Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

"الديون" تغلق أبواب العلاج في وجه الليبيين بدول الجوار

تونس تهدد بطردهم من المستشفيات لعدم وفاء الدبيبة بسداد 250 مليون دولار والأردن يشكو الأمر نفسه

تشكل ديون المستشفيات التونسية على الدولة الليبية جزءاً يسيراً من المستحقات المالية المتراكمة على ليبيا لدى تونس (أ ف ب)

هددت تونس بمنع المواطنين الليبيين من العلاج في أراضيها بعد سنوات من مماطلة السلطات الليبية لسداد الديون الضخمة المتراكمة عليها لدى المستشفيات التونسية، المقدرة بقرابة 100 مليون دولار عن العامين الماضيين فقط.

ومن المتوقع أن تتخذ دول أخرى خطوات مماثلة للخطوة التونسية، خصوصاً الأردن الذي عبر أيضاً عن امتعاضه من تخلف ليبيا عن سداد ديون متراكمة عليها منذ سنوات لدى مستشفياته، على رغم الوعود المتكررة من المسؤولين الليبيين لسدادها.

ويأتي معظم هذه الديون المتكدسة على ليبيا بمئات الملايين في أقطار كثيرة، من قيمة العلاج الخاص بجرحى الحروب، ويعد هذا الملف من الملفات القديمة التي استعصى على الحكومات الليبية حلها، منذ أن فتح بعد حرب الثوار ونظام القذافي عام 2011.

الحل الأخير

أعلنت مصحات تونسية عدم قبول أي مريض ليبي جديد في مستشفياتها، وهددت بإخراج المرضى الليبيين الموجودين فيها قبل نهاية الأسبوع المقبل، بسبب الديون المتراكمة على الحكومة الليبية لمدة عامين.

ونقلت وكالة الأنباء الليبية "وال" عن عدد من المرضى الليبيين في تونس قولهم إن "إدارات هذه المصحات أخرجتهم منذ أيام، وتعاملت معهم بأسلوب مستفز دون أية مراعاة لظروفهم الصحية الصعبة".

وأشار المرضي إلى أن "هذا الإجراء المفاجئ من قبل المصحات التونسية اضطرهم، على رغم ظروفهم الصحية والمالية الصعبة إلى اللجوء لتأجير شقق ومساكن متواضعة، تفتقر معظمها لأبسط الإمكانات الحياتية ومنها وسائل التدفئة، بخاصة في هذه الأجواء الشتوية الباردة على أمل حل هذه المشكلة والعودة لاستكمال علاجهم".

وناشد المرضى، بحسب الوكالة، "السلطات الليبية وفي مقدمتها وزارة الصحة التدخل السريع لحل هذه الإشكالية والنظر في معاناتهم، بخاصة أن من بينهم مرضى الأورام والقلب والجلطات التي تتطلب رعاية طبية خاصة".

ولجأت المستشفيات التونسية إلى هذا الإجراء بعد أن تلكأ رئيس حكومة الوحدة الليبية عبدالحميد الدبيبة في تنفيذ وعده خلال زيارته الأخيرة إلى تونس في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بسداد الديون المتراكمة على ليبيا للمصحات التونسية قبل نهاية العام الماضي.

وقال رئيس الغرفة النقابية الوطنية للعيادات الخاصة في تونس، بوبكر زخامة، إن "قيمة الديون الليبية للمصحات في بلاده، تتجاوز 270 مليون دينار تونسي (100 مليون دولار)".

وقدمت السفارة الليبية في تونس، الأربعاء الماضي، دعوة لتقديم عروض في شأن تكليف شركة متخصصة بمراجعة وتدقيق الإنفاق الصحي لليبيين في العيادات التونسية، مع تقديم عرضين أحدهما فني والآخر مالي خلال أسبوع من تاريخ إطلاق الدعوة.

وتشكك السلطات الليبية منذ سنوات في القيمة المالية التي تطالبها المصحات التونسية بسدادها، ولمحت أكثر من مرة إلى شكوك لديها في تضخيم قيمتها، فيما يؤكد الجانب التونسي ملكيته لكل المستندات التي تؤكد صدقية الأرقام المالية التي يطالب بها.

غيض من فيض

وتشكل ديون المستشفيات التونسية على الدولة الليبية جزءاً يسيراً من المستحقات المالية المتراكمة على ليبيا لدى تونس، حيث كشف الدبيبة، خلال زيارته الأخيرة لتونس، أن الديون المستحقة على بلاده بقيمة 250 مليون دولار، وتعهد بسدادها قبل نهاية العام الماضي وهوما لم يحدث.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأوضح الدبيبة خلال اجتماع عقده مع الاتحاد العام للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية بتونس، أن "ديون المصحات الخاصة تبلغ 85 مليون دولار والطيران المدني 30 مليون دولار والكهرباء نحو 85 مليون دولار، ستسدد بالكامل، إضافة لمنح طائرات الخطوط الجوية التونسية الإذن في تعبئة الوقود الليبي بالسعر المدعوم من الدولة، وذلك بحضور عدد من وزرائه ورئيس الاتحاد العام لغرف التجارة والصناعة الليبي وعدد من رؤساء الأجهزة التنفيذية للمشروعات".

وطالب الدبيبة، الأسبوع الماضي، وزارة الصحة في حكومته ووزيرة الخارجية نجلاء المنقوش بتكليف السفارة الليبية لدى تونس بالتنسيق مع الغرفة التونسية للصناعة والتجارة لحصر الديون الليبية الخاصة بالمصحات منذ عام 2011، ودعا الدبيبة إلى "جرد كل الديون وإحالتها إلى الخارجية ومنها إلى رئيس الحكومة".

إلحاح تونسي ومماطلة ليبية

وبدأ الإلحاح التونسي على حكومة الوحدة في طرابلس لسداد ديونها بالكامل منذ عامين، حين كشف سفير تونس لدى ليبيا أسعد العجيلي أن "الديون الليبية لصالح المستشفيات التونسية وصلت إلى 200 مليون دينار (65 مليون دولار تقريباً). وأوضح أن "دفعة أولى من الديون  سددت سابقاً".

وأضاف العجيلي، أنه "تم الاتفاق خلال الزيارة التي أجراها رئيس الحكومة التونسية هشام المشيشي، في مايو (أيار) 2021 إلى ليبيا على سداد بقية الديون".

وذكر أنه "يجري التدقيق في الفواتير التي يرى الجانب الليبي أن فيها تضخيماً للمصاريف".

امتعاض أردني

وليست تونس الدولة الوحيدة التي طالبت في الأيام الماضية ليبيا بديون ضخمة ماطلت لسنوات في سدادها، بل تتوزع قيم أخرى من الديون المالية الخاصة بعلاج جرحى ومرضى ليبيين على دول عدة، بينها الأردن ومالطا وتركيا.

نهاية الأسبوع الماضي، قال رئيس جمعية المستشفيات الأردنية الخاصة، الدكتور فوزي الحموري، إن "مستحقات المستشفيات الأردنية الخاصة على الحكومة الليبية بلغت 150 مليون دولار".

وأضاف الحموري، في تصريحات صحافية، أن "المستحقات معلقة منذ سنوات وأن الحكومة الليبية لم تسددها كما هو متفق عليه".

وتعود قضية ديون المستشفيات الأردنية الخاصة على ليبيا لأكثر من 10 سنوات، تكدست خلالها مستحقات على الجانب الليبي لأكثر من 140 مؤسسة طبية وسياحية أردنية.

ويعد الأردن وجهة رئيسة لمرضى الأورام الليبيين من طالبي العلاج في الخارج، كما عالجت عمان الآلاف من جرحى الحروب الليبية في مستشفياتها على مدار العقد الماضي.

وسبق للحموري التصريح بأن "استقبال المستشفيات الأردنية للجرحى والمرضى الليبيين خلال السنوات الست الماضية، جاء تقديراً للظروف الاستثنائية التي مرت وتمر بها بلادهم، وكذلك انطلاقاً من شعورها بالمسؤولية تجاههم".

وأضاف الحموري أن "حجم مديونية المستشفيات الأردنية على الحكومة الليبية أصبحت تشكل عبئاً كبيراً على هذه المستشفيات".

ودعا "جميع المستشفيات الخاصة في الأردن إلى ضرورة تسليم مطالباتها المالية إلى السفارة الليبية في أسرع وقت ممكن، لأجل إغلاق الملف والتعاون مع اللجنة الليبية بتزويدها بجميع الوثائق الضرورية التي تثبت مطالباتها".

ويعد ملف علاج المرضى والجرحى الليبيين في الخارج من أكثر الملفات إثارة للجدل وتحوم حوله شبهات الفساد في ليبيا خلال السنوات الماضية، ولا توجد أي أرقام رسمية ليبية تكشف قيمة الموازنات الضخمة التي رصدت لهذا الملف، وتقدرها مصادر أخرى بمليارات الدولارات.

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي