Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ذكرى الباوهاوس المئوية... صدى الإبداع العالمي

هذا المنهج في التصميم يساعد المستهلكين على اقتناء قطع عصرية ذات جودة وبتكلفة أقل

يحتفل العالم هذا العام بذكرى 100 عام على افتتاح مدرسة الباوهاوس الألمانية المنشأ، والعالمية فكراً ومبدأ. ذلك المبنى الذي نما في محيط كلاسيكي أوروبي وتحت منهج عميق ومحكم في أساليب التصميم التي استخلفت أنماط الروكوكو والباروكي في شتى مجالات التصميم، ابتداء بالعمارة مروراً بالأثاث وانتهاء بالأواني. كل هذه القطع التي كانت تمر في عملية تصميم ذات دقة عالية وتفاصيل مبهرة تم التجريد فيها من خلال فلسفة المدرسة في تبسيط نمط الإنتاج ودمج الحرف بالتصميم التطبيقي، وكسر احتكار نخبة المجتمع لهذا الفن.

الباوهاوس Bauhaus وتعني بالألماني الباو: البناء والهاوس: البيت. أسسها المعماري والتر جروبيويس عام 1919 في فايمار بألمانيا، حيث جمع العديد من الفنانين والمصممين في أوروبا بهدف إعداد جيل جديد من التصاميم الهندسية والفنية. شكلت مناهجها حركة في توليد وابتكار تقنيات وأساليب حديثة في التصميم، وأثّرت في مدارس الفنون الكلاسيكية. وتعتبر المدرسة واحدة من أكثر معاهد التصميم نفوذاً في القرن العشرين. وقد تردّد صداها عبر المجتمعات في جميع أنحاء العالم منذ ذلك الحين. الأمر الذي جعل هتلر يأمر بإيقاف أنشطة المدرسة، وإغلاقها نهائياً، وذلك بسبب خروجها عن الإطار الألماني إلى العالمي. بعد ذلك انتقلت المدرسة إلى مدينة ديساو، وتلقت الدعم لإعادة بنائها، الأمر الذي جعل جروبيويس ينتهز الفرصة لتصميم مبنى جريء ومختلف من طريق دمج الخرسانة المسلحة والطوب والزجاج بأحجام كبيرة، وبقالب عصري تجرّد من خلاله من مظاهر التصميم التقليدية.

 

"كان مبدأنا في المنهج هو أن التصميم ليس مسألة فكرية ولا مادية، هو ببساطة جزء لا يتجزأ من عناصر الحياة الضرورية لكل فرد في مجتمع متحضر". وذلك على حد قول والتر جروبيويس. وهكذا انطلق فكر المدرسة ليغيّر كثيراً من صناعة الأثاث والتصميم. فعلى الرغم من قرار حل المدرسة وإغلاقها، إلا أن طلابها عادوا إلى أكثر من 29 دولة، وأحيوا منهج الباوهاوس من خلال تأسيس مدارس متفرقة حول العالم. ومن أبرز مخرجات المدرسة كرسي الكابولي من تصميم مارسيل بروير الذي شكّل علامة فارقة في مفهوم البساطة والجمال، ليساعد شريحة كبيرة من المستهلكين على اقتناء قطع عصرية ذات جودة، وبتكلفة أقل من غيرها. كذلك كانت شركة إيكيا إحدى أبرز المتأثرين بفكر الباوهاوس في التبسيط وعدم التكلف الزخرفي.

قُصفت المدرسة في ديساو خلال الحرب العالمية الثانية، وتم إصلاحها جزئياً فقط في السنوات التالية. بعد ذلك أُدرج المبنى في قائمة اليونسكو للتراث العالمي في عام 1996.

 

في عام 1994، تم إنشاء مؤسسة باوهاوس - ديساو للحفاظ على المبنى والإشراف على إعادة تأهيله كمركز رائد للتصميم والبحث والتعليم.

الآن استعيدت المدرسة بالكامل ويمكن للعامة زيارتها.

هذا الحراك الفني الذي قامت به الباوهاوس، في تلك الفترة وبدعم من المجتمع، هو نموذج متميز في عالم الفن والتصميم الذي يلازمنا حتى اليوم من خلال المنتجات وهوية كبرى الشركات التي تأثرت بفكر المدرسة ومنهجيتها في الابتكار والإبداع. وها نحن اليوم نصل كذلك إلى مفترق طرق في استهلاكنا الكبير للموارد الطبيعية واستقبال العديد من التقنيات الحديثة التي من الممكن دمجها بما توصَّل إليه التصميم، للخروج بفكر مستقبلي جديد يساعد المجتمعات على إعادة فهم الاستهلاك والحفاظ على البيئة، وترسيخ منهج تصميمي فني حديث للأجيال القادمة.

المزيد من منوعات