Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

لقد كان عاما مليئا بالأزمات والكوارث والفكاهة أيضا

شعوب العالم ضحكت على زلات بايدن وتقاليع ترمب وثروة سوناك ومصافحات القادة فتحت مجالاً للتحليلات الساخرة

كان الرئيس الأميركي جو بايدن أبرز المتعثرين خلال العام الماضي سواء بلسانه أو بجسده (يويتوب)

من رحمة السماء بالعباد أنها بقدر ما تبتليهم بأزمات وكوارث ومصاعب على مدار العام، بقدر ما تلحق هذه الأزمات بجرعات من الكوميديا بغض النظر عن كونها بيضاء تثير الضحك من أجل الضحك، أو سوداء حيث يكون الضحك كالبكاء، ما يهم في نهاية عام بالغ الصعوبة هو أن سكانه تمكنوا من اقتناص لحظات إثارة لا تخلو من ضحك، وربما ضحك دون شرف الإثارة.

ترمب وماسك الأكثر جدلاً

ضحك العالم كثيراً حين شاهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب مرة بطلاً خارقاً وأخرى رائد فضاء وثالثة سائق سيارات سباق، في البداية، ظن الجميع أن أحدهم ركب أو فبرك أو سخر من الشخصية الأميركية الأكثر إثارة للجدل، لكن تحول الضحك إلى تعجب عميق حين تأكدوا أن هذه الصور الغريبة أطلقها ترمب نفسه ضمن مجموعة من بطاقات التداول الرقمية بنظام الرموز.

وزاد العجب حين اتضح أن البطاقة الواحدة ثمنها 99 دولاراً أميركياً، وأنها غير قابلة للاستبدال، أي إن البضاعة المباعة لا ترد أو تستبدل، لكنها "هدية عظيمة لعيد الميلاد" على حد قول ترمب نفسه.

وعلى حد قول الملياردير الأميركي إيلون ماسك (أحد القلائل الذين ينافسون ترمب على لقب "الأكثر إثارة للجدل") كان ترمب موعوداً بالعودة إلى أثير "تويتر" بعد أن أعاده ماسك بناءً على استطلاع للرأي أجراه عبر منصة "العصفور الأزرق" قبل أسابيع، لكن ترمب لم يعد على رغم تفعيل حسابه بعد أن تم تجميده قبل مغادرته البيت الأبيض بأيام تحسباً لـ"تكرار نشر رسائل تحرض على العنف"، اختار ترمب التغريد والتدوين بما يحلو له على "تروث سوشال" الخاصة به.

خناقات المنصات

"خناقات المنصات" المثيرة كانت سمة من سمات العام الماضي، بقي ترمب على منصته، ربما ممنياً نفسه بجذب البساط من تحت أقدام "العصفور الأزرق" لصالح منصته الخاصة، وربما لأن العلاقة بين الرجلين الأكثر إثارة للجدل في العالم (ترمب وماسك) وراءها ما هو أكثر من مجرد عصفور أزرق أو حرف "تي" عملاق.

عمالقة الـ"سوشال ميديا" أثبتوا على مدار عام 2022 أنهم لا يقلون أثراً عن كبار رجال ونساء الدول الكبرى في التأثير في مجريات أمور الكوكب، وربما فاق أثرهم بعض الرؤساء وقادة الدول الذين تعثر بعضهم حرفياً ليصبحوا "ترنداً" رغم أنوفهم.

الرئيس الأميركي جو بايدن الذي أتم عامه الثمانين في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كان أبرز المتعثرين خلال العام، وهو منذ توليه منصبه يثير تساؤلات عديدة حول صحته وذلك لكثرة زلاته المتواترة، قال "كولومبيا" بدلاً من كمبوديا في قمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان)، وقال إن الروس انسحبوا من الفلوجة (العراق) بينما كان يقصد خيرسون (أوكرانيا). وقال إن ابنه توفي في العراق على رغم أنه توفي متأثراً بسرطان المخ.

كما تعثر ثلاث مرات متتالية أثناء صعوده سلم الطائرة الرئاسية، وتعثر في ارتداء سترته ما دعا زوجته لمساعدته، وما إن ارتداها بسلام حتى سقطت نظارته الشمسية على الأرض، والقائمة طالت، كذلك سقط وهو يقود دراجته.

مصافحات مثيرة

لكن الزلات لم تكن وحدها التي صنعت الـ"ترند" والـ"هاشتاغ" و"الفيديو الأكثر مشاهدة" و"الصورة الأكثر تعليقاً"، لكن لحظة السلام المتبادل بيدين مغلقتين بينه وولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان لم تكتف بتصدر الاهتمام فقط، بل أطلقت العنان أمام كم مذهل من التحليلات السياسية نافست محتوى اللقاء نفسه.

وكان لمصافحات اللقاءات وما وراءها نصيب وافر في العام الماضي. فمصافحة الرئيسين المصري عبد الفتاح السياسي والتركي رجب طيب أردوغان أثارت كثيراً من الاهتمام وفتحت الشهية للتحليل والتكهن وقراءة ما وراء المصافحة، تارة عبر صورة تظهر إقبال السيسي على مصافحة أردوغان، وأخرى عبر صورة تظهر إقبال أردوغان على مصافحة السيسي، وكل بحسب توجهاته وأفكاره وانحيازاته.

المصافحات المثيرة للقيل والقال، وزلات لسان وتعثرات كبار الشخصيات خففت كثيراً من ضغوط سكان الأرض خلال العام، إنها سنة الحياة، لفتات الجسد تفتح المجال للتفسيرات والتحليلات، وتعثرات المشاهير تثير الاهتمام والمتابعة.

لم يفتح الباب

وحين تابع كثيرون انتظار رئيسة وزراء ليتوانيا إنغريدا شيمونيتيه على باب البيت رقم 10 داونينغ ستريت، مقر رئيس الوزراء في فبراير (شباط) الماضي دون جدوى، ثم اتجاهها صوب بيت وزير الخزانة تفجرت مئات النكات والتكهنات التي لا تخلو من سخرية، وقتها كان رئيس الوزراء هو بوريس جونسون، ويبدو أنه تأخر في فتح الباب ما دعا شيمونيتيه إلى الدق على باب وزير الخزانة لعله يفتح لها.

وقد فتح وزير الخزانة البريطاني آنذاك، رئيس الوزراء حالياً ريشي سوناك لنفسه ملفاً عامراً هو الآخر في عالم المواقف المحرجة التي رسمت البسمة على وجوه الملايين من البريطانيين المتضررين من أوضاع اقتصادية ومعيشية صعبة رمقوا سوناك يوم أصبح رئيساً للوزراء في أعقاب أشهر عاصفة من تخبطات سلفيه بوريس جونسون وليز تراس بأعين ملؤها التوتر وكذلك التمعن.

فسوناك أول رئيس وزراء بريطاني من أصول هندية لا يظهر عادة إلا مرتدياً ملابس وأحذية ونظارات وجوارب من أرقى وأغلى الماركات العالمية. ثراؤه وزوجته الشديد يقف على طرف النقيض من المهمة التي أتى من أجلها هذا العام، فكيف لرجل لم يذق طعم العوز أو يجرب شعور الحاجة أو الحرمان ويعيش في برج مخملي أن يعالج جذور الفقر بسرعة وحنكة؟!

حنكة رئيس الوزراء البريطاني وحذاقته السياسية وربما المصرفية وقفت حائرة أمام مقارنات لا تهدأ بين ثروته المقدرة بنحو 830 مليون دولار وثروة الملك تشارلز الثالث القائمة في أغلبها على ميراثه من والدته الراحلة الملكة إليزابيث والمقدرة بنحو 420 مليون دولار فقط لا غير.

ميمز ساخرة

ضمن المقاطع التي جرى التنقيب عنها وتداولها بشكل كبير قبل أسابيع، لا سيما في بريطانيا، مقطع لسوناك وقت كان وزيراً للمالية وهو يشرح بفخر شديد أمام أعضاء من حزب المحافظين كيف أنه تمكن من تحويل جزء من المال العام الذي كان مخصصاً لمناطق محرومة لصالح المدن الثرية. كلمات سوناك جرى تداولها ملايين المرات، ومنها ما تحول إلى "ميمز" على سبيل السخرية، "ورثنا حزمة من سياسات حزب العمال التي كانت تدفع بأغلب التمويل لصالح المناطق الحضرية المحرومة، لكني بدأت في تصحيح تلك السياسات"!

وبينما السياسات تدور وتجري وتنتظر التقييم في العام الجديد، فإن 2022 أبت أن تمضي دون أن تضع سوناك في عين عاصفة الإثارة، ففي خطابه الأول الذي ألقاه عقب تنصيبه رئيساً للوزراء خلفاً لتراس، وهو الخطاب الذي استغرق 90 ثانية، قال في نهايته، "سأعمل يوماً بعد يوم لأفي بالوعد للشعب البريطاني"، ثم ظل واقفاً ساكتاً دون أن ينطق بكلمة وهو يحملق في وجوه الجالسين قبل أن يعود إلى مقعده، هذه الثواني التي بدت وكأنها دهور فتحت أبواب التكهن والفكاهة والتساؤلات لأيام عديدة، ولولا موقف آخر أكثر غرابة لظل البريطانيون وغيرهم يتكهنون حول أسباب لحظة التوقف.

فقد نسي سوناك أن يقف ويتوجه إلى المنصة المخصصة للحديث في مجلس العموم البريطاني عقب انتهاء زعيم حزب العمال كير ستارنر من توجيه قائمة من الأسئلة الحادة والمحرجة حول ملابسات استقالة وزير الدولة لشؤون المكتب الحكومي غافين ويليامسون بعد اتهامات له بالتنمر وتوجيه رسائل غير لائقة لزملائه، ظل سوناك جالساً وسط أعضاء وزارته الذين توجهت أنظارهم جميعاً إليه ليقف ويتوجه إلى المنصة ليجيب عن أسئلة ستارنر، لكن سوناك كان في عالم آخر، وعلى ما يبدو، نسي لوهلة أنه بات رئيساً لوزراء بريطانيا.

صفعة الأوسكار

ومن مجلس العموم البريطاني ولحظاته الصعبة المثيرة والمضحكة ومواقفه الملتبسة والمتشابكة في عام هو الأكثر مزجاً بين المعقول وغير المعقول إلى مسرح "دولبي" في "هوليوود"، حيث الحدث السينمائي السنوي الأهم "الأوسكار".

شهدت خشبة هذا المسرح في عام 2022 الحدث الأكثر غرابة في تاريخ جوائز الأوسكار الممتد على مدار 94 عاماً.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

اللحظة الأهم في مسيرة أي ممثل تحولت إلى اللحظة الأبشع في مسيرة أي إنسان، مقدم الحفل الممثل الكوميدي كريس روك تصور أنه يلقي نكتة خفيفة الظل حين وجه حديثه لزوجة سميث التي تعاني مرضاً يتسبب في تساقط الشعر، مشبهاً إياها بالممثلة ديمي مور التي ظهرت حليقة الرأس في فيلم "جي أي جين"، الدعابة "السخيفة" أربكت الحضور بين ضاحك ومصدوم وغاضب، أما سميث، فقد كان في مقدمة الغاضبين، لا سيما حين بدت علامات الانزعاج الشديد على وجه زوجته، واتبع روك مبدأ من "جاء ليكحلها فعماها"، فحين لاحظ أن "نكتته" لم تلق الاستحسان المرجو، قال، "لقد كانت مزحة جيدة"! فما كان من سميث إلا أن توجه إلى زميله روك على المسرح وصفعه صفعة مدوية على الهواء مباشرة، حاول روك تدارك الموقف، فقال، "إنها أعظم ليلة في تاريخ التلفزيون"، فرد سميث بصرامة، "لا تتلفظ باسم زوجتي" مرتين قبل أن يعود إلى مقعده.

ولم يترك سميث مكانه حتى صعد إلى المسرح بعد نحو 40 دقيقة ليتسلم أوسكار أفضل ممثل عن دوره في فيلم "كينغ ريتشارد"، وفي كلمته، اعتذر للمنظمين ولزملائه، ولم يذكر روك.

وبقيت الصفعة علامة من علامات 2022، ليس فقط لفداحتها وأثرها، لكن لحجم الـ"ميمز" والنكات التي أطلقت من وحي الحدث لتبقى هي الأخرى علامة من علامات 2022.

العنكبوت الملكي

"ميمز" أخرى تدفقت هذا العام، ولكن من وحي لقطات غريبة من جنازة الملكة إليزابيث الثانية، الكاميرات المثبتة على نعش الملكة المتوج بباقة من الزهور المحببة لها لم تع أن عنكبوتاً قرر الخروج من وسط الباقة ليتجول أمام العدسة ومن ثم أمام مليارات البشر المثبتين أمام الشاشات في كل مكان حول العالم، يجول العنكبوت هنا وهناك، ولبث قليلاً عند بطاقة كتبها ابنها الملك تشارلز الثالث قبل أن يعود أدراجه إلى باقة الزهور، ليحظى بلقب "العنكبوت الملكي".

لم يكن العنكبوت الملكي وحده الذي فرض نفسه عنكبوت العام دون منازع بسبب دوره في الجنازة، بل انضم "مويك" و"ساندي" و"كاندي" و"ليسي"، كلاب الملكة الراحلة ليحظوا بلقب "كلاب العام"، لا سيما حين وقف اثنان منهما مع موظف وموظفة من القصر الملكي ليتمكنا من وداع صاحبتهما في الجنازة التي يمكن تسميتها بـ"جنازة القرن" وليس العام فقط.

فستان "غريب"

وبعيداً من الفقد والصفعات، فقد أدى فستان غريب وتصريحات أغرب لممثلة مصرية انزوت عنها الأضواء منذ سنوات إلى تسليط الاهتمام عليها هذا العام، وتحديداً على سجادة مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، الممثلة هند عاكف ارتدت فستاناً غريباً مطبوعاً عليه صور ممثلين وممثلات من علامات السينما المصرية، وهو ما أثار شكوكاً حول دوره في منعها من دخول المهرجان، وكانت عاصفة أخرى قد ثارت قبلها بساعات بسبب تصريحات رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي حول "كود" ملابس المهرجان الذي ينبغي احترامه، بدلاً من "اللبس المهرجل" (العشوائي غير المنسق)، "في هذا المهرجان نريد ملابس أنيقة وجميلة" كما قال فهمي.

فستان عاكف "الغريب" إلى حد كبير وجد نفسه "ترند" و"ميمز" وموضوعاً للتنكيت لدرجة وصفها البعض بالتنمر على ذوق الفنانة، ولم ينافس "ترند" الفستان، إلا "ترند" تصريحاتها الغاضبة على باب المهرجان. "عيب أنا فنانة. من حقي أدخل. عيب كده".

ديب وهيرد

غرابة من نوع آخر جذبت الأنظار على مدار أشهر عديدة في عام 2022. إنها غرابة وقائع دراما الأميركيين جوني ديب وأمبر هيرد، وهي دراما الواقع التي سحقت دراما الخيال، أشهر طويلة وأنظار العالم تتابع مجريات قضايا مرفوعة من ديب على زوجته السابقة هيرد والعكس، قائمة طويلة من الحكايات الغريبة واتهامات تشويه السمعة المريبة والتعويضات المليونية الخيالية المتبادلة ظلت الملايين في جميع أنحاء العالم تتابعها لأشهر طويلة خلال العام، وما إن هدأت وتيرة المحاكمات وصدرت الأحكام وغابت أخبارهما عن منصات الـ"سوشال ميديا" حتى عادت لتفرض نفسها في الأيام الأخيرة من العام.

أطلت هيرد على الملايين عبر حسابها على "إنستغرام" لتخبرهم أنها ستسوي دعوى التشهير التي أقامها ضدها ديب، لكنها وصفت قرار التسوية بـ"صعب للغاية"، ولم تنس أن تذيل إشهارها بالإشارة إلى أن "ما تعرضت له من محاولات تقليل وتهوين عبر السوشال ميديا هي نسخة مكبرة مما يحدث للنساء من تحويلهن إلى ضحايا مجدداً حين يقررن أن يجاهرن بالحديث عما يتعرضن له".

ربما تعرضت هيرد لضغوط، وكذلك ديب، لكن شعوب الأرض تعرضت لما هو أكثر، فقد كان عاماً مليئاً بالأزمات والكوارث، لكن لحسن الحظ أنه كان أيضاً عاماً مليئاً بأخبار وصور ومقاطع فيديو رسمت الابتسامة على الوجوه المنهكة.

المزيد من تحقيقات ومطولات