Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل يقرب الاتفاق الليبي الجديد بالقاهرة البلاد من الانتخابات؟

تفاؤل حذر بعد الإعلان عن التوافق على خريطة سياسية تنهي المراحل الانتقالية

عقيلة صالح (إلى اليسار) وخالد المشري (أ ف ب)

أعلن مجلسا النواب والدولة الليبيين، مرة جديدة، عن توصلهما لاتفاق مبدئي لحل المسائل الخلافية بينهما، التي تعيق منذ عام كامل عملية الانتقال السياسي وتنظيم الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، وسط شكوك كثيرة بشأن المدة التي سيصمد فيها هذا الوفاق، بالنظر إلى الاتفاقات السابقة المبرمة بينهما التي عصفت بها في كل مرة مناكفاتهما الحادة.

ومع تزايد الضغط الدولي والشعبي على المجلسين للخروج من الحلقة المفرغة من المفاوضات المتعسرة التي يخوضانها لوضع خريطة طريق تنهي المرحلة الانتقالية، وتنتج سلطات منتخبة تنهي أزمة الشرعية محور الانقسام السياسي في البلاد، يبقى السؤال البارز: هل يكون العام الحالي عام الانتخابات المنتظرة في ليبيا؟

وفاق مبدئي

وأعلن مجلس النواب الليبي والمجلس الأعلى للدولة في بيان مشترك، أمس الخميس، اتفاقهما على وضع خريطة طريق لاستكمال العملية الانتخابية وتوحيد المؤسسات الليبية، عقب لقاء جمع رئيس مجلس النواب الليبي عقيلة صالح ورئيس مجلس الدولة خالد المشري في العاصمة المصرية القاهرة.

وبحسب البيان، اتفق الطرفان على "قيام اللجنة المشتركة بين المجلسين بإحالة الوثيقة للمجلسين لإقرارها طبقاً لنظام كل مجلس، كما تم التوافق على وضع خريطة طريق واضحة ومحددة تعلن لاحقاً لاستكمال كل الإجراءات اللازمة لإتمام العملية الانتخابية، سواء التي تتعلق بالأسس والقوانين أو المتعلقة بالإجراءات التنفيذية وتوحيد المؤسسات".

وفي مؤتمر صحافي بحضور رئيس مجلس النواب المصري حنفي جبالي، قال رئيس البرلمان الليبي إن "هناك توافقاً مع مجلس الدولة ونحتاج إلى سلطة موحدة في ليبيا لإجراء الانتخابات تحت رقابة الحكومة"، وأضاف "ستكون هناك آلية كالسابقة في جنيف لوضع إجراءات جديدة وتكوين سلطة جديدة بين المجلسين، وفي الأيام المقبلة سيعلن بعدها عن خريطة الطريق الجديدة في مدينة داخل ليبيا".

وأكد رئيس مجلس الدولة خالد المشري، بدوره، أنه "سيتم العمل على خريطة طريق بالتشاور مع صالح وبعثة الأمم المتحدة، والإعلان عنها في القريب العاجل في لقاء سيتم بيننا في ليبيا"، وأوضح أن "الوثيقة التي يجري الإعداد لها تتعلق بملفات ومسارات عدة، وتحديد مدد ومهام واضحة، لهذا لا بدّ من أن يكون التوافق بين المجلسين طبقاً للاتفاق السياسي وبرعاية أممية حتى يتم تجنب أي شكوك محتملة".

تفاؤل مشوب بالحذر

وتلقى الشارع الليبي الأنباء الآتية من القاهرة عن قرب توافق البرلمان ومجلس الدولة على خطة سياسية جديدة تضمن الوصول إلى الانتخابات العامة في العام الحالي، بتفاؤل يشوبه حذر كبير، بسبب التباين الذي بات معروفاً للجميع في وجهات نظر الطرفين بشأن القوانين الانتخابية، وشروط الترشح للانتخابات الرئاسية، وحتى تنظيمها بالتزامن مع الانتخابات التشريعية، مع وجود رغبة من مجلس الدولة في تنظيم انتخابات برلمانية فقط.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وفي السياق، قال عضو مجلس الدولة موسى فرج "معظم أعضاء المجلس يدعم الذهاب نحو انتخابات برلمانية وتأجيل الرئاسية لينظر فيها مجلس النواب المنتخب"، وكشف عن استمرار تمسك مجلس الدولة بشروطه الخاصة بالانتخابات الرئاسية، التي تشكل لبّ النزاع القائم مع مجلس النواب، وقال إن "القوانين والتشريعات الليبية تمنع العسكريين ومزدوجي الجنسية ورجال القضاء والنيابة من العمل بالسياسة، وهذا أصبح من الأعراف الدستورية السائدة في العالم".

جمود في مواقف الطرفين

وعلى رغم النبرة المتفائلة التي طغت على بيان عقيلة صالح وخالد المشري في القاهرة، بخصوص حلحلة النقاط الخلافية بينهما، إلا أن كل تصريحات أعضاء مجلسيهما التي صدرت بعده، تؤكد استمرار تمسك كل طرف بمواقفه السابقة، من دون وجود أي بوادر لتقديم تنازلات تمضي قدماً بالعملية السياسية والانتخابية.

وقال المستشار الإعلامي لمجلس النواب فتحي المريمي إن "النقاط المثيرة للجدل في مشروع الدستور مثل حق الترشح للانتخابات الرئاسية لمزدوجي الجنسية والعسكريين لم يتضح مصيرها بعد"، وكشف عن "اجتماعات أخرى ستعقد بين اللجنتين المكلفتين من المجلسين لإنهاء الخلافات القائمة بخصوص هذه المسائل".

وفي شأن خريطة الطريق التي تم الحديث عنها في القاهرة، أوضح أنها "تتضمن منح فترة مناسبة لمفوضية الانتخابات لإعداد القوانين الانتخابية إلى جانب إعادة النظر في سجل الناخبين وتحديث المنظومة للمواطنين ممن تجاوزت أعمارهم 18 سنة"، وخلص المريمي إلى أن "وضع الاتفاق على القاعدة الدستورية سيظل محل تعقيد للمضي قدماً نحو الانتخابات".

وما ورد في تصريحات المستشار الإعلامي للبرلمان، أكده مقرر المجلس الأعلى للدولة بلقاسم دبرز الذي قال إن "النقاط الخلافية بالقاعدة الدستورية حول ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للانتخابات الرئاسية ما زالت قائمة ولا تنازل عنها من أعضاء المجلس"، وأضاف أن "هذه النقاط الخلافية لم تثر باجتماع القاهرة، والحديث كان عن عمل اللجان المشتركة في إيجاد آلية لتجاوزها".

الاستفتاء الشعبي

ومع ضعف فرصة وجود أي حل وسط ورؤية توافقية للخروج من نفق الخلافات المزمنة في شأن القاعدة الدستورية الانتخابية بين البرلمان ومجلس الدولة، بدأت مصادر من داخلهما تتحدث عن حل بديل يقترح اللجوء للاستفتاء الشعبي لتجاوز هذه العقبة. ورجح نائب رئيس مجلس الدولة الاستشاري ناجي مختار أن "يطرح الخلاف على شروط الترشح للرئاسة للاستفتاء الشعبي"، وقال مختار إن "الخلاف مستمر على شروط الترشح للرئاسة المتعلقة بالعسكريين ومزدوجي الجنسية، مع وجود قرابة 40 مرشحاً للرئاسة والبرلمان يحملون جنسية مزدوجة، وهاتان المادتان لا يمكن الفصل بينهما ولا يمكن لنا التنازل عن إحداهما، مع أننا أكملنا التصويت على بقية مواد القاعدة الدستورية وتمت إحالتها للبرلمان".

وأكد عضو مجلس النواب خليفة الدغاري أن "الخلاف بين مجلسي النواب والدولة يتعلق ببعض مواد القاعدة الدستورية، وأسرع طريق إلى حل الخلاف القائم بين المجلسين هو الاستفتاء على دستور الاستقلال المعدل من قبل الشعب الليبي أو الاستفتاء على مادتي الخلاف".

الدور الخارجي

ومع احتدام الخلافات المتعلقة بالمسائل الدستورية لأسباب سياسية بحتة، استبعد أستاذ العلوم السياسية رجب حمزة إجراء انتخابات في ليبيا في وقت قريب، ورأى أن "زمام الأمور في ما يخص الانتخابات لا يملكها الساسة الليبيون بل هي لدى المجتمع الدولي، حتى وإن بدا أن الصراع بين الليبيين أو الساسة، إلا إنهم مجرد أدوات تستخدمها بعض الدول المتدخلة في الأزمة الليبية"، وتابع "لن يكون هناك حل أو انتخابات إلا في حالة واحدة عندما تضمن هذه الدول نصيبها من الكعكة الليبية، أي تضمن تحقيق مصالحها وبعدها يمكن أن يكون هناك حل، والمجتمع الدولي لو كان جاداً في حل الأزمة وإجراء الانتخابات لكان نفذ وعيده لمعرقلي هذا الاستحقاق".

وأشار حمزة إلى أن "حالة الجمود التي تسيطر على المشهد الليبي هي نتيجة عدم توافق المجتمع الدولي تجاه الحالة الليبية بخاصة القوى العظمى مثل الولايات المتحدة وروسيا والاتحاد الأوروبي، والدليل على ذلك هو بقاء ليبيا من دون وسيط أممي لأكثر من ثمانية أشهر بسبب صراع بين الكبار داخل مجلس الأمن والأمم المتحدة"، واعتبر أن "الانتخابات في حد ذاتها لن تحل الأزمة، بل يجب أولاً التفكير في توحيد الجيش لسببين، الأول كي تكون هناك جهة محايدة لتأمين تلك الانتخابات، والثاني وجود قوة نظامية محايدة تضمن الالتزام بنتائج تلك الانتخابات".

اقرأ المزيد

المزيد من العالم العربي