Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

جمهور حزب المحافظين يساوي بريكست بالحربين العالميتين وهوية بريطانيا

مغادرة الاتحاد الأوروبي هي القضية التي ستضمن فوزاً ساحقاً لجونسون على هانت

ليندا أوين و سو كونيللي في مقر "مارغريت تاتشر" لحزب المحافظين في منطقة رومفورد ( الإندبندنت) 

"نحن نطالب بملء حناجرنا بشخص قوي. ما نسعى إليه هو قوته. و بوريس يقدم ذلك. نريد شخصاً قوياً. لم يكن لدينا قائد قوي منذ أيام مارغريت تاتشر. بوريس هو الأقرب والأفضل. إنه رجل قوي. إن لديه ثقله".

تنطق ليندا أوين البالغة من العمر 81 عاماً الكلمات السابقة وحولها مجموعة بارزة من صور مارغريت ثاتشر مثبتة على جدار قربها. وتجلس فيما يسمى "مارغريت تاتشر هاوس"، وفق تسمية  أندرو روزندل، النائب المحافظ عن منطقة "رومفورد"، لمكتبه الانتخابي الكائن في شرق لندن من الناحية الإدارية لكنه ينتمي أكثر إلى منطقة "إسيكس" روحياً.

إنها تجلس على طاولة مغطاة بعلم  المملكة المتحدة، قرب باب أُبقي مفتوحاً بواسطة سنادة باب صُنعت من الحديد الصلب على هيئة كلب "بُلدُغ" إنكليزي مرتدياً معطفاً طُبع عليه علم المملكة. هناك ساريتان تحددان المدخل وتحملان علمين بطول 15 قدماً (أي ما يعادل 4.5 متراً)، علم آخر للممكلة والثاني علم القديس جورج.

ليندا واحدة من حوالى 160 ألف شخص سيمارسون خلال الأسبوعين المقبلين حقهم في اختيار رئيس وزراء البلاد القادم. لقد جلبت بطاقتها الانتخابية معها. يصح أن نقول إن عبء اتخاذ قرار للاختيار بين الاسمين على الورقة الانتخابية، لم يكن ثقيلاً جداً عليها.

وينطبق الشيء نفسه على سو كونولي، 71 عاماً، سكرتيرة "رابطة رومفرورد"  وسكريترة الدائرة الانتخابية للسيد روزندل. لا جدوى من سؤالها لصالح مَنْ تنوي أن تصوت. إنها تعلق إشارة كُتب عليها "ادعم بوريس" على قميصها، وقد انتهت لتوها من توزيع ثلاث شارات اخرى على جميع الموجودين في المكتب، أحدهم كان يرتدي بزة عمل وقميصاً من ماركة "بولو" ما يشي بأنه كان موجوداً لأعمال الصيانة وليس من أجل السياسة.

"أوه، سأصوّت لبوريس. إنها لحظة عظيمة. لحظة عظيمة. يناصر جيريمي هانت البقاء. لا يمكنك التصويت لصالح شخص يريد البقاء. لقد كان لدينا واحدة بالفعل، وهانت ليس سوى تيريزا ماي مرتدية سروالاً. لا يمكننا تكرار كل ذلك مرة أخرى"، وفق سو.

خلال الأسبوعين الأخيرين، ذهب جونسون وهانت إلى جميع أنحاء البلاد، وأجريا مقابلات إعلامية عدة، وطرحا القضية نفسها، مراراً وتكراراً، على أي شخص يريد أن يسمع. تختصر صراحة سو وليندا كل ذلك.

تمثّل المواجهة بين هانت وجونسون حرب مجازية مباشرة بين المغادرة والبقاء.  في هذه الغرفة على الأقل، لا يوجد شيء يمكن أن تفعله دعوة جيرمي هانت التبشيرية الأخيرة لبريكست كي تغير الواقع، وكذلك لن تستطيع هفوات جونسون العديدة والمستمرة في ذلك الصدد فعل ذلك. كل شيء مُحدد للتو.

ووفق ليندا، "بوريس له ثقله ... نحن نسامحه تماماً عن الأخطاء الصغيرة، لكنني لا أعتقد بصدق أنه ارتكب الكثير منها، مع أننا قد نريد أن نرى الأفضل. لكن له (بوريس) وزنه. جيريمي هانت ليس له ثقل".

وتقول سو إن هانت "لن يغادر من دون اتفاق. لقد قال ذلك لمجرد كسب أصواتنا. إنه مناصر للبقاء. إنه لم يكرس نفسه للأمر. تيريزا ماي لم تكرس نفسها له. لقد ورط نفسه في لعبة المنافسة السخيفة هذه. أقصد، لماذا كل هذا؟ لقد جعل نفسه يبدو غبياً تماماً وبالمطلق".

ستخيف العوامل التي تحدد قرار هؤلاء الأشخاص، مناصري البقاء. يبدو أنهم يعيشون في عالم يرجح أن يصعب فهمه كل من صوّت لمصلحة البقاء في الاتحاد الأوروبي. إذ تتحدث ليندا عن عطلات إلى القرى في منطقة "نورماندي" الفرنسية، حيث "سمع الجميع باسم بوريس". وتشير إلى أن الفرنسيين في قرى النورماندي تلك يحبون بوريس "لأن الاتحاد الأوروبي يخاف منه. الفرنسيون لا يحبون الاتحاد الأوروبي، وهم ثائرون جداً في الوقت الحالي. خوف الاتحاد الأوروبي من بوريس أمر يسعدهم".

ترى سو أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيشكل أول حجر دومينو في انهيار الاتحاد الأوروبي في نهاية المطاف، ولا يمكن لتلك النتيجة أن تأتي بسرعة أكبر من تلك التي تتأتى من خروج بريطانيا من ذلك الاتحاد. "بمجرد أن نغادر، كل الآخرين الذين يريدون الخروج سوف يتبعوننا... لهذا السبب جعلوا المغادرة صعبة للغاية. بمجرد خروجنا، ستدور العجلة. ستعم الفوضى الاتحاد برمته، سوف ينهار كل شيء".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ولا شيء يهم سوى خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في 31 أكتوبر(تشرين الأول). التزامات الإنفاق، والسياسات الأخرى، لأي من المرشَحَيْن، لا تثقل كفة الميزان.

لديها ازدراء تام لـ "650 شخصاً في "وستمنستر" (مقر البرلمان البريطاني) يجهضون أمراً صوت لصالحه 17.5 مليون شخص". يتوجّب إخراج الأشخاص "الذين عارضوا رغبات ناخبيهم.  يجب أن يُستبعدوا".

وتقول ليندا ذلك بالطبع في مكتب واحد من 34 نائباً من حزب المحافظين ممن رفضوا دعم صفقة تيريزا ماي، التي كانت ستُخرج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي في 29 مارس (آذار) وفقاً لوعد تضمّنته تلك الصفقة. تأمل ليندا في أن يخرجنا بوريس جونسون في نهاية المطاف بصفقة، لكن "ليس تلك الصفقة". في المقابل، تشكّل تلك الصفقة الشيء الوحيد المتوفر حاضراً.

"لم تكن تلك صفقة مناسبة. لا نريد أي شيء يتعلق بأوروبا، ما عدا التجارة. بدأ الاتحاد الأوروبي بالتجارة وحدها متمثّلة بالسوق المشتركة. ثم تحولت إلى ديكتاتورية غير ديمقراطية. يخبرنا الفرنسيون والألمان بما يتوجب علينا فعله. حسناً، لماذا خضنا حربين عالميتين؟ من أجل المتعة؟"

يحب مناصرو الخروج من الاتحاد الأوروبي القول بان تيريزا ماي أفشلت صفقة التجارة الحرة مع ذلك الاتحاد، لكنها صفقة لا تؤدي إلى حل المشكلة المستحيلة المتمثلة في الحدود الأيرلندية. لكن الفكرة القائلة إن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، وبالتحديد، الخروج من دون اتفاق، قد تفكك الاتحاد (= المملكة المتحدة)، هي "هراء، وحماقة تامة". وتعتقد سو بأن "تلك الفكرة تمثّل "مشروع الخوف الرابع"، المشاريع السابقة هي:  الهراء الذي نشره كاميرون بين الجميع، والهراء المتعلق بالمادة 50، و"لن يكون هناك طعام، سوف تموتون جميعاً". إنه هراء مطلق. نحن لا نصدق أياً منه. لن يحدث هذا الأمر. سيكون الخروج أفضل شيء يحدث لهذا البلد على الإطلاق. سنرفع العلم ونقول، شكراً للرب على ذلك".

ملايين، إن لم يكن مليارات الكلمات قد كتبت على مدى السنوات الثلاث الماضية حول أسباب خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي. أمة مقسمة، مناطق مهملة، فقاعة لندن، وكل ما إلى ذلك. لكن هناك ميلاً للتغاضي عن السبب الأكبر والأبسط، ليس أقله أن الكثيرين من الناس ببساطة لا يستطيعون تقبله.

 

ويتعلق الأمر مباشرة بكراهية واضحة للاتحاد الأوروبي ومؤسساته، محسوسة ومتمازجة مع غضب شديد. إنها كراهية تلونّها بعمق الحرب العالمية الثانية. ونعم، لا يزال هناك عدد قليل من الناس العزيزين الذين حاربوا فيها، لكن جيل ما بعد الحرب تشكل بعمق من خلالها وما فعلته بحياة آبائهم. هناك ميل لدى الشباب إلى التغافل عن هذه المشاعر الشرسة والتقليل من قيمتها. إنه أمر ذو نتائج عكسية.

"هناك هذا الشعور بأننا فقدنا هويتنا". تلك كانت كلمات ليندا، وهي ليست شابة، لكنها واضحة بشدة. إنها مطلعة جيداً على السياسة، وهي أبعد ما يكون عن الغباء. لقد عملتْ 22 عاماً في بحوث شركة "كارل زايس" الشهيرة المتخصصة في تصنيع العدسات البصرية.

ووفق كلماتها، "لقد كنا نحن جيل ما بعد الحرب. لقد خاض والداي حربين عالميتين وشعرا بالرعب من الاتحاد الأوروبي. يجري انتزاع هويتك منك. وفي النهاية، لا تشعر بأي فخر في بلدك. إنها هويتنا، وسيزداد الأمر سوءً أكثر وأكثر وأكثر".

ليندا، تشبه نسبة ضخمة من جميع الأجيال الأكبر سناً التي عاشت وستعيش، ليست مقتنعة تماماً بشباب اليوم. لكن جيلها على وجه الخصوص نادر لأن  الفرصة أتيحت له للتعبير عن هذا الرأي عِبْرَ قرار كبير بشأن الترتيبات الدستورية للبلاد والاتجاه المستقبلي.

"كأطفال ما بعد الحرب، لم يكن لدينا شيء، ما كنا نحصل سوى على نتيجة عملنا. إنك تكافح وتحصل على الأشياء"، تذكر ليندا. وتروي قصة مألوفة للغاية لكل شخص شاهد مقطعاً من العرض التلفزيوني الكوميدي القصير "أربعة رجال من يوركشاير" الذي يبلغ عمره بحد ذاته 52 عاماً. "عندما ترى ما يحدث الآن، فإن كل هؤلاء الشباب، بقبعاتهم ، وبلوزاتهم التي تحمل علامات تجارية معروفة. جاء أحدهم إلى منزلي لإصلاح سخان الماء. نظر إلى منزلي وقال: "أنت محظوظة"،  قلت: "لا علاقة للحظ  بذلك. كل الفرص متاحة أمامك لتلتقطها، يجب عليك أن تنتزعها. قلت "انظر إلى حذائك الرياضي، لا بد أنه يساوي 100 جنيه استرليني". لقد كنا نعتبر أنفسنا محظوظين لمجرد حصولنا على حذاء".

عندما سُئلتْ عن علاقة تلك القصة بمسألة الخروج من الاتحاد الأوروبي، أجابت باستياء حقيقي، "كل شيء. كل شيء! يتعلق الأمر بالكامل بالاتحاد الأوروبي. لقد فقدنا الكثير، لنُصهر الآن في بوتقة كبيرة مع الجميع. نريد هويتنا. هذا ما عمل عليه أجدادنا. المملكة المتحدة. إنكلترا. إنها لنا. لا نريد تلقي تعليمات منهم بخصوص ما يتوجب علينا فعله أو عدم فعله، وأن ندفع مبالغ خيالية من المال لفعل ذلك. الأمر برمته يدور حول توجيههم لنا وتلاشي استقلالنا.  إن الأمر أشبه بزوجين مسنين، وصلا إلى النقطة التي سئلا فيها "هل تريدان المساعدة؟" ويقولان: "لا". نريد استقلالنا لكنهم يستعبدوننا. إنهم يريدون استقلالهم. إنها غريزة".

تملك سو مخاوف أكثر مباشرة. "إذا لم ينتصر بوريس، فإن حزب المحافظين سيكون منتهياً  بحلول 31 أكتوبر(تشرين الأول)".  على طاولة في المكتب كومة كبيرة من استطلاعات الرأي حول نوايا التصويت التي نشرتها ضمن الدائرة الانتخابية. لقد أُعيد الكثير منها "حزب استقلال المملكة المتحدة آخر مرة، حزب بريكست المرة المقبلة". وقد كتب أحد الأشخاص في التعليقات: "أخرجونا أو أنني لن أصوت أبداً للمحافظين مرة أخرى". وقد عبر عدة أشخاص آخرين عن الشعور نفسه.

"علينا أن نغادر. يجب أن نفعل ذلك. إنها قضية حياة أو موت"، وفق كلمات سو.

يتمتع حزب المحافظين على مدى تاريخه الطويل، بصفة واحدة معينة تتمثّل في رغبته المتوحشة في الحصول على السلطة فوق كل أنواع المبادئ الإيديولوجية. تخص تلك الأمور اليسار. خروج البلاد كان انحرافاً مؤقتاً في نواح كثيرة. بالنسبة إلى كثيرين من المحافظين، كانت مسألة مبدأ مهم للغاية، أكثر أهمية من السلطة، أكثر أهمية حتى من الحزب نفسه.

ولكن الآن، أصبح هذان المبدأن يسيران في الاتجاه نفسه. بالنسبة إلى الغالبية العظمى من الناخبين في هذه الانتخابات المصغرة، فإن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يستحق كل هذا العناء بحد ذاته، لكنه، كما هو واضح، مسألة وجود. إنها تركيبة قاتلة، وسوف توصل بوريس جونسون إلى "داونينغ ستريت" (مقر رئاسة الحكومة) بنسبة ساحقة. ولكن للأسف، لا يمكننا أن نعرف ما الذي كان يمكن لمارغريت تاتشر أن تفعله بشأن ذلك الأمر برمته.

© The Independent

اقرأ المزيد

المزيد من سياسة