Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ماذا تعني "رسائل" الرئيس الجزائري حول وجود "فاغنر" في مالي؟

لم تتحدث باماكو رسمياً عن وجود المجموعة الروسية على أراضيها كما أنها لم ترد عما نسب إلى تبون

لجنة الأركان العملياتية المشتركة التي تعول عليها الجزائر لمنع التدخل الأجنبي في الساحل (وزارة الدفاع الجزائرية)

عاد الوضع في مالي ليشغل بال الجزائر بعد تصريحات منسوبة إلى الرئيس عبدالمجيد تبون تنتقد وجود قوات مجموعة "فاغنر" الروسية بالمنطقة، مما أثار استفهامات بين من اعتبرها رسائل مشفرة ومن شكك في حقيقتها وطرف ثالث اتهم جهات بتأويلها، ليبقى تأكيدها أو نفيها خطوة ضرورية للإجابة عن كل التساؤلات التي بلغت حد "هز" العلاقات الجزائرية - الروسية - المالية.

تصريحات مثيرة

ونقلت مختلف وسائل الإعلام العربية والغربية عن الرئيس الجزائري قوله في مقابلة مع صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إن الأموال التي يدفعها المجلس العسكري الحاكم في مالي مقابل خدمات مرتزقة "مجموعة فاغنر" الروسية الخاصة ستكون أكثر فائدة إذا تم استثمارها في مشاريع اقتصادية. وأوضح أن "الإرهاب ليس أكثر ما يقلقني، لأنه يمكننا هزيمته، أنا قلق أكثر من حقيقة أن منطقة الساحل تغرق في البؤس". وشدد على أن "الحل هناك هو 80 في المئة اقتصادي، و20 في المئة أمني".
وتابع تبون في حديثه عن الوضع في الساحل، أن "تسوية الوضع تمر بوضوح عبر الجزائر"، مضيفاً أنه "لو تمت مساعدتنا في العمل على تطبيق اتفاق الجزائر لعام 2015 من أجل تهدئة هذه المنطقة، لما كان هذا الحال". وختم أنه "لإعادة السلام، يجب دمج سكان شمال مالي في المؤسسات الحكومية المالية".
الحديث غير موجود رسمياً

ولم تنشر الجزائر حوار تبون مع جريدة "لوفيغارو" الفرنسية، واكتفت بفقرات مختصرة على موقع وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية جاء فيها قوله في ما يتعلق بحالة عدم الاستقرار السائدة في منطقة الساحل الأفريقي، إن "تفكك ليبيا سهل نقل الأسلحة الثقيلة نحو هذه المنطقة". وأردف أن "الأمور لم تكن ستسوء إلى هذا الحد لو تمت مساعدة بلادنا على تطبيق اتفاق الجزائر لعام 2015 الرامي إلى تهدئة الأوضاع في المنطقة"، مضيفاً أن "منطق الجزائر حيال هذه الأزمة هو منطق قائم مبدأ الجوار، وليس منطقاً قائماً على الجيوسياسة مثلما يفعل آخرون". وتابع، "نعيش في توافق ووئام جيدين مع أشقائنا الماليين منذ أكثر من قرن"، موضحاً أن "إعادة السلام إلى المنطقة تقتضي إدماج شعب شمال مالي في مؤسسات هذا البلد".

شكوك

ولم يستطع أستاذ العلوم السياسية والعلاقات الدولية مبروك كاهي التعليق على التصريحات المنسوبة إلى تبون، "على اعتبار أن هناك مواقع تنفي أن تكون حقيقية"، مضيفاً أن "الحكومة المالية لحد الساعة لم تتحدث بشكل رسمي عن وجود عناصر فاغنر الروسية على التراب المالي، كما أن السلطات الرسمية في مالي لم تبد أي رد رسمي في شأن ما نسب إلى الرئيس تبون، كلها نقاط تجعل من التصريح محل نظر".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تفسيران

من جانبه، اعتبر الباحث في العلاقات الدولية عدنان محتالي، أنه "بخصوص الوضع بمنطقة الساحل فإن حديث الرئيس تبون مبهم ويبدو أنه رسالة مشفرة يمكن فهمها بطريقتين، الأولى تشي بانحياز طفيف إلى الفرنسيين الذين تضرروا من تغير توجهات الماليين، ذلك أن العلاقة بين الجزائر وفرنسا تحسنت بشكل ملحوظ، وعليه فهي ليست تراجعاً عن دعم مالي"، مضيفاً أنه "يمكن اعتبار أن توسع نشاط فاغنر في الساحل لا يخدم الجزائر بعد أن تم تفعيل لجنة الأركان العملياتية المشتركة التي تضم كلاً من الجزائر والنيجر وموريتانيا ومالي التي تعول عليها الجزائر من أجل تحويلها إلى الفاعل العسكري الأساسي في المنطقة". أما التفسير الثاني، يضيف الباحث محتالي، فيعني أن "الأموال التي يتم صرفها في هذا الصراع، كان من الأفضل صرفها على التنمية، والمقصود الموارد التي يصرفها الروس للإبقاء على انتشارهم، وكذلك تلك التي يصرفها الفرنسيون من أجل التصدي للروس"، مشيراً إلى أنه "من المستبعد جداً أن تكون باماكو قادرة على الدفع للروس، خصوصاً مع تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد". وشدد على أن "التصريحات من الصعب فهمها إذا كنت لا تعرف جيداً وبعمق عقلية النظام الجزائري"، مضيفاً أن "كلام الرئيس مبهم ومسبب للحيرة لكل من يبحث فعلاً عن الحقيقة، أما من يتعامل معه بقلة اهتمام فإنه سيتوجه مباشرة نحو الاحتمال الأول".

تحرك استباقي وباماكو تطمئن

من جهة أخرى، اعتبرت أستاذة العلوم السياسية والعلاقات الدولية نجوى عابر أن "تنامي دور (فاغنر) الروسية بعد انسحاب فرنسا من الساحل ومالي تحديداً، سيكون مبرراً ودافعاً لحالة لا استقرار قد تؤدي في النهاية إلى مضاعفة المخاطر والتهديدات على طول الشريط الساحلي، وصولاً إلى ليبيا التي لا تزال بعيدة عن الحل السياسي الضامن للاستقرار الدائم فيها". وقالت إن "روسيا أساساً لا تعترف رسمياً بنشاطات (فاغنر)، وفي كل الحالات فإن الجزائر بشكل استباقي تفند كل الادعاءات الغربية التي تعمل على تصدير فكرة أن الجزائر تسهل عمل (فاغنر) في مالي والساحل، وهي الدعاية التي عملت دوائر عدة على الترويج لها من أجل زيادة الضغط على الجزائر ودفعها للخروج من حالة الحياد".
وفي خضم هذه التجاذبات، طمأن رئيس حكومة مالي، شوغيل كوكالا مايغا، في شأن تواصل الحوار مع أطراف اتفاق السلم والمصالحة الموقع في عام 2015. وقال خلال لقائه رئيس البرلمان الجزائري إبراهيم بوغالي، على هامش مراسم تنصيب الرئيس البرازيلي الجديد لولا دا سيلفا، إنه "سيسمح بتجاوز كل التأويلات التي قد يحاول البعض استغلالها لإحداث البلبلة بين الحكومة ومواطنيها في الشمال"، مبرزاً أن "علاقات الثقة التي تجمع البلدين والشعبين تؤهل توسط الجزائر لحل أزمة شمال مالي".

اقرأ المزيد

المزيد من متابعات