Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

تجار الإبل في سوق المويلح السودانية ينأون بأنفسهم عن أحداث البلاد الثورية

لا يكترث هؤلاء بما يدور على بعد بضعة كيلومترات منهم في الخرطوم

يعدّ سوق المويلح أكبر سوق للماشية في السودان (أ.ف.ب)

على الرغم من جميع التطوّرات السياسية والأمنية التي عصفت بالسودان، منذ اندلاع الاحتجاجات في ديسمبر (كانون الأول) 2018 وصولاً إلى الإطاحة بالرئيس عمر البشير وإبرام اتفاق بين المعارضة والمجلس العسكري، بقي تجار الجمال بمنأى عن جميع الأحداث في البلاد.

ففي سوق المويلح، الواقعة على بعد حوالى 100 كيلومتر من العاصمة الخرطوم، يجتمع تجار المواشي والإبل، من بدو السودان، في الصحراء ليبيعوا ثرواتهم الحيوانية. ويقول التاجر علي حبيب الله، البالغ من العمر 52 سنة، لوكالة الصحافة الفرنسية، "أي تظاهرات؟ لدينا كل ما نحتاج إليه في الصحراء... الماء والطعام والماشية. ليس لدينا أي مطالب... أحب الصحراء، وشرب حليب الإبل كاف لجعلي سعيداً".

 

"لا نكترث بالسياسة... ولا نذهب حتى إلى الخرطوم"

وبينما كان ابنه الصغير مرتدياً ملابس تقليدية وجالساً على سرج مصنوع من الجلد على ظهر جمل، تابع حبيب الله، الذي ورث مهنته عن أبيه وجدّه منذ سنين، قائلاً "لا نكترث بالسياسة. حتى أنني لا أذهب إلى الخرطوم".

وفي يوميْ انعقاده أسبوعياً، تستقطب سوق المويلح عدداً كبيراً من السياح الذين يزورون السودان، وتُذبح فيها بعض الإبل لبيع لحومها، بينما تُباع السلالات المتميزة إلى دول الخليج للمشاركة في سباقات الإبل.

 

اهتمام بالتجارة والأسعار

وشهد السودان أزمة سياسية اندلعت في 19 ديسمبر الماضي، مع انطلاق تظاهرات احتجاجاً على رفع أسعار الخبز ثلاثة أضعاف، قبل أن تتحول سريعاً إلى حركة احتجاج ضد البشير، في كل أنحاء البلاد. وأطاح الجيش البشير في 11 أبريل (نيسان) الفائت، منهياً حكمه الدكتاتوري الذي استمر ثلاثة عقود. وقبل أن تتوصّل قوى المعارضة والمجلس العسكري الحاكم إلى اتفاق لإدارة البلاد خلال فترة انتقالية، عرف السودان أعمال عنف راح ضحيتها عشرات القتلى.

غير أن كثيرين من تجار الإبل في المويلح لا يكترثون بالسياسة، بل حتى يتبادلون الضحكات حين يتطرّق الحديث لشؤونها، وفي هذا السياق، قال تاجر الإبل أحمد محمد أحمد، لوكالة الصحافة الفرنسية أثناء جلوسه مع رجال آخرين في منزل من الطين يُستخدم لتخزين الأعلاف الحيوانية، "بوجود البشير أو من دونه، هذا البلد هو ذاته بالنسبة إلينا... كل ما يهمنا إذا كان سعر الماشية سيرتفع أو سينخفض".

يذكر أن سعر كل جمل يعتمد على الغرض الذي يباع من أجله، فيتراوح سعر الجمل الذي يباع من أجل لحمه بين 60 ألفاً و90 ألف جنيه سوداني، أي ما بين 1330 و2000 دولار، أمّا الجمل المخصّص للسباق في دول الخليج، فقد يباع بسعر يصل إلى 1.5 مليون جنيه سوداني، أي أكثر من 33 ألف دولار.

المطالبة بعودة "أبينا البشير"

وعلى الرغم من عدم اكتراث كثيرين من تجار الإبل بالسياسة، يتبنى آخرون مواقف حازمة فيها، إذ رأى التاجر علي سالم حامد، الذي يمتلك حوالى 200 جمل أنّ "بقاء البشير في الحكم كان سيجعل العرب سعداء".

أضاف حامد، المُتحدّر من شمال كردفان، إحدى الولايات المؤيدة للبشير، "أريد أن يعود أبونا البشير" للحكم.

وأكثر من ذلك، يرى حامد البالغ 35 سنة، أن قوات الدعم السريع "ليست لها علاقة" بالهجمات الدامية على اعتصام المحتجين أمام مقر القيادة العامة للجيش في الخرطوم، الذي وقع في الثالث من يونيو (حزيران) لفض اعتصام المتظاهرين، وأسفر عن وقوع عشرات القتلى ومئات الجرحى.

 

"الفضل" لحميدتي

وفي هذا الإطار، يشيد التاجر بقائد هذه القوات، الفريق محمد حمدان دقلو المعروف بحميدتي، قائلاً إن فضل استمرار تجارة الإبل عائد إليه، بعدما "كان تجار الإبل هدفاً للصوص في الصحراء، لكن حميدتي أوقفهم وسلمهم للسلطات".

علماً أن حميدتي يشغل حالياً منصب نائب رئيس المجلس العسكري، الذي حكم البلاد منذ سقوط البشير.

وعن الصراع الذي دار بين المجلس العسكري وقوى إعلان الحرية والتغيير المعارضة، حول تسليم السلطة إلى المدنيين، قال حماد "حكومة مدنية أو عسكرية... الأمر لا أهمية له بالنسبة إلينا طالما لا يتداخل مع تجارتنا".

وتعدّ سوق المويلح أكبر سوق للماشية في السودان، وتفتح أبوابها أمام التجار والشارين يومي الأربعاء والسبت من كل أسبوع، ويعتبر مصدراً أساسياً للثروة الحيوانية في السودان، كما في العالم العربي.

المزيد من العالم العربي