Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التونسيون في مواجهة التضخم من دون حماية

معدل زيادة الرواتب أقل من نصف معدلات التضخم

عجزت الزيادة في الأجور عن مسايرة زيادة الأسعار في تونس (رويترز)

تراجعت المقدرة الشرائية للتونسيين في السنوات الأخيرة تأثراً بالضغوط التضخمية الناتجة عن ضعف أداء الاقتصاد وتراجع الإنتاج، والتي عمقتها جائحة كورونا والحرب الأوكرانية.

وضاعف معدلات التضخم "المستورد" ارتفاع أسعار النفط، إذ أجبر ارتفاع سعر البرميل بالأسواق العالمية الحكومة على زيادة سعر المحروقات، مما زاد كلفة الإنتاج والمعيشة.

وعجزت الزيادة في الأجور الموقعة سنة 2022 عن مسايرة الزيادة في الأسعار، وأتت الموازنة التي كشفت عنها وزارة المالية منذ أيام لتعلن عن إقرار جملة من الضرائب المستحدثة إضافة إلى القائمة، مما دفع بالخبراء إلى دق ناقوس الخطر، منبهين إلى تواصل مراكمة العوامل المؤدية حتماً إلى انفلات الأسعار واستفحال التضخم.

وتتوقع الحكومة ارتفاع معدل التضخم إلى 10.5 في المئة في عام 2023، من دون إقرار برنامج اجتماعي مصاحب لكبح التضخم والحفاظ على القدرة الشرائية من الانهيار.

توقعات حكومية بتفاقم التضخم

أعلن المعهد الوطني للإحصاء (حكومي) أن نسبة التضخم السنوي بلغت 9.8 في المئة في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) مقارنة بنسبة 6.4 في المئة في نوفمبر سنة 2021.

وقال سمير سعيد، وزير الاقتصاد والتخطيط، إن سنة 2023 ستكون صعبة وإنه من المتوقع أن تبلغ نسبة التضخم 10.5 في المئة، مضيفاً "تونس متحكمة نسبياً في معدل التضخم، بخاصة في ظل ارتفاع نسبة الفائدة، وذلك مقارنة بدول أوروبية".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتراجعت المقدرة الشرائية بنسبة 4.8 في المئة سنة 2022 بالنظر إلى قيمة الزيادة في الأجور التي تراوحت بين 5 و6.75 في المئة.

ووقع الاتحاد العام التونسي للشغل (المركزية النقابية) والحكومة في شهر سبتمبر (أيلول) على اتفاق يقضي بالزيادة في أجور القطاع العام لسنوات 2023 و2024 و2025 بنسبة خمسة في المئة.

وقد انطلقت أقساط الزيادة في الأجور في شهر أكتوبر (تشرين الأول) 2022 عندما كانت نسبة التضخم في حدود 8.6 في المئة.

وقد سبق أن تم توقيع اتفاق الزيادات في الأجور بالقطاع الخاص بين الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية (هيئة نقابية للأعراف)، والاتحاد العام التونسي للشغل في شهر يناير (كانون الثاني) 2022 وحددت بنسبة 6.75 في المئة، مع تحديد حد أدنى للأجور في حدود 459.2 دينار (147.17 دولار).

مخاوف من اتساع رقعة الفقر

أثيرت المخاوف حول اتساع رقعة الفقر في تونس، حيث قدر البنك الدولي أن 3.4 في المئة من التونسيين يرزحون تحت خط الفقر "المدقع" لسنة 2022، على أن تبلغ النسبة 3.1 في المئة في 2023.

ويقدر خط الفقر المدقع بما يوازي القوى الشرائية لـ3.2 دولار أميركي، بينما يقدر خط الفقر التقليدي بالسلع والخدمات التي يستطيع المواطن التونسي شراءها بقيمة 5.5 دولار.  

ويتوقع البنك الدولي انخفاض نسبة الفقراء في تونس من 18.9 في المئة في 2022 إلى 17.7 في المئة في 2023، لكن أشار البنك إلى أن العودة إلى المستويات السابقة للأزمة لن تكون قبل عام 2024.

وتسببت الزيادة في أسعار المواد الغذائية وغير الغذائية بين شهر يناير ومايو (أيار) 2022 في انحسار متوسط دخل الفرد الحقيقي بقيمة 15.9 دينار (5.09 دولار) أي ما يعادل 3.9 في المئة من معدل الاستهلاك.

وتختلف التأثيرات بين الفئات، فبالنسبة إلى الفئة الأفقر كان معدل الخسارة 4.9 دينار (1.57 دولار)، و39.4 دينار (12.6 دولار) للفئة الأغنى.

وبفقدان الأجور قوتها الشرائية تظهر أخطار أخرى من ارتفاع التداين الأسري والاضطرابات الاجتماعية وظواهر أخرى غير محمودة.

ونبه البنك المركزي التونسي إلى أن تواصل المسار التصاعدي للتضخم هو السبب الرئيس لقرار رفع نسبة الفائدة الرئيسة بـ75 نقطة أساسية لتبلغ ثمانية في المئة.

خفض الدعم

عبر الأستاذ في جامعة تونس والباحث في الاقتصاد لدى الاتحاد العام التونسي للشغل، عبدالرحمن اللاحقة، أن القدرة الشرائية تقلصت تأثراً بالأزمة الصحية والإغلاق ما بين 2019 و2022، إضافة إلى ثبات الأجور وكذلك الأزمة الاقتصادية التي تمر بها تونس منذ سنوات.

ورجح أنه في حال تواصل نسق التضخم الحالي ستفقد القدرة الشرائية للتونسيين سنوياً بمعدل يتراوح بين أربعة وخمسة في المئة، وهو ما سينتج عنه اضطراب كبير في القدرة الشرائية، نظراً إلى اقتران التضخم المتفاقم برفع الدعم في الفترة المقبلة "الإجراءات الخاصة بالضرائب التي تضمنها قانون المالية لسنة 2023 سبب خسارة المواطن التونسي 20 في المئة من قدرته الشرائية سنة 2022، إضافة إلى 10 في المئة في 2023، بسبب رفع الدعم عن المواد الأساسية والمحروقات فضلاً عن ارتفاع نسب التضخم".

احتقان

حذرت منظمات وطنية من احتقان اجتماعي محتمل على خلفية الزيادات المستمرة في أسعار المواد الغذائية والنقل بخاصة. وقال لطفي الرياحي، رئيس منظمة حماية المستهلك (مستقلة) في تصريح لـ"اندبندنت عربية"، "إنه من المرجح استفحال انفلات الأسعار بسبب الرفع من مستوى الضرائب المقررة في موازنة 2023، وتتجاوز النسب الحقيقية للتضخم المعلن عنها من قبل الجهات الرسمية بسبب عدم احتساب عديد من العناصر الفاعلة في استهلاك المواطن".

ودعا الرياحي الحكومة الحالية إلى خلق آليات لمواجهة ارتفاع الأسعار بتحديد سقف هامش الربح.

اقرأ المزيد