Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ليس المهم ما يؤمن به الرئيس المحتمل للحكومة البريطانية القادمة

نحن نعلم أن زعيم حزب العمال قد تكونت لديه معتقدات خلال عمله في السياسة، إلا أنه لم يكن واضحاً حول ماهية تلك المعتقدات

لا أعتقد أن ما يحصل لعلاقتنا مع الاتحاد الأوروبي بعد الانتخابات المقبلة سيتأثر كثيراً بما قد تكون عليه "الغرائز الطبيعية" لدى كير ستارمر (رويترز)

أعتقد أن دانيال فينكلشتاين قام بطرح سؤال خاطئ الأسبوع الماضي. إنه مثير للاهتمام، بيد أنه ليس السؤال الصحيح. لقد تساءل في صحيفة "تايمز" عن الأمور التي يؤمن بها كير ستارمر حقاً. وخلص فينكلشتاين إلى أنه على رغم التزامه بالـ"النهج الوسطي" نوعاً ما طوال الوقت، فمن الممكن أيضاً أنه كان "على الدوام يسارياً تماماً" و"الأرجح أنه لا يزال يسارياً".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

قد يرحب البعض بهذا التفسير الثاني، مع أن فينكلشتاين، وهو عضو في مجلس اللوردات عن حزب المحافظين، يطرحه على سبيل التهديد [معتبراً] أنه "إذا استطاع [ستارمر] انتزاع السلطة، سيقوم بأخذ البلاد إلى اليسار، وبموافقة الناخبين. وهو سيعود إلى نهج أقرب إلى غريزته الطبيعية. ولن يكون اليسار من سيشعر بأنه تعرض للخيانة".

ومع ذلك، على رغم أن هذا قد يكون سؤالاً مثيراً للاهتمام، لا أعتقد أن الإجابة عنه ستقول لنا الكثير عن الشكل الذي ستكون عليه حكومة حزب العمال. إن قلة قليلة من رؤساء الوزراء يؤمنون بأي شيء يمكنه أن يحدث فرقاً كبيراً في كيفية إدارة البلاد. كان لدى مارغريت ثاتشر بعض الآراء في شأن النقابات العمالية والخصخصة، كما وضع توني بلير نظرية في الحكم حول الخدمات العامة الأفضل، وكان بوريس جونسون نصف راغب في الخروج من الاتحاد الأوروبي (بريكست).

حتى في هذه الحالات، كان رؤساء الوزراء يتصرفون وهم يرزحون تحت ضغوط قوية من الخارج. ولو كافح جيمس كالاهان وفاز في انتخابات عام 1978، لكان من شأنه أن يكبح جماح قوة النقابات العمالية ويحترم الواقع الذي يفرضه السوق. وبحلول الوقت الذي ظهر فيه حزب العمال الجديد، أراد الناخبون زيادة قليلة على الإنفاق العام حتى ولو كان لا بد من زيادة اشتراكات التأمين الوطني من أجل تغطية كلفتها. كان الشعب البريطاني هو من قرر أن يغادر الاتحاد الأوروبي ومن ثم أكد في عام 2019 أن "البريكست يعني البريكست". قام جونسون فقط بفرز المعاملات الورقية، ولم يؤد هذا العمل بصورة جيدة، على ما يبدو.

وبوسعنا أن نخمن أيضاً أنه بحلول موعد الانتخابات، سيضغط الرأي العام من أجل نوع من التصحيح لـ"بريكست". وأياً كان الحزب الذي سيتولى السلطة، من المرجح أن يتم تعديل صفقة "بريكست" التي أبرمها جونسون بحيث تكون هناك علاقة تجارية أوثق. وعلى الغالب سيذهب التعديل إلى أبعد من ذلك وعلى نحو أسرع أيضاً، في ظل حكومة عمالية، وذلك بسبب الأثر التراكمي لآلاف القرارات الصغيرة التي اتخذها وزراء حزب العمال، ممن أيدوا بغالبية ساحقة [الحفاظ على] عضوية الاتحاد الأوروبي، مدعومين من قبل أعضاء مجلس العموم من حزب العمال ممن أيدوا بغالبية ساحقة أيضاً عضوية الاتحاد الأوروبي (والديمقراطيين الأحرار والقوميين الاسكتلنديين عند اللزوم).

لكنني لا أعتقد أن ما سيحدث لعلاقتنا مع الاتحاد الأوروبي في أعقاب الانتخابات التالية سيتأثر كثيراً بما قد تكون عليه "الغرائز الطبيعية" لدى ستارمر. من الواضح أن موقفه الحقيقي يتمثل في اعتبار أن العلاقة الوثيقة مع الاتحاد الأوروبي هي أمر جيد، لكن واجبه السياسي يقتضي منه القول إنه "لا يوجد مبرر" من أجل الانضمام من جديد إلى الاتحاد الأوروبي، وهو بيان غريب بشكل واضح يكشف عن مدى رغبته الكبيرة في أن يكون ذلك صحيحاً.

وهنا هي النقطة التي تنهار فيها نظرية فينكلشتاين. فهو يتخيل أن هناك وجهة نظر "حقيقية" لستارمر وهي ستملي ما الذي سيحصل في ظل حكومة عمالية. فإما أن ستارمر قد تحول ليصبح مؤمناً بأن إعادة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي هي فكرة سيئة، وسيستمر في استبعادها عندما يتولى الحكم، أو أنه فيدرالي بشكل سري سيعمد إلى إظهار قناعاته الحقيقية في أعقاب الانتخابات قائلاً "لا يهمني من يعرف ذلك الآن، أنا أحب الاتحاد الأوروبي وسنعود غداً"!

هذا لن يحصل. وسيميل ستارمر، كرئيس للوزراء، إلى المضي بحذر بالغ على طريق إقامة علاقات اقتصادية أوثق مع الاتحاد الأوروبي، فيما يكبح العناصر المؤيدة بشدة للاتحاد الأوروبي في حزبه، مع إبقاء الناخبين المشككين بالاتحاد الأوروبي نصب عينيه طوال الوقت ولا سيما أنهم المسؤولون في المقام الأول عن وصوله إلى 10 داونينغ ستريت [الحكومة].

وإذا كان ذلك لن يحصل بما يتعلق بقضية أوروبا، فلا أعتقد أنه سيحصل في شأن تبني سياسات جيريمي كوربين الاقتصادية أيضاً [زعيم حزب العمال السابق]. أعتقد أن قلق فينكلشتاين الحقيقي هو أن ستارمر سيتحول بعد الانتخابات إلى الأخذ بأفكار خيالية مستحيلة التحقيق، وسيقوم لأجل ذلك بفرض الضرائب والاقتراض والإنفاق والتأميم حتى يصل إلى مصدات السوق بالطريقة نفسها التي وصلت إليها ليز تراس من اليمين.

نحن نعلم أن ستارمر قد اعتاد على تبني بعض وجهات النظر السياسية الغريبة، ويمكننا أن نتخيل أن آراءه قد تبدلت، على رغم أن فينكلشتاين يقول إنه لم يكن صريحاً على الإطلاق بخصوص معتقداته الشخصية التي يؤمن بها. كان ستارمر في العشرينيات من عمره عضواً في التيار الماركسي الثوري العالمي، وهي جماعة صغيرة كانت أشد اهتماماً بالتعاونيات العمالية منها بإطاحة الرأسمالية عن طريق العنف. وبصفتي بليرياً متعصباً [نسبة إلى توني بلير]، فإنني لا أستطيع أن أسامحه على الإطلاق على دعمه محاولة توني بن لانتزاع القيادة من نيل كينوك في عام 1988. وأود فعلاً أن أعرف المزيد عن انتقاله من الدعوة إلى إلغاء الملكية إلى تكريمه المتوهج للملكة عندما توفيت وغنائه "فليحفظ الله الملك" في مؤتمر حزب العمال العام الماضي.

لكنني لا أظن أن الإجابات تحمل العديد من الأدلة على الشكل الذي ستكون عليه حكومة حزب العمال. لن تتبع هذه الحكومة نسخة يسارية من سياسات ليز تراس الاقتصادية، بصرف النظر عما قاله ستارمر عن أن بيان جيريمي كوربين الانتخابي لعام 2017 كان "وثيقة تأسيسية". ستكون سياسات حكومة ستارمر الاقتصادية نسخة تتمتع بسمات ديمقراطية اجتماعية أكثر بقليل من [سياسات] ريشي سوناك ومن [سياسات] جيريمي هانت التي تعتبر جزءاً من نزعة الأمة الواحدة أو ديمقراطية حزب المحافظين.

ثمة سؤال حول مدى شراسة اهتمام ستارمر بتفضيلات الناخب المتوسط، وإعادة حزبه إلى الوراء لمنعه من الانغماس بما يفترض أنه أشياء يسارية يمكن أن تؤدي إلى تنفير الناخبين، كما كان على بلير دائماً أن يفعل، لكن هذه ليست مسألة تتوقف على ما يؤمن به ستارمر "حقاً". إنها مسألة جدية تتعلق بالوصول إلى السلطة والحفاظ عليها.  

© The Independent

المزيد من آراء