Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

عاصفة ثلجية تعيد النفط إلى توليد الكهرباء

"كان للنفط نصيب الأسد في توليد الكهرباء في الولايات المتحدة وأوروبا لكن مع تضاعف أسعاره أكثر من أربع مرات في السبعينيات تم التحول إلى مصادر أخرى"

الثلوج تغطي وسط مدينة بوفالو في ولاية نيويورك، الإثنين 26 ديسمبر الحالي (أ ب)

كانت موجة البرد التي اكتسحت أميركا الشمالية في الأيام الماضية نادرة لأنها غطت كندا والولايات المتحدة وأجزاء من المكسيك بالكامل، وجاءت بكميات ثلوج تاريخية في بعض المناطق.

ويمكن اختصار آثار موجة البرد في أسواق الطاقة بما يلي:

1- انخفاض إنتاج النفط بخاصة في مناطق النفط الصخري في داكوتا الشمالية وغرب تكساس. وتشير البيانات إلى انخفاض إنتاج النفط في حقل باكان في داكوتا الشمالية بنحو 300 ألف برميل يومياً، إلى 350 ألف برميل يومياً. وغالباً يتم إغلاق الآبار بسبب الصقيع لوجود الغاز المصاحب، ولوجود الماء مع النفط. وعند الحديث عن إغلاق حقول داكوتا الشمالية علينا أن نتذكر أن أنبوب كيستون الذي يجلب النفط إلى كوشينج، أوكلاهوما، ما زال مغلقاً بسبب الانسياب النفطي قرب مدينة ستيل سيتي على الحدود بين ولايتي نبراسكا وكنساس.

2- إغلاق مصاف عدة لتكرير النفط في منطقة خليج المكسيك.  فقد تم وقف تكرير نحو ثلاثة ملايين برميل يومياً. وشملت المصافي المتضررة ليندول باسيل وإكسون موبيل وتوتال إنيرجي وموتيفا وماراثون وفاليرو.  والمشكلة هنا ليس الكمية فقط، لأن أغلب الوحدات المغلقة تكرر النفط الثقيل، لهذا فإن التأثير في النوعية أيضاً. وهذا يؤثر في إنتاج الديزل ووقود التدفئة، اللذين يعانيان نقصاً في الإمدادات وانخفاضاً كبيراً في مخزوناتهما، وبالتأكيد فإن العاصفة زادت الطلب بشكل كبير على زيت التدفئة، وهو نوع من أنواع الديزل، ولكن لن نعرف الأرقام حتى بعد فترة من الآن.
وجدير بالذكر أن الصقيع يؤثر سلباً في عمليات المصافي، ويجمد أنابيب المياه، وقد يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي، وتوقف المصفاة أو أغلب عملياتها. 

3- انقطاع الكهرباء، إذ كان هناك أكثر من مليون ونصف مليون مشترك من دون كهرباء في جنوب شرقي وغرب وسط الولايات المتحدة. كما طالبت شركات الكهرباء المواطنين في أكثر من 25 ولاية، بترشيد استهلاك الكهرباء لتلافي انقطاعها. والمثير في الأمر أن ما حصل في كاليفورنيا خلال الصيف الماضي يحصل الآن، إذ طالبت هذه الشركات مالكي السيارات الكهربائية بعدم شحنها في وقت ذروة الطلب على الكهرباء.

4- إلغاء آلاف الرحلات الجوية بسبب سوء الأحوال الجوية في هذه الفترة التي يزداد فيها السفر بسبب عطلة عيد الميلاد، ونهاية السنة الميلادية. وهذا يخفض الطلب على وقود الطائرات.

معرفة الآثار النهائية يستغرق أشهراً

الواقع أعقد بكثير من سرد بعض النتائج أعلاه، ومعرفة أثر كل منها في أسواق الطاقة على حدة. حتى المتخصصون يحتاجون إلى أشهر عدة لمعرفة النتائج النهائية، وهذه أمثلة على هذا التعقيد:

1- انخفاض إنتاج حقول النفط الصخري في حوض باكان في داكوتا الشمالية وحوض برميان في غرب تكساس يقلل من إمدادات النفط ويسهم في خفض المخزون. وهذا بدوره رافع لأسعار النفط. ولكن إغلاق المصافي كلياً أو جزئياً يقلل الطلب على النفط الخام ويرفع مخزونه، وهذا بدوره يخفض أسعار النفط، فما صافي هذه الآثار؟

2-  كما ذكر أعلاه، إغلاق المصافي يخفض الطلب على النفط الخام، ولكن إنتاج المشتقات النفطية ينخفض، وهذا بدوره يقلص من مخزوناتها، ويرفع أسعارها.  هنا رفع لأسعار المنتجات النفطية في وقت ينخفض فيه سعر النفط الخام.

3- إلغاء رحلات الطيران وانخفاض حركة المرور في الطرق يقللان من الطلب على وقود الطائرات والبنزين والديزل، ولكنهما يزيدان الطلب على مصادر الطاقة الأخرى المستخدمة في البيوت والفنادق.

4- زيادة الطلب على التدفئة تزيد الطلب على مصدر الطاقة المتأرجح من قبل شركات الكهرباء والمنازل، وهو الغاز الطبيعي غالباً. ولكن درجات الحرارة المنخفضة تجبر شركات النفط على إغلاق آبار الغاز بسبب تجمد فوهة البئر، وهذا قد يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي. انقطاع التيار الكهربائي قد يوقف محطات الضخ في أنابيب الغاز، التي تؤدي إلى توقف مزيد من محطات الكهرباء وتوقف التدفئة في المنازل التي تستخدم الغاز. ما صافي أثر ذلك كله؟

5- مشكلة الطاقة المتجددة، وبشكل خاص طاقة الرياح والطاقة الشمسية، أنها لا تعمل أثناء العواصف الشتوية، بخاصة الثلجية. والهدف الأصلي من طاقة الرياح والطاقة الشمسية هو الحصول على طاقة نظيفة ورخيصة. ولكن ما البديل أثناء توقف أو انخفاض إنتاجها أثناء العواصف؟ الغاز والنفط. استخدام الغاز والنفط في هذه الحالات يتطلب أسعاراً عالية، فترتفع التكاليف، ومن جهة أخرى تزداد انبعاثات الكربون، فلا انخفضت الأسعار، ولم يحصل الناس على طاقة نظيفة. ولكن ما أثر ذلك في النهاية، الأمر يحتاج إلى وقت لمعرفة النتائج النهائية.

6- قطع الكهرباء أو ترشيد الاستهلاك يعني في كثير من الأحيان التحول إلى مصادر أخرى: الشموع للإضاءة، الحطب للتدفئة، وفي الدول الغنية يزداد الطلب على الفنادق في المناطق التي فيها كهرباء ومياه جارية. كما تتم مطالبة أصحاب السيارات الكهربائية بعدم شحن سياراتهم في أوقات ذورة الطلب، مما يجبر بعض الأشخاص على استخدام سيارات البنزين أو الديزل، وهذا عكس الغرض من استخدام السيارات الكهربائية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


العودة للنفط

تاريخياً كان للنفط نصيب الأسد في توليد الكهرباء في الولايات المتحدة وأوروبا. ولكن مع تضاعف أسعار النفط أكثر من أربع مرات في السبعينيات، تم التحول إلى مصادر أخرى مثل الفحم والطاقة النووية والغاز. واستمر الأمر حتى انخفض دور النفط إلى أقل من اثنين في المئة في هاتين المنطقتين. وما زال هناك بعض المناطق التي فيها محطات قديمة تعمل بزيت الوقود، وهو نوع رديء من الديزل، وتستخدم في وقت الطوارئ فقط.
منطقة "نيو إنغلاند" أو "إنجلترا الجديدة" عبارة عن ثماني ولايات في شمال شرقي الولايات المتحدة، وتتضمن ولايتي كونتيكيت وماساتشوستس. هذه المنطقة معقل كبير للحزب الديمقراطي وحماة البيئة، وكلهم معادون للنفط، وجون كيري، مبعوث بايدن للمناخ، وزير الخارجية السابق، وسيناتور لسنوات الطويلة، من أبناء هذه المنطقة. قبل أن يضرب الإعصار المنطقة، كانت نسبة الكهرباء المولدة من النفط في المنطقة خمس الواحد في المئة! بعبارة أخرى، كمية قريبة من الصفر! أثناء الإعصار، ارتفعت النسبة إلى 38 في المئة من إجمالي الكهرباء المنتجة. نعم، لقد عادوا إلى النفط!

هذا الأمر حصل للمرة الأولى في العام الماضي، ولكن ما حصل في الأيام الأخيرة فاق بكثير ما حصل في العام الماضي في هذا الوقت من السنة. السبب هو انخفاض دور الطاقة المتجددة أثناء الإعصار من جهة، والارتفاع الشديد في أسعار الغاز المسال المستورد من جهة أخرى. وكل هذه المشكلات حصلت بسبب سياسات التطرف المناخي في هذه الولايات وولاية نيويورك المجاورة، حيث منعوا التنقيب عن الغاز الصخري الذي يتوافر بكميات كبيرة في ولاية نيويورك، كما منعوا مرور أنابيب لنقل الغاز أيضاً. الآن يدفعون الثمن غالياً: ارتفاع كبير في أسعار الكهرباء من جهة، وزيادة انبعاثات الكربون من جهة أخرى، فلا أفلحوا مالياً، ولم يفلحوا بيئياً.

اقرأ المزيد

المزيد من آراء