Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

التعقيدات الإدارية نتيجة بريكست ليست أمرا عرضيا بل ثمرة سياسة حكومية

النماذج والرسوم والمعاملات الرسمية التي تخنق صادرات بريطانيا إلى خارجها خلقتها السياسات الحكومية الرائدة في شأن مغادرة السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي واتحاده الجمركي

40 في المئة من الصادرات البريطانية اختفت من الأرفف الأوروبية منذ بريكست (أ ب)

لن تشكل الأنباء حول استمرار معاناة الشركات مع الروتين الإداري الناجم عن بريكست بعد سنتين على إبرام المملكة المتحدة الاتفاق التجاري مع الاتحاد الأوروبي مفاجأة لأي شخص يقرأ "اندبندنت".

أوردنا الشهر الماضي أن أكثر من 40 في المئة من الصادرات البريطانية اختفت من رفوف المحال الأوروبية منذ بريكست. لقد كان نطاق ما يمكن تسميته نزع السلاح الاقتصادي البريطاني من طرف واحد كبيراً حقاً.

بصفتي مراسلاً سابقاً في بروكسل، أزور من حين لآخر "المتجر البريطاني" في العاصمة البلجيكية، حيث كان في مقدور المغتربين البريطانيين الذين يحنون لوطنهم أن يشتروا منتجات بريطانية مألوفة مثل "مارمايت" أو الشورتبريد، لكن لدى زيارتك المتجر اليوم، ستجد أنه جرى استبدال بكل السلع الممكن استبدالها منتج إيرلندي مماثل لأنه من السهل تأمينها ضمن السوق الموحدة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

هذه الحالة ليست سوى مثال يتكرر في مختلف أرجاء أوروبا، ذلك أن الشركات البريطانية تعتبر ببساطة أن الإجراءات الإدارية المتعلقة بالتصدير لا تستحق العناء، أو أنها تخسر المنافسة أمام شركات تعمل في بلدان أخرى وليس عليها أن تتعامل مع الروتين الإداري هذا.

وزير شؤون الأغذية مارك سبنسر قال يوم الخميس إن "هناك دائماً المزيد" لدى الحكومة تستطيع أن تبذله لتقليص الروتين الإداري، لكن أي شخص يتابع الوضع عن كثب سيجد هذا الرد مثيراً للغضب وغير أمين إلى أقصى حد. فصياغة الرد توحي بأن الحكومة تعمل على تقليص الإجراءات البيروقراطية ومتطلبات ملء النماذج.

في الواقع، ليس إنشاء هذه الإجراءات البيروقراطية إلا سياسة حكومية بالمعنى الحرفي جداً للعبارة. لم تكن هذه الإجراءات قائمة حين تولت الحكومة السلطة، وهي ليست ظاهرة طبيعية تبذل الحكومة ما في وسعها للتخفيف منها.

كذلك هي ليست حتى أثراً جانبياً مؤسفاً لسياسات حكومية أخرى لم يكن في وسع أحد أن يتوقعه، ذلك أن النماذج والرسوم والتعقيدات الإدارية الجديدة كلها التي تخنق تصدير السلع البريطانية أنشأتها السياسات الحكومية الرائدة حيال مغادرة السوق الموحدة للاتحاد الأوروبي واتحاده الجمركي. وعلى نحو ما، فإن الحكومة ذاتها بالمعنى الحرفي تمثل السياسة عينها.

مفهوم أي اتحاد جمركي يعني إزالة الحواجز الجمركية. والخروج من الاتحاد الجمركي يعني إعادة فرضها. وتعني أي سوق موحدة إزالة الحواجز البيروقراطية أمام التجارة مع بلدان أخرى. ويعني الخروج من السوق الموحدة إعادة فرضها، لذلك لن يحظى كلام الحكومة بأن "هناك دائماً المزيد" مما تستطيع أن تبذله لتقليص الإجراءات البيروقراطية، في حين يعصرون كل عصب في الدولة البريطانية منذ عام 2016 لفرض هذه الحواجز، إلا بقبول قليل جداً لدى أي شخص يفهم الوضع.

تفيد الحكومة بأن ثمة منافع أخرى تترتب على مغادرة الاتحاد الجمركي والسوق الموحدة، لكن هذه المنافع لم تتبلور بعد، ومن المستبعد أن تتبلور في المستقبل، كما أوردنا مطولاً، وكما يقر الآن بعض الوزراء السابقين، لم تكن الاتفاقات التجارية الموقعة مع بلدان أخرى بعد بريكست، ببساطة، جيدة جداً. هي لا تسد الفجوة.

ومع ذلك يبدو أن الحكومة تفلت من المحاسبة، بل إن حزب العمال نفسه قرر أن يكون واضحاً: لن يكون هناك عودة إلى السوق الموحدة أو الاتحاد الجمركي، بل فقط تدوير بعض الزوايا.

هذا على رغم إظهار الاستطلاعات الآن أن البريطانيين يريدون الانضمام مجدداً إلى الاتحاد الأوروبي نفسه بغالبية كبيرة. قد تدفع الحكومة ثمن ما فعلته في نهاية المطاف إذ سيكلفها الضرر الاقتصادي الذي أنزلته بالبلاد تراجعاً في التأييد في صندوق الاقتراع، لكن في البرلمان، حتى مع مراجعة التوقعات الخاصة بالنمو لتصبح أقل وأقل، لا يجرؤ سوى القلائل ممن هم في الخطوط الأمامية على توجيه إصبع الاتهام إلى بريكست.

مع التقدير

جون ستون

مراسل السياسات

© The Independent

المزيد من آراء