Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

قلق إسرائيلي من توسيع "القائمة السوداء" وواشنطن تتدخل

تعتزم السلطة الفلسطينية توجيه إنذار رسمي إلى الشركات العاملة في المستوطنات لمطالبتها بإغلاق مقارها وفروعها

تجمعات تجارية تضم شركات عالمية داخل مستوطنات في الضفة الغربية (اندبندنت عربية)

استجابة لقرار مجلس حقوق الإنسان سنة 2016 الذي طالب بتوفير "قاعدة بيانات" تتضمن أنشطة للشركات التي تستفيد من الأعمال التجارية في المستوطنات، يستعد المفوض الجديد لحقوق الإنسان في الأمم المتحدة فولكر تورك مع نهاية العام الحالي لتوسيع "القائمة السوداء" للشركات العاملة في المستوطنات داخل الضفة الغربية، والتي سبق وأن نشرت للمرة الأولى عام 2020 وضمت 112 شركة بينها 94 شركة إسرائيلية، والباقية كانت شركات دولية مثل "موتورولا" و Airbnb و"تريب أدفايزر" و"إكسبيديا" و"جنرال ميلز" وجميعها من الولايات المتحدة الأميركية، و"ألستوم" الفرنسية و"غرينكوت" البريطانية.

وتشمل الأنشطة الأخرى التي أدخلت الشركات إلى القائمة استخدام الموارد الطبيعية للضفة الغربية وبخاصة المياه والأرض، وتلويث القرى الفلسطينية وأسر الأسواق المالية والاقتصادية الفلسطينية، فضلاً عن الممارسات التي تضر بالمؤسسات الفلسطينية، بما في ذلك القيود المفروضة على الحركة والقيود الإدارية والقانونية".

تخوفات إسرائيلية

ولأن توسيع القائمة السوداء سيدفع شركات دولية إلى وقف أعمالها في المستوطنات وربما في إسرائيل أيضاً، التقت سفيرة إسرائيل في مؤسسات الأمم المتحدة في جنيف ميراف إيلون مساعدة وزير الخارجية الأميركي للمنظمات الدولية ميشال سيسون والمندوبة الأميركية في مجلس حقوق الإنسان الأممي ميشال تايلور تفادياً لنشر القائمة من جديد خلال الأيام المقبلة، وإعلانها أن نشرها يعني "موقفاً غير متكافئ ومتحيزاً ضد إسرائيل."

إلا أن تورك أبلغ المندوبة الأميركية أنه لم يقرر بعد إذا كان سيعدل القائمة السوداء، لكنه أشار إلى أنه قد يوسعها من دون الإعلان عن ذلك، مما دفع شركات ومؤسسات تجارية إسرائيلية مختلفة للتنديد بالهيئة الأممية المسؤولة عن صياغة القائمة وتحديثها سنوياً، وتعهدوا بحماية المصالح التجارية الإسرائيلية.

واستنكر سياسيون إسرائيليون من مختلف الأطياف السياسية تلميحات تورك توسيع القائمة السوداء، فيما أعرب آخرون عن خشيتهم من أن تعطي الخطوة المقبلة دفعة قوية لمعارضي إسرائيل حول العالم للاعتماد عليها من الناحية السياسية، وإمكان صدور خطوات إضافية سياسية وقانونية.

وقال عضو الكنيست من "حزب الليكود" إيلي كوهين إن "القائمة السوداء قد تترك آلاف الفلسطينيين من دون عمل"، متهماً المجلس الذي يتخذ من جنيف مقراً له بـ "معاداة حديثة للسامية."

من جهته، أكد عضو الكنيست يسرائيل كاتس لوسائل إعلام إسرائيلية أن "دولة إسرائيل لن تقبل بسياسات تمييزية ومعادية، وسنعمل بكل الطرق لمنع تنفيذ مثل هذه القرارات".

وأردف قائلاً، "منذ تأسيسه لم يتخذ المجلس خطوة واحدة مجدية نحو الحفاظ على حقوق الإنسان، بل عمل على حماية بعض الأنظمة الأكثر تمييزاً في العالم". ولوح بـ "تداعيات خطرة على مستقبل علاقات إسرائيل مع المؤسسات في القائمة السوداء".

في حين رأى وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس مراراً أن مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة "فقد اتصاله بالواقع."

وكان المجلس الإقليمي للمستوطنات (يشع) كتب في وقت سابق بياناً اتهم فيه مجلس حقوق الإنسان "بمعاداة السامية"، وحض المواطنين الإسرائيليين على بذل جهود خاصة لشراء السلع المصنوعة في المستوطنات.

ضغوط خارجية

وفيما ترفض الولايات المتحدة باستمرار الاستيطان في الضفة الغربية وأي أعمال تقوض آفاق حل الدولتين، بما يشمل توسيع المستوطنات أو خطوات في اتجاه ضم الضفة أو تغيير في الوضع التاريخي القائم للمواقع المقدسة وعمليات الهدم والإخلاء والتحريض على العنف، تمارس إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن ضغوطاً كبيرة على مفوض حقوق الإنسان في الأمم المتحدة من أجل منعه توسيع القائمة السوداء، على اعتبار أنها "تعامل غير تناسبي ومنحاز تجاه إسرائيل"، وذلك وفقاً لما نقله موقع "واللا" الإسرائيلي عن مسؤولين إسرائيليين.

وانسحبت الولايات المتحدة من هذا المجلس في يونيو (حزيران) 2018، وأشارت إلى أنها فعلت ذلك بسبب تحيزه المزمن ضد إسرائيل.

رئيس الوزراء الإسرائيلي المكلف بنيامين نتنياهو صرح في وقت سابق بأنه "ليس صدفة أن الإدارة الأميركية اتخذت الخطوة ذاتها معنا"، وقال إنه بدلاً من أن يهتم هذا المجلس بحقوق الإنسان فإنه يحاول تشويه سمعة إسرائيل فقط".

ومن ناحية أخرى ندد وزير شؤون الخارجية والمغتربين الفلسطيني رياض المالكي بضغوط الإدارة الأميركية على الأمم المتحدة لمنع تحديث القائمة المرتقبة، واصفاً ما يجري "بالأمر المعيب"، وأشار إلى أن وزارته تعمل على ترتيب لقاء سريع مع المفوض السامي لحقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الجديد فولكر تورك للتأكيد له أن مهمته واضحة، "ولم يأخذها من الولايات المتحدة وإنما من الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، وعليه أن يلتزم بها بشكل حرفي".

 رد عملي

وتعتزم السلطة الفلسطينية توجيه إنذار رسمي إلى الشركات العاملة في المستوطنات الإسرائيلية لمطالبتها بإغلاق مقارها وفروعها قبل التوجه إلى مساءلتها قضائياً في المحاكم الدولية للمطالبة بتعويضات على خلفية استغلالها للموارد والأرض الفلسطينيتين، وذلك بحسب مسؤولين فلسطينيين يرون أنها بمثابة وثيقة مهمة جداً تتمتع بقيمة قانونية تسهم في تسهيل مهمة الملاحقة لجنسيات الشركات، وخطوة نحو حماية وتعزيز قدرة الفلسطينيين على التمتع بحقوقهم الإنسانية.

واعتبروا أن أية شركة تتعاون مع تلك التي تعمل في المستوطنات سيتم تصنيفها أيضاً ضمن الشركات المخالفة للقانون، واعتبار من فيها من مختلف الجنسيات مرتكبي جرائم، إذ ستعمل السلطة لاحقاً بحسب وزارة العدل الفلسطينية على متابعة جميع الشركات المخالفة بشكل مدروس من قبل مجموعة من الخبراء والفنيين المتخصصين.

وطالبوا بوضع اتفاق دولي يحرم مشاركة الشركات من جميع دول العالم في دعم ومساعدة الاستيطان بكل أشكاله.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وزير العدل الفلسطيني محمد الشلالدة قال في حديث إذاعي إن "كل قرارات الأمم المتحدة الخاصة بالقضية الفلسطينية هي ملزمة في القانون الدولي"، معتبراً أن المشكلة تكمن في موقف الولايات المتحدة "لتعطيلها قرارات الشرعية الدولية كافة". وطالب بإعادة النظر في الإصلاحات الإدارية والقانونية في الأمم المتحدة من أجل إلزام إسرائيل باحترام القرارات الدولية وتطبيقها.

وكان رئيس الحكومة الفلسطينية محمد أشتية اقترح انتقال الشركات إلى المناطق الخاضعة للسلطة الفلسطينية لتجنب أية إجراءات عقابية.

مستند قانوني

ووفقاً لتقرير صادر عن تحالف "لا تشتري في الاحتلال (DBIO) فإن أكثر من 700 مؤسسة مالية أوروبية لديها علاقات مع شركات تعمل في المستوطنات الإسرائيلية بالضفة الغربية تمتلك أسهماً وسندات بقيمة 115 مليار دولار في 50 شركة منخرطة في أنشطة استيطانية غير قانونية، ومرتبطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالمستوطنات، بما في ذلك القروض أو شراء الأسهم والسندات التي تشمل شركات أوروبية كبرى مثل "بي إن بي" و"باريباس" و"داتش بانك".

ودعا التقرير الذي تعده مجموعة من 25 منظمة فلسطينية وإقليمية وأوروبية الشركات إلى "إنهاء جميع الاستثمارات والتدفقات المالية" في المستوطنات بدعوى أنها غير قانونية بموجب القانون الدولي، ورأى التحالف أن هذه الشركات الأوروبية "تتحمل مسؤولية ضمان عدم تورطها في انتهاكات القانون الدولي وعدم تورطها في جرائم دولية."

بدورها مارست الحركة الدولية لمقاطعة إسرائيل (BDS) وعدد من مؤسسات حقوق الإنسان ضغوطاً مضادة لتلك التي تمارسها الولايات المتحدة من أجل استصدار القائمة بعد تحديثها، وإضافة شركات جديدة لها وعدم تأجيلها كما حصل مع القائمة السابقة التي أعيق نشرها أربع سنوات منذ عام 2016.

منسق عام الحركة الدولية لمقاطعة إسرائيل في فلسطين محمود نواجعة يقول إن "القائمة تعد سنداً قانونياً يمكن استخدامه سواء بالذهاب إلى المحاكم وحتى بتهديد هذه الشركات بضرورة الانسحاب لتورطها في الاستيطان كجريمة حرب، كما أن الضغوط التي تمارس ضد الشركات ستضر بسمعتها الاقتصادية، وسيكون من الصعب التعامل معها مجدداً وبخاصة من قبل مستثمرين جدد، بالتالي سيكون الضرر كبيراً عليها في حال أصرت على استكمال العمل أو الاستثمار داخل المستوطنات".

وأضاف، "لا بد من وجود حراك على مستوى الشعوب لإطلاق حملات ضغط على الشركات المتورطة لسحب الاستثمارات من المستوطنات، لا سيما أن القائمة تعد مستنداً قانونياً".

إشارة مقلقة

وذكرت القناة "12" الإسرائيلية أن إسرائيل تلقت إشارة مقلقة من أوروبا بقرار صندوق الثروة السيادي النرويجي، وهو أحد أكبر الصناديق في العالم، إجراء فحص كامل للنظام المصرفي الإسرائيلي للتأكد من أن الأموال التي يودعها لديه لا يحولها إلى الشركات الإسرائيلية العاملة في المستوطنات، ولن تستخدم في الاستثمارات فيها".

ووفقاً للقناة فإن "القرار النرويجي يشكل نموذجاً لما ستواجهه إسرائيل خلال الأيام المقبلة من صعوبات في إقناع الأجسام الدولية بسياسة الحكومة في المناطق الفلسطينية، بخاصة وأن طبيعة الحكومة الجديدة ستلعب بالتأكيد دوراً في إضعاف قدرة تل أبيب على إقناع المجتمع الدولي بسياستها".

وكانت الحكومة النرويجية أعلنت في يونيو الماضي وضع علامة مميزة على منتجات المستوطنات الإسرائيلية.

وبحسب تقديرات البنك الدولي فإن الاقتصاد الفلسطيني يخسر 3.4 مليار دولار سنوياً بسبب ارتفاع معدلات البطالة وتقليص الأجور في مناطق الضفة الغربية من الشركات العاملة في المستوطنات، في حين أشارت دراسات وتقارير عدة إلى أن سياسات إسرائيل للأراضي والمياه في المنطقة "ج" بشكل خاص تتسبب بضرر للمزارعين الفلسطينيين، وهو ما أدى إلى فقدان كثير منهم سبل عيشهم التقليدية، ولم يتبق أمامهم إلا العمل في المستوطنات.

وأظهرت البيانات والأرقام أن نصف المؤسسات العاملة في المستوطنات على الأقل تدفع للعمال الفلسطينيين أقل من الحد الأدنى لأجر الساعة في إسرائيل والبالغ 23 شيكلاً (5.75 دولار)، إذ يتقاضى معظم العمال الفلسطينيين في المستوطنات من ثمانية إلى 16 شيكلاً في الساعة (دولارين إلى أربعة دولارات) من دون إجازة أو أيام مرضية أو مزايا اجتماعية أخرى.

كما تضع الشركات للنساء الفلسطينيات مستوى أقل في أجر الساعة من ستة إلى 10 شيكلات (1.50 دولار إلى 2.50 دولار).

مواجهة جديدة

وفيما يعتبر معظم المجتمع الدولي أن بناء المستوطنات خارج حدود عام 1967 انتهاك للقانون الدولي، اتهمت إسرائيل والولايات المتحدة ودول أخرى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بالتحيز ضد إسرائيل، بدعوى أنه أصدر مزيداً من القرارات التي تدين إسرائيل أكثر من جميع الدول الأخرى مجتمعة، وكان آخرها استجابة الجمعية العامة للطلب الفلسطيني بتوجيه محكمة العدل الدولية في لاهاي (ICJ) لفحص شرعية الوجود الإسرائيلي في الضفة الغربية.

ولأن الطلب الفلسطيني حصد في تصويت اللجنة الرابعة للجمعية العامة أغلبية 98 دولة في مقابل معارضة 17 فقط، أبدت المحافل السياسية والدبلوماسية الإسرائيلية تخوفات كبيرة من تنامي الدور الذي تلعبه الأمم المتحدة أخيراً في الصراع الفلسطيني – الإسرائيلي.

وبحسب ما أفاد به الموقع الإلكتروني لصحيفة "يديعوت أحرونوت" (واينت)، فقد سعى رئيس الحكومة الإسرائيلية المكلف بنيامين نتنياهو والرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ورئيس الحكومة الإسرائيلية المنتهية ولايته يائير لبيد إلى إقناع الزعماء الدوليين بالمعارضة أو الامتناع من التصويت في الجمعية العامة للأمم المتحدة على الطلب الفلسطيني، إذ بعث الأخير رسالة رسمية إلى رؤساء 60 دولة في العالم، دعاهم فيها إلى ممارسة تأثيرهم في السلطة الفلسطينية لمنع التصويت على القرار، فيما أعرب عن توقعه ممن وصفهم بـ "أصدقاء إسرائيل" بالتصويت ضد القرار في حال فشل المساعي والجهود لإحباطه.

وكتب لبيد في رسالته، بحسب بيان سابق صدر عن مكتبه نهاية الشهر الماضي، إن "هذا القرار هو نتيجة لجهود منسقة لاستهداف إسرائيل على نحو خاص وإنكار مخاوفنا الأمنية المشروعة ونزع الشرعية عن وجودنا"، مضيفاً أن طرح المسألة أمام محكمة العدل الدولية "لن يخدم إلا المتطرفين".

اقرأ المزيد

المزيد من تحقيقات ومطولات