Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

معارض القاهرة تقدم مشهدا مختلفا للتشكيل المصري

من "فراغات" مصطفى رحمة إلى وادي سوزان سعد فإلى سماء سحر الأمير وقيلولة محمد صبري

لوحة للرسامة سحر الأمير في المعرض (خدمة المعرض)

خلال هذه الأشهر التي تمثل ذروة العروض الفنية في القاهرة تتنافس صالات العرض والمساحات الفنية على تقديم ما لديها من تجارب. بين هذه الصالات والمساحات المختلفة يمكنك العثور على ما تبتغيه ويلبي ذائقتك، سواء في صالات العرض التقليدية أو داخل مؤسسات رسمية ومستقلة، من اللوحة والتمثال إلى الفوتوغرافيا والتجهيز وغيرها من الممارسات المعاصرة، وكلها تجارب ترسم ملامح متباينة للمشهد الفني في مصر. نركز هنا على بعض ما قدمته صالات العرض من أعمال التصوير والرسم.

نبدأ من عند "بيكاسو"، لا نقصد بالطبع الفنان الإسباني الشهير، لكنها صالة العرض المسماة باسمه في ضاحية الزمالك، حيث يعرض الفنان مصطفى رحمة أعماله تحت عنوان "فانتازيا". في هذا المعرض يقدم رحمة مجموعة متنوعة من أعمال التصوير التي تتسم بوضوح البناء والعناصر، وهي أعمال يميزها أسلوبه في رسم الشخصيات واختيار الدرجات اللونية. في هذا المعرض يستوقفك الضوء الغامر المخيم على أجواء العرض، فالألوان مشرقة بدرجات الأبيض والأزرق إلى جانب تدفقات محسوبة للألوان الدافئة. يعزز الفنان هذا الإحساس المشرق لأعماله بإتاحته جانباً لا بأس به من مساحة اللوحة للفراغ، وهو فراغ مسكون بلون محايد في غالب الأحيان. يلعب هذا الحضور اللافت للفراغ المحايد من حول العناصر دوراً في تأطير هذه الأشكال المرسومة ويكسبها حضوراً ووضوحاً على مساحة الرسم.

أشخاص وأجساد

تتميز أعمال مصطفى رحمة بمعالجاته البليغة للجسد واهتمامه برسم الأشخاص. لا بد أن لهذا الحضور البشري في تشكيل اللوحة دوراً في جذب انتباه المشاهد للعمل. ففي قلب اللوحات أشخاص بعيون واسعة وأجساد ملفوفة، وهم يرمقونك بنظراتهم، ويتطلعون إليك كما تتطلع إليهم. يخص الفنان مصطفى رحمة المرأة بالنصيب الأوفر من هذه المعالجات، وله أسلوب أو نسق خاص في رسم أجساد النساء، حتى يمكنك أن تطلق عليهن بصدق "نساء مصطفى رحمة". فالنساء في لوحاته يتمتعن بخفة ملحوظة، وهن رشيقات على رغم أجسادهن الممتلئة. في أعماله دائماً ما يستدعي الفنان تفاصيل وعناصر لها علاقة بما يحب أن يطلق عليه لقب "الزمن الجميل"، ساعياً إلى رسم ملامح دافئة لهذا الزمن وملامحه كما علقت في ذاكرته، وهي رؤية تحمل في جانب منها بلا شك نقداً للحاضر. غير أن رغبة الفنان في الهروب من الحاضر وتجاوزه لا تحمل أي عوارض سلبية، فهو يؤمن أن عمله يجب أن يكون مصدر بهجة وسعادة للآخرين.

في مساحة العرض الأخرى من الغاليري نفسها تطالعنا أعمال الفنانة سوزان سعد المعروضة تحت عنوان "تجليات من واد غير مقدس"، وهو عنوان لافت يحمل سمتاً أدبياً ويوحي بالكثير. الأعمال التي تعرضها سوزان سعد تعتمد على المساحات اللونية في تشكيل العناصر في مقابل الاقتصاد في توظيف الخطوط إلى حد كبير. لوحات سوزان سعد تغلب عليها الألوان الدافئة وتحمل مسحة أسطورية أو خيالية في معالجاتها للأشكال. يمكننا أن نتعرف أكثر إلى رؤية الفنانة في صوغ هذه الأعمال من خلال الكلمة المرفقة في كتيب العرض والتي تصف فيها الفلسفة العامة لتلك الأعمال، وسبب تسميتها المعرض. تقول الفنانة "عالم هذا الوادي يجمع ما بين السماء والأرض، ويمزج تراثه الفكري ما بين الدين والخرافة والخيال الخصب، متوسداً حياة اجتماعية ينشط فيها الفكر الجمعي والربط بين مفاهيم الأسرة والقبيلة وتجسده احتفالات شعبية، كالزار والموالد وشطحات الصوفية وغيرها. فأي واد يمكن أن تتجلى فيه هذه الجدلية وهذا التناقض أكثر من وادينا المليء بالعجائب والمفعم بالأسرار؟".

حس لوني

في صالة عرض "أبونتو" التي لا تبتعد كثيراً عن صالة "بيكاسو" للفنون تعرض الفنانة سحر الأمير أعمالها تحت عنوان "السما بالمقلوب". تقدم الأمير مجموعة من أعمالها التي تتمتع بحس لوني خاص وغزير. في هذه اللوحات التي تعرضها الأمير هناك حضور لافت للمشاعر والرغبة في التعبير عنها. تعكس هذه الصياغات اللونية بصدق مشاعر مختلفة من البهجة والسعادة إلى الغضب والتمرد. يمكنك أن تستشعر ذلك عبر تأمل التفاصيل والتقاطعات والاشتباك بين العناصر المرسومة بعفوية على سطح الرسم. معالجات خشنة وناعمة في آن، تتوسل بأساليب مختلفة للتعبير اللوني، من ضربات الفرشاة إلى إضافة بعض قصاصات الأوراق والأقمشة عن طريق اللصق. في النص التعريفي المصاحب لهذه الأعمال ثمة شحذ لخيال المشاهد بسؤاله عما يمكن أن يكون عليه الوضع لو افترضنا أن السماء هي الأرض؟ كيف ستبدو الألوان من تحتنا؟ وكيف سنرى كل هذه العناصر القريبة منا والمحيطة بنا؟

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

المساحة الأخرى في غاليري "أبونتو" تستضيف عرضاً مختلفاً لأعمال الفنان محمد صبري، وهو نحات شاب وليس مصوراً، لكنه هنا يخوض مغامرته الأولى مع الرسم تحت عنوان "قيلولة في مساكن الكابلات". أعمال صبري مرسومة بمهارة بواسطة أقلام التلوين على الورق، وهو يستلهمها من ألعاب الفيديو. في هذه الألعاب يصبح اللاعبون جزءاً من حرب أو صراع افتراضي مسلح يستحوذ على حواسهم جميعها، فيفقدون معه الشعور بالواقع، كما يمعنون في تأكيد هذا الوهم عبر مشاركة الصراع مع آخرين. يمكنك تأمل أولئك المنغمسين في هذه الألعاب وهم يتواصلون معاً لتعزيز خطط المناورة والهجوم. في هذه اللحظات يبدو هؤلاء اللاعبون منفصلين تماماً عن محيطهم، والذي لا يتعدى حجرات نومهم أو معيشتهم. يلتقط صبري هذه الحالة الاستثنائية الجامعة بين الوهم والحقيقة ليشكل من خلالها صوره المرسومة ذات الأجواء الغرائبية.

اقرأ المزيد

المزيد من ثقافة