Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

انتخابات واستبداد وطاقة... كيف تواجه "آسيان" تحديات العام الجديد؟

أزمة ميانمار تهدد بزيادة النزوح إلى تايلاند وماليزيا و2023 مفصلي لإندونيسيا وسنغافورة تستعد لما بعد "حليمة"

متظاهرون يشاركون في مسيرة ضد الديكتاتورية الكمبودية وسط قمة الاتحاد الأوروبي الآسيوي في بروكسل 14 ديسمبر 2022 (أ ف ب)

شهد العام الحالي زخماً غير مسبوق في منطقة جنوب شرقي آسيا مع استضافتها كبرى القمم الاقتصادية العالمية، كما أن المعارك الانتخابية بلغت أشدها في المنطقة مع إجراء الانتخابات الرئاسية في بعض دول "آسيان".

ومع التغيرات السياسية والتحركات الاقتصادية في المنطقة لا تزال قضايا إقليمية وملفات محلية تنذر بانعكاسات دولية عالقة في الإقليم، ينتظر العالم حلحلتها العام المقبل، بدءاً من أزمة ميانمار والقيادة العسكرية والخلاف المتجذر في بحر الصين، وتحديات محلية تواجه القيادة الجديدة في الأرخبيل وانتخابات من المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل.

"آسيان" قبلة الأوائل 

كانت "آسيان" خلال عام 2022 مسرحاً لأبرز الأحداث الإقليمية والعالمية التي جعلت من جنوب شرقي آسيا قبلة سياسية واقتصادية لدول من الغرب والشرق، إلى جانب بروزها كصانع للحدث طوال العام الماضي، ففي مايو (أيار) الماضي حلت دول "آسيان" ضيفاً على الولايات المتحدة بدعوة من رئيسها جو بايدن لعقد القمة الاستثنائية الأولى بين الطرفين في مقر المكتب البيضاوي بالعاصمة واشنطن التي كانت نواة إطلاق مبادرة الإطار الاقتصادي لدول المحيطين الهادي والهندي. 

ومن جزيرة بالي في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي انطلق "منتدى الأديان الأول لدول الـ 20" لإرساء قيم الحوار بين الأديان المختلفة، وشهد حضوراً من ممثلي مختلف الديانات بشراكة بين "جمعية نهضة العلماء" التي ينطوي تحت لوائها 120 مليون إندونيسي و"رابطة العالم الإسلامي"، وأعقبتها "قمة الـ 20" في بالي بحضور رؤساء معظم دول المجموعة، فيما سعت القمة إلى إمساك العصى من المنتصف بعد اجتماع الخصوم في بالي للخروج من مأزق الخلاف السياسي بين الدول الغربية وروسيا وهي أحد أعضاء المجموعة، وإصدار بيان ختامي يركز على القضايا الاقتصادية بالدرجة الأولى.

كما كانت العاصمة التايلاندية بانكوك مقراً لانعقاد "قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادي" (أبيك) والتي منحت مزيداً من الثقل الاقتصادي والسياسي للمنطقة خلال العام، ومشاركة السعودية كأول دولة شرق أوسطية في المنتدى الذي تنضوي تحت لوائه للمرة الأولى.

 كما كانت دول "آسيان" على موعد مع "القمة الأولى لرابطة آسيان" والاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل، إذ حضر معظم قادة دول الرابطة القمة التي كان من بين مخرجاتها تعميق التعاون الاقتصادي بين الكتلتين ورفع العلاقة بين الرابطتين إلى الشراكة الاستراتيجية.

العسكر في ميانمار

خيب هذا العام توقع المحللين بأن يكون بداية حقيقية لحل أزمة ميانمار بعد الانقلاب العسكري الذي حدث في فبراير (شباط) 2021، لكن البداية مطلع هذا العام جاءت مغايرة لنهايتها، إذ شهدت البدايات اقتراب حدوث انفراجة في الأزمة بالتزامن مع زيارة رئيس الوزراء الكمبودي هون سين الذي ترأست بلاده رابطة "آسيان" إلى ميانمار ولقائه رئيس المجلس العسكري. وجاءت التوقعات بإمكان حدوث تقارب بين القيادة العسكرية الحاكمة في ميانمار ودول "آسيان" وانخراطها في محادثات للعودة إلى المسار الديمقراطي وتنفيذ "اتفاق البنود الخمسة" الصادر عن "قمة آسيان" عام 2021. 

لكن الأحداث التي أعقبت زيارة رئيس الوزراء الكمبودي إلى ميانمار سارت عكس التوقعات وتعهدات العسكر، فظلت الانتقادات تطارد السلطة العسكرية الحاكمة في ميانمار، كما رفض قادة "آسيان" دعوة القائد العسكري لحضور القمة في نوفمبر الماضي.

وأضحت أزمة ميانمار أكثر تعقيداً بعد حكم الجيش على الزعيمة سان سو كي الحائزة على جائزة نوبل بالسجن 20 عاماً، وإلصاق تهم تزوير الانتخابات وتهم عدة إلى جانب تردي الأوضاع الاقتصادية مع تزايد العقوبات الغربية وخروج عدد من الشركات من سوق ميانمار.

"قمة آسيان" الأخيرة تمسكت بمطالبة ميانمار تنفيذ "اتفاق البنود الخمس" من خلال متابعة المبعوث الخاص لـ "آسيان" بأزمة ميانمار وحلها، لكن ذلك قوبل بعدم استجابة من السلطات العسكرية الحاكمة في ميانمار.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأخيراً أصدر مجلس الأمن للأمم المتحدة أول قرار له في الأزمة مطالباً الجيش الحاكم بإنهاء العنف في البلاد وإطلاق جميع المسجونين السياسيين ومنهم الزعيمة سان سو كي. 

وينذر استمرار الأزمة للعام المقبل بتراجع الأوضاع الاقتصادية في البلاد للأسوأ، وزيادة موجات النزوح تجاه بلدان الجوار مثل تايلاند وماليزيا، بخاصة مع فرار كثيرين من الـ "روهينغا" من وطأة الحكم العسكري خوفاً من التعرض إلى الاضطهاد، كما أن العام المقبل سيكون مفصلياً بخاصة مع رئاسة إندونيسيا لـ "آسيان" على اعتبار أن جاكرتا دولة كبرى وأبرز عضو في الرابطة وأكثرهم نفوذاً، ويقع على عاتقها مسؤولية كبيرة، كما أن فشل جاكرتا في حل الأزمة سيقوض نفوذها السياسي في الرابطة والإقليم.

انتخابات جديدة

استعد التايلانديون العام الحالي للانتخابات المقبلة بوصف قادتهم بأنها الأولى من نوعها منذ عام 2019، إذ ستعقد في مايو من 2023، وتحاول الأحزاب على قمة القيادة السياسية البقاء في موقعها إلى جانب رغبة رئيس الوزراء في استكمال مشروعه الاقتصادي ورؤيته بتحويل تايلاند إلى بلد متطور عام 2025، والتي صاغها عام 2014.

وأعلن رئيس الوزراء رسمياً خلال الأيام الماضية عزمه خوض السباق الانتخابي في تحد للمعارضين الذين أقاموا دعوات قضائية لعزله من منصبه، بسبب اجتيازه المدة الدستورية وهي ثمان سنوات للحكم.

كما أن حدة التوترات القائمة بين المعارضة والقيادة الحالية قبل الانتخابات تنذر بإمكان أن تصبح نتيجتها مساراً مفصلياً لسياسات بانكوك خلال الفترة المقبلة.

وتستعد سنغافورة أيضاً لانتخابات رئاسية بعد إنهاء الرئيسة الحالية حليمة يعقوب مدتها الدستورية للأعوام الستة. 

حكومة ماليزيا المنتخبة

بعد فصول من الاضطراب في المشهد السياسي الماليزي أجرت ماليزيا الانتخابات العامة خلال نوفمبر الماضي، وأسفرت عن فشل تحقيق أي من الأحزاب للأغلبية البرلمانية التي تمكنها من تشكيل الحكومة، لينصّب الملك الزعيم المعارض أنور إبراهيم رئيساً لوزراء ماليزيا الذي شكل حكومة وحدة مكونة من أحزاب عدة.

وسيكون العام الجديد بمثابة الاختبار الحقيقي لحكومة زعيم المعارضة أنور إبراهيم لعقود، وطريقة إدارتها للوضع السياسي المشحون في البلاد والمناخ الاقتصادي المتأزم بفعل وضع الاقتصاد العالمي، مع تراجع في جودة التعليم ونقص العمالة الماهرة ومستويات غير ملائمة من الإنتاجية بحسب الإحصاءات الدولية.

وتأتي رئاسة أنور للحكومة الحالية متزامنة مع أزمات كثيرة تمثل اختباراً حقيقياً وتحدياً لأفكاره ونظرياته وتطبيق رؤيته في الإصلاح على أرض الواقع، وهو ما ستفصح عنه أحداث العام المقبل ومجرياتها ومدى وقوف التحالف المختلف في الرؤى والاتجاهات إلى جانبه.

كما يتوقع أن تأخذ المحادثات بين سنغافورة وماليزيا في شأن "جزيرة بيدرا برانكا" التي تشهد نزاعاً بين الجارتين منحى أكثر جدية خلال العام المقبل، مع تولي أنور إبراهيم رئاسة وزراء ماليزيا والذي طالب بمراجعة قضية السيادة على الجزيرة.

ماركوس رئيساً

وصل الرئيس الفيليبيني ماركوس بونغ بونغ إلى سدة الحكم عقب انتخابات أجريت في مايو الماضي وأسفرت عن حصوله على 31 مليون صوت.

وكانت الرسالة الرئيسة للحملة الانتخابية لماركوس تأكيد إعادة وحدة الفيليبين وإعادة النهضة الاقتصادية للبلاد من خلال المشاريع والاستثمارات المختلفة. 

وسيشهد العام المقبل إمكان نجاح سياسات ماركوس الاقتصادية في التعافي الاقتصادي من أزمة "كوفيد-19" إلى جانب الآثار التي لحقت بالأحوال المعيشية في البلاد نتيجة الحرب الروسية - الأوكرانية، كما يتوجب على الرئيس الجديد التعامل مع مشكلات تعد إرثاً للإدارات السابقة، مثل التضخم والديون الأجنبية والبطالة التي تعد الأسوأ في منطقة جنوب شرقي آسيا.

وسياسياً يقع على عاتق ماركوس وحكومته الجديدة إرساء القواعد العامة للتعامل مع الصين في الصراع المتأزم في منطقة بحر الصين الجنوبي والتي شهدت تصاعداً خلال العام الحالي بلغت أشدها قبيل أعياد الميلاد، فهناك قلق عميق من تقارير متواترة تؤكد ضم الصين لإحدى المناطق المتنازع عليها في الممر المائي إلى جانب تقديم مانيلا مذكرة دبلوماسية تعترض على تصرفات خفر السواحل الصينية في المنطقة المتنازع عليها.

ووافقت "رابطة آسيان" أخيراً خلال نوفمبر الماضي على انضمام تيمور الشرقية إلى التكتل الإقليمي لتصبح العضو الـ 11 في المنظمة الإقليمية، وكانت تيمور الشرقية تسعى إلى الانضمام للرابطة منذ سنوات عدة، حتى حصلت أخيراً على عضوية المراقب مما مكنها من حضور اجتماعات وقمم "رابطة آسيان"، وينتظر في العام المقبل أن تضع خريطة الطريق لكيفية انضمام العضو الجديد إلى الرابطة.

أزمة الصناعة والطاقة

وعانت فيتنام الدولة الفتية خلال العام الحالي من أزمة في نقص الوقود أدت إلى ارتفاع أسعاره أربع مرات، حتى إن حكومتها طالبت شركات الوقود في البلاد بتسييل مخزونها للأسواق المحلية، وتسعى خلال الأشهر المقبلة إلى الحد من تصاعد الأزمة عبر إيجاد حلول قصيرة المدى، خصوصاً مع عدم استقرار أسعار الطاقة عالمياً.

وفي المقابل تحاول فيتنام الوصول إلى معدل نمو للناتج الإجمالي المحلي قدره 6.5 في المئة خلال العام المقبل.

أما إندونيسيا التي جعلت من عام 2020 بداية لحظر بعض مصادر الطاقة وتصدير النيكل بهدف تعزيز الصناعات الوطنية، فستعمل على إصدار حظر مماثل على الـ "بوكسيت" الذي يدخل في صناعة الألومنيوم منتصف 2023. ويثير القرار الإندونيسي غضب عدد من الشركات والمستوردين الغربيين، إذ من المحتمل أن تواجه جاكرتا دعوى أمام منظمة التجارة العالمية اعتراضاً على القرار.

اقرأ المزيد

المزيد من تقارير