهائي وعادل.

العسكر يلتزمون

وأكد البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي القائد العام الجيش التزامه بعدم التراجع عن الوفاء بتعهداته خروج العسكريين من السياسة بحيث لن يكون للمؤسسة العسكرية أي دور في عملية الانتقال نحو تحول ديمقراطي حقيقي. وجدد، لدى مخاطبته افتتاح المرحلة النهائية، الالتزام بأن القوات المسلحة ستكون أول المستجيبين لهذا الجهد الوطني الذي شارك فيه أبناء السودان سعياً وراء تحقيق الحرية والسلام والعدالة، معرباً عن أمنياته في قيام حكومة مدنية حقيقية خلال الفترة المقبلة تلبي طموحات السودانيين.

في السياق ذاته، أعلن الفريق أول محمد حمدان دقلو (حميدتي) نائب رئيس مجلس السيادة الانتقالي قائد قوات الدعم السريع التزامه التام بإنهاء الوضع الراهن بتوقيع اتفاق نهائي تشكل بموجبه حكومة مدنية كاملة. وأكد خروج المؤسسة العسكرية من العمل السياسي والانخراط في عملية الإصلاح الأمني والعسكري ودمج قوات الدعم السريع في الجيش لبناء جيش قومي موحد لا علاقة له بالسياسة يتفرغ لأداء دوره في حماية أمن وسيادة البلاد.

أساس الحكومة المدنية

بدورها، رحبت اللجنة الربـاعية ومجموعة الترويكا (السعودية، النرويج، الإمارات العربية المتحدة، المملكة المتحدة، والولايات المتحدة) بانطلاق الحوارات الشاملة لحل القضايا العالقة والأساسية في المرحلة الثانية والأخيرة للعملية السياسية لاستعادة التحول الديمقراطي في السودان. واعتبر بيان مشترك للرباعية والترويكا هذه العملية هي الأساس نحو تأسيس حكومة جديدة بقيادة مدنية تقود السودان خلال فترة انتقالية تتوج بالانتخابات، مؤكداً استمرار الدعم بقوة لهذه العملية التي يقودها السودانيون في تنسيق وثيق مع الآلية الثلاثية (يونيتامس، الاتحاد الأفريقي، إيقاد).

وذكر البيان قادة جهود العملية السياسية بالتزامهم بشموليتها وتأكيد المشاركة الفاعلة للمرأة والشباب وممثلين من أرجاء السودان كافة، والمجتمعات المهمشة على وجه الخصوص، في هذه الحوارات وفي تشكيل مستقبل بلدهم. ودعا جميع الأطراف للانخراط بحسن نية في هذه الحوارات على أن تتضمن الموقعين وغير الموقعين على حد سواء، وأن الباب سيظل مفتوحاً للمشاركة في هذه العملية، وتركيز الجهود لاستكمال المفاوضات والوصول إلى اتفاق بأقصى سرعة.

من جانبه، أكد فؤاد عثمان القيادي بالحرية والتغيير وأمين العلاقات الخارجية بحزب المؤتمر السوداني انفتاح المجلس المركزي على كل الأطراف والالتزام بعدم إغراق الاتفاق بلافتات لا وجود لها ولا تتفق مع أهداف العملية السياسية المفضية لإنهاء انقلاب أكتوبر 2021. وأشار إلى أنهم رحبوا بإعلان الوفد المصري برئاسة رئيس جهاز الاستخبارات العامة اللواء عباس كامل دعم مصر للاتفاق الإطاري مقترحاً استضافة مائدة مستديرة لكل القوى السياسية السودانية، "أكدنا للوفد المصري أننا ماضون في عملية سياسية تفضي لإنهاء الانقلاب".

مخاوف الكتلة الديمقراطية

على نحو متصل، أوضح محمد السماني القيادي بالكتلة الديمقراطية أن الاتفاق الإطاري انطوى على عملية إقصاء وعزل للآخرين ما من شأنه أن يتسبب مستقبلاً في عدم الاستقرار السياسي المطلوب للمرحلة الانتقالية، أو ربما يؤدي إلى الالتفاف عبر انقلاب جديد. ولفت إلى أنه من المآخذ الجادة للكتلة الديمقراطية على الاتفاق نصه على أن القوى الموقعة على الإعلان السياسي، وهي تضم 11 تنظيماً فقط، هي التي ستتولى تكوين الحكومة الانتقالية، ما نعتبره قنبلة مخفية داخل الاتفاق، سائلاً، "أين هو هذا الإعلان؟ متى وقع وبين من ومن؟ لأن ذلك سيجعل القرار السياسي في يد تلك القوى، وهو ما نرفضه، كونه ناتجاً عن الطريقة التي اتبعت في تصنيف الآخرين".

وجدد السماني موقف الكتلة الديمقراطية الرافض مراجعة اتفاق جوبا للسلام كخط أحمر "لأن التعديل مرهون بموافقة كل الأطراف الموقعة على الاتفاق، إضافة إلى أن هناك ورشة ستنعقد في جوبا منتصف الشهر الحالي لتقييمه، برعاية الوساطة الجنوب سودانية وتشريف الرئيس سالفا كير ميارديت، وحضور كل الموقعين والضامنين، وممثلي المجتمع الدولي، ينتظر أن تخرج بتوصيات واضحة في شأن تقييم الاتفاق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

إلى ذلك، توقع مصدر بالكتلة الديمقراطية أن تستأنف وساطة الفريق عبدالفتاح البرهان بين كل من المجلس المركزي والكتلة الديمقراطية لإلحاق كل من جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي بمشاورات المرحلة النهائية. وأشار المصدر إلى أن الوساطة جمعت في لقاءات عدة كلاً من جعفر الميرغني ومناوي من الكتلة الديمقراطية، وكلاً من الواثق البرير وعمر الدقير وطه عثمان من جانب المجلس المركزي، مبيناً أنه على رغم سخونة اللقاءات، وما تخللها من مواجهات وملاسنات، لم تخل من جوانب اقتراب بين الطرفين. وتابع أن وفد المجلس المركزي طرح مشاركة الكتلة الديمقراطية كجزء أصيل من ورش عمل الاتفاق الإطاري في المرحلة النهائية، بينما طرحت الكتلة خياري مائدة مستديرة لتوقيع اتفاق جديد بمشاركة كل القوى السياسية أو أن تتم المواءمة بين الاتفاق الإطاري ورؤية الكتلة الديمقراطية، الأمر الذي رفضه المجلس المركزي.

إلحاق الرافضين

وأكد المصدر ذاته أن الاتصالات والمساعي مستمرة لإلحاق بعض الرافضين للاتفاق السياسي من مكونات الكتلة الديمقراطية، هما جبريل إبراهيم ومني أركو مناوي، بخاصة أن هناك بعض الإشارات والتلميحات الإيجابية باتجاه استعداد بعضهم للالتحاق بالعملية السياسية.

وقال مناوي، القيادي بالحرية والتغيير (الكتلة الديمقراطية) وحاكم إقليم دارفور، إن جلسات حوار جيدة جرت في الأيام الماضية بين كتلتي الحرية والتغيير متمنياً أن يستمر الأصدقاء في المجلس المركزي بهذه الروح الجديدة لإنهاء العملية السياسية. واعتبر في تغريدة على حسابه في "تويتر" أن دور المكون العسكري كان محورياً في تسهيل تقريب وجهات النظر بين الكتلتين.

وكان جبريل إبراهيم رئيس حركة العدل والمساواة الموقعة على اتفاق السلام قد انتقد الاتفاق الإطاري، ووصفه بأنه نتج من اجتماعات سرية تحت ضغوط دولية، ولا يقوم على مرجعيات حقيقية فضلاً عن تضمنه أوراقاً غير معلنة تم التوقيع عليها، واعترض إبراهيم على السلطات والصلاحيات الواسعة للموقعين على الاتفاق، ولا سيما في تعيين رئيس الوزراء وغيرها من مؤسسات الفترة الانتقالية، متهماً ما سماه (مجموعة صغيرة) تريد أن تحتكر السلطة وتقرر مصير البلاد خلال الفترة المقبلة.

على صعيد متصل، وصف إبراهيم زريبة القيادي بالجبهة الثورية انطلاق المرحلة النهائية من الاتفاق بالشيء الطبيعي للوصول إلى الهدف النهائي بتشكيل حكومة تنهي حال الفراغ الإداري والسياسي بالبلاد منذ أكثر من عام، وأعرب عن أمله في انضمام أكبر عدد ممن كانوا رافضين الاتفاق لضمان حكومة فاعلة تمثل قطاعات عريضة من الشعب السوداني، لافتاً إلى أن وجود معارضة فعالة يسهم أيضاً في مراقبة وتصحيح مسار الحكومة الانتقالية.

والإثنين، الخامس من ديسمبر (كانون الأول) 2022، وقع المكون العسكري وقوى الحرية والتغيير (المجلس المركزي) وعدد من الأحزاب والتنظيمات والتجمعات المهنية والحركات المسلحة اتفاقاً سياسياً إطارياً مبدئياً على أن يعقبه اتفاق نهائي يمهد الطريق لتشكيل حكومة مدنية وإنهاء الأزمة السياسية والاقتصادية المستفحلتين بالسودان منذ انقلاب الفريق البرهان على السلطة المدنية الانتقالية التي تشكلت بموجب وثيقة دستورية للشراكة بين العسكريين والمدنيين عقب إطاحة نظام الرئيس عمر البشير في 2019.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي