Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

هل اقتربت الجزائر والمغرب من "نقطة اللا عودة"؟

تبون يقطع طريق الوساطة ومحللون يستبعدون الحرب بين البلدين رغم سباق التسلح

قال الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون إن النظام المغربي هو من سبب المشكلات وليس الشعب (الرئاسة الجزائرية)

أثارت تصريحات للرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون فسر خلالها الأسباب الكامنة خلف قرار بلاده قطع علاقاتها الدبلوماسية مع الجار (المغرب) في صيف عام 2021، تساؤلات في شأن فرص نشوب حرب بين البلدين في ظل الظرف الراهن.

وقال تبون، في حوار لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية، إن "قرار قطع العلاقات كان بديلاً عن نشوب حرب بين الدولتين"، محملاً النظام المغربي مسؤولية الأزمة التي مرت عليها عقود، وتتعلق بمصير الصحراء التي تتنازع بشأنها الرباط مع جبهة البوليساريو الانفصالية المدعومة من الجزائر.

وأضاف الرئيس الجزائري أن "النظام المغربي هو من سبب المشكلات وليس الشعب، فهناك 80 ألف مغربي يعيشون في الجزائر بكرامة".

وجاءت تصريحات تبون في وقت يستمر فيه الجمود حول قضية الصحراء، حيث لم تنجح البعثة الأممية في إرغام الأطراف المعنية بها بالعودة إلى طاولة المفاوضات.

بينما يرجح مراقبون ومتخصصون نشوب سباق تسلح بين المغرب والجزائر، التي رصدت أضخم موازنة لوزارة الدفاع لعام 2023.

توتر شديد

وقال تبون، في حواره مع الصحيفة الفرنسية، الذي تطرق لمواضيع عدة أخرى على غرار العلاقات بين الجزائر وباريس التي لا تزال تراوح مكانها، إنه "خلال 60 سنة من استقلال الجزائر، بقيت الحدود لأكثر من 40 سنة مغلقة بين البلدين كرد فعل ضد الأفعال العدائية المستمرة للجار" في إشارة واضحة للمغرب.

وعادة ما ينفي المغرب مثل هذه الاتهامات، التي يطلقها مسؤولون جزائريون في ظل تدهور العلاقات المستمر بسبب قضية الصحراء، التي تقترح الرباط منحها حكماً ذاتياً، لكنها تبقى تحت سيادتها.

لكن جبهة البوليساريو الانفصالية والجزائر ترفضان هذا المقترح، وتدعوان إلى ضرورة القيام باستفتاء حول "تقرير المصير"، وهو أمر ترفضه بشدة الرباط، التي تتشبث بـ"الوحدة الترابية" للمغرب.

وعلق المحلل السياسي الجزائري، جيلالي كرايس، على تصريحات تبون بأن "التوتر في العلاقات الجزائرية المغربية ضارب في عمق التاريخ، ليس هناك علاقات مستقرة بين البلدين، وهي في كل مرة تعرف توتراً شديد الحدة، بسبب السياسات المغربية تجاه الجزائر".

وقال كرايس، في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية"، إن "المغرب لا يريد حل القضية الصحراوية التي تدعم الجزائر تسويتها وفق قرارات الشرعية الدولية، بينما المغرب يحتفظ بها ويرفض تسوية النزاع عن طريق تقديم التنازلات للقوى الأجنبية، ومن بين تلك التنازلات محاولة تهديد أمن الجزائر واستقرارها، ولذلك أصبحت الجزائر تؤمن بأن قطع العلاقات هو أفضل حل لعلاقات غير مستقرة وغير مؤتمنة الجانب".

وأوضح أن "الجزائر لا تريد الحرب ولا تسعى إليها، فالدبلوماسية الجزائرية هي دبلوماسية سلمية، لكن شريطة الاحترام، والجزائر لا تتدخل في الشؤون الداخلية لأي دولة، وهذا ما تفرضه على كل دولة لها علاقة مع الجزائر، لكن بمراجعة بسيطة لسلوكيات النظام المغربي نكتشف ما قام به في حق الجزائر، ولذلك فإن قطع العلاقات معه جاء نتيجة تحولات وسياسات انتهجها المغرب ظناً منه أنه يدافع عن مصالحه".

ولم يعلق المغرب على الفور على تصريحات تبون، لكن المحلل السياسي المغربي رشيد لزرق عزا قطع الجزائر لعلاقاتها مع بلاده إلى "رد فعل" منها على الاعترافات الدولية المتتالية بأحقية المغرب على الصحراء بخاصة الدعم الأميركي.

وكانت الولايات المتحدة أعلنت في عام 2021 عن دعمها لمقترح المغرب لحل قضية الصحراء، أي الحكم الذاتي، وذلك بعد أن استؤنفت العلاقات بين تل أبيب والرباط في إطار اتفاقيات أبراهام.

غياب مبررات الحرب

وقال لزرق، في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية"، إن "الجزائر بحثت دائماً عن مبررات لشن حرب على المغرب، لكنها لم تجد تلك المبررات، بالتالي وبمجرد إعلان الولايات المتحدة الأميركية عن دعمها لمقترح الحكم الذاتي للصحراء قطعت الجزائر علاقاتها".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضاف أن "هذا الاعتراف أعقبته استعدادات عسكرية ميدانية للحرب ضد المغرب في محاولة للفت الانتباه دولياً تجاه قضية الصحراء، وداخلياً في مسعى من النظام الجزائري للتنفيس عن نفسه في ظل الضغوط لتحقيق الانتقال الديمقراطي".

واعتبر لزرق أن "تلويح تبون بالحرب اليوم يأتي بعد محاولات دبلوماسية أيضاً دفعت بها الجزائر عبر جولة يمكن وصفها بالفاشلة لخارجيتها في العمق الأفريقي، حيث راهنت على حليفتها السابقة نيجيريا لفرض خيارات عديدة في علاقة بملف الصحراء المغربية، فيما اعتمد المغرب على جنوب أفريقيا باعتبارها دولة قوية إقليمياً لتصطدم الجزائر بمكانة المغرب وقوة طرحه لحل ملف الصحراء".

ولم ينجح بعد المبعوث الأممي إلى الصحراء ستيفان دي ميستورا في تحقيق اختراق يذكر رغم الجولات التي قام بها واللقاءات التي عقدها على هامشها في مسعى لدفع كل الأطراف إلى طاولة المفاوضات، وهو ما قد يزيد من حالة التوتر بين الرباط والجزائر.

وبدا أخيراً أن الطرفين يتأهبان لسباق تسلح، حيث ضاعفت الجزائر، التي تراهن على ارتفاع عائدات النفط، ميزانية وزارة الدفاع إلى أكثر من 22 مليار دولار بعد أن كانت في عام 2022 أقل من تسعة مليارات دولار.

غلق باب الوساطات

اللافت في الحوار، الذي أدلى به تبون إلى صحيفة "لوفيغارو"، أنه أغلق الباب أمام أي وساطة لحل الأزمة بين الجزائر والمغرب، ما يعزز التكهنات باستمرار التوتر الذي طبع العلاقات طيلة عقود.

وقال تبون، إن "الوساطة بيننا غير ممكنة" ليقطع بذلك الطريق أمام حديث تصاعد خلال الفترة الأخيرة حول مبادرة للوساطة بين البلدين، لا سيما في ظل المخاوف من نشوب احتكاك عسكري مباشر بعد عديد من الحوادث.

وتداولت تقارير إعلامية أخيراً أن ملك الأردن عبدالله الثاني قام خلال زيارته إلى الجزائر مطلع ديسمبر (كانون الأول) الجاري بوساطة بين الجزائر والرباط تشمل إعادة تشغيل أنبوب الغاز الذي يصل إسبانيا مروراً بالأراضي المغربية، لكن لم يؤكد تبون ذلك أو ينفيه شأنه شأن الرباط.

وعلق المحلل السياسي المتخصص في الشؤون المغاربية التونسي رشيد خشانة على الأمر بالقول، إن "تبون كأنه يقول إلى كل من يحاول التوسط اليوم، ابق في بلدك فنحن لا نريد ولن نتجاوب مع أي وساطة".

وأردف خشانة، في تصريح خاص لـ"اندبندنت عربية"، أن "سبب الرفض هذا لأن هناك سوابق في وساطات أعطت نتائج مثل وساطة ملك السعودية فهد بن عبد العزيز عام 1989 بين الرئيس الجزائري آنذاك الشاذلي بن جديد والملك الحسن الثاني، وربما وصلت معلومات إلى الجزائريين بأن ملك الأردن يستعد مثلاً لإطلاق وساطة لذلك سارعت الجزائر باستباق تلك الوساطة بالرفض".

ويرى المحلل التونسي أن "تبون كان يتحدث في حواره هذا بلسان الجيش الجزائري لأنه صاحب القرار، والمؤسسة العسكرية لديها ضغينة مع المغرب بسبب البوليساريو وقضية الصحراء، لذلك يتحرك تبون بشكل لا يجعله في تضاد مع المؤسسة العسكرية".

وفي ظل استمرار السجالات الكلامية بين المسؤولين في كل من الجزائر والمغرب، فإنه من المستبعد وفقاً لمراقبين أن يجنح البلدان إلى تهدئة على المدى القريب، لكن هؤلاء المراقبين أيضاً يستبعدون أن يلجأ أحد أطراف الأزمة إلى الحرب.

وقال خشانة إن "الحرب تبقى مستبعدة، خصوصاً أن تكلفتها سيكون من الصعب تحملها على كلا الطرفين". وهو ما ذهب إليه جيلالي كرايس أيضاً "لا المغرب جاهز للذهاب نحو الحرب نظراً للتكلفة، وأيضاً الجزائر لا يمكن أن تنجر نحوها لأن ذلك سيعني نقطة اللا عودة".

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير