Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

صدام دستوري يلوح في أفق بريطانيا حول إصلاحات تتعلق بالجنس الاجتماعي

برلمان ويستمنستر يتهيأ لعرقلة قوانين تاريخية في اسكتلندا ترتبط بهوية الأفراد

متظاهرات يعرضن لافتة في صالة العرض العامة بالبرلمان الاسكتلندي يوم الخميس (غيتي)

قد تكون تنحية المسائل الأخلاقية الحساسة ووضع حقوق الإنسان المنافسة جانباً (حقوق يدعي فيها أطراف أن التمتع بحقوق الإنسان والحريات التي يحميها القانون يتعارض مع حقوق الآخرين وحرياتهم) هي أفضل طريقة لتحليل الجوانب السياسية البحتة لـ "مشروع قانون إصلاح الاعتراف بالجنس الاجتماعي في اسكتلندا"  Gender Recognition Reform (Scotland) Bill. فهذه الخطوة التي من شأنها إثارة نزاع دستوري مطول يبدو أنها تخدم بشكل عام "الحزب القومي الاسكتلندي" SNP على أفضل وجه.

وقد بات مشروع القانون الآن بعد تمريره في برلمان اسكتلندا ينتظر الحصول على موافقة ملكية، إلا أن وزير شؤون اسكتلندا في الخارجية البريطانية أليستر جاك لديه 28 يوماً لفرض "فيتو" موقت على مشروع القانون الذي يفترض إرساله إلى ملك بريطانيا.

وتستند هذه السلطة التي لم يتم استخدامها حتى الآن إلى الوثيقة التأسيسية لتفويض السلطة إلى اسكتلندا، وهي "قانون اسكتلندا للعام 1998" Scotland Act 1998.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتنص المادة (35) من القانون على ما يأتي:

"إذا تضمن مشروع قانون أحكاماً - (أ) تكون لدى وزير الخارجية أسباب معقولة للاعتقاد بأنها تتعارض مع أية التزامات دولية أو مصالح تتعلق بالدفاع أو الأمن القومي، أو (ب) تدخل تعديلات على القانون في إطار معالجة مسائل تشكل موضع تحفظ قد يجد وزير الخارجية فيها أسباباً معقولة تدفعه إلى الاعتقاد بأنه سيكون لها تأثير سلبي في طريقة عمل القانون في ما يتعلق بمسائل متحفظ عنها، فيجوز له إصدار أمر يمنع بموجبه رئيس جلسات "مجلس العموم" من تقديم مشروع القانون للحصول على موافقة ملكية".

في هذه الحال تشير "الأسباب المعقولة" في المقام الأول إلى "قانون المساواة للعام 2010" Equality Act 2010. فالمساواة هي شأن متعلق ببرلمان ويستمنستر، إلا أن مسائل الأحوال الشخصية مثل الاعتراف بالجنس الاجتماعي، يتم تفويضها إلى برلمانات دول المملكة، وتستند الحكومة البريطانية إلى أن التشريع بإمكانه أن ينعكس على أفراد هم خارج اسكتلندا، إذا كان أولئك الذين حصلوا بموجبه على حقوق جديدة قد انتقلوا إلى مكان آخر في المملكة المتحدة، باختصار، على الطريقة التي يمكن أن يؤثر من خلالها في حقوق المرأة في كل إنجلترا وويلز وإيرلندا الشمالية.

ووفقاً لرئيس الوزراء البريطاني فإن "لدى كثير من الناس مخاوف" من تأثير التشريع الجديد "على سلامة النساء والأطفال"، وفيما يرى ريشي سوناك أن من الصواب لحكومته أن تقوم بـ "إلقاء نظرة عليه" يرفض أن يستبعد حظره، وإن كان سينتهي ذلك حتماً برفعه إلى "المحكمة العليا" كي تنظر فيه.

وتعرب وزيرة الدولة السابقة لشؤون المساواة في المملكة المتحدة كيمي بادينوك عن قلقها من "تأثير مشروع القانون هذا على فاعلية قانون المساواة الذي يهدف إلى حماية جميع مواطني المملكة المتحدة".

وعلى الصعيد السياسي من شأن ذلك أن يفرض الحقوق التي يجب أن تتمتع بها الحكومة الاسكتلندية بشدة على ساحة المواجهة مع برلمان ويستمنستر، ويمثل جنساً من القضايا التي يمكن أن تؤدي إلى تأجيج المشاعر في شأن الامتيازات الوطنية المحقة، بصرف النظر عن الدعم الذي تقدمه الحكومة للإصلاحات المتصلة بالجنس الاجتماعي في حد ذاتها، وقد يعزز ذلك الحجج المؤيدة للاستقلال في الحملة الطويلة والدائمة التي تديرها نيكولا ستورجن رئيسة وزراء اسكتلندا، والتي أعلنت أنها ستتعامل وحلفاؤها مع الانتخابات العامة المقبلة المتوقعة على الأرجح في سنة 2024 على أنها استفتاء بحكم الأمر الواقع على الاستقلال.

قد يبدو من الصعب توقع الطريقة التي ستؤول إليها تلك الأحداث، والواقع أن عدداً من الأحزاب التقدمية وكثيراً من الناس في اسكتلندا سيجدون أن من غير المقبول أن تعمد حكومة "المحافظين" البريطانية، التي صوتت قلة من سكان اسكتلندا لها، إلى إسقاط إجراء مهم تم الاتفاق عليه ديمقراطياً، وإن كان قد جرى ذلك على مضض، من جانب ممثلين للشعب الاسكتلندي جرى انتخابهم، لكن في الوقت المناسب كما هي الحال مع محاولات إجراء استفتاء جديد على الاستقلال، سيكون القرار في ذلك لـ "المحكمة العليا" في المملكة المتحدة، وسيشير "الحزب القومي الاسكتلندي" إلى أن هذه المحكمة تنعقد في لندن وأنها غير ديمقراطية، فيما سيتحدث خصومه عن التمثيل الاسكتلندي داخل المحكمة واستقلالها السياسي الأساس.

من ناحية أخرى يبدو واضحاً أن "الحزب القومي الاسكتلندي" نفسه منقسم بشدة على مسألة إصلاح الجنس الاجتماعي، وحتى الهدف الأوسع المتمثل في الاستقلال قد لا يكون كافياً لإقناع المعارضين بالقتال من أجله، ويمثل التصويت على مشروع القانون بأغلبية 86 صوتاً في مقابل 39 أكبر تمرد في صفوف نواب المقاعد الخلفية في الحزب (الذين لا يتولون مناصب حكومية) منذ 15 عاماً، وهي مرحلة وجوده في السلطة في هوليرود.

ولا يزال هناك بعض الاسكتلنديين على جانبي خطوط الحزب لا يوافقون على الإصلاحات، فيما كثير منهم لا يعتبر هذه القضية حاسمة إلى درجة أنها ستؤثر في تصويتهم، بالتأكيد مقارنة مع مسألة الاستقلال.

وفي النهاية ستكون الأجواء محمومة نتيجة الجدال الشائك المرتقب حول قضيتين عاطفيتين هما "حقوق المتحولين" و"الحقوق الاسكتلندية"، وفي ظل البرودة التي ستسود مكان الاقتراع سيتعين على الناخبين النظر في مجموعة من العوامل التي تجب مراعاتها.

© The Independent

المزيد من دوليات